الذي يموت في سبيل دعوة ليس كالذي يموت في سبيل نزوة
كفر الشيخ اون لاين | خاص
" لقد خلقنا الإنسان في كبد"
يقول الأستاذ المربي سيد قطب في الظلال :
" ثم تفترق الطرق، وتتنوع المشاق هذا يكدح بعضلاته. وهذا يكدح بفكره. وهذا يكدح بروحه. وهذا يكدح للقمة العيش وخرقة الكساء. وهذا يكدح ليجعل الألف ألفين وعشرة آلاف..وهذا يكدح لملك أو جاه، وهذا يكدح في سبيل الله. وهذا يكدح لشهوة ونزوة. وهذا يكدح لعقيدة ودعوة. وهذا يكدح إلى النار. وهذا يكدح إلى الجنة..والكل يحمل حمله ويصعد الطريق كادحا إلى ربه فيلقاه! وهناك يكون الكبد الأكبر للأشقياء.
وتكون الراحة الكبرى للسعداء.
إنه الكبد طبيعة الحياة الدنيا. تختلف أشكاله وأسبابه. ولكنه هو الكبد في النهاية. فأخسر الخاسرين هو من يعاني كبد الحياة الدنيا لينتهي إلى الكبد الأشق الأمرّ في الأخرى. وأفلح الفالحين من يكدح في الطريق إلى ربه ليلقاه بمؤهلات تنهي عنه كبد الحياة، وتنتهي به إلى الراحة الكبرى في ظلال الله.
على أن في الأرض ذاتها بعض الجزاء على ألوان الكدح والعناء. إن الذي يكدح للأمر الجليل ليس كالذي يكدح للأمر الحقير. ليس مثله طمأنينة بال وارتياحا للبذل، واسترواحا بالتضحية، فالذي يكدح وهو طليق من أثقال الطين، أو للانطلاق من هذه الأثقال، ليس كالذي يكدح ليغوص في الوحل ويلصق بالأرض كالحشرات والديدان! والذي يموت في سبيل دعوة ليس كالذي يموت في سبيل نزوة..ليس مثله في خاصة شعوره بالجهد والكبد الذي يلقاه.
وبعد تقرير هذه الحقيقة عن طبيعة الحياة الإنسانية يناقش بعض دعاوى «الْإِنْسانَ» وتصوراته التي تشي بها تصرفاته:
«أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ؟ يَقُولُ: أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً. أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ؟» .
إن هذا «الْإِنْسانَ» المخلوق في كبد، الذي لا يخلص من عناء الكدح والكد، لينسى حقيقة حاله وينخدع بما يعطيه خالقه من أطراف القوة والقدرة والوجدان والمتاع، فيتصرف تصرف الذي لا يحسب أنه مأخوذ بعمله، ولا يتوقع أن يقدر عليه قادر فيحاسبه..فيطغى ويبطش ويسلب وينهب، ويجمع ويكثر، ويفسق ويفجر، دون أن يخشى ودون أن يتحرج.. وهذه هي صفة الإنسان الذي يعرى قلبه من الإيمان
المصدر
- مقال:الذي يموت في سبيل دعوة ليس كالذي يموت في سبيل نزوةموقع:كفر الشيخ أون لاين