الجهاد غير الحكومي - هيثم صلاح

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الجهاد غير الحكومي - هيثم صلاح


مقالات رصد

تم الإتفاق على بنود صلح الحديبية بين المسلمين وقريش وبقى أن تسجل المعاهدة في صورة وثيقة و يقتحم المشهد سيدنا أبو جندل الذي كان حاصرا في دار أبيه ... سهيل بن عمرو ممثل قريش في عقد المعاهدة الذي كان جالسا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و يستعد لكتابة نص المعاهدة .

الآن فقط إستطاع أبو جندل الفرار من محبسه و أراد إستغلال وجود الرسول صلى الله عليه و سلم على مشارف مكة للحاق به .

ذكر سهيل بن عمرو الرسول صلى الله عليه و سلم بالبند الذي يوجب على المسلمين رد أبو جندل إلى قريش , جادل أحد الصحابة بأن العهد لم يكتب بعد و لكن الرسول صلى الله عليه و سلم أقر سهيلا على أن الكلمة تكفي عقدا .

أعاد سهيلا إبنه إلى محبسه وسط ذهوله من تصرف المسلمين و صراخه عليهم .

بعد أيام سيعود المسلمون إلى المدينة ليتكرر الموقف ببطل مختلف .

إنه سيدنا أبو بصير الذي تمكن من الهجرة للمدينة و بعد وصوله بوقت قصير لحق به رجلان أرسلتهم قريش خلفه لإستعادته طبقا للعهد و إستعاداه و أثناء فترة راحة بطريق العودة تمكن من خداع أحدهما و إستولى على سيفه و .. قتله , إنطلق الآخر فارا إلى المدينة التي كانت أقرب و وصل في حالة من الرعب علق عليها سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم بأنه رأى الموت ! .

وصل أبو بصير و أخبر الرسول صلى الله عليه و سلم أنه حصل على حريته بنفسه بعد أن وفى الرسول صلى الله عليه و سلم بعهده و إستأذنه في البقاء بالمدينة بينما طالب القريشي الناجي بتسلم أبا بصير , فرفض الرسول صلى الله عليه و سلم الأمرين , فقد أعاد أبا بصير كما يقتضي العهد و إستطاع النجاة بنفسه و لن يسلمه مرة أخرى و لكنه رفض إيواءه كذلك حتى لا يعتبر ذلك إخلالا ببنود الصلح .

إستأذن أبو بصير الرسول صلى الله عليه و سلم في أن يرى أمره أين يذهب دون العودة لقريش فأذن له .

لجأ إلى منطقة جبلية هي العيص على طريق قوافل قريش إلى الشام و لحق به سيدنا أبو جندل بعدما أدرك ان أي محاولة للذهاب للمدينة ستبوء بالفشل في ظل الظروف السياسية الحالية . 

بدأت المجموعة يزداد عدد أفرادها بانضمام فارين جدد حتى وصلت إلى 400 مقاتل قطعوا شريان القوافل تماما عن مكة بمهاجمة أي قافلة تعبر الطريق .

ضج المكيون بالشكوى لدى رسول الله صلى الله عليه و سلم من حرب العصابات تلك و لكنهم تلقوا إجابة مخيبة مفادها أن هؤلاء لا سلطان لحكومة الإسلام عليهم .

كان طلبهم ألا يتدخل الرسول صلى الله عليه و سلم في حالة هاجمت قريش هؤلاء و قضت عليهم فأجيب طلبهم على إعتبار أن

هذه العصابة لم تكن تحت حماية دولة المدينة أصلا .

أرسلت قريشا جيشا للقضاء على جهاد أبي بصير فلجأ إلى الجبال و لم يستطيعوا أن ينالوا منه , عادوا أدراجهم فعاد مسلسل الخسائر للتتابع حتى إتخذوا قرارا مثل ثمرة جهاد أبي بصير , لقد أرسلوا وفدا للنبي صلى الله عليه و سلم يطلب تعديل بنود الإتفاقية بحيث يسمح لمن يأتي من مكة مهاجرا أن يلتحق بدولة المدينة و يصير تحت سلطان النبي صلى الله عليه و سلم و إلى تطورت الظاهرة حتى تقضي عليهم , لقد كانت هذه أول صورة من صور الجهاد غير الحكومي في الإسلام .

و الآن يشهد المسلمون ظروفا مشابهة و فقد أفرزت الثورات العربية لبنات لدول إسلامية و أصبح الإسلاميون يتولون المسئولية في الدول التي نجحت ثوراتها- و أبرزها مصر – فبدأت مرحلة البناء .

و قد ورث الإسلاميون ميراث ثقيل من الإلتزامات الدولية والمشكلات الإقتصادية و الثقافية و الإجتماعية التي لا تجعل الدول الإسلامية مؤهلة لأداء فريضة الجهاد في عالم أبرز ما يميزه الإعتداء على المسلمين .

و في عالم لم تعد الحكومات الفاعل الوحيد فيه و في ظل تواصل الإعتداءات بشكل وحشي و غير أخلاقي , لا يمكن للمسلمين أن يستسلموا لهذه الحملة العالمية من الإعتداءات و القتل المباشر أو بالوكالة التي تمارسها قائمة طويلة من الدول دون عقاب بحجة عدم قدرة الحكومات على المواجهة .

فقد أثبت النموذج السوري و النموذج الليبي قدرة الشعوب على مواجهة الآلة العسكرية و هزيمتها و كونت هاتان الثورتان نخبة من المجاهدين يمكنها أن تقدم الكثير في هذا المجال .

يستلزم عقاب المعتدين حربا سرية يساهم فيها كل من يقدر تستهدف القوات المسلحة , مصانع السلاح التي تستعمل أسلحتها لقتل المسلمين , أجهزة الإستخبارات و الدوائر السياسية التي تعطي الأوامر بقتلنا و سنكون دقيقين للغاية في تحديد الأهداف تحقيقا لقاعدة العين بالعين و يجب أن يكون المدنيين خارج المواجهة . تحتوي قائمة المعتدين على الكيان الصهيوني , روسيا , الصين , بورما , الهند , الولايات المتحدة , إيران هذه الدول الرئيسية في الحرب الوحشية القائمة ضد المسلمين في فلسطين و الشيشان و سوريا و داغستان و تركستان الشرقية و كشمير و بورما و العراق أفغانستان و الأهواز .

و في حين تضطر الظروف الحكومات الإسلامية الناشئة إلى إقامة علاقات رسمية مع حكومات الدول المعتدية فإن عبء رد الإعتداء يقع على العناصر الصالحة لهذا العمل من الشعوب و التي لديها حرية حركة أكثر من الحكومات .

و يجب أن تكون القاعدة الرئيسية في هذا العمل عدم الإضرار بأي حكومة مسلمة أو إحراجها أو إدخالها طرفا في المواجهة بحجة خيانة الجهاد أو أي حجة حمقاء أخرى .

لا تنظيمات معلنة , لا قواعد أو مقرات معروفة , لا تبني للعمليات التي تتم ضد أي هدف . سيعرف أعداؤنا لم يحدث ما يحدث و لن يحتاجوا إلى أن نخبرهم " من " و كيف " ! .

لقد كان بين الإتحاد السوفيتي و الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية كاملة أثناء الحرب الباردة , و بينما يبتسم السياسيون أمام الكاميرات , كان جهازي المخابرات يخوضان حربا وحشية لا هوادة فيها لا يدري أحد عنها شيئا و لا يعترف أي منهما بها .... نحتاج إلى شيء من هذا القبيل .

ستدين الحكومات الإسلامية أي عمل يقع ضد أي دولة تقيم معها علاقات و قد " تتظاهر " بالمساعدة في مقاومة هذه الحملة و بالتأكيد لن توفر أي غطاء .

و مع إستمرار الحملة ستعرف هذه الدول ما عليها فعله كي تتوقف و ستتفاوض مع الحكومات الإسلامية على تعديل شروط العلاقات و تحقيق العدل للمسلمين و حماية حقوقهم .

إذا كان لديك الإمكانيات التي تؤهلك للمشاركة عمليا في هذه الحملة فعليك فعل ذلك بدقة و حذر معتمدا على الله عز و جل فقط دون أن تتوقع حماية من أي دولة و دون أن يشعرك ذلك بأي مرارة .

و إذا لم تكن مؤهلا فالدعم المالي و اللوجيستي يحتاج الكثير من الجهد , المهم أن تتأكد تماما مع من تعمل و لمن تقدم مالك .

إن الإسلام ليس دين الذين يستسلمون للموت على يد الأقوياء لأنهم ضعفاء و لكنه دين الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون .

إن أبا بصير رضي الله عنه لم يعد إلى مكة مستسلما لقدره و الظروف السياسية الصعبة و لكنه أحسن إستغلال قدراته المحدودة و إستطاع تغيير هذه الظروف و علينا إتباع نفس الطريق .

إن الدماء التي تراق و الحقوق التي تغتصب و الأعراض التي تنتهك لن تنتظر دولة الخلافة التي نسعى إليها حتى تنتصر لها و علينا أن نفعل ذلك في حدود المتاح .

و إذا كانت الدماء تراق من أجل مصالح دنيوية و أغراض سياسية دنيئة فإننا نقاتل دائما من أجل حقوقنا و الدفاع عنها .

و إذا كنت تظن أن هذا ضربا من الخيال فاعلم أن مايحدث حولك كان كذلك بالنسبة للكثيرين ! .

إن الجهاد هو أمر ربنا و هو طريقنا لإستعادة حقوقنا , هو باختصار .. سبيلنا .. و أبو بصير هو النموذج .

المصدر