الخائنة
13 اكتوبر 2010
بقلم: حسن المستكاوي
● تعدنا ولا تفى بوعدها دائما، وتواعدنا ولا تأتى فى موعدها أحيانا، تبكى الرجال، وتضحكهم، وتغار منها النساء، ولا تهتم هى بغيرتهن..
إنها من المؤكد جميلة، ومثيرة، وممتعة. مستديرة، ومتقلبة، توصف دائما بأنها خائنة وغدارة تجلس تتابعها وأنفاسك مكبوتة ومكتومة، وأنت تشك فيها، وحين تخيب ظنك فأنك تشكو منها.. وتدير لها ظهرك أحيانا.
لكنك لا تلفظها للأبد. تلهث خلفها، وتركلها إذا لمستها، وإذا عادت إليك، تشعر بالسعادة، وتستمتع بالدفاع عنها، والاستحواذ عليها وامتلاكها لكنك سرعان ما تضربها أو تركلها.. أصحابها آلاف وملايين، تراهم يتدفقون لمشاهدتها فى جماعات، وفى مواكب صاخبة، ويتزاحمون ويتضاحكون ويتظاهرون، ويتندرون ويتوعدون بعضهم.. تراهم يتدفقون من أجلها بسيارات مشحونة، وأتوبيسات ضخمة، وقطارات مكدسة، وطائرات خاصة.. إنها غريبة ومريبة، لا توجد فيها قاعدة ثابتة أو مطلقة، يمكن أن ينتصر فيها فرد على الجماعة. ولكن يبقى التعاون بين المجموع هو الطريق النصر.
● قد تعرف بدايتها لكنك أبدا لا تعرف كيف تنتهى.. فالبداية لها ساعة ودقيقة. والنهاية فيها غير دقيقة. قد تطول أو تقصر. فالقرار بيد رجل يرتدى زيا كان أسود ثم أصبح قرمزيا أو أحمر.. وهو رجل تحب أن تكرهه.. وهو رمز للعدالة وللسلطة.
● نهايتها قد تفجر داخلك ينابيع السعادة، وقد تغمرك بالأحزان.. لكنك دائما تعود إليها.. وحين تتوجه إليها متوقعا الانتصار تنكسر، وحين تستلم لها متوقعا الانكسار تنتصر. وربما تتقدم إليها بقوة وحماس فتجدها تتراجع، وحين تتراجع عنها مستسلما تفاجأ بأنها تتقدم إليك. وهى على مدار العمر والسنين تصغر وتصير أكثر شبابا، فكانت فى زمن بعيد بطيئة وساذجة، ثم أصبحت سريعة وشرسة.. أما أنت فتتغير، والناس أيضا من حولها يتغيرون، ويشيخون ويكبرون ويرحلون.
فهى اليوم غير ما كانت عليه قبل سنوات، وهى غدا لن تكون مثل ما هى عليه اليوم.. وقد نجرى خلفها كثيرا وطوال الوقت فلا نطولها.. وهى التى علمتنا الحكمة والفلسفة والكفاح، وعدم الاستسلام، وعدم الندم.. وعلمتنا كيف نحب ونحن نكره، وعلمتنا أن نحب ماكنا نكره، وألا نكره أبدا ما نحبه فيها.. علمتنا كيف نضحك ونحن نبكى.. وعلمتنا أن ما نبكيه اليوم سوف نضحك عليه غدا.. وأن ساحتها هى الحياة، يوم لك ويوم عليك. يوم انتصار ويوم انكسار.
● أتحدث عن كرة القدم.. وعن الذى جرى لى أثناء مباراة مصر والنيجر، التى ظننت أنها بين مصر والكاميرون.. أتحدث عن كرة القدم ومبارياتها وبعض مباريات المنتخب الذى حيرنا، فهو البطل حين لا نتوقع ونظنه المستحيل، وهو فى أحيان أخرى أضعف مما نتوقع ومما نظن.
المصدر
- مقال : الخائنة ، الشروق