الجدار العازل كما يراه قاضٍ بمحكمة العدل الدولية

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الجدار العازل كما يراه قاضٍ بمحكمة العدل الدولية

[01-07-2004]

المقدمه

السفير نبيل العربي

السفير نبيل العربي لـ(إخوان أون لاين): الصهاينة سيخسرون قضية الجدار

9 يوليو المقبل صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية

جدار الفصل العنصري الذي يقيمه الصهاينة أشبه بخط بارليف

حوار:هاني محمد

لجأ الصهاينة لبناء جدار الفصل العنصري لعزل الكيان الصهيوني عن الضفة الغربية لتحجيم الهجمات الفلسطينية،وذلك على ثلاث مراحل:الأولى من قرية كفر قاسم،ثم المرحلة الثانية حتى بلدة التياسير على حدود غور الأردن،ثم المرحلة الثالثة حتى مغتصبة (الكتا) في منطقة البحر الميت،ويتغلغل الجدار بين مدن الضفة الغربية والأراضي الزراعية حتى يفصل بين الطفل الفلسطيني ومدرسته،وبين المزارع وحقله،وبين المريض ومستشفاه.

وفي حوارنا مع السفير نبيل العربي- القاضي المصري والعربي الوحيد بمحكمة العدل الدولية في (لاهاي)،التي يُنظر أمامها الآن في قضية الجدار العازل ومدى شرعية بنائه- أكد "العربي" على أن الكيان الصهيوني يخوض معركةً خاسرةً في قضية جدار الفصل العنصري؛ حيث استطاع الفلسطينيون تقديم أدلة وبراهين ومستندات قانونية وتاريخية،تُثبت أحقيتهم في الأراضي التي استولى عليه الصهاينة المغتصبون لبناء جدارهم الأمني، كما يزعمون.. والمزيد من التفاصيل عبر هذا الحوار.


نص الحوار

  • ما المعلومات التي توفرت لديكم عن جدار الفصل العنصري قبل النظر في قانونية وجوده؟ ولماذا تم بناؤه؟ وأين يقع؟ وما حجمه؟
تم بناء هذا الجدار لعزل إسرائيل (الكيان الصهيوني) عن الضفة الغربية؛ لتحجيم الهجمات الفلسطينية على حدِّ زعم الكيان الصهيوني، الذي تزايدت شراسته في تنفيذ الممارسات في صيغة الحواجز الأمنية المتحركة،أو الإغلاق المتكرر،حتى إقامة الجدار العازل،وقد تمَّ البناء على ثلاث مراحل،كل مرحلة لها مواصفاتها الخاصة:المرحلة الأولى تمتد بطول360 كيلومترًا من قرية سالم أقصى شمال الضفة الغربية حتى بلدة (كفر قاسم) جنوبًا وقد نفذت إسرائيل (الكيان الصهيوني) أكثر من 150 كيلو مترًا منها،بلغت تكلفتها أكثر من مليار دولار.
أما المرحلة الثانية فتمتد بطول 45 كيلو مترًا تقريبا من قرية سالم وحتى بلدة التياسير على حدود غور الأردن، فقد تعدَّت إسرائيل (الكيان الصهيوني) مرحلةً كبيرةً منها.
وأما المرحلة الثالثة-التي انتهت وزارة الحرب الصهيونية من إعداد المسار الخاص بها- فتمتد من مغتصبة (الكتا) منطقة البحر الميت داخل أراضي الضفة الغربية، بحيث تبقى معظم المستعمرات غرب الجدار، ويبلغ عرض الجدار من 80 : 100 متر، وبارتفاع 8 أمتار،ومكون من أسلاك شائكة لولبية، وهي أول عائق في الجدار، ثم خندق بعرض أربعة أمتار وعمق خمسة أمتار..
يأتي مباشرةً عقب الأسلاك،ثم شارع مسفلت بعرض 12 مترًا لتنظيم عمليات المراقبة والاستطلاع،يليه شارع مغطًّى بالتراب والرمل الناعم بعرض 4 أمتار؛لكشف آثار المتسللين من عناصر المقاومة،ثم الجدار،وهو أسمنتي يعلوه سياج معدني إلكتروني،بارتفاع أكثر من ثلاثة أمتار مركبة عليه أجهزة إنذار وكاميرات وأضواء كاشفة.


الجدار والاراضى الفلسطينيه

استمرار بناء الجدار العازل
  • ولكن الكيان يزعم أن الجدار على طول الخط الأخضر ولم يمسّ الأراضي الفلسطينية..!!
هذا الجدار العنصري يلتهم الكثير من الأراضي الفلسطينية التي يأمل الفلسطينيون استكمال تحريرها؛بعد أن سبب ماسيَ إنسانيةً ومزيدًا من المعاناة الفلسطينية؛ حيث ضم أكثر من 10% من الأراضي الفلسطينية الأكثر خصوبةً وغنًى بالمياه في الضفة الغربية من خلال هذا العمل؛ حيث بلغت مساحة الأراضي الفلسطينية المصادَرة والأراضي المجرَّفة- خدمةً لهذا الجدار- حوالي 187 ألف (دونم)، معظمها في محافظتي جنين والقدس، كما تم تهجير أكثر من 1400 أسرة،إضافة إلى حصار عدد من القرى والبلدان الفلسطينية بمحاذاة الجدار والخط الأخضر.. هل تتصور أنه في إحدى المناطق تم تغيير المسار؛ نتيجة ضغوط مارسها سكان التجمع الاغتصابي الصهيوني (مثان)؟!
حيث طالبوا بالفصل بين مدينة قلقيلية وقرية (حبلة) الواقعة بالقرب منها،هادفين بذلك إلى الحفاظ على جودة حياتهم ورفاهيتهم في مناطق أخرى،تقرر نقل مسلك الجدار شمالاً؛من أجل الحفاظ على المواقع الأثرية..
أما منطقة بيت لحم فقد قررت الحكومة الصهيونية إقامة الجدار وسط المدينة؛من أجل ضمان حرية وصول المصلين اليهود إلى قبر "راحيل".
  • بعض الأطياف الصهيونية السياسية أشارت إلى أن الجدار يمكن إزالته في أي وقت،وإقامته بشكل مؤقت؛ حتى قيام السلام بين الفلسطينييين الصهاينة..!!
الهدف الذي يسعى إليه صُنَّاع القرار الصهيوني- حينما حددوا خط سير طريق الجدار- هو امتلاك الأراضي،وتدمير الخط الأخضر،ويبدو من طريقة بناء الجدار أنه أقيم ليبقى جدارًا دائمًا،وليس حاجزًا مؤقتًا،فهو أشبه بخط بارليف، فالجدار كبير جدًّا ومكلِّف جدًّا،وهذا ما يجعل فكرة أن يكون مؤقتًا غير واردة،وقد كتب دورى جولد- كبير مستشاري شارون في الفترة الأخيرة- أن الجدار الفاصل سيتطور مع الوقت كي يصبح سورًا سياسيًّا دائمًا.
في اعتقادي إن الصهاينة سيعتبرونهم جاليةً فلسطينيةً تسكن الكيان،وسيكون الدخول إليهم وِفْق تصاريح لتلك المعابر،وطالما أن الكيان يسيطر على تلك البوابات فإن الجدار لن يفتح أمامهم،وذلك سيجعل الكيان يستغل الجوانب الأمنية للقيام بعملة طرد وترحيل إلى الجانب الفلسطيني في الضفة، ولقد قرأت بعض التقارير التي توضح انعكاسات الجدار على النواحي الاقتصادية،فبلدة جيوش- على سبيل المثال- يسكنها 2800 شخص قطعت 2150 فدانًا من أراضيها الزراعية التي تشكِّل ثلث أراضيها المزروعة؛ لأن الجنود الصهاينة رفضوا فتح البوابة لمدة عشرة أيام، فالكيان يريد أن يبني جدارًا ويكون المفتاح في جيبه.


قضية الجدار

  • ما التكييف القانوني لقضية الجدار؟! وما مدى رجاحة كفة الكيان في تلك القضية؟!
أؤكد أن الكيان يخوض معركةً خاسرةً في قضية الجدار الفاصل؛لأنه لا يستطيع البناء على أرض الغير، وهو ينتهك بشكل صارخ القوانين والمواثيق الدولية والاتفاقات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني، والسلطة الفلسطينية قدمت أكثر من130 صفحةً ومستندًا من الأوراق والوثائق إلى محكمة العدل الدولية،ونحن نركز على أن الكيان الصهيوني تخطَّى القانون الدولي ببنائه ذلك الجدار.
  • الموقف الأمريكي معروف بمناصرته للكيان الصهيوني حتى في بناء الجدار، ولكن بِمَ تفسر الموقف الأوروبي؟!
لقد أدان الاتحاد الأوروبي بناء الجدار العنصري،وقال وزير إيرلندا لشئون أوروبا (ديك روش)- الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي- إن بناء الجدار الذي يمتد في عمق الأراضي الفلسطينية هو عائقٌ كبير أمام التقدم والسلام في المنطقة،وأضاف أن الكيان متصلبٌ في هذ المسألة، لكن الاتحاد الأوروبي في الوقت نفسه معارضٌ لرفع قضية الجدار أمام محكمة العدل الدولية؛ على اعتبار أن المحكمة لا تنظر في النزاع بين الدول إلا بعد موافقة أطراف النزاع،وهناك دول تخشى من استخدام آخرين لهذه الآلية.
  • إذا رجعنا إلى الشق القانوني مرةً أخرى فإلى أي مدًى وصلت قضية الجدار العنصري؟!
سيحسم هذا الأمر يوم 9 يوليو القادم،وسينتهي إلى آراء استشارية كانت قد طلبتها الجمعية العامة للأمم المتحدة،بخصوص قانونيةِ بناءِ هذا الجدار،وسيتم تنفيذ الأحكام عبر مجلس الأمن-السلطة التنفيذية لمحكمة العدل الدولية.
  • ما الدوافع التي تستند إليها لجنة الدفاع العربية عن هذه القضية؟!
أعتقد أن أغلبها أدلة وبراهين تاريخية ودولية، تُثبت عدم شرعية الكيان فيما أَقدم عليه،بدايةً بالقرار الخاص بالتقسيم رقم 181 لسنة 1948م،ومرورًا بكلٍّ من القرارات 242 واتفاقات أسلو وكامب ديفيد وشرم الشيخ.
  • لقد طالبَتْ بعضُ الأصوات الصهيونية بتنحِّيك عن نظر القضية؛باعتبارك عربيًّا،وقد تؤثر على سير القضية..؟!
هذا رأيٌ خاطئ؛لأنني لست وحدي الذي أنظر القضية،بل معي 14 قاضيًا،إضافةً إلى أن النظام واتخاذ الإجراءات والقرارات القضائية في المحكمة يتَّسِم بقدرٍ كبيرٍ من السرية،ولا يُسمح لأي عضو بأن يؤثر في باقي هيئة التحكيم في المحكمة، فما يثار اتهامات صهيونية باطلة.
  • هل ترى أن الكيان سيستجيب لأحكام محكمة العدل الدولية في حال صدور قرار بهدم الصور الأمني للكيان الصهيوني؟!
الكيان تعيش ورطةً حقيقيةً تجاه تعاملها مع هذه الأزمنة،فاقترح بعضُ القانونيين الصهاينة رفض سلطة محكمة العدل الدولية في تدويل القضية دون التطرق لمسائل أساسية،وأعتقد أن مبررات الكيان في هذه القضية ستكون واهيةً؛ فهي معرضةٌ لفرض عقوبات عليها لأول مرة في حالة إدانتها أمام المحكمة الدولية في (لاهاي).


محكمة العدل الدوليه

  • ما الهيكل الذي تتكون منه محكمة العدل الدولية وعدد وأبرز الأحكام التي صدرت منها؟
المحكمة مكونة من 15 قاضيًا دوليًّا،يمثلون كل الأقاليم الدولية في العالم،يتم تعينيهم من قِبَل مجلس الأمن،والمحكمة أصدرت إلى الآن منذ إنشائها 77 حكمًا،جميعها تم تنفيذها،آخرها كان في 6 نوفمبر الماضي، كما أصدرت المحكمة حتى الآن 24 رأيًا استشاريًّا طلبته الأمم المتحدة.
  • ما القضايا المصرية الملحَّة التي يمكن طرحُها على المحكمة حاليًا؟
بالتأكيد هناك قضايا مصرية ملحَّة يجب طرحها أمام محكمة العدل الدولية،كقضية الألغام في الصحراء الغربية وسيناء،والمجال مفتوح أمام مصر لإقامة قضية بهذا الخصوص،ولكنَّ هذا يتطلَّب إعداد ملف كامل عن أبعاد هذه القضية،وأن يكون لدى الأطراف الأخرى-التي شاركت في مأساة الألغام- الاستعداد للجوء إلى المحكمة الدولية،وأعتقد أن فرصة مصر كبيرةٌ في كسب هذه القضية.
  • كيف يتم التوصل إلى الأحكام النهائية للمحكمة؟
القسم القانوني في المحكمة يقدم كل ما كُتب عن القضية،وبعد ذلك يتم الدخول في المرحلة الشفوية ويتم فيها عرض الأسئلة الشفوية على ممثلي الدولتين المتنازعتين،وقبل بدء المداولة يحدد رئيس المحكمة مع القسم القانوني المسألةَ الرئيسية للقضية بعد كتابة الآراء ليتعرَّف القُضاة على آراء بعضهم البعض فطرح الآراء حول القضية يتَّسم بالسرِّية الكاملة،وكل قضية تستغرق 3 أيام (مدة المداولة)،وفي بداية المداولة يسرد القاضي الأحداث وبعد ذلك يحدث تصويت سري حول القضية المطروحة،ويأتي الإعلان النهائي للحكم.

المصدر