الحكم العسكري وضياع آثار مصر

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الحكم العسكري وضياع آثار مصر


مقدمة

تولى العسكر حكم البلاد والذين لم يدركوا أهمية هذه الآثار بالنسبة لأمنها القومي، وما يعود عليها وعلى الشعب من دخل، حتى قاموا بالتفريط فيها أو اقتنائها في قصورهم الشخصية.

العجيب أن هذا الأمر زاد في الفترة الأخيرة خاصة في ولاية السيسي والتي شهدت خروج الآثار بطريقة منهجية، حيث وافقه كثير من رجالاته على السير في هذا المنحى دون الوقوف له وتذكيره بأهمية هذه الآثار لمصر.

والأعجب أن نجد بلاد لا تاريخ لها مثل الإمارات تشجعه على سرقة هذه الآثار وتصديرها لها من أجل أن تجعل لنفسها تاريخ على حساب الآثار المسروقة من شعوب أخرى، معتمدين على ما لديهم من مال وكأن التاريخ والحضارة تشترى بالمال، لا أن تصنعها الشعوب.

وفي هذا المقال نحاول الوقوف على جهل العسكر بطبيعة وقيمة هذه الآثار بالنسبة للشعوب، مما دفعهم للتفريط فيها دون استشعار أهمية هذه الآثار ولتي ظنوا أنها ما هي إلا أحجار لا قيمة لها، وتغافلوا عن قيمتها في معرفة أسرار الحضارة المصرية.

مع ثورة 23 يوليو 1952م شهدت مصر تسارع في سرقة الآثار - بل والتفريط فيها من قبل كبار المسئولين - حتى أن العديد من هذه الآثار كانت تخرج بصفة دبلوماسية في حماية كبار رجال الجيش أمثال جمال عبد الناصر وعلي صبري وشمس بدران وغيرهم.

عبد الناصر وهدايا الآثار

لم يكن العسكر لديهم ثقافة الحفاظ على التاريخ والآثار، بل انصب اهتمامهم على كيفية توفير الموارد حتى ولو باعوا أصول البلد وكل قطعة آثار، ولم يقدروا في لحظة أهمية هذا الآثار.

وعلى الرغم من استباحة آثار مصر من قبل بعض الحكام والمحتلين أمثال فرنسا وبريطانيا، إلا أن هؤلاء كانوا يقدرون أهمية هذه الآثار فعمدوا إلى الحفاظ عليها لتكونن ملكا لشعوبهم، وهذا ما لا يدركه العسكر في مصر.

فبعدما استتبت الأمور لعبد الناصر كان لابد من توفير موارد للميزانية العامة أو لحسابهم الشخصي، فكانت الآثار السلعة الأغلى ثمنا والأسهل، فكان التفريط فيها على شكل هبات وهدايا.

فكما يذكر أشرف محمد حسن علي في كتابه الآثار المصرية المستباحة، والتي صدر عن دار الكتب والوثائق القومية 2016:

أن عبد الناصر قام بإهداء خمسة معابد مصرية كاملة بعد بناء السد العالي حيث وقع على القرار رقــم 4647 لسنة 1966 بتاريخ 17/12/ 1966، والذي بموجبه أهدى معبد دندور إلى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، أثناء فترة رئاسة ليندون بينيس جونسون، وإرسال المعبد بعد أربعة سنوات مدة تفكيكه ونقله وإعادة تركيبه مرة أخرى، إلى متحف المتروبوليتان، وهو معبد روماني بُنى فى القرن الأول قبل الميلاد.

كما أهدى معبد دابود بالنوبة لإسبانيا سنة 1960، والذي كان يقع جنوب أسوان بالقرب من الشلال الأول على الضفة الغربية لنهر النيل، وتم إهداؤه إلى أسبانيا عام 1960، ليتم وضعه فى حديقة "ديل أويستى" بالقرب من القصر الملكى بمدريد.

وأهدى معبد طافا إلى هولندا عام 1960م والذي كان يقع بقرية "امبركاب" النوبية ، ونقل وأعيد تركيبه هناك عام 1971، بمتحف الآثار بمدينة ليدن.

ومعبد الليسية إلى ايطاليا، الذي كان يقع فى بلاد النوبة بقرية أبريم، بالقرب من قصر أبريم، وشيد فى عصر الملك تحتمس الثالث، وتم اهداؤه إلى إيطاليا عام 1966، ليتم حفظه بمتحف تورينو.

وكذلك البوابة البطلمية لمعبد كلابشة أهداها إلى ألمانيا، وتم حفظها فى جناح الآثار المصرية بمتحف برلين.

ويقول محمد حسنين هيكل في كتابه خريف الغضب:

وبعد إتمام بناء السد العالي قدم جمال عبدالناصر آنية قديمة من المرمرن من مخازن حفريات سقارة في احتفال رسمي للجنة المركزية في الاتحاد السوفيتين وقد وضعت في مدخل قاعة الاستقبال الرئيسة، كما قدم أواني أخرى إلى المتحف الوطني بطوكيو، وإلى متحف "الفاتيكان" فهل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي هيئة علمية؟.

السادات أكثر الرؤساء تفريطا

تعد مصر من أوائل الدول التي شرعت قوانين لحماية الآثار غير أن هذه القوانين كانت بوابة للسرقة من قبل من تعدى على القانون، وأن هذه الغابة من التشريعات أسهمت في خروج أكثر من نصف الآثار المصرية بنظام القسمة لما كان يكتشف بباطن الأرض.

ويعتبر عهد السادات من أكثر العصور التي فرطت مصر فيها لآثارها، يقول الكاتب أشرف العشماوي في كتابه سرقات مشروعة: "حكايات عن سرقة آثار مصر وتهريبها ومحاولات استردادها"، الصادر عن الدار المصرية اللبنانية: في عهد السادات فتحت أبواب المتحف المصري ومخازن الآثار بالجيزة وسقارة على مصراعيها

حيث كان هو الرئيس الأكثر إهداءً للآثار المصرية ممن حكموا مصر على مدار تاريخها الحديث على الأقل وفقاً للسجلات الرسمية المتاحة، وعلى مدار سنوات حكمه العشرة أهدى السادات عشرة تماثيل من طائر أبيس لدول مختلفة، وبجانب إمبراطور إيران والرئيس اليوغسلافي تيتو وملك السويد حصل هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة على الطائر ذاته بتاريخ 18 نوفمبر 1973م.

السيسي ونقل أثار مصر كلها

لم يسجل على مبارك أنه أهدى أية قطعة أثرية كإهداء بصفة رسمية، إلا أن السرقات كانت كثيرة جدا. لكن ما أن تولى السيسي حكم مصر حتى كانت معظم أثار مصر في دول أخرى، حيث نظر إلى هذه الآثار على أنها ملكية خاصة به وبمن يعمل معه، فعين نفسه رئيس أمناء المتحف المصري الكبير والتي بعدها اختفت آلاف القطع من المتحف المصري

حيث ظهرت في متحف اللوفر بالإمارات، ولا أحد يعرف هل هذه مكافآت لحكام الإمارات على الدعم الكبيرة الذي تلقاه السيسي بعد الانقلاب أم ماذا؟ ليس ذلك فحسب بل اكتشفت آلاف القطع التي اكتشفت في حاوية دبلوماسية متجهة إلى إيطاليا والتي لم تخرج الدولة بتكذيب لذلك بل التزمت الصمت المقيت.

ليست هذه الآثار فحسب بل زادت تجارة الآثار والتنافس عليها حتى ظهرت للعلن، وأصبح الاقتتال عليها شديد، بل والعجيب أن المطارات والموانئ غير مجهزة للكشف عن الآثار المهربة، وأن ما يقع ربما عن طريق الصدفة، وأن جهود مصر في استرداد آثارها تتم على استحياء؛ فاليونسكو لا تستطيع إرجاع الآثار المهربة غير المسجلة لمصر والعسكر لا يسعون لاسترجاع هذه الآثار لنهم يحرصون على يجارتها.

أن الملوك الأجانب الذي أهديت إليهم تلك الثروة الهائلة من التراث المصري القديم قد تركوها لشعوبهم، ولم يحتفظوا بها رغم أنها أهديت لهم بصورة شخصية، والملاحظ أن تلك الشعوب قد حافظت على هذه الآثار النادرة، باعتبارها ثروة قومية مملوكة لهم، فلم يبددوها أو يسرقوها أو يقوموا بجردها من خلال لجان جرد أو موظفي عهدة، مثلما فعلنا بعد يوليو 52 مع مقتنيات الأسرة العلوية التي كانت تحكم مصر حتى تحول الأمر من جرد إلى تجريد لتلك المقتنيات.