التهيئة النفسية أولى احتياجات طالب "أولى" جامعة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
التهيئة النفسية أولى احتياجات طالب "أولى" جامعة
23-08-2005]


مقدمة

طلاب بإحدى الكليات

- د. آمال كمال تطالب بأخصائي نفسي يُجري حواراتٍ مع الطلبة ليوفر لهم التأقلم

- د. سعيد عبد العظيم يقترح تأهيل الطالب في المرحلة الثانوية

- د. محمد لطفي: المجتمع بكل فئاته مسئول عن تهيئة طالب المرحلة الثانوية

من الثانوية إلى الكلية نقلةٌ كبرى في عمقها من الأيام التي تفصل المرحلتين عن بعضهما البعض، وكثير من الشباب من يفطن إلى طبيعة الفرق بين المرحلتين؛ مما يجعله قلقًا كثير التساؤل والاستفهام عن خصوصيات المرحلة القادمة، سواءٌ طريقة الاستذكار المناسِبة لأسلوب الدراسة المختلف بالجامعة، أو عن الصداقات الجديدة والتعامل مع مجتمع الجامعة؛ حيث الاختلاط بين الجنسين، وهو ما لم يكن مألوفًا لديه من قبل، أو عن كيفية التصرف إزاء أجواء الحرية الموجودة في الجامعة والمتاحة، ربما بصورة أكبر مما هو متاح، ليس في المحيط المدرسي فحسب وإنما في ثقافة المجتمع ككل، وحتى يعبُرَ شبابُنا هذه المرحلة الانتقالية في حياته بسلام نتساءل: هل يكونون بحاجة إلى تهيئة نفسية تجعلهم أكثر قدرةً على تفهم الوضع الجديد الذي هم مقبلون عليه؟ ومن يكون المسئول عن تلك التهيئة؟

مخاوف من الاختلاط

لا يُخفي أحمد موسى- طالب جديد بكلية الهندسة- مخاوفَه من المرحلة التي هو مقبل عليها، فيقول: إن أكثر ما أخشاه هو معاملتي مع الزميلات؛ لأنني لم أتعامل معهن من قبل، فقد كنت في مدرسة غير مشتركة، لكنني لا أشعر بالخوف من الكلية وطبيعتها من ناحية الدراسة؛ لأنني أذاكر بجدٍّ، وسألت بعض أصدقائي عن طريقة المذاكرة الجيدة وكيف أتفوَّق في الكلية فوصفوا لي روشتة جيدة أتمنى أن أسير عليها لأصل إلى التفوق الذي أنشده.

مشاعر متناقضة

الفرحة الممزوجة بالخوف كان هو انطباع شيماء محمد- الطالبة بالفرقة الأولى بكلية الخدمة الاجتماعية- عندما ذهبت لتفقُّد الكلية التي ستضمها خلال أيام، فتقول: أشعر أن المرحلة الثانوية مختلفة تمام الاختلاف عن المرحلة الجامعية، وأظن أن أكبر ميزة هي تمتعي بالحرية، فسأذاكر دروسي بقراري أنا وليس بناءً على أوامر من أسرتي، ولن أجد من يقول لي ذاكري، ورغم ذلك فإنني أشعر بشعورين متناقضين هما: الخوف الشديد لأنني لا أعلم شيئًا عن هذه المرحلة وطبيعتها ولم أجد في الكلية من يجيب عن أسئلتي أو يرشدني إلى ما يجب أن أفعله، وبالذات في السنة الأولي؛ لأنها في نظري من أصعب السنين التي تقابل الإنسان في الجامعة، وشعور بالسعادة لأنني أصبحت طالبةً بالجامعة، وأعتقد أن تفكيري سيختلف عما سبق.

الخوف من المجهول

وكان الخوف من صعوبة الدراسة هو مبعث خوف إيمان سيد- الطالبة بكلية دار العلوم- فتقول: شعرت برهبةٍ كبيرة عندما جاء الخبر بأنني التحقت بهذه الكلية، فالكل يقول إنها صعبة جدًّا، ولا أعلم حتى الآن ماذا سأفعل.. هل أنتقل من هذه الكلية إلى كلية أخرى أقل صعوبةً منها؟! وقد ذهبت إلى الكلية وقلبي ينبض بشدة، ولم أقابل أحدًا من المسئولين، ولكنني قابلت بعض الأفراد، ومنهم من مدحها لي، ومنهم من ذمَّها، ومنهم من قال لي إنها تحتاج إلى مذاكرة وجهد كبير.

مصعب عامر- طالب بكلية الهندسة بإحدى الجامعات الخاصة- يقول: خرجت من كابوس فظيع والحمد لله، والتحقت بكلية الهندسة، ولكن قبل التحاقي بكلية الهندسة ذهبت لنقابة المهندسين، وسألت عن كليات الهندسة المعتمدة عندهم، فدلّوني على أفضلها، وأخذني والدي إلى الكلية فاستقبلتني أستاذة بالكلية شرحت لي مواد الكلية والتخصصات الموجودة، وكنت أسألها وهي تجيب عن كل أسئلتي، وظلت تحدثني عن كل شيء في الكلية لأكثر من نصف الساعة.

تائه.. ولا دليل!

أما الطالب محمد سعد- بطب أسنان- فيقول عندما حصلت على المجموع الذي أريد شعرت بسعادة كبيرة جدًّا؛ لأن المرحلة الثانوية مرحلة تحمُّل المسئولية وتحديد مصير الإنسان؛ ولذلك فقد كنت تحت ضغط نفسي كبير، أعتقد أنني خرجت منه بعدما التحقت بالكلية، ولكن لا أخفي عليكم رهبتي وخوفي من المرحلة الجديدة التي التحقتُ بها، وقد ذهبت لأول مرة إلى كليتي الجديدة كي أستطلع الموقف ووجدت نفسي تائهًا لا أجد من يرشدني إلى ما ينبغي أن أفعله؛ ولذلك عدت حزينًا إلى بيتي.

ويقول الطالب مصطفى محمود- بكلية الصيدلة-: شعرت بسعادة كبيرة بعدما خرجت من هذا الكابوس- يقصد الثانوية العامة- ورغم هذا أشعر بالرهبة والخوف؛ لأنني مقبلٌ على مرحلة جديدة في حياتي أسمع من بعض أصدقائي أحاديث وأقوالاً عن الجامعة لا أعلم صدقَها من كذبها، فبعضهم يقول إنك ستواجه بعض الشدائد والعقبات داخل الجامعة ربما تفوق الثانوية العامة، وبصراحة خِفت من هذا الأمر؛ لأنني حريص على التفوق، وعندما زرت الكلية لأول مرت شعرت بحيرة، فكنت مثل التائه الذي لا يجد من يرشده وكنت أتمنى أن أجد من ينقل لي خبرتَه السابقة لنتعلم من زملائنا الأكبر سنًّا في الكلية.

تهيئة نفسية

تفكير وقلق

توجَّهنا بهذا الكم من الأسئلة الحائرة التي تشغل بال هؤلاء الطلاب إلى الخبراء والمختصصين عن تهيئة طالب الثانوية للمرحلة الجامعية، فقالت الدكتورة آمال كمال- الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية-: أعتقد أن أهم شيء هو أن نشرح له أنه أصبح في مجتمع وحياة جديدة، فالجامعة مختلفة عن المدرسة حتى في طريقة المذاكرة، وخاصةً الطلاب الذين كانوا في مدارس غير مشتركة، فهم يحتاجون إلى تأقلم مع المجتمع الجديد بالنسبة لهم، وخاصةً بالنسبة للتعامل مع الجنس الآخر، فبعض الطلبة يعتقد أن الجامعة عبارةٌ عن تحرر وخروج عن المألوف، ويترك المذاكرة وينظر إلى هذه الحياة على أنها عبث ولهو وعلاقات مع الجنس الآخر؛ ولذلك يجب أن يثار حوار بين الآباء والأبناء؛ حتى يتسنى للآباء الوقوف على المشاكل التي يقابلها الأبناء في حياتهم الجامعية الجديدة.

ومن الضروري أن يكون في كل كلية أخصائي نفسي يُجري حواراتٍ مع الطلبة؛ حتى يوفر للطالب التأقلم والتكيف النقي، وخاصةً مع النظام الجديد وطبيعة العلاقة بين الطالب وزملائه الجدد وأساتذته، ولعدم وجود هذا المشرف يظل التجريب والخطأ هما اللذين يرسمان شكل العلاقة النفسية للطالب مع عالمه الجديد؛ ولذلك نلاحظ تعثر الكثير من الطلاب وخاصةً في الكليات التي تختلف طريقة المذاكرة فيها عن المذاكرة في المرحلة الثانوية مثل: كليات الهندسة والطب والصيدلة.

وتضيف الدكتورة آمال: لعل أسباب الفشل الرئيسة في الجامعة سببها أن الطالب لم يفهم مجتمع الجامعة الجديد، ولأنه لم يجد من يسترشد بهم للتعرف على طبيعة هذا المجتمع وطبيعة الدراسة فيه.

التأهيل من الثانوية

جامعة القاهرة

ويقرُّ الدكتور سعيد عبد العظيم- أستاذ طب النفس بجامعة القاهرة- بغياب التهيئة المطلوبة لانتقال الطالب من الثانوية إلى الكلية، فيقول: واقعيًّا لا توجد تهيئةٌ نفسيةٌ لطالب الثانوي عند التحاقه بالجامعة لأسباب كثيرة، منها: قصر المدة بين إنهاء الثانوية العامة وبداية الجامعة، فهي أسابيع قليلة غير كافية؛ ولذلك يلجا الطالب إلى خوض التجربة بنفسه أمام ظروف جديدة لا يعلم عنها شيئًا؛ ولذلك فقد ينجح وكثيرًا ما يخفق؛ لأن هذه الظروف الجديدة غير متوافقة مع عاداته وطباعه، فيجد مجتمعًا جديدًا، ويواجه صعوباتٍ قد تكون اجتماعيةً، مثل الاختلاط، ودراسية، مثل استخدام بعض الكليات لغة أجنبية في التعليم.

وقد تكون الغربة مشكلةً أيضًا، فبعض الطلبة يغترب عن أهله وينتقل إلى مدينة جديدة ليدرس في الجامعة، فمثلاً نجد بعض الشباب يذهب من القاهرة إلى أسيوط أو العكس، وبعض الكليات تعمل على إبراز شخصية الطالب أكثر من المرحلة الثانوية عن طريق المناظرات، وحتى الامتحانات وطبيعتها تختلف، فمنها الشفوي والعملي؛ ولذلك نجد بعض الطلبة يفشل رغم حصوله على مجموع كبير في الثانوية العامة؛ ولذلك أقترح أن يتم تأهيل الطالب في المرحلة الثانوية- وخاصةً في السنة الأخيرة منها- لتكون مشابهةً للجامعة في تطبيق الامتحانات العملية والشفوية.. أعلم أن ذلك من الصعوبة بمكان؛ نظرًا لكثرة العدد وفي ظل الانشغال بتحصيل الدرجات ليدخل الكلية التي يريدها، ولكن يجب التفكير في تجديد هذه المرحلة ليكون هناك الانتقال الطبيعي بين المرحلة الثانوية والمرحلة الجامعية.

دور الإعلام

أما الدكتور محمد لطفي جاد- الأستاذ بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة- فيقول: إن المجتمع بكل فئاته مسئول عن تهيئة طالب المرحلة الثانوية ليجتاز مرحلة الجامعة بيسر وسهولة، ويكون متفوقًا ومحبًّا لدراسته ولديه الرغبة في الابتكار وخدمة نفسه ومجتمعه الذي يعيش فيه، وهنا أذكِّر بدور الإعلام وأهميته في ذلك، والأسرة والبيئة المحيطة بطالب هذه المرحلة.

وهناك مشكلة خاصة بالتهيئة الصحيحة سببها الأسرة؛ حيث إن الأسرة تطلب من الطالب المتفوق الالتحاق بالطب أو الهندسة ولا ترضى بغير ذلك بديلاً، ويتفوق الطالب ولا رغبةَ له في هذه أو تلك، وإنما له رغبة في السياحة أو الإعلام أو الاقتصاد أو التربية مثلاً، فتضغط الأسرة بكل ما تملك من وسائل، ويدخل ابننا الغالي الكلية التي يرغب فيها الآباء ويرسب ولا يتفوق، ثم تحزن الأسرة بعد ذلك وتندم، وتقول: هذا ما جنيناه على ابننا ولم يجنِ عليه أحدٌ غيرنا..!!

المصدر