الذنب...لحظة ضعف إنساني
بقلم : محمد فتحي النادي
- هل ساقتك قدماك للإيقاع بين اثنين كانا على حب ومودة؟
- هل دفعتك عيناك بدافع اللذة للنظر لعورات الناس؟
- هل امتدت يداك لسرقة مال طمعًا في غنى أو فرارًا من فقر؟
- هل أطرقت سمعك لشخص يغتاب أحد الناس وشاركته في ذلك؟
- هل وقعت بلسانك في عرض أحد الناس بغيبة أو سباب وشتيمة؟
- هل........ هل....... هل.........هل.......إلخ.
هل وقعت يومًا ما في بعض ما سبق أو كله، ثم ندمت على ما فعلت وتمنيت أن لم يكن حدث ما حدث؟
ألم تسأل نفسك:
- أين كان عقلك وقتئذٍ؟
- أين كان ضميرك الحي؟
- أين كانت مخافتك من ربك؟
- أين كانت عزيمتك؟
لقد أسلمت قياد نفسك لمن لم يحسن قيادتها؛ فسيطر عليها لتحقيق رغبات خسيسة.
لقد أسلمت نفسك لأعدائك... وانظر إلى أي حال يصير حال من سلّم نفسه لأعدائه!!
إنهم لن يتوانوا لحظة في سلبه حريته وإرادته ليكون ألعوبة في أيديهم، ويصير ضعيف الشخصية، فلا يستطيع الوقوف أمام رغباتهم ونزواتهم، فضلاً عن أنهم يوردونه المهالك والمنايا.
لقد غيّبت وعيك وإدراكك، وانسقت وراء ما أرادوه منك، فأصبحت أداة طيعة في أيديهم، وما قيمة الإنسان إذا فقد مناط تشريفه وتكليفه؟ ألن يصبح هو والعجماوات سواء؟!
إنك لم تستمع للنداء الذي يأتي من داخلك محذرًا لك من مغبة الوقوع في الذنب والمعصية، وصممت أذنيك عنه، ومضيت قدمًا نحو ما قد ساقك أعداؤك إليه.
إن قوة الممانعة والمقاومة عندك كانت في أضعف حالاتها إن لم تكن منعدمة، فاستسلمت ورفعت الراية البيضاء، فدخل أعداؤك حصونك وعاثوا فيها فسادًا.
من هم أعداؤك؟
إن أعداءك المتربصين بك كثر، وهم يحتاجون منك لليقظة الدائمة؛ لأن الغفلة عنهم توقع المرء في مفاسد لا عاصم منها إلا الله سبحانه وتعالى، وقد جمعهم الشاعر في هذه الأبيات فقال:
إني بليت بأربع ما سلطت
- إلا لأجل شقاوتي وعنائي
إبليس والدنيا ونفسي والهوى
- كيف الخلاص وكلهم أعدائي
إبليس يسلك في طريق مهالكي
- والنفس تأمرني بكل بلائي
وأرى الهوى تدعو إليه خواطري
- في ظلمة الشبهات والآراء
وزخارف الدنيا تقول أما ترى
- حسني وفخر ملابسي وبهائي
فهؤلاء الأعداء إن مكنتهم من نفسك في لحظات ضعفك استعبدوك وسلبوك حريتك وإرادتك، وأصبحت مطيعًا لهم في كل ما يأمرون به، وهذا ما حذرنا منه ربنا في قوله تعالى: ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ([يس: 60].
وكلما ازددت ضعفًا ازدادوا لك استعبادًا، وصرت أسيرًا لهم لا تستطيع منهم فكاكًا ولا خلاصًا.
وكم من قويّ أوهن الضعف عزمه
- وكم من عزيز بات وهو ذليل
فالواجب علينا أن نعرف أعداءنا، وأن نعرف ما يخططون له للنيل منا، وأن نقوي عزمنا بالاستعانة بالله تعالى، وأن نستمد منه العون، وأن نئوب إليه كلما نزغتنا نوازغ الشر.
إذا ما اتَّقى الله امرؤٌ لان جانبه
- وقارب بالإحسان من لا يقاربه
يقول الفتى أرجو وأرجو وما له
- نزوعٌ عن الذَّنب الذي هو راكبه
ألا ليس يرجو الله من لاّ يخافه
- وليس يخاف الله من لا يراقبه
المصدر
- مقال:الذنب...لحظة ضعف إنسانيموقع:الشبكة الدعوية