الدكتور محمود عزت يروي تجربته مع الاعتقال

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الدكتور محمود عزت يروي تجربته مع الاعتقال
29-08-2005

أعد الحوار للنشر- أحمد محمود


الدكتور محمود عزت

في أول حوار له بعد خروجه من السجن تحدث الدكتور محمود عزت- الأمين العام ل جماعة الإخوان المسلمين - عن تجربته مع الاعتقال، وكيف ينظر إلى هذه المسألة من وجهة النظر السياسية، ومن ثمَّ كيف يقيِّم ما يسمى بـ"الاتهامات" التي وُجِّهت إلى الإخوان عندما قاطعوا الاستفتاء على تعديل المادة "76".

وتحدث الأمين العام لجماعة الإخوان أيضًا عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، وموقف الإخوان منها، مؤكدًا على أن الترشيح والانتخاب هما أمانة ينبغي على كل مسلم ومصري الاضطلاع بها، نافيًا التكهنات القائلة بوجود صفقة بين الجماعة والنظام الحاكم للإفراج عنه مقابل الدعوة للمشاركة في الانتخابات.. وهنا تفاصيل الحوار الذي أجراه موقع (إخوان أون لاين) مع الدكتور محمود عزت:

  • دكتور محمود، نريد أن نعرف قصة القبض عليكم والثلاثة أشهر التي قضيتموها داخل السجن وحتى الإفراج عنكم.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد؛ ما حصل أنه كانت الساعة حوالي الساعة الثانية والنصف ليلاً؛ وهذا أمر تكرر بالنسبة لي، يعني ليست هذه هي المرة الأولى.. قام بعض الضباط من أمن الدولة وقوة كبيرة من الفرق الخاصة بمداهمة المنزل؛ وقاموا بالتفتيش وخصوصًا في المكتبة.. مكتبتي، والتي بها بعض الكتب وأشرطة الفيديو؛ حيث أخذوا بعض الكتب، وأخذوا أشرطة الفيديو.. طبعًا أفزعوا الأهل والأولاد، ثم بعد ذلك قضيتُ بضع ساعات في قسم شرطة مدينة نصر حتى عُرضت على نيابة أمن الدولة في اليوم التالي.
  • بعد العرض على نيابة أمن الدولة وُجِّهت إليكم اتهاماتٌ بمقاطعة الاستفتاء (على تعديل المادة رقم "76" من الدستور).. كيف تقرأون هذه الاتهامات، خاصةً وأن البعض يعتبره حقًّا دستوريًّا لكل مواطن؟!
الحقيقة أنني منذ أن وصلت إلى نيابة أمن الدولة تكلمت مع السيد رئيس النيابة الذي كان يحقق معي، وقلت له الحقيقة إنني أرى أن نيابة أمن الدولة في وضْعٍ حرج، وأنا أريد أن أرفع عنها هذا الحرج؛ لأنني أستشعر أن المسألة مسألةٌ سياسيةٌ بحتةٌ، وأن هذا أمر اعتقال، وبذلك أنا أعفي نفسي من الإجابة على أي سؤال؛ فأنتم باعتباركم نيابةَ أمن الدولة من حقكم إذا ما جاءت إليكم مذكرة من جهة- مثل مباحث أمن الدولة- أن تقوم بإرسال استدعاء إليَّ في الجامعة، أو في معملي، أو على منزلي، وأنا كنت سألبِّي هذه الدعوة، وأي سؤال كنت ستطرحه عليَّ وقتها كنت سوف أجيبك عليه، ولكن بعدما حدث- وبمثل هذه الصورة الاستبدادية التعسفية- فأنا رجل أستاذ في الجامعة، وكان من السهل جدًّا أن تستدعيني؛ ولكن أقول بسبب ما تم بهذه الصورة فأنا أعتذر عن الإجابة عن أي سؤال؛ لأنني لا أريد أن أُحرِج نيابة أمن الدولة؛ لأن هذا- كما قلت- اعتقال، فاجعلهم أولاً يصدرون أمر اعتقال رسمي، وبالتالي تكون الأمور واضحةً، وبالتالي لم أدخل معه في تفاصيل هذا الاتهام؛ لأنني رفضت ابتداءً الحديث معه، وظللت على هذا الوضع حتى آخر يوم حتى أفرج عنِّي وأنا على هذا الموقف.
  • على المستوى الشخصي.. هل ترى أن مقاطعة الاستفتاء محل اتهام؟
الأمر كله عجيب؛ ليست المسألة أنهم يقومون بالقبض على الإخوان من أجل مسألة مقاطعة الاستفتاء؛ لأن هذا حقٌّ لكل إنسان؛ حقٌّ له أن يحضُر الاستفتاء أو مقاطعته؛ لأن الأمة صاحبةُ الحق في أن تغير هذه المادة (المادة 76) من الدستور، وهذا الحق مخوَّل لها بما لا يستطيع أحد أن ينزعه منها، وإذا ما رأت الأمة أن هذا التعديل الدستوري لا يعبر عن طموحاتها؛ فمن حق هذه الأمة أن تقول "لا"، أو أن تقاطع هذا الاستفتاء، وبالتالي ففي أي عُرف أو في أي قانون يتم اعتبار مسألة مقاطعة الاستفتاء جريمة؟!!
  • الاعتقالات التي تمت في صفوف الإخوان- حيث تم اعتقال ثلاثة آلاف، على رأسهم عدد من قادة الجماعة- هل كان الهدف منها إبعاد الإخوان وإيقاف مطالبهم بالإصلاح؟
لا شك أن هذا هدفٌ رئيسٌ، وهذا استمرار لسياسة، أي أنه أمر ليس جديدًا، فنحن معتادون على هذا عندما يكون النظام على هذا الحال من الفساد وعلى هذا الحال من الضعف، وضعف الحجة.. دائمًا ضعيف الحجة يلجأ إلى الاستبداد؛ ومن هنا فإنه وبلا شك فإن هذه الاعتقالات كان المقصود منها أن يمنعوا الإخوان من أداء واجبهم تجاه هذه الأمة، بإيقاظ هذه الأمة لكي تسترد حقوقها.
  • لكنَّ هناك من يرى أن الإخوان تأثروا بهذه الرسائل، وبالفعل أوقفوا المظاهرات.. هل ترى أو ما مدى صحة هذا الكلام؟
هذا الأمر غير الواقع؛ لأن استمرار الإخوان في أداء واجبهم ينبع من أن الإخوان ينطلقون من رسالتهم، وأي أخ من الإخوان كان يعلم أنه سيواجه مثل هذه المواقف، وقد رأى أجيالاً من قبله الذين عاش بعضهم عشرين عاما في السجن وأكثر من ذلك، ومع ذلك فهو قد اختار هذا الطريق بقناعة منه؛ حيث إنه ليس من المتصور أن أصحاب الرسالة يمكن أن تثنيهم مثل هذه الاعتقالات، خصوصًا وأن المسالة لم تعد عشرين عامًا مثل الماضي، فلم تعد مدة الاعتقال تدوم لأكثر من خمسة أو ستة أشهر.
  • كنتم مغيَّبين عن الساحة خلال إعلان الإخوان موقفهم من انتخابات الرئاسة.. كيف ترون موقف الإخوان؟!
عندما قرأت البيان (بيان الجماعة بشأن المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر) أحسست أن هذه الجماعة جماعةٌ ربانيةٌ، وأن القرار يتخذ عنها ابتغاء مرضاة الله- سبحانه وتعالى- بغض النظر عن أي قول أو أي موقف.. أولاً البيان حدد منزلة الحكم في الإسلام ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ﴾ (المائدة:49)؛ ومن هنا فإن الذي يأتي بهذا الحكم إنما جاء يحكم بما أنزل الله، هذا هو جوهر هذه القضية؛ ولذلك فهي مسألة عظيمة، ومن هنا فإن الذي يتقدم لطلب الحكم فإنه ينبغي عليه أن يعد نفسه إعدادًا خاصًّا ليقوم بهذه الأمانة الكبرى، فهي ليست مسألةَ منصب أو شرف، وإنما هي أمانة، فيها خزي وندامة ما لم يأخذها صاحبها بحقها من أن يلتزم هو في نفسه بشرع الله- عزل وجل- وأن يكون أمينًا على هذا الدين.. هذا هو الجزء الثاني، والجزء الثالث هو مهمة كل مسلم، بل هو مهمة كل مصري نحو هذه المشاركة، الحرية شيء عزيز؛ شيء إنساني أصيل في فطرة الناس من أن الناس ولدتهم أمهاتهم أحرارًا، وأنه لكي يسترد هذه الحرية لا بد أن يكون إنسانًا إيجابيًّا، ولا بد أن يتحمل هذه الأمانة وفق هذه المعايير التي حددها البيان، فأنا أستشعر أن الإخوان تحروا مرضاة الله- تبارك وتعالى- أولاً وأخيرًا، ومن خلال مرضاة الله- تبارك وتعالى- هداهم الله إلى ما يصلح أمر الجماعة، وما يصلح أمر هذه الأمة، فأنا في الحقيقة أستبشر خيرًا بهذا البيان، وأحسب أن الأمة بحاجة إلى أن تتفاعل إيجابيًّا مع البيان حتى تقوم بالدور الإيجابي الذي من المفترض أن تقوم به.
  • سؤال أخير يا دكتور محمود.. هناك من يرى أن الإفراج عن الدكتور محمود عزت بعد أيام من إعلان الإخوان موقفهم من انتخابات الرئاسة- وهو المشاركة- جاء نتيجةَ صفقة ما بين الإخوان وبين النظام.. ما صحة هذا الكلام؟
أصحاب الصفقات دائمًا ما يعتبرون أن كل شيء في الدنيا صفقة.. إن صفقة الإخوان مع الله تعالى ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾ (التوبة: 111) هذه هي الصفقة التي عقدناها، وليس من المتخيَّل أنه بعد هذه البيعة أن نقوم بردها أو بإعطائها إلى أحد آخر، هي لله سبحانه وتعالى، وأي موقف يتخذه الإخوان إنما يتخذونه لله تبارك وتعالى، مسألة "الصفقات" هذه ربما كانت طبيعة التعاملات بين السياسيين، ولكننا لسنا كذلك؛ لأن صفقتنا الكبرى هي مع الله- تبارك وتعالى- ولن يكون لنا في أي وقت من الأوقات غرض غير أن نقوم بواجبنا، هذه الصفقة إنما هي مع الله، نريد أن نوعِّي هذه الأمة، نريد لهذه الأمة أن تكون أمةً إيجابيةً، ونريد من كل مسلم يحمل هذا الدين أن يعلم أن هذه الإيجابية هي أول صفة من صفات الإسلام، وأن الحرية فريضة من فرائض الإسلام، كل من يحمل هذه الأمانة ينبغي أن يقف وينظر للمرشحين، ويُعْمِل هذه الأصول: من منهم أرضى لله- سبحانه وتعالى- من منهم أصلح لهذه الأمة، ثم بعد ذلك يتخذ القرار، حتى لو كان هذا القرار ألا يجد أحدًا منهم، ولْيكن، لكن عليه أن يجتهد ما استطاع ويختار، وما بينه وبين الله- عز وجل- هو الفيصل، وسيكون له الأجر على أي الأحوال، سواءٌ اختار أو لا.

المصدر