الدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط
بقلم : د. عيران ليرمان
تواجه الإدارة الأميركية حاليًا معضلات مهمة تنعكس، في الوقت نفسه، على السجالات الداخلية الدائرة في صفوفها، وعلى ما يبدو وجدت تعبيرًا لها في أثناء الزيارة الأخيرة التي قامت بها إلى المنطقة وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، والتي كانت نتائجها مخيبة للآمال من وجهة نظر رايس، بحسب ما أفادت مصادر متنوعة.
فمن جهة تدفع الخارجية الأميركية الطرفين الإسرائيلي والفلسطينيّ للوصول إلى نتائج عينية في مؤتمر السلام المقبل، إذ أنها غير معنية بحدث استعراضي وتصريحات فارغة من أي مضمون.
وفي هذا الشأن فإن الخارجية الأميركية تتماثل مع الطرف الفلسطيني الذي يطالب بإحراز تقدّم سريع في القضايا الجوهرية.
ومن جهة أخرى فإن الخارجية الأميركية غير شريكة في التفسير العربيّ للمصطلحات المرجعية للحلّ الدائم وليس في وسعها أن تفرض هذا التفسير على الطرف الإسرائيليّ.
علاوة على ذلك فإنها شريكة أيضاً في الشكوك إزاء قدرة الفلسطينيين على تلبية المطالب الأساسية وتدرك أنه ستكون هناك معارضة في أوساط يهود الولايات المتحدة وأصدقاء إسرائيل في أوساط الرأي العام الأميركي وبالتالي داخل الكونغرس لأي إملاء أميركي بشأن قضايا مثل القدس والحدود واللاجئين.
في ظلّ هذه الظروف خفضت الإدارة الأميركية سقف التوقعات من مؤتمر السلام.
وإذا كان الرئيس جورج بوش قد تكلم في الصيف الماضي عن «إحراز السلام» فإنّ الناطقين الأميركيين الرسميين باتوا يتكلمون الآن عن «حوار حقيقيّ نأمل بأن يؤدي في نهاية الأمر إلى مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين تكون مقبولة على الطرفين».
وهذه صيغة ضبابية تعكس وعي الإدارة الأميركية للصعوبات السياسية القائمة على طرفي المتراس.
إنّ الدلالة العملية لذلك هي أنّ الإدارة الأميركية تخفض سقف التوقعات من المؤتمر أيضًا في مقابل المنظومتين الدولية والإقليمية.
ويعني ذلك، ضمن أمور أخرى، أنه ليس في وسع الولايات المتحدة الأميركية حثّ الدول العربية، وعلى رأسها السعودية طبعًا، على أن تساهم في المؤتمر بوفد رفيع المستوى.
إنّ ما يسهم أيضًا في تعقيد الوضع هو التعامل المتشكك لدى الكونغرس الأميركي، حيال السعوديين خصوصًا وحيال الدول العربية عمومًا، في كل ما يتعلق بموقف هذه الأطراف من إسرائيل واستعدادها للقيام بدور بنّاء في العملية السياسية.
وقد انعكس هذا التعامل، مثالاً، في نشاط سيناتورين هما الديمقراطي تشارلز شومير من نيويورك (وهو يهودي) والجمهوري لندزي غراهام من كارولينا الجنوبية، اللذان جمعا تواقيع زملائهما على رسالة موجهة إلى وزيرة الخارجية رايس تدعوها إلى مطالبة الدول العربية بتغيير موقفها من إسرائيل بصورة جذرية كشرط لمشاركتها في المؤتمر المقبل.
غير أنه على الرغم من كلّ ما تقدّم فإن عقد مؤتمر السلام سيتيح للولايات المتحدة أن تدفع قدمًا عدّة غايات ليست قليلة الأهمية. هذه الغايات هي:
1- توثيق الاتصالات الجارية في المثلث الإسرائيلي- الفلسطيني- الأميركي بشأن مواضيع المساعدة الاقتصادية وترميم الاقتصاد الفلسطيني في المناطق الخاضعة لسلطة أبو مازن وسلام فياض، بهدف إضعاف حماس وإظهار الثمن الذي يدفعه سكان غزة على مرأى من الجمهور الفلسطينيّ كافة.
2- السعي إلى تحسين الحوار الأمني مع السلطة الفلسطينية بإرشاد الجنرال دايتون، على أمل أن يفضي ذلك إلى تغيير السياسة الإسرائيلية ميدانياً، لناحية تقديم تسهيلات تعجّل وتيرة الترميم الاقتصادي والاجتماعي.
3- استقطاب الدول العربية المعتدلة، وعلى رأسها الأردن ومصر، في نطاق الجهود المشتركة والمتواصلة وهو ما يخدم أيضًا غاية عزل إيران و سورية و حماس وقوى أخرى تنتمي إلى المحور الراديكالي.
- مدير مكتب إسرائيل والشرق الأوسط في «اللجنة اليهودية الأميركية»
المصدر
- مقال:الدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسطالمركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات