الانتخابات المحلية ............. المبكي والمضحك

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الانتخابات المحلية ............. المبكي والمضحك

2010-06-22

بقلم : عمر منصور

إن عملية الحراك السياسي والحزبي والاجتماعي الذي رافق مرحلة تشكيل القوائم الانتخابية في قرى وبلدات ومدن الضفة الغربية شكل لدي قناعة بان حركة الشعوب وتطورها من الممكن أن تتراجع وتتقهقر عشرات السنين للخلف لتعود إلى العقليات العشائرية والجهوية والفئوية , بل والاسوا حين يمتزج الحزبي بالعشائري .

إن ما حصل خلال الأيام والأسابيع التي سبقت قرار مجلس الوزراء بتأجيل الانتخابات بتاريخ 10 حزيران كان محزنا بل ومأساويا على كل الأصعدة الاجتماعية والسياسية والحزبية .

لقد شكل ذلك ضربة عنيفة لكل الكيانات السياسية والحزبية التي لا ينقصها ضعف وترهل ,فبدءا من حوارات الفصائل ومرورا بالتحالفات والتوافقات الحزبية والعشائرية كشف كل ذلك عن مدى الوهن والضياع الذي تعيشه هذه الكيانات وتأثير ذلك على القضية الوطنية .

فبدلا من جذب العائلات للانخراط في العملية الانتخابية حصل عكس ذلك تماما , فقد انجرت كل الكيانات السياسية للمشاريع العائلية ووقعت هذه الأحزاب تحت طائلة الحسابات الضيقة والبعيدة عن الهم العام.

لقد أظهرت هذه المرحلة مدى الهوة العميقة بين الحركة السياسية الفلسطينية وبين الجمهور , وانعكس ذلك في اغلب الأحيان على العجز في الزج بأسماء مهنية وذات شعبية في مجتمعها , وعزوف كبير لدى المستقلين عن المشاركة في هذا الحراك , بل والاسوا من ذلك المزاج العام الذي كان يقف لا مباليا تجاه هذه العملية بل والتأكيد من فئات كثيرة على رفضها المشاركة في الانتخابات . كل هذا جرى في غياب أطراف سياسية مهمة مما افقد العملية الأهمية والنتائج المرجوة منها بل إن ذلك عمق الانقسام وزاد في تفتت ما هو مفتت أصلا .

والمحزن إن الطرف السياسي الأهم والمشارك في هذه العملية عجز وبشكل كبير وباعتراف مسئوليه عن توحيد صفوفه وخطابه ليخرج من حالة الإرباك التي يعيشها منذ سنوات .

وما يحز بالنفس أكثر إن الأطراف السياسية المتوافقة في رؤى سياسية موحدة عجزت عن تشكيل ائتلافات في الكثير من المواقع , سواء أكانت هذه الأطراف في السلطة أم في المعارضة .

لقد كشفت هذه المرحلة مدى هشاشة التشكيلات الاجتماعية وخصوصا العائلية فلم تستطع العائلة الواحدة التوافق على مرشح واحد لها وتدافع المرشحون من نفس العائلة للظفر في رقم متقدم لهم في القوائم .

لقد حصل ما هو مبكي ومضحك في آن , حين شكلت قوائم من الزوج والزوجة والأبناء أو قوائم بالجملة في القرى الصغيرة ومن نفس العائلة, والصفقات الرخيصة للوصول بأي ثمن لعضوية المجالس المحلية .

إلى أي درك وصلت بنا الأمور , إلى أي مدي وصلت بنا الانقسامات , لم يعد عنوان الانقسام الحركتين الكبيرتين في المجتمع الفلسطيني بل تعداه أفقيا وعموديا ليشمل كل فئات ومناحي الحياة , داخل المعسكر السياسي الواحد , في المعارضة أو في السلطة وداخل الحزب الواحد والبلدة الواحدة والعائلة الواحدة .

كل هذا المشهد المحزن أعادني للوراء أربعة وثلاثون عاما وتحديدا إلى عام 1976 حين كنت لا أزال فتى يافعا ولكن وبحكم انتمائي لأسرة عاركت العمل السياسي والوطني منذ الأربعينيات وفتحت عيني على والدي وأعمامي وهم منخرطون في العمل السياسي والوطني ودفعوا أثمانا باهظة لمواقفهم العنيدة , ففي هذا العام وفي احد أيامه كانت فرحة غامرة تعم أرجاء البيت المتواضع وكان والدي وأعمامي يتبادلون التهاني , لقد فازت الكتل الوطنية في انتخابات المجالس البلدية في المدن الفلسطينية , فازت قوائم منظمة التحرير الفلسطينية في مواجهة رغبات الاحتلال , فازت الحركة الوطنية الفلسطينية في مواجهة مشاريع الاحتلال وأزلامه , فاز بسام الشكعة وكريم خلف , فاز فهد القوا سمي ومحمد ملحم , فاز حلمي حنون وإبراهيم الطويل , فازت فلسطين وفاز المشروع الوطني.

لم اسمع يومها أسماء تنظيمات وحركات سياسية , لم اسمع يومها عائلات وعشائر وجماعات , كان هناك كلمتان تترددان : منظمة التحرير وما كانت تمثله والاحتلال وإفرازاته .

نعم , هكذا كان الفرز وهكذا كان التحدي , ما الذي اختلف منذ ذلك الحين , فالاحتلال لا زال قائما بل أكثر شراسة وعدوانية واستيطانا وتهجيرا .

نعم لم يختلف الاحتلال منذ ذلك الوقت ولكن الاختلاف حصل عندنا , عندما أصبحت بوصلتنا تشير إلى أي مكان ولكن ليس لفلسطين , عندما أصبحت الأجندة الفئوية تطغى على الوطن , عندما أصبحت المصالح الشخصية أهم من المصلحة العامة , عندما أصبح الوطن والمنصب استثمارا لدى الكثيرين .

في ذلك العام لم يكن لدينا سلطة وطنية ولم يكن للحركات السياسية مكاتب وعمل علني , لم يكن آنذاك أموالا وميزانيات ( لا ادري كم كلفت الحملة الانتخابية للمناضل بسام الشكعة ) نعم لم يكن لدى مرشحي 76 أي مصلحة شخصية , كان لديهم مشروعا وطنيا واحدا هو حماية الوطن والمواطن ودفعوا ثمن ذلك حياتهم كما حصل مع المناضل احمد ذيب دحدول من سلفيت ( من يتذكره ؟ ) أو أطرافهم كما حصل مع المناضلين بسام الشكعة وكريم خلف , أو الإبعاد عن ارض الوطن كما حصل مع المناضلين فهد القواسمي ومحمد ملحم , وغيرهم دفع سنوات من عمره بالسجون .

هكذا كنا وهكذا كان الشعب الفلسطيني,كلمة السر في ذلك هو الوحدة الوطنية والتعالي فوق الجراح , المحافظة على ثوابتنا وإلغاء كل المشاريع الشخصية والفئوية وجعل بوصلتنا تشير دوما إلى القدس وفلسطين .

المصدر

المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات