الجزيرة ما بين الإثارة والحقيقة
2011-01-27
بقلم : نايف جفال*
تتصاعد الحملة الإعلامية التي تباشر في بثها قناة الجزيرة الفضائية من قلب دولة قطر تحت مسمى" كشف المستور"، وتتزايد معها الآراء الفلسطينية ما بين مؤيد ومعارض في جدية الوثائق، وترتفع الهمسات والنقاشات المستهجنة والمستنكرة يوم بعد أخر في كل أزقة الشارع الفلسطيني والعربي وكل مهتم بمصير فلسطين وشعبها، همسات خجولة في حين ونقاشات حادة في حينً آخر تثار ما بين أطياف الشعب الفلسطيني، والكل يبحث عن الحقيقة المبهمة التي وصل إليها مصير الحقوق الفلسطينية في داخل الغرف المغلقة للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
فعلى مدار اليومين الماضيين من نشر الوثائق ظهرت أولى الدلالات التي أوجدتها الوثائق على الساحة الفلسطينية وهي ضياع الثقة الفعلية ما بين الممثلين الفلسطينيين والشعب، وذلك يتضح من خلال الهبات الجماهيرية المنددة كما أطلق عليها من قبل الإعلام الرسمي الفلسطيني، فالمسيرات وبكل أسف عكست بالسلب ثقة الشارع الفلسطيني بالمفاوض، فالأعداد التي خرجت أوضحت بأن الشعب الفلسطيني ولحد اللحظة تائه ما بين مقتنع؛ ورافض؛ ومصدوم؛ بجدية هذه الوثائق، في رسالة أساسها إننا كشعب فلسطيني بحاجة الى أدلة وبراهين توضح مدى التزام المفاوض الفلسطيني بالحقوق الفلسطينية المؤتمن عليها من قبل الشعب الفلسطيني، ولهذا الأسباب لم يعلن الشعب رأيه بل يبقى في صمت حذر حتى تنكشف أمام عينيه كل وثائق الجزيرة، صامتاً منتظر بالوقت ذاته، الرد الفلسطيني الرسمي، وهذا ما يوضح بأن الشعب لم يعد يثق بالمفاوض الفلسطيني والسلطة الفلسطينية بأكملها ولهذا لم يخرج لمناصرتهم ولن يخرج إلا عندما تعود الثقة من جديد، وذلك من خلال إيضاح ما يتناقض مع ما تنشره الجزيرة ويثبت ثباتهم على محرمات الشعب الفلسطيني وهي عدم التفريط في حقوقه الوطنية وأساسها القدس والدولة والعودة وتقرير المصير على حدود الرابع من حزيران 67.
وهذا ما يضعنا أمام طريق واحد لتدارك الخطر المتربص بالشعب الفلسطيني وقضيته، وتدارك المصيبة وتحمل المسؤولية من جديد، وذلك من خلال خطوات عمل ايجابية وحدوية تعيد للشعب الفلسطيني هيبته وكرامته وترجع ثقته بحاكميه وأساس ذلك يبدأ:
1. المباشرة في دراسة كامل الوثائق التي نشرت وإخضاع كافة الشخصيات المذكورة بها للمحاسبة المبدئية، وتشكيل لجنة مسائلة أولية تباشر عملها بشكل عاجل قبل انتهاء الجزيرة بنشر ما تبقى بين يديها من وثائق، يلحق ذلك تشكيل لجنة تحقيق مكونة من شخصيات وطنية، حزبية ومستقلة تحت مظلة جامعة الدول العربية تستحوذ على قدرة فعلية في المحاسبة وردع المتهم التي تثبت عليه الأدلة، وذلك كله تحت أنظار الشارع الفلسطيني والعربي، والهدف هنا من إدخال الدول العربية في لجنة التحقيق هو ما تناقله المتهمون بان الدول العربية مطلعة على كامل ما يجري في غرف المفاوضات وهذا يستدعي إيضاح أي تواطؤ عربي إن وجد وإيضاح الحقائق كما هي وتعرية كل المنافقين والكاذبين وبائعي دماء الشهداء.
2. إنهاء الانقسام الفلسطيني المعيب، والعودة للحوار الوطني الفلسطيني الشامل، والخروج بحكومة وحدة وطنية فلسطينية تمثل كافة أطياف الشعب الفلسطيني، تأخذ دورها كحكومة طوارئ تباشر مهمتها في إيجاد التجهيزات الضرورية لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وإعادة هيكلة للبناء الداخلي لمنظمة التحرير الفلسطينية وذلك كله في سقف زمني يتفق عليه ما بين كافة المتحاورين ولا يتعدى أربعة شهور كحد أقصى.
3. الوقف الكامل والتام لكافة أشكال التنسيق والتعاون الأمني والاقتصادي ما بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل وذلك يعني التخلي التام وعدم الانصياع لآي ترتيبات خاصة التي أبرمت ما بين السلطة وإسرائيل في فترة الانقسام.
4. الإفراج الفوري والشامل عن كافة المعتقلين السياسيين في سجون السلطة وحكومة حماس المقالة.
5. وقف الخطوات الاحتجاجية التي تباشر في خلقها جهات لا تود إيضاح الحقيقية للشعب الفلسطيني، وذلك يعني عدم مهاجمة الجزيرة بل ما نحتاجه هو إغناء الحياة الفلسطينية بالمفاهيم الديمقراطية وعدم التعدي على حرية الرأي والتعبير وإفساح المجال أمام وسائل الإعلام ومراكز البحث والتوثيق والدراسة لكي تباشر أعمالها وتبحث في أحقية ما تناقلته قناة الجزيرة، وذلك لما له من فوائد متعددة أساسها إفساح المجال أمام تلك المؤسسات ان تأخذ دورها الوطني، وثانيا التعامل بأشكال قانونية وديمقراطية ووطنية مع هذه القضية لنوضح مدى شفافيتنا (إن وجدت أصلا )وثالثا إقناع الشارع الفلسطيني بالطرق القانونية وإبعاده عن سياسات الابتزاز والتخوين وممارسات العربدة والترهيب التي لا يعلمها الشعب الفلسطيني أصلا.
فالجزيرة تلعب دورا إعلامياً هاماً على مستوى المنطقة العربية، ولهذا لا يكفي التنديد بما تناقلته بقدر ما يهم؛ إيضاح الرؤية ومباشرة التحقيق وعدم الاستخفاف في الدور الإعلامي ككل، فهو من أهم الروافد الحقيقية لحشد الرأي العام العالمي وتجيش الشعوب وخلق البدائل التي تصنع معجزات سياسية.