البرنامج الانتخابي لمرشحي الجماعة الإسلامية في لبنان- دورة 2009م

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
البرنامج الانتخابي لمرشحي الجماعة الإسلامية في لبنان- دورة 2009م
الجماعه الاسلامية واعدوا.jpg

بسم الله الرحمن الرحيم

مواطنينا الأعزّاء..

تشارك الجماعة الإسلاميّة في الانتخابات النيابيّة للعام 2009م من منطلق حرصها على أن تساهم في إصلاح الحياة السياسية في لبنان، والارتقاء بمستوى التمثيل النيابي والعملية الانتخابية عمومًا، من مستوى الصراع الشخصي والطائفي وتزاحم مواقع النفوذ، إلى مستوى طرح البرامج الإصلاحية، وتضافر جهود أصحاب الكفاءات في خدمة مواطنيهم ومجتمعهم؛ حتى يكون الاختيار للأكفاء علمًا والأرفع ثقافةً وأخلاقًا.

صحيح أنّ الحياة السياسية في لبنان محكومة بسقف يحد من تطلُّعات المواطنين نحو الإصلاح المنشود؛ لكن كثافة الإقبال على الاقتراع ستكون كفيلة بدفع الأكفاء المؤهلين، الملتزمين عقائديًّا وسلوكيًّا وفكريًّا إلى مواقع التّمثيل، على الرغم من كل ما يعتري العملية الانتخابية من شوائب، وما رافق صياغة قانون الانتخاب والتقسيمات التي تمت بموجبه من أغراض حزبية وطائفية وسياسية، تمثل تراجعًا كبيرًا في التشريع والتطبيق.

والجماعة الإسلامية، إيمانًا منها بضرورة المشاركة في الحياة السياسية والانتخابات النيابية، كوسيلة أساسية من وسائل الإصلاح السياسي، ترى أنَّ تفعيل دور الشرائح المؤمنة والملتزمة بالقيم في هذا البلد هو الكفيل بأن يكون لها دور فاعل في تصحيح المسار وتنقية الحياة السياسية مما فيها من شوائب.

قد لا نستطيع تحقيق كلِّ آمالنا وطموحاتنا، ونعترف بأن أمامنا عقبات كبيرة ومعوِّقات كثيرة... لكن واجبنا أن نحاول، وأن نستفرغ الجهد في دفع المؤمنين من ذوي الكفاءات العلمية والأخلاقية إلى مواقع القرار، وأن نسددهم ونساندهم من أجل تحقيق الإصلاح المنشود.

وإنّ مشروع الإصلاح الذي نقدمه إلى جميع اللبنانيين، يدعوهم إلى الإسهام في بناء الدولة العادلة، في بلد حر ومستقل وموحَّد، عربي الهوية والانتماء، يقوم على احترام الحريات العامة، وفي مقدمتها حرية المعتقد والفكر والرأي، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات، دون تمييز أو امتياز، ويؤمن بأن علاج الطائفية التي هي علة العلل في هذا البلد لا يكون إلا بالتَّديُّن الصحيح، وبالعودة إلى القيم السامية لرسالة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والسيد المسيح عليه السلام.

مشروع الإصلاح:

يستنفر مشروع الإصلاح الأمة بكل قواها الحية، لحشدها في المواجهة مع العدو الصهيوني، ومن خلال رفض مشاريع التطبيع والتبعيَّة.

ويدعو إلى اعتماد سياسة دفاعيَّة متماسكة، تجمع بين دور الجيش والأجهزة الأمنية في الدفاع عن السيادة والاستقلال، وبين وجود المقاومة الوطنية الشاملة التي تؤازر الجيش وتدعمه.

ويدعو أيضًا إلى تأمين مستلزمات الصمود الاقتصادي والاجتماعي والإنمائي في كافة المناطق اللبنانية من خلال محاربة الفساد والترهُّل في الإدارة، والعمل على تحديثها وتطهيرها، وعبر تصحيح الخلل في الدورة الاقتصادية، وحماية الإنتاج الوطني وتطويره، وإغداق الحوافز الاقتصادية المشجّعة، وتأمين فرص العمل، ومقاومة البطالة والفقر والجهل والمرض، وإصلاح القضاء وحمايته من التسييس، والشواغر من أجل ضمان محاكمات سريعة وعادلة للمتهمين.

ويدعو مشروعنا إلى تشجيع الشباب اللبناني على العمل والإبداع، والخروج من حالة التسيُّب واللامسئولية، عبر تأكيد أن الشباب عماد الوطن، تقع على عاتقه مسئولية التغيير المنشود من خلال المشاركة الفاعلة في المجالس التمثيلية والمؤسسات المنتخبة، وفي مجالات العمل والإنتاج المتاحة.. وإلى حماية الأسرة من التفكُّك، وإطلاق طاقات المرأة، لا سيَّما في الميادين التي تنسجم وطبيعتها، وتحفظ لها خصوصيتها؛ حتى لا يبقى نصف المجتمع معطَّلاً عن المشاركة في الأداء والتعبير والإنتاج.

على المستوى السياسي:

1- حقّقت وثيقة الوفاق الوطني التي أقرَّت في الطائف عام 1989م إنجازات كبيرة على المستوى الوطني، وشكّلت استقرارًا لسلمنا الأهلي، الأمر الذي يدفع باتجاه استكمال تطبيقها عبر فتح آفاق جديدة للتطوير والتحديث في صيغة الوفاق الوطني المستقبلية، التي تركز دائمًا على المشاركة السياسية، والعيش المشترك بين كافة الشرائح والعائلات الروحية؛ مما يُغني التجربة اللبنانية، ويعطي صورة حضارية مشرقة للحياة الاجتماعية والثقافية، في بلد تسوده العدالة والمساواة والحرية.

2- إن إزالة آثار عدوان يوليو 2006م، وتمتين أواصر الوحدة الوطنية، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إشاعة أجواء الأخوَّة الحقيقية والمواطنة الصادقة، وفي رفض الاحتكام إلى العنف في حل القضايا الخلافية، وإسقاط كل مشاريع التعصب الطائفي والمذهبي، واعتبار الدولة العادلة والمؤسسات المنتخبة هي المرجع الصالح والمكان المناسب لطرح المشاكل وإيجاد الحلول لها.

3- إن إلغاء الطائفية السياسية التي نص عليها الدستور، بات مطلبًا وطنيًّا عامًّا، وفي نظرنا يعني الخروج من الطائفية الضيقة إلى رحاب الوطن المفعم بالقيم الإيمانية والإنسانية، وإذا كنا لا نستطيع تحقيق هذا المطلب فلا أقلَّ من إطلاق الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية التي نص عليها الدستور.

4- لذلك ندعو إلى الإعداد- كما نص الدستور- إلى إلغاء الطائفية السياسية ضمن صيغة جماعية توافقية، بعيدًا عن استثمارها في ساحة التجاذب السياسي الداخلي التي لا تؤدي إلا إلى ترسيخها، وتأكيدها في مجتمعنا، وإنّ الالتزام بالتديُّن الصحيح لا يتضارب مع الانتماء للوطن؛ بل يغني التجربة الوطنية، ويرتفع بها إلى المستوى الإيماني الإنساني؛ لكن استغلال الانتماء الطائفي واستثماره في الخلافات السياسية الداخلية هو الثغرة الخطيرة التي تدمِّر الإدارة وتعطِّل أيَّ إصلاح أو تطوير للحياة السياسية.

5- إن إصلاح الحياة السياسية يدفع باتجاه الخروج من واقع السياسة التقليدية التي تتمحور حول الشخص والزعيم، إلى الالتقاء حول البرامج والمشاريع والرؤى السياسية، التي تحملها نخبة سياسية نظيفة وقوية، ومؤتمنة على مصالح ومقدرات الشعب والوطن، وذلك يستلزم أمرين هامَّين:

الأول: وضع قانون جديد لتنظيم الأحزاب بما يكفل حرية العمل السياسي المنظَّم للجميع.

الثاني: وضع قانون انتخابي جديد يعتبر لبنان دائرة انتخابية واحدة، ويعتمد النظام النسبي، ويضمن صحة التمثيل الشعبي، ونرحب في هذا المجال بتطبيق قانون تخفيض سنِّ الاقتراع إلى 18 سنة، ونطالب بمشاركة المغتربين في عمليات الاقتراع.

على المستوى الاجتماعي:

إن الإنجازات التي تحققت في البلاد تصبح غير ذات فاعلية إذا لم يتحقَّق الأمن الاجتماعي من خلال التَّصدي للأزمة المعيشية الخانقة، وحالات الفقر التي يرزح تحتها قسم كبير من اللبنانيين، وذلك باعتماد الوسائل التالية:

1- تفعيل قطاعات الخدمات العامة من: كهرباء، وماء، وهاتف، ونقل، وتعميمها على كافة المناطق كحق طبيعي للمواطن، وتأمينها بسعر مقبول، وعدم تحميل أصحاب الدخل المحدود كلفة الخدمة العامة، باعتبارها حقًّا طبيعيًّا، وليست سلعة.

2- معالجة أزمة البطالة، وإيجاد فرص العمل والتوظيف أمام المواطنين بات أمرًا ضاغطًا، حين يزداد طابور العاطلين عن العمل يومًا بعد يوم؛ ممّا يدفع باتجاه هجرة الكفاءات والطاقات ويهدِّد مستقبل الوطن؛ مما يوجب وضع سياسة طوارئ اقتصادية فاعلة تضع يدها على الجرح، وتعمل على استثمار الإمكانيات المادية وتوظيفها.

3- الاستفادة القصوى من الثروة المائية والعمل السريع على إقامة السدود والبحيرات وصبّ القنوات وحصر الينابيع حفاظًا على هذه الثّروة الوطنيّة ومنعًا لإهدارها. والانتباه إلى أنّ مستقبل الصّراع في المنطقة يدور حول المخزون المائيّ فيها.

4- الحفاظ على البيئة والحد من التلوث، ومنع كلِّ أسباب الإضرار بالطَّبيعة، وتشجيع المحميَّات الطَّبيعية؛ باعتبار الطبيعة اللبنانية عنصر الجذب الأساسي في السياحة والاصطياف، وفرض رقابة على الأعلاف المستوردة، ومراقبة استيراد اللحوم والمعلبات.

5- إن تضخم كلفة فاتورة الاستشفاء يوجب إعادة النَّظر بالسياسة الصِّحيَّة في مجملها، والعمل على وضع بطاقة الاستشفاء المجاني الموحَّد موضع التنفيذ العملي، وتعميم ضمان الشَّيخوخة والضمان الصِّحيِّ على العمَّال والأُجراء والحرفيين والمزارعين وكلِّ المواطنين، والسَّعي لتأهيل المستشفيات الحكوميَّة، وتطوير إداراتها، وتزويدها بالأطباء والمعدات، وإنقاذ الناس من ضغوط المستشفيات الخاصة.

6- العمل على تحقيق اللامركزية الإدارية، وإطلاق دور البلديات في التنمية الشاملة، عبر إقامة بلديات في كل القرى والتجمعات السكنية المستحدثة؛ لما لذلك من أثر تنموي وخدماتي كبير في المشاركة في المجتمع المدني في الإنماء والبناء، والقيام بدور أكبر في إدارة المؤسسات والخدمات والمرافق المحلية.

على المستوى الاقتصادي:

1- إنَّ نظامنا الاقتصادي الحرَّ يشجع المبادرة الفردية عبر الاستثمار في مشاريع منتجة تساعد على النّهوض والنّمو وتحدّ من العجز المتراكم. لذلك لا بدّ من إعادة النّظر بالنّظام الربويّ باتجاه إلغائه كليًّا لضمان المساواة بين العمل ورأس المال. وإلى أنّ يتم ذلك فإنّ تطوير الحركة الاقتصاديّة وزيادة النّمو لا تتمّ إلاّ عبر تخفيض معدّلات الفائدة إلى أبعد الحدود وصولاً إلى إلغائها، حيث ثبت عالميًّا أنّه بقدر ما تنحسر الفائدة بالتّوظيفات الماليّة يتحقّق النّمو وتنطلق عجلة الإنتاج، والأزمة العالميّة الرّاهنة ماثلة للعيون.

2- تطوير السّياسة الماليّة والاقتصاديّة باتّجاه تحقيق كفاية الإنسان اللّبنانيّ وحقّه في الحياة الحرّة الكريمة، باعتبار أنّ الإنسان أغلى ما في هذا الوطن، وذلك من خلال العمل على إعادة توزيع الثّروة الوطنيّة، ومحاربة الاحتكار، والمحافظة على حقوق المواطنين في الدّورة الاقتصاديّة، وتبنّي مطالب العمّال والفلاّحين والموظفين والمعلّمين، وتقريب الفوارق بين الأفراد.

3- إنّ معالجة الجمود الإداريّ والانكماش الاقتصاديّ عبر الخروج من حالة الرّكود المسيطرة، فالإدارة المتعطّلة كالإدارة الفاسدة، والانكماش والجمود الاقتصاديّ كالهدر والفساد في آثارهما السلبيّة المدمّرة على الحياة الاقتصاديّة. وإنّنا ندعو إلى تبسيط المعاملات وإلغاء الرّوتين وضخّ السّيولة وتحريك عجلة النّموّ الاقتصاديّ.

4- إنّ استعادة سوق النفط من الشركات الخاصة، وإعادة تشغيل المصافي وتطويرها يضمن دخلاً للخزينة العامّة وهو مطلب شعبي عام لا ندري لماذا تعجز الحكومات المتعاقبة عن تنفيذه.

5- إن التّغييب المستمر لتطبيق قانون تسوية مخالفات البناء وتسوية المخالفات على الأملاك البحرية والنهرية، يظهر مدى الإهمال الرسمي الذي يصل إلى حد التواطؤ على مصلحة الخزينة ومواردها، الأمر الذي يوجب تحرك أجهزة التفتيش والرقابة لمصلحة المواطن، في غياب تشريع ضرائبي عادل يعتمد الضريبة المباشرة والتصاعدية.

6- إن واقع أزمة القطاع الزراعي والحيواني يوجب معالجة سريعة ومستقبلية، تؤمن مصالح نصف الشعب اللبناني الذي يعيش من الزراعة، والعمل على زيادة موازنة القطاع الزراعي عبر دعم مشاريع الري وشق الطرقات الزراعية، وتعزيز الإرشاد والتوجيه الزراعي، وحماية وتسويق وتصريف الإنتاج الوطني، وإنماء المناطق الريفية لتثبيت المواطن في أرضه.

على المستوى التربوي:

1- وضع سياسة شاملة، ضمن برنامج يهدف إلى تلازم البعد التعليمي للمناهج الدراسية مع البعد التربوي، بما يضمن الحفاظ على هويتنا الحضارية وتراثنا وشخصيتنا الوطنية.

2- دعم التعليم الرسمي، وتحقيق مجانية التعليم، وبناء المدارس الرسمية وتعميمها، واعتماد كتاب موحد للتاريخ، ومراقبة التعليم الخاص والحد من ارتفاع الأقساط المدرسية والجامعية، ودعم وتطوير الجامعة اللبنانية.

3- تفعيل قطاع التعليم المهني والتقني، وتشجيع تدريب واستعمال التقنيات الحديثة بما يتلاءم مع حاجات المجتمع وتطور وسائل الثقافة العامة والمعلوماتية.

4- جعل مادة التربية الدينية إلزامية في المناهج الدراسية، لصياغة الإنسان الفاضل المتمتع بالأخلاق والمشبع بالقيم الدينية.


5- تشجيع الحركة الرياضية والكشفية، والعمل على تعميم الملاعب البلدية والحدائق العامة. 6- مكافحة الرذيلة والفساد الأخلاقي في وسائل الإعلام ولوحات الإعلان، وفرض رقابة على المرابع والنوادي الليلية.

على المستوى الخارجي:

بما أنَّ لبنان جزأ لا يتجزّأ من الأمَّة العربية، ولما كان العربي يمثل العمق الإستراتيجيّ للبنان فإنّه:

1- ينبغي قيام أوثق العلاقات مع الأشقاء العرب بعيدًا عن سياسة المحاور ورفضًا لكلِّ مشاريع الوصاية الأجنبية والتدخل في الشأن الداخلي، مع أهمية تنسيق وتدعيم الشئون السياسية المشتركة لمواجهة ما يُرسم للبنان والمنطقة وبما يكفل وحدة الموقف العربي وتكامله تحقيقًا للمصلحة المشتركة.

2- توثيق علاقات الأخوة والتعاون مع الدول الإسلامية والصديقة،على قاعدة التضامن والاحترام المتبادل والسعي لتوظيفها في مجالات دعم لبنان وقضاياه، والاستفادة من الانتشار اللبناني في بلاد الاغتراب، عبر حمايته من الذوبان وتوثيق العلاقة معه وربطه بوطنه وقضايا أمته، وتحويله إلى عنصر ضغط لمصلحة الوطن وقضايا الأمة.

3- اعتبار فلسطين القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، فهي تشكل المحور الأساس في المنطقة، مما يوجب العمل الجاد من أجل تحريرها وإعادة شعبها إليها... وأن المشروع الصهيوني هو الخطر الذي يهدد لبنان والمنطقة، وأن المسار التفاوضي لم يؤدِ إلاّ إلى تمييع الموقف العربي واستدراج العرب إلى المزيد من التنازلات، والتراجع عن قرارات الأمم المتحدة والالتزامات السّابقة رغم ما فيها من تراجعات ومصادرة للحقّ العربيّ في فلسطين.

أيّها المواطنون....

إنَّ مشروعنا سهل التّطبيق إذا توفّرت له أسباب النّجاح، وهو يلامس طموحات جماهيرنا وتطلّعاتها.. فتعالوا إلى طريق الخير، ولنجاهد ما استطعنا من أجل تحقيق هذا البرنامج، عبر إيصال العناصر المؤمنة به إلى مجلس النَّواب..

الجماعة الإسلامية في لبنان

المصدر