الاقتتال في القطاع مرة أخرى .. فما العمل؟

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الاقتتال في القطاع مرة أخرى .. فما العمل؟
00154.jpg


بقلم : " الحرية"

ينظر المراقبون، في قطاع غزة، بقلق شديد إلى الاشتباكات التي نشبت في الأيام الأخيرة بين حركتي فتح وحماس.

ويرون فيها مؤشراً خطيراً لواقع الحالة السياسية التي تسود العلاقات بين بعض قواعد حركة حماس وقواعد حركة فتح؛ بعيداً عن حديث حكومة الوحدة الوطنية وتفاهمات اتفاقات مكة واستحقاقات المرحلة القادمة.

ومما يزيد من مخاوف المراقبين أن الاشتباكات بين الطرفين، ما إن تنفجر في بقعة من القطاع، حتى تنتشر المظاهر المسلحة في أكثر من مكان فيه، وكأن يداً خفية تلعب دوراً مستوراً في تحضير الأجواء لإعادة الحالة إلى ما كانت عليه، من اقتتال، بين الطرفين.

ويقول بعض المراقبين إن الاشتباكات الواسعة التي شهدها القطاع خلال شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبـراير) الماضيين، تركت في قواعد الحركتين جراحات ليست بالبسيطة، بل إن بعضها ما زال ينزف حتى الآن.

فالقتلى لدى الطرفين، تركوا لدى عائلاتهم شعوراً بالأسى والحزن والغضب، خاصة في ظل أجواء اجتماعية تتسم بالروح العشائرية المبنية على الثأر.

وفي هذا السياق، لاحظ المراقبون، على سبيل المثال، كيف أن مشروع بـرنامج الحكومة الفلسطينية الجديدة رصد هذه الحالة، ودعا إلى تحرك منظم لأجل معالجة هذه الجراح، وبلسمتها، وإجراء مصالحات عائلية وعشائرية، بين أهالي ضحايا الاقتتال الأخير، بعد المصالحة الوطنية بين فتح وحماس.

لكن ما لفت نظر المراقبين، أن موقف بعض الأطراف اتسم بالحدة في الرد على الحوادث الأخيرة في بيت حانون وغزة، إن في استهداف بعض المنازل بالقصف المباشر، أو في إصدار البيانات المتصلبة وتحمل في ثناياها تهديدات وانذارات تنبئ بالاستعداد لاستئناف الاشتباكات أياً كانت النتائج المترتبة على ذلك.

ويتساءل المراقبون ما إذا كان هذا الأمر يخفي وراءه انقسامات داخل كل من فتح وحماس، إزاء اتفاق مكة، وتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة.

ويربط المراقبون بين تساؤلهم هذا، وبين ما جرى تسريبه من أنباء تحدثت عن حالة من التململ، بل والتمرد، لدى البعض، في إطار موقفه من اتفاق مكة.

وقد تحدثت هذه الأنباء عن أشخاص بعينهم يقفون خلف حالة التململ والتمرد هذه، ويتهمون القيادة السياسية لحماس (على سبيل المثال) بأنها خالفت مبادئ الحركة وقيمها وخطها السياسي حين وافقت على اتفاق مكة، بما فيه من مواقف سياسية كانت الحركة ترفض تبنيها في فترات سابقة.

ويتخوف المراقبون أن تعكس حالة الجدل الفقهي لدى بعض الدعاة والمشايخ نفسها على قواعد حماس، خاصة هؤلاء الذين اختلفوا مع قيادتها في تقدير الموقف السياسي، واتهموها بعد التوقيع على اتفاق مكة، بالتخلي عن بـرنامجها الأساسي الذي بموجبه انطلقت كحركة إسلامية.

ويشير هؤلاء المراقبون، في هذا السياق، إلى الرسائل الصوتية للدكتور أيمن الظواهري، خاصة رسالته الأخيرة، التي «غسل» فيها يديه، من موقعه الإسلامي، من حركة حماس، واتهمها بأنها تخلت عن فلسطين.

ولا يستبعد المراقبون أن يكون لرسائل الظواهري أثرها الفاعل في صفوف بعض مقاتلي حركة حماس، الذين نشأوا، منذ الأساس، على رؤية سياسية، كالتي يتحدث عنها الظواهري، والتي باتت تفصل بينها وبين الرؤية العملية، لحركة حماس ـ إن جاز التعبير ـ مسافات واسعة.

ويتخوف المراقبون من أن «ينفس» هؤلاء عن ردة فعلهم، باللجوء إلى التوتير الأمني، لعرقلة أعمال حكومة الوحدة الوطنية، ولقطع الطريق على اتفاق مكة، وبما يحرج قيادة حماس أمام شركائها في الحكومة، وأمام أطراف عربية ودولية، ترى حماس أن الاستحقاقات السياسية تتطلب الانفتاح عليها.

أي بتعبير آخر، يتخوف المراقبون أن تلجأ بعض الأطراف إلى استعمال الاقتتال، كورقة ضغط على قيادة حماس، في اتجاهها السياسي الجديد.

لكن المراقبين يستدركون في الوقت نفسه، ويبدون تخوفاً من أن تلجأ بعض الأطراف المندسة إلى استغلال الموقف لإحداث فتنة جديدة في قطاع غزة، تعيد التوتر والاقتتال بين حركة حماس وفتح.

ويرى المراقبون أن بعض المظاهر في القطاع، تشكل بيئة مناسبة لهذه العناصر لتنفذ مآربها، من بينها، على سبيل المثال، ظاهرة المسلحين المقنعين، وظاهرة فوضى السلاح، وهي كلها توفر الفرص المناسبة لطعن الحالة الفلسطينية من الظهر، خاصة بعد أن ثبت أن ثمة عملاء للعدو الإسرائيلي، يندسون في صفوف القاعدة الشعبية، وحتى في صفوف بعض القوى، ليوفروا لأنفسهم التغطية اللازمة لتحقيق أهدافهم المعادية للشعب الفلسطيني.

ويرى المراقبون أنه إن لم تعالج المسألة الأمنية في قطاع غزة، بقرار سياسي واضح وجريء، فإن احتمالات جر الحالة مرة أخرى إلى الاقتتال ستبقى قائمة.

من هنا يرى المراقبون الضرورة الماسة لإعادة النظر بتركيبة الأجهزة الأمنية، ونزع الصفة الحزبية عنها، والتأكيد على مهنية العاملين فيها، وضرورة انضباطهم لقيادتهم السياسية.

كما يرى المراقبون أن صيغة التوافق الثنائي (بين فتح وحماس) تؤكد مرة تلو المرة أنها قاصرة عن حل المعضلات الوطنية حلولاً جذرية، وبما يخدم المصلحة الوطنية دون انحياز لهذا الفريق أو ذاك.

لذلك يرى المراقبون ضرورة تجاوز الصيغة الثنائية، في ما يسمى بوضع آليات وتطبيقات الشراكة السياسية، لصالح صيغة وطنية جامعة، لا تستثني أحداً من القوى السياسية، كذلك لا تستثنى ممثلي القطاع الخاص، وفعاليات المجتمع المدني.

فالأمن ـ والكلام للمراقبين ـ هو قرار سياسي أولاً وقبل كل شيء، أما تطبيقه التقني، فإنه يشكل مستوى آخر من السهر والمتابعة.

لكن، وبدون القرار السياسي الوطني الشامل، لضبط الحالة الأمنية، فإن كل الجهود التقنية والحرفية لن تجدي نفعاً، ويمكن اختراقها بسهولة ويسر شديدين.

كذلك دعا المراقبون قيادتي الحركتين، فتح وحماس، إلى ضبط تصريحات الناطقين باسم كل منهما (وهم كثر (!)) بحيث يبتعدون عن كل ما يشتم منه رائحة التحريض والشحن والعصبوية التنظيمية، أو رائحة التشكيك بالآخرين.

كما دعا المراقبون إلى وقف تبادل الاتهامات فوراً بعد وقوع حدث أمني ما، وإحالة الأمر إلى القضاء ليتولى بنفسه، وباستقلال تام، التحقيق في ملابسات كل حدث، بما يستحقه هذا التحقيق من اهتمام وجهد صادقين.

كما يضيف المراقبون أن فكرة رئيس الوزراء المكلف، إسماعيل هنية، تشكيل «مجلس وطني» لحل الخلافات العائلية والعشائرية الناتجة عن الاقتتال الأخير، لم يعد بالإمكان تأجيلها، كي لا يدفع القطاع وسكانه الثمن الباهظ.