الرابطة الاسلامية لوبى مسلمى بريطانيا
بقلم : رجب الباسل
نجح مسلمو بريطانيا في أن يصبحوا رقمًا مهمًّا في المعادلة السياسية والبريطانية، لا يمكن تجاهل تأثيره في الشارع البريطاني، ولقد جاءت المسيرة الضخمة- التي نظمها مسلمو بريطانيا بالتحالف مع مناهضي الحرب البريطانيين يوم 27 من سبتمبر الماضي، اعتراضًا على احتلال العراق ونصرةً لانتفاضة الأقصى- دليلاً على ذلك؛ حيث كان عنوان المظاهرة "لا لاحتلال العراق، ونعم لحرية فلسطين".
فالمستوى العالي من التنظيم، والعدد الكبير من الحضور الذي وصل إلى عشرات الآلاف، والصدى الإعلامي والسياسي الذي أحدثته المسيرة، ومن قبلها المسيرة المليونية في فبراير الماضي، أكدت أن مسلمي بريطانيا في طريقهم لأن يصبحوا "لوبي" فعالاً في الواقع السياسي البريطاني، وأنهم تحولوا من مرحلة جمع الشتات، والبحث عن الذات إلى مرحلة التأثير على الحكومة ومعارضة سياساتها- سلميًّا- فيما يرون أنه يخالف المصالح البريطانية والإسلامية معًا.
ومن مظاهر تبلوُر هذا الدور اشتراك شخصيات بريطانية سياسية لها ثقلها في المظاهرات جنبًا إلى جنب مع مسلمي بريطانيا، بل وإلقاء كلمات على الجماهير المحتشدة، يوضح موقفهم الرافض للاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق، وتأييدهم لانتفاضة الأقصى في فلسطين، سبيلاً لنيل الحرية.
ففي مسيرة 27 من سبتمبر شارك النائب العمالي المؤيد للحقوق العربية "جورج جالوي" والنائب "توني بن" وعمدة لندن "كين لفنجستون" وآخرون.
الرابطة الإسلامية:
وبعيدًا عن التيارات الإسلامية المؤيدة للعنف بين مسلمي بريطانيا، والتي يركز الإعلام عليها بشدة لأهداف عدة، فإن التيار الغالب على مسلمي بريطانيا- ويمثل مصالحهم- هو التيار الوسطي، مُمثَّلاً في رابطة مسلمي بريطانيا The Muslim Association of Britain (MAB)، التي تم إعلانها عام 1997م برئاسة السيد "محمد صوالحة"، الذي قال في تعقيبه على المظاهرات الضخمة- التي نظمتها الرابطة بالتعاون مع آخرين: "إن هناك مجموعةً من العوامل تدعو الشارع الأوروبي بشكل عام- وبما فيه طبعًا الجاليات العربية والإسلامية ذات البعد الواسع- إلى التحرك، وأهم هذه القضايا أن هناك حريةً للكلمة، حرية لممارسة العمل السياسي في العالم الغربي، وهذا مفقود في العالم العربي بشكل عام".
ويضيف "صوالحة": "إن المواطن في العالم الغربي يشعر أن هناك نتائج لتحركه إذا تحرك، فبإمكانه أن يصنع أو أن يؤثر في السياسة، سياسة بلاده، كما أن الخطاب الأمريكي غير مقنع بالنسبة للإنسان الأوروبي".
دور الرابطة الإسلامية لم يقتصر على التحالف مع مناهضي الحرب لتسيير المظاهرات ضد الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق أو نصرة انتفاضة الأقصى، بل امتد كذلك ليمارس دورين سياسيين آخرين مهمين.
الأول: يتمثل في ترشيد الصحوة الإسلامية في بريطانيا، والاعتراض علنًا على ممارسات بعض الفصائل الإسلامية في بريطانيا، واستغلالها السيئ لمناخ الحرية الموجود في بريطانيا بصورة تسيء للإسلام والمسلمين، خاصةً لدى المواطن البريطاني العادي، وإمكانية امتداد تلك الصورة السلبية إلى باقي مواطني أوروبا، ومثال ذلك: رفض الرابطة للاحتفال بـ"العظماء الـ19"، الذي كانت جماعة المهاجرين ترغب في تنظيمه في لندن احتفالاً بالذكرى الثانية لتفجيرات 11 سبتمبر الشهر الماضي؛ حيث انتقدت الرابطة الاحتفال، ووصف "صوالحة" جماعة المهاجرين بأنها "حركة هامشية داخل الجالية المسلمة في بريطانيا، ولا تمثلهم".
وأضاف "صوالحة": "الإشكال الحقيقي أن مثل هذه الجماعات لا تدرك بشكل جيد مدى التأثير السلبي الذي تتركه على الجالية الإسلامية ببعض الإجراءات التي تتخذها"، وأشار إلى أن بعض الجهات المعادية للإسلام تلتقط أدبيات هذه الجماعات المتشددة، وتعمل على تضخيمها؛ وهو ما يضر بصورة الإسلام.
وأضاف قائلاً: "منذ أحداث 11 سبتمبر استطاعت الجالية الإسلامية في بريطانيا أن تتحسس طريقها بشكل أفضل، واتجهت إلى الحكومة البريطانية للتعريف بحقوقها بشكل أفضل، ودخلت المعترك السياسي بصورة منظمة؛ وهي مكاسب يجب تدعيمها، ويجب ألا يفرط فيها بتصرفات غير مسئولة".
الانتخابات القادمة:
الثاني: هو التأثير المباشر في مجرى الحياة السياسية البريطانية، واعتبار أنفسهم جزءًا لا يتجزأ منها، ولهم الحق في انتخاب أو الاعتراض على انتخاب أي شخصية سياسية يرفضونها، حتى لو كان رئيس الوزراء البريطاني "توني بلير" نفسه.
وقد حدث هذا فعلاً؛ حيث وجه مسلمو بريطانيا عن طريق الرابطة الإسلامية رسالة تحذير لحكومة حزب العمال البريطاني بزعامة "توني بلير"، وهددوها بأنهم سوف يصوتون ضدها في الانتخابات القادمة مثلما صوتوا ضد مرشحها في الانتخابات الفرعية الأخيرة في "برنت إيست"، ما لم تغير سياستها، وتجعلها أكثر "أخلاقية".
وذكرت الصحيفة أن وزراء حزب العمال ونوابه الذين دافعوا عن خوض بريطانيا الحرب ضد العراق يواجهون رد فعل سلبيًّا من الناخبين المسلمين في بريطانيا الذين يعتزمون التصويت ضدهم في الانتخابات المقبلة المقررة عام 2006م.
ونقلت الصحيفة عن "احتشام هبة الله"- المتحدث باسم رابطة مسلمي بريطانيا- قوله: "إن هزيمة حزب العمال في "برنت إيست" في 18/9/2003م، هو تحذير واضح لبقية نواب حزب العمال؛ ليغيروا سياستهم تجاه العراق ودعمهم للرئيس الأمريكي "جورج بوش".
بل أكدت الصحيفة أن فوز "سارة تيسير"- مرشحة الحزب الليبرالي الديمقراطي- بمقعد "برنت إيست" جاء نتيجة حض الرابطة للمسلمين في دائرة شمال غرب لندن على التصويت لصالح هذه المرشحة.
وقال "هبة الله" للصحيفة: "لدينا رصيد مهم من الأصوات التي إذا تم تعبئتها ستكون فعالة"، وأضاف أن وزير الخارجية "جاك سترو" سيواجه مشاكل صعبة في الانتخابات القادمة؛ حيث يوجد في دائرته "بلاكبورن" 26 ألف ناخب مسلم يعتزمون التصويت ضده؛ بسبب سياساته تجاه أفغانستان والعراق
المصدر
- مقال:الرابطة الاسلامية لوبى مسلمى بريطانياموقع:الشبكة الدعوية