الحقوق المدنية للفلسطينيين في لبنان إن هي إلا أضغاث أحلام
2010-07-11
بقلم : د . رائد الحاج *
أربعون عاما ربما .... كانت كافية ليمتحن الله صبر وإيمان سيدنا يعقوب ، ويتوب أبناءه ، وتتجسد نبوة سيدنا يوسف عليه السلام .
وستون عاما وربما ستون عاما أُخر لم تكن ولن تكون كافية لبعض اللبنانيين وكل الحكومات المتعاقبة ليقتنعوا بأن الفلسطينيون لا يريدون التوطين ولا يرضون عن فلسطين بديلا .
ستون عاما من البؤس والحرمان وإنكار الحقوق والاستهداف والكد والجد والبناء والاجتهاد والاشتهاد والخطأ والصواب والتضحية والنضال ..... والصبر والقبول والرفض ..... كلها لا تكفي لتبرئة الفلسطيني من تهمة اللاإنسان .
صمت البرلمان اللبناني دهراً وحين نطق ... نطق كفراً عنصرياً ... صرفاً ونحواً . لأجل فلسطين قالوا ولأجل أهلها ... هاهم هناك ... اسألوهم ؟ ! عن دعمنا ، استنكارنا وشجبنا ... أما الذين بين أضلاعنا فليخرجوا منها – فليرحلوا نشتاقهم – فلينفقوا نبكيهم --- أما إن بقوا يا ويلهم من حقنا في حقهم ومن حقهم في حقنا .
ستون عاما وكفى .... لا بيت لكم عندنا ... لا عمل .... لا أمل . نحن نقدس حقكم في أرضكم ... لكننا بوعينا ورجاحة عقلنا نرى بأنه أجدى لكم ولنا .... أن تهاجروا إلى استراليا وكندا كي تستعيدوا أرضكم .
ولمن يريد الوقوف عند حقيقة وواقع الشعب الفلسطيني في لبنان عليه أن يقرأ جيدا مقال السيدة نايلة التويني في جريدة النهار ، ليعرف كم أضر الفلسطينيون في حركة الاقتصاد والتجارة والبنوك والمصارف والإدارة ، وكم ساهموا في تراجع مستوى الجامعات وكم أضعفوا حركة الصحافة والطباعة والنشر ، وبذلوا عرقهم المشبوه والمُسم في حقلي البناء والزراعة .
ونايلة التويني برغم صغر سنها فهي ملمة بالواقع الفلسطيني في لبنان ، قرأت تاريخ القضية الفلسطينية في كتاب ( أُصول الشعوب ) لأمين الجميل ، ورائعة ( الدوافع القوية لحفظ الهوية ) لبشير الجميل ، وكتاب ( الحكمة ) للحكيم سمير جعجع ، وفلسفة ( اللاعنصرية في تاريخ البشرية ) للثنائي سامي ونديم الجميل ، ولم تتأثر سلبا بجهل وتخلف وضيق أفق كمال جنبلاط والممارسة الطبقية الإقطاعية لمعروف سعد وعنصرية وتقوقع وعصبوية جورج حاوي وقطرية وطائفية ومذهبية رشيد كرامي وسليم الحص . ولم ترى ذلك الإجرام اللبناني الفلسطيني المشترك الذي تجسد اعتداءً وحشيا .... وطنيا ، قوميا ، إسلاميا مسيحيا ضد الاسرائليين على أرض الجنوب . ولم تقف عند حدود ومحدودية فكر وثقافة جوزيف سماحة ، طلال سلمان ، نهلة الشهال وغيرهم وتخطت بوعيها جنون وجنوح وضعف انتماء أسعد أبو خليل وجهاد بزي وغيرهم .
وحتما يزعج نايلة التويني ومن يشاركها الرأي كيف شيد الفلسطينيون وبمشاركة لبنانيين في صبرا وشاتيلا أعمدة الدولة البديلة بأشلائهم وجماجم أطفالهم ونسائهم وأعناقهم المفصولة عن أجسادهم _ وكيف تجرأ الدم الفلسطيني على الرصاص وأدوات القتل الجماعي ليستوطن في تل الزعتر .
وحتما لا يروي عطشها حسن النوايا في نهر البارد ... يا ليتها كلفت نفسها ( بفضول الصحافي ) عناء البحث عن حقيقة ما سمي بفتح الإسلام في نهر البارد ... ويا ليتها لم تحجب شمسها عنا ومَنّت علينا عطفا بزيارة نهر البارد لترى كم نحن لا نشبه الآخرين وكم يعلوا الركام كأشباهه من الفلسطينيين فوق القانون ، رأفة منها بنفسها ، حتى لا تقع في فخ المزايدات الإعلامية التي نعتت بها لبنانيين آخرين ممن لا يشاركونها الرأي .
أتمت نايلة التويني صحوها وصياحها ... وسيجت مفاهيمها للحرية والعدالة والحق والواجب ، كما سُيجَت مخيماتنا بأسلاك شائكة لنتابع فيها محو أُميتنا في دروس السيادة والقانون التي كان قد بدأها المكتب الثاني اللبناني في الخمسينات والستينات قبل أن يتعرف الفلسطينيون على فوضى السلاح ، وليتم إحصاؤنا أرقاما مجردة من الهوية والانتماء حتى يسهل بيعنا في بازارات السياسة .
وأخيرا أقول لنايلة التويني ، أنا شخصيا لا أريد بعضا من حقوقي الإنسانية ( وهي حتما ليست منةً منك ) فأنا تأقلمت مع سجني الكبير داخل المخيم وأنا لا أشبهك ولا أسعى لذلك ، لكني الآن أصيح في الليل والنهار رافضا أفكارك .
- نهر البارد