الذكر و تربيتنا الروحية بقلم الشيخ سعيد حوى
إنك عندما تأتي للإنسان من لحظة البداية وأنت تعلمه تقول له: يا أخي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من لازم الإستغفار جعل الله له من كل همّ فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب" رواه أبو داوود. ثم تطالب هذا الأخ بملازمة الإستغفار أياماً تطول أو تقصر على حسب حاجة قلبه.
ولا يظنن ظان أن المسألة تحتاج إلى مئات بل إلى الآلاف وعشرات الآلاف حتى يستقر معنى الإستغفار وحقيقته في القلب. وحتى يصبح الإستغفار خلقاً للإنسان ليؤدي دوره الدائم في جلاء القلب. قال ابن كثير: وقد روى ابن جرير والترمذي والنسائي ابن ماجه من طرق... عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا أذنب ذنباً كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب منها صقل قلبه وإن زاد زادت فذلك قول الله تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} قال الترمذي: حسن صحيح ولفظ النسائي: "إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة سوداء فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه فإن عاد زيد فيها تعلو قلبه فهو الران الذي قال تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}.
فإذا إشتغل الإنسان في الإستغفار حتى ظهرت عليه ثمراته لفت نظر الأخ إلى الإقبال على الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها طريقة فضلى للوصول إلى القلب المنور، فالحديث الشريف يقول: "من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً"، رواه أحمد ومسلم وأبو داوود. وإذا صلى الله علينا أخرجنا من الظلمات إلى النور قال تعالى: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور} [الأحزاب: 43]، فيطلب منه أن يلازم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أياماً طوالاً وأن يكررها عشرات الآلاف حتى تؤتي ثمارها في إصلاح القلب وتنوره والمسألة لا حد لها إلا ظهور الآثار فإذا ما ظهرت ثمار ذلك في تنور حال الأخ لفت نظره إلى الحديث الشريف الذي رواه أحمد والنسائي والحاكم: "جددوا إيمانكم قيل يا رسول الله كيف نجدد إيماننا؟ قال: أكثروا من قول لا إله إلا الله" فيبدأ الأخ الإستغراق بذكر لا إله إلا الله أياماً طوالاً وبعشرات الآلاف حتى يصبح قلبه موحداً خالصاً مستنيراً إستنارة كاملة وهكذا.
ثم يلفت نظر الأخ إلى الإستغراق بقراءة القرآن والتأمل في معانيه فقد قال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} [يونس: 57]، لاحظ قوله تعالى {وشفاء لما في الصدور}، فيختم الختمات الكثيرة مع التأمل والتدبر، وخلال ذلك كله يعود نفسه على ورد دائم كورد الدعاء الذي ذكره الأستاذ البنا في نهاية المأثورات /100/ مرة استغفار/100/ مرة صلاة على رسول الله/ ص / 100/ مرة لا إله إلا الله. قل هو الله أحد ثلاث مرات، وهكذا مع ملازمة قراءة ما تيسر من القرآن وجزء في اليوم يعتبر ورداً معتدلاً هذا مع شيء من قيام الليل وملازمة صلوات الجماعة وإقامة السنن الرواتب وسنة الضحى وهذا كله مع العلم أن هذا كله ربما قذف في الأخ إلى قمة القلب السليم منذ الابتداء بإذن الله وعندئذٍ فعليه أن يرتب أوراده بحيث يأخذ قلبه دواءه وغذاءه اللازمين ليبقى قلبه على إستمرارية إيمانية عالية ولعله من المناسب هنا أن نقول: إن أصلح الإخوان وأقوى الإخوان ينبغي أن يتولوا أمر التربية للأخ في نهاية سيره لأن البداية المحرقة هي التي توصل إلى النهاية المشرقة وفي حكم ابن عطاء "من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة" والملاحظ أننا لم نقيد ما ذكرناه من الأذكار الحارقة في المرحلة الأولى للسير بعدد معين لأن حالة الناس القلبية مختلفة واحتياجات كل واحد منهم تختلف عن احتياجات الآخر فالقلب الذي ظلمته كثيرة لا يكفيه القليل بينما قلب آخر.
* كلمات فى الذكر منقولة من كتاب تربيتنا الروحية للشيخ سعيد حوى رحمه الله
المصدر
- مقال:الذكر و تربيتنا الروحية بقلم الشيخ سعيد حوىموقع:الإخوان المسلمون السودان
