الدعوة إلى الله مهمتنا

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الدعوة إلى الله مهمتنا

المستشار عبد الله العقيل

إن الدعوة إلى الله هي رسالة الأنبياء جميعًا، وسيد الدعاة هو نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهو قدوتنا وأسوتنا في كل ما نأخذ وندع من أمور؛ لأنه المبلغ عن ربه، والمنزل عليه وحيه، والمخاطب بقوله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، ففي ظلال القرآن الكريم نعيش، ومن كنوز السنة النبوية الشريفة نغترف، وعلى منهج السلف الصالح نسير.

والدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم، وليست مختصة بطائفة دون أخرى؛ لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: «بلغوا عني ولو آية»، فكل مسلم مطالب بأن يفقه إسلامه، ويعمل به، ويدعو الناس إليه؛ ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى.

وإن الدعوة الإسلامية دعوة عالمية تنتظم العالم كله، وتعم البشرية كلها، وهي رسالة الأنبياء جميعًا ومهمة العلماء الذين هم ورثة الأنبياء (إنما يخشى الله من عباده العلماء).

وإن الدعوة إلى الله هي أحسن الأقوال وخير الأفعال (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين).

والرسول (صلى الله عليه وسلم) قدوتنا وأسوتنا، وهو المثل الأعلى للدعاة إلى الله، حيث أمره ربه (عز وجل) بقوله: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، فكان الداعية الحكيم الحليم، حثنا على العلم والتفقه في الدين بقوله: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»، ورغبنا في الدعوة وهداية الناس بقوله: «لأن يهدي الله على يديك رجلاً خير لك من حُمر النعم».

إن المتأمل في أوضاع المسلمين اليوم وبعض أقطارهم يجد أن الكثير من هذه البلدان مبتلاة بالكفرة الطغاة، والمرتزقة العملاء المتسلطين على رقاب العباد والذين يحرمون المسلمين من أدنى حقوقهم الإنسانية، بل صار الدم المسلم أرخص الدماء وأصبح المال المسلم مستباحًا، والعرض المسلم منتهكًا، واستحر القتل والسلب والنهب والغصب والتخريب والتدمير لشعوب المسلمين وديارهم، وما يجري اليوم في الصين وبورما وتايلند والهند وسريلانكا والفلبين وأفغانستان وفلسطين وروسيا ويوغسلافيا، وكثير من البلدان الآسيوية والأفريقية لأكبر دليل على أن المستهدف بالحرب والإبادة هم المسلمون حيثما كانوا، وأينما وجدوا، في الوقت الذي تقوم الدنيا من أجل قتيل واحد، أو رهينة واحدة، إذا كان يهوديًا أو نصرانيًا.

فالمسلمون لا بواكي لهم، ولا يرتفع صوت للمطالبة بحقوقهم رغم أن بلاد المسلمين هي أغنى بلاد العالم، وفيها من مقومات النهضة والعمران الحضاري ما لا يوجد في غيرها من البلدان الأخرى، والمسلمون اليوم يربو عددهم على الألف مليون، ولكنهم غثاء كغثاء السيل يتسلط عليهم اليهودي والنصراني والبوذي والهندوسي والملحد والشيوعي وكل القردة والخنازير في الدنيا.

وهذا كله بسبب بعدهم عن دينهم، وتركهم لما أنزل الله، وخضوعهم للطواغيت والفجرة الذين يشرعون لهم ما حرم الله، ويحكمونهم بأحكام الجاهلية والدساتير الوضعية والمناهج العلمانية التي تصادم الكتاب والسنة، وتخرج المسلم عن دين الإسلام.

ومن هنا وجب علينا كمسلمين أن نعيد النظر في أوضاعنا أفرادًا وجماعات وشعوبًا وحكومات، وأن ننزل كل هذه الأوضاع على منهج الله الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن نهجر كل المناهج التي تتعارض مع عقيدتنا وإسلامنا وتشريع خالقنا.

أوصي المسلمين بطلب العلم والتفقه في الدين والدعوة إلى الله ونشر العقيدة الصحيحة بالأسلوب الحكيم والموعظة الحسنة، والإقبال على العبادة وتهذيب السلوك وتصفية القلوب من لوثات الجاهلية كالحقد والحسد والبغضاء والشحناء والغيبة والنميمة والكذب وقول الزور، وكل ما يبذره الشيطان الرجيم في نفوس الناس.

وأوصيهم بالتعارف وإحياء الأخوة الإسلامية بينهم، واحترام أهل العلم من المشايخ والعلماء والدعاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، وفعل الخير لكل الناس، وحسن التوكل على الله، وإخلاص النية له وطلب المثوبة منه.

إن السيل لا يوقفه إلا سيل أقوى منه، والتيار لا يصده إلا تيار أشد منه، وإن المعركة بين الكفر والإيمان مستمرة، وإن الصراع بين الحق والباطل دائم، والحرب بين المؤمنين والكافرين لم تتوقف منذ البعثة، وإلى أن تقوم الساعة.

يقول الله (عز وجل): (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا).

وإن الأعداء من اليهود والنصارى هم أعداء للمسلمين وحرب على الإسلام وبني الإسلام، ولن يرضوا عنا مهما عملنا معهم ما دمنا على إسلامنا، ولن تتوقف الحرب بيننا وبينهم حتى نتّبع ملتهم، ونسير على مناهجهم، ونخضع لأوامرهم، وصدق الله العظيم، إذ يقول: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم).

فلنكن على يقظة وحذر، ولنأخذ للأمر عدته، فالطريق إلى الله ليس مفروشًا بالورود والرياحين، ولكنه طريق شاق وطويل؛ لأنه طريق الأنبياء، والجنة محفوفة بالمكاره، والنار محفوفة بالشهوات، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فلنعمل بما يرضي الله تعالى، ولنسر على منهج الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الدعوة إلى الله، وتقديم الخير للناس جميعًا، ولنخلص النية في القول والعمل (ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرًا).

فلنتحرك بالدعوة إلى الله في كل ميدان دون ضعف أو كلل أو تراخٍ أو كسل متفاعلين مع الأحداث، مؤثرين فيها، وموجهين لسياستها وفق المنظور الإسلامي والتصور الإسلامي المستقى من الكتاب والسنة، وما أجمع عليه سلف الأمة.

إن الذي يجري اليوم على الساحة الدولية في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها من تحولات جذرية وتغيرات متناقضة يدل دلالة واضحة على إفلاس البرامج والمناهج والنظم والقوانين والمفاهيم والقيم التي اصطنعها البشر لأنفسهم بعيدًا عن منهج الله ودستور السماء، كما يلقي على المسلمين بعامة وشباب الصحوة الإسلامية بخاصة تبعة كبيرة ومسؤولية جسيمة في التصدي لحمل الأمانة وإبلاغ الدعوة للبشرية كلها وإعداد الأمة المسلمة الإعداد الواعي الرشيد الذي يبني الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، ويقدم النموذج الصادق للإسلام في عصرنا الحاضر مجددًا مواقف الصحابة والتابعين الذين كانوا كالشامة بين الأمم والذين نصروا الله فنصرهم الله، واعتزوا بالإسلام، فأعزهم الله.

وإن ما نراه من جهاد الشعب الأفغاني والفلسطيني وبسالته في التصدي للأعداء ليعطينا الأمل بأن هذه الأمة فيها الخير كل الخير، وأنها أمة الجهاد والمجاهدة والصبر والمصابرة، وما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا؛ لأن الجهاد هو ذروة سنام الإسلام، كما قال المصطفى (صلى الله عليه وسلم). والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر