التفاصيل الكاملة لجلسة استئناف د. أبو الفتوح
كتب- خالد عفيفي:
في جلسة عاصفة، توقَّع معظم الحاضرين فيها أن قرار هيئة المحكمة سوف يكون بالإفراج الوجوبي عن د. عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد والأمين العام لاتحاد الأطباء العرب؛ إلا أن القرار جاء صادمًا، خاصةً بعد الدفوع التي قدمتها هيئة الدفاع، والتي توجب إخلاء سبيله من سراي المحكمة.
ومنذ اللحظة الأولى لبدء الجلسة انفرجت أسارير هيئة الدفاع والحاضرين داخل القاعة، بعد أن أمر المستشار عبد الله أبو هاشم رئيس المحكمة رجالَ الأمن بالسماح للصحفيين والمصوِّرين بدخول القاعة ومتابعة الجلسة.
وبدا أبو هاشم مهتمًّا للغاية بحالة د. أبو الفتوح، عندما ألحَّ عليه في السؤال: "إنت مرتاح يا دكتور؟ صحتك عاملة إيه؟!"؛ الأمر الذي تضاعفت معه الآمال المعلَّقة على القاضي للإفراج عنه، ونظرًا لضخامة هيئة الدفاع طلب رئيس المحكمة منهم الاختصار في مرافعاتهم؛ الأمر الذي استجابوا له، فقال مختار نوح محامي اتحاد الأطباء العرب إن كل مرافعة لن تستغرق أكثر من 3 دقائق.
ووسط ترقُّب الجميع وانتباههم بدأت الجلسة بدفاع الفقيه الدستوري د. يحيى الجمل، الذي بدأ بهجوم كاسح على أجهزة الأمن، وقال: "د. أبو الفتوح قيمة عظيمة وغير متكررة من قيم الاعتدال والاتزان، ويبدو أن هناك أجهزةً في الدولة تريد أن تضرب الاعتدال والوسطية وتُمكِّن التطرف".
وواصل الفقيه الدستوري الكبير حديثه، مندِّدًا باستمرار حبس د. أبو الفتوح، قائلاً: "رجل على قمة تنظيم عربي رسمي معترَف به، وجزء من كيان الجامعة العربية؛ يُحبس لأن كل ذنبه أنه عندما وقع العدوان الصهيوني على غزة هبَّ لمساعدة الفلسطينيين بمساعدات فرضَها عليه تكوينُه الفكري ومقتضيات عمله؟!"، مشددًا على أن د. أبو الفتوح يستحق أن يكون على قمة الأحرار في هذا البلد.
وأشاد د. عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة بكتابات د. أبو الفتوح، التي تؤكد أن الوسيلة الوحيدة للتغيير في مصر هي الديمقراطية والتعددية الحزبية والانتخابات الحرة النزيهة.
وأضاف أن د. أبو الفتوح يتمتَّع بالحصانة الدبلوماسية التي تعطيها جامعة الدول العربية لأجهزتها وهيئاتها المختلفة، ومنها اتحاد الأطباء العرب، مشددًا على أن الحبس الاحتياطي يعدُّ إجراءً استثنائيًّا، لا يجب أن يكون حالة دائمة.
وبدأ د. علي الغتيت أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة دفاعه برفض استمرار حبس د. أبو الفتوح لمجرد قيامه بعمل إغاثي يخدم فيه الملايين من أبناء الأمة، مؤكدًا أن أبو الفتوح مكانه الحقيقي في مكتبه ليواصل عمله في خدمة الجماهير.
وتساءل د. الغتيت- وعلامات الدهشة تعلو وجهه!!-: "كيف برجل في قيمة ودور أبو الفتوح يُحبَس بدون تحقيقات أو تهم منسوبة إليه بالمعنى القضائي؟!"، مستشهدًا بقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "الحق لا يُعرف برجاله، ولكن اذهبوا للحق تجدوا رجاله عنده".
وشنَّ د. صلاح صادق أستاذ القانون الدولي بجامعة الزقازيق هجومًا حادًّا على نيابة أمن الدولة العليا، معربًا عن صدمته من القضية برمَّتها ووصفها بـ"المصطنعة صناعة رديئة" بناءً على مذكرة التحريات، التي صعَّدت الصورة بخط درامي ووهمي؛ بدءًا من قيادة تنظيم، واتصال بعملاء، وتوزيع أدوار، وجمع أموال.
وفنَّد د. صادق عددًا من الاتهامات الموجَّهة إلى أبو الفتوح، متسائلاً في كل منها: "أقول إن من يفعل ذلك ليس أبو الفتوح، ولكنه علامات استفهام"، موجهًا اتهاماتٍ صارخةً لجهات أمنية وتنفيذية معينة لم يسمِّها.
وأضاف أن د. أبو الفتوح لم يعطِّل- بأعماله الإغاثية التي شرَّفت مصر- أحكامَ الدستور، ولم ينتهك سيادةَ القانون، ولم يضرَّ بتحقيق العدالة الاجتماعية في مجتمع دفعه النظام إلى وصول 80% منه إلى خط الفقر، مستنكرًا عدم تنفيذ الحكومة عددًا من أحكام القضاء، ضاربًا المثل بالأحكام التي حصلت عليها جريدة "الشعب" وقافلة إغاثة غزة.
وواصل هجومه على نيابة أمن الدولة العليا، مؤكدًا أن ممارساتها نأت بها عن النظام القضائي؛ لأنها سحقت حقوق الدفاع إلى الدرجة التي امتنع فيها المتهم عن الإجابة عن أية تساؤلات، فضلاً عن اتهامها بالعمل لحساب وزارة الداخلية وجهاز مباحث أمن الدولة.
وهنا استشاط وكيل النيابة غضبًا، وطلب من هيئة المحكمة ترك الفرصة له للتعقيب على حديث د. صادق، ولكنَّ صمتَ وكيل النيابة طوال الجلسة وعدم تفوُّهه بكلمة واحدة؛ أثار سخرية هيئة الدفاع، التي أكدت أنه لا يملك شيئًا يقوله ولا يستطيع الرد على مرافعات الدفاع.
وبالنسبة للاتهامات التي وجَّهتها النيابة لأبو الفتوح حول انضمامه لجماعة "محظورة"، أكد د. صادق أن انتماءه لجماعة الإخوان ينفصل كليًّا عن عمله الإغاثي والمهني في اتحاد الأطباء العرب.
ودفع مختار نوح محامي اتحاد الأطباء العرب بسقوط أمر الحبس الاحتياطي وفق المادة 167 من قانون الإجراءات الجنائية؛ لمرور أكثر من 48 ساعة دون الفصل في الاستئناف على قرار الحبس.
ودفع أيضًا ببطلان الحبس الاحتياطي لعدم انقضاء الأسباب التي توجب بقاء المتهم رهن الحبس، وفقًا للمادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية، مطالبًا بإعمال أحكام القضاء على إجراءات النيابة؛ بأنها أعرضت عن التدابير التي ألزمها بها القانون، مثل إلزام المتهم بعدم مبارحة منزله.
كما دفع ببطلان أمر الضبط؛ لتمتُّع المحبوس احتياطيًّا بالحصانة الدبلوماسية، وفقًا للمادة 14 من ميثاق جامعة الدول العربية.
وفي مرافعة تاريخية جذبت أنظار الحاضرين وأسماعهم، طالب ناصر الحافي عضو هيئة الدفاع رئيسَ المحكمة بعدم مخالفة الآية الكريمة: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدِل﴾ (النساء: من 58)، والتي وضعها الله دستورًا للحكم لا يتبدَّل ولا يتغيَّر.
وأضاف أن الظلم في هذه الدعوى قد بلغ مداه، وينضح من كل كلمة وسطر وعبارة في مذكرة التحريات؛ حيث يشوبها جميع وجوه البطلان، بدءًا من إلقاء القبض عليه، ومرورًا بحبسه احتياطيًّا واستمرار التجديد له، موجهًا حديثه لرئيس المحكمة، ومرددًا الآية الكريمة: ﴿وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ (هود: من الآية 113).
وسرد عددًا من المخالفات التي وقعت فيها القضية، مشيرًا إلى بطلان إجراءات القبض على د. أبو الفتوح وإجراءات حبسه، وفقًا للمادة 167 من قانون الإجراءات الجنائية التي تُوجب الإفراج بعد مرور أكثر من 48 ساعة لم يتم خلالها الفصل في استئناف قرار الحبس.
ودفع بمخالفة القبض على أبو الفتوح للمادة 14 من ميثاق جامعة الدول العربية، والذي يلزم مصر بالأخذ به باعتبارها موقعةً عليه، وذلك وفقًا لنص المادة 151 من الدستور، التي تؤكد أن جميع الاتفاقات والمعاهدات التي وقَّعت عليها مصر تعدُّ جزءًا من القوانين المصرية.
وواصل دفوعه بأن قرار تجديد الحبس الاحتياطي مخالف للمادة 206 "مكرر" من قانون الإجراءات الجنائية، التي أوجبت أن يكون صاحب قرار تجديد الحبس على درجة رئيس نيابة على الأقل، والثابت من محاضر النيابة أن من جدَّد الحبس هو وكيل النيابة!.
ودفع الحافي بمخالفة قرار الحبس للمادة 136 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجنائية، التي قالت إن قرار الحبس يجب أن يكون مسببًا؛ كأن يُخشى على المحبوس من تهديده للنظام العام، في حال كونه طليقًا.
وتحدَّى محمد طوسون عضو مجلس نقابة المحامين النيابةَ أن تقدم دليلاً واحدًا على إدانة د. أبو الفتوح أو ارتكابه أية جريمة، مشددًا على أن الحكومة تسعى لهدم مبدأ الفصل بين السلطات، وفرض سيطرتها على السلطة القضائية.
وبعد انتهاء المرافعات أكمل رئيس المحكمة نظرَ عدد من القضايا، رفعَ بعدها الجلسة، وأجَّل الحكم للمداولة، فيما لم يخرج للنطق بالحكم في قاعة المحكمة؛ حيث استدعى بعض أعضاء هيئة الدفاع إلى قاعة المداولة، ثم خرجوا بعد دقائق ليعلنوا أن هيئة المحكمة رفضت الاستئناف وأيَّدت قرار الحبس!!.
المصدر
- خبر: التفاصيل الكاملة لجلسة استئناف د. أبو الفتوح موقع اخوان اون لاين