الانقسام.. والانتخابات

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الانقسام.. والانتخابات

الانتخابات استحقاق دستوري مهم

انتخابات فلسطين.jpg

الانتخابات في 25/1/2010 استحقاق دستوري مهم ومفصلي في الحياة السياسية الفلسطينية لا يجوز رهنه بنتائج الحوار الوطني حتى لا يتحول إلى ورقة ابتزاز رخيصة, بل يفترض اعتبار هذا الاستحقاق واحدا من المداخل إلى حل قضايا الخلاف من خلال الاحتكام إلى الرأي العام ,,,

تقف الحالة الفلسطينية أمام استحقاق فائق الأهمية، بعيد عيد الفطر، يتمثل في استئناف الحوار الوطني الشامل،في جولة يراد لها أن تكون الأخيرة،وأن تنتهي باتفاق يوقعه الأمناء العامون للفصائل يضع نهاية لحالة الانقسام،ويفتح الباب للمصالحة الوطنية،ولإعادة بناء المؤسسات.

لكن ليست هي المرة الأولى التي توصف بها جولة للحوار أنها الأخيرة،وأنها المعنية بالوصول إلى الاتفاق الشامل.إذ سبق وجرى الحديث عن هذا الأمر،وانتهت لكن إلى الفشل، خاصة تلك الجولات الثنائية التي جمعت بين حركتي حماس وفتح.

الجولة القادمة،تختلف عن سابقاتها،ليس فقط أن القاهرة تريدها شاملة،بعد أن نعت صيغة الحوار الثنائي ودفنتها،بل وكذلك أن الوقت الذي يفصلنا عن موعد الانتخابات «الثلاثية» في 25/1/2010 أخذ يقصر،وأخذ يضعنا أمام استحقاقات دستورية لا بد أن تسبق الدعوة إلى هذه الانتخابات.من هنا،فإن أية محاولة لإفشال جولة ما بعد العيد،إنما تهدف، فيما تهدف إليه،إلى نسف الانتخابات.


والانتخابات في 25/1/2010 قضية غاية في الأهمية

  • فهي استحقاق دستوري لا يمكن تجاوزه،إذ في 24/1/2010 تنهي ولاية الرئيس عباس وولاية المجلس التشريعي.وإن عدم إجراء الانتخابات في موعدها هذا،قد يدفع ببعض الخبراء للحديث عن تمديد ولاية الجهتين معا، لكن مثل هذا التمديد سيشكل صدمة سياسية للرأي العام،فضلا عن كونه سيكون موضع تشكيك «خبراء» آخرين.

فالرأي العام الفلسطيني فقد الثقة في المجلس التشريعي الحالي،الذي غيبه نظام المحاصصة والمناكفة عن الوجود،وحوله إلى عالة على الحالة السياسية الفلسطينية.بدلا من أن يلعب دورا في توحيد الوضع الفلسطيني،باعتباره المؤسسة التشريعية للسلطة الفلسطينية،تحول هو إلى عامل تقسيم وانقسام،ومصدرا للتوترات السياسية.

وبالتالي تفترض الضرورات الوطنية انتخاب «تشريعي» جديد ليحل محل «التشريعي» الحالي الذي ولد مشلولا ثم ما لبث أن فارق الحياة.كذلك يفترض انتخاب رئيس جديد للسلطة،حتى لا يتذرع طرف ما بأن الرئاسة فقدت شرعيتها،وينطلق من هذه النقطة نحو سياسات وإجراءات وممارسات تعمق الانقسام وتزيد الوضع تفاقما. لذلك لا بد أن ينجز الاستحقاق الدستوري في موعده المحدد دون تردد ودون إبطاء، ولضرورات وطنية ليست موضع نقاش.

  • والانتخابات استحقاق ديمقراطي،له في هذه الظروف قيمة مزدوجة.فإذا كان من حق المواطن في الحالات العادية أن يختار مؤسساته التشريعية في مواعيدها القانونية،فإن الظرف الراهن يعزز من حق المواطن وحاجته،كي يعيد تشكيل مؤسساته التشريعية.

فمنذ العام 2006 والحوارات الفلسطينية على قدم وساق،صارت حاجة ملحة بعد الانقسام في 14/6/2007.ومع أن بعض مؤسسات المجتمع المدني شاركت في بعض هذه الحوارات،إلا أن المواطن لم تتيسر له الفرصة ليقول رأيه بما يجري على أرض وطنه وكي يحول قوله هذا إلى فعل مؤثر في الحالة السياسية.

لذلك يجدر التأكيد أنه حان الوقت ليقول المواطن العادي رأيه في ما يجري على الأرض من تطورات، ويسائل الذين منحهم ثقته في الانتخابات الماضية ويسألهم عن الأمانات التي أودعت في رقابهم وعن الواجبات التي ألقيت على عاتقهم.

إن انتخابات 25/1/2010 هي الفرصة الذهبية ليقول المواطن رأيه كما فعل في 25/1/2006، حيث اختار حماس نكاية في فتح والسلطة. لذلك من كان حريصا ـ قولا وفعلا ـ على مصالح المواطن وظروفه «القاسية» أن يزيل العراقيل أمام الاستحقاق الانتخابي.

ونعتقد أن المعيق الوحيد في هذا المضمار هو الانقسام،وأن معيار الإخلاص للعملية الدستورية والإخلاص لحق المواطن في إبداء رأيه،هو الدور الواجب القيام به لإزالة الانقسام ووضع نهاية له.

  • والانتخابات استحقاق ينقل النظام السياسي الفلسطيني خطوات إلى الأمام،خاصة في المادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني،بعيدا عن نظام الكوتا،والصفقات الفوقية،وبعيدا عن نظام المحاباة، والتعيينات البيروقراطية لصالح عملية ديمقراطية تنظم العلاقة بين القوى السياسية نفسها،كما تنظم العلاقة بين هذه القوى وبين الناخب ـ المواطن،الذي سيكون له رأيه في اختيار من يمثله في هذا المجلس.

وبعدما دعى هذا المجلس في 26/8/2009 لعقد جلسة خاصة لاستكمال عضوية اللجنة التنفيذية،تصاعدت أصوات (بغير وجه حق) طعنت في شرعية هذه الجلسة،وبشرعية الدعوة لها (رغم أن الدعوة تمت بموجب النظام الداخلي للمجلس).

الآن تقف هذه الأصوات أمام الفرصة ـ الاستحقاق، لتفسح في المجال أمام الخروج من هذه الدائرة المفرغة لصالح عملية انتخابية ديمقراطية،تعيد رسم العلاقات بين القوى على أسس ديمقراطية بحيث تصاغ الوحدة الداخلية وفقا لموازين القوى الجماهيرية لكل طرف مع ضرورة أن تتوفر لهذه العملية الديمقراطية أجواؤها الصحية،بعيدا عن الضغوط المالية والإغراءات الوظائفية،والتهديدات بقطع الأرزاق أو الترهيب بأشكال مختلفة،أو الاستقواء بالعوامل الإقليمية والخارجية.


بعد هذا يجب أن نلاحظ معا

  • أن التحضير للانتخابات وفقا للاستحقاقات الدستورية، يبدأ قانونا مع مطلع الشهر العاشر من هذا العام. وهذا يفترض أن يصدر الرئيس عباس مرسوما بالدعوة إلى هذه الانتخابات وأن يكلف اللجنة المركزية للانتخابات أن تجري التحضيرات اللازمة لذلك بما فيها تحضير لوائح الشطب،والكادر المختص..
  • يفترض هذا الأمر أن يكون بحوز «اللجنة» قانون الانتخابات المعتمد،وبناء عليه تجري تحضيراتها. لقد سبق للمجلس المركزي في أربع دورات له،وللجنة التنفيذية أن أقرا نظام التمثيل النسبي الكامل، وبناء عليه أصدر الرئيس عباس قرارا باعتماد هذا المبدأ في كل الانتخابات.

الاستحقاق الانتخابي يفترض صدور قانون لانتخاب المجلس التشريعي (الضفة والقطاع دائرة انتخابية واحدة بموجب التمثيل النسبي) وقانون لانتخابات المجلس الوطني.وهكذا تكون الحالة الفلسطينية قد انسجمت مع مرجعيتها السياسية الأعلى،ومع نتائج الحوارات في القاهرة للفترة ما بين 10 ـ 19/3/2009.

  • تتحدث قيادات حماس عن ضرورة التوافق أولا قبل الذهاب إلى الانتخابات. وتتحدث أوساطها عن خلافات ما زالت تعيق الوصول إلى هذا التوافق.وهذه أمر يهدد بنسف الانتخابات وإدامة الانقسام، أو تحويل الانتخابات إلى ورقة مساومة وضغط على أطراف الحوار.

هذه قضية يفترض أن تعالجها جولة الحوار القادمة في القاهرة.إذ لا يصح ـ من حيث المبدأ ـ حرمان القطاع من حقه في المشاركة في العملية الانتخابية،أي لا يحق لأحد أن يأخذ القطاع رهينة يساوم عليها مقابل إشراكه في الانتخابات.

  • لنفترض ـ سلفا ـ أن الحوار لم يتوصل إلى حل كل القضايا العالقة ماذا يمنع لو أن الانتخابات تحولت هي الحل. أي أن تذهب كل الأطراف إلى الشارع تحتكم إليه،وليكن البرنامج الانتخابي لكل طرف هو وجهة نظره في حل القضايا العالقة والتي لم يتوصل الحوار إلى حلول لها.

خلاصة الكلام أن موعد 25/1/2010، موعد مع استحقاق دستوري،مهم،ومفصلي في الحياة السياسية الفلسطينية،ولا يجوز رهنه بنتائج الحوار الوطني الشامل،بل يمكن اعتباره واحدا من المداخل إلى حل قضايا الخلاف،والاحتكام إلى الرأي العام يوفر لكل الأطراف أن تكون شريكا في الحوار،وأن تقول رأيها علانية،بلغة واحدة،هي اللغة نفسها التي تستعملها خلف الجدران،ومع وسائل الإعلام،وفي التوجه إلى الرأي العام.

المصدر