الاخوان والثورة
- قصة الخلاف بين عبد الناصر والاخوان المسلمين .
- عبد الناصر كان ماهرا عندما ألغى الأحزاب وأوقع الاخوان فى حيرة .
- الباقورى قبل الوزارة دون استشارة الاخوان والمرشد العام .
تراوحت العلاقة بين الاخوان المسلمين وثورة 23 يوليو ( تموز ) 52 ما بين المحبة الشديدة والتأييد فى البداية والعداء والمواجهة العنيفة بعد ذلك . قيل أن جمال عبد الناصر كان عضوا منتسبا لجماعة الاخوان هو والعديد من أعضاء اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار وأن الاخوان كانوا يأملون فى تحقيق أهدافهم من خلال " حركة الجيش " لدرجة أن النظام الخاص قام بتأمين المرافق العامة والبنايات الهامة وحراستها خلال الأيام الأولى للثورة وقيل أيضا إن الاخوان هم الذين صنعوا الثورة لكن ما الذى حول التأييد الى الرفض ؟ .. ما الذى حول الحليف الى خصم ثم الى عدو ؟ هل حاول الاخوان فرض وصايتهم علىالثورة ؟ هل حاول المرشد العام " حسن الهضيبى " أن يلوى زراع جمال عبد الناصر حتى يخضعه لأرادة الاخوان ؟ وهل طلب منه عدم أصدار قرار من مجلس قيادة الثورة دون الرجوع الى قيادة الأخوان ؟ .
العلاقة بين الاخوان والثورة تراجيديا لم يسبق لها مثيل .. وفى العداء يباح كل شىء ويبقى فى النهاية اجترار المرارة والألم . إنها حكاية مؤلمة طويلة يفتح ملفها الأستاذ " عمر التلمسانى " فى الحلقات المقبلة ..
الاخوان والثورة
حاول بعض الضباط الاحرار فى أواخر حكم السادات أن يكونوا حزبا منهم ومن الإخوان والأسماء موجودة وأصحابها على قيد الحياة وأنا لا أكتب للتشهير ولكن للذكرى التى تنفع المؤمنين . فقال لهم المتفاوضون معهم من الاخوان : إن مثل هذا الحزب الذى يجمع المتناقضات يبدو شيئا ممجوجا وسمجا عند الرأى العام بعد كل ما حصل من الضباط الأحرار فى عهد عبد الناصر من إساءات الى الاخوان . فلا أقل إذا كان يراد لهذا الحزب شىء من الاحترام أن يعلن هؤلاء الضباط الأحرار أن كل ما حدث فى عهد عبد الناصر كان أخطاء فقال المتفاوض من الضباط الأحرار ـ وما يزال على قيد الحياة ـ إن كل ما حدث من عبد الناصر قبل عام 1965 كان صحيحا وما حدث بعد ذلك كان خطأ ومعنى ذلك أنهم يقرون كل مافعله عبد الناصر بالاخوان وعند هذا ا لاصرار رفض الإخوان الاستمرار فى تلك المفاوضات بعد أن ثبت لديهم أن نوايا الضباط الأحرار إزاءهم لا تزال كما هى من إقرار تعذيب الاخوان و تشريدهم .
كانت صلة عبد القادر عودة برجال " الانقلاب " أو التغيير " طيبة ظنا منه أنهم سينفذون ما تفقوا عليه ولكن لما بدا منهم ما يدل على أنهم غير جادين فى تطبيق شرع الله بدأت العلاقة تفتر بينهم وبينه .ز حتى إذا كانت مظاهرات عابدين فى فبراير ( شباط ) 1954 وضاق الميدان بمن فيه من المتظاهرين مطالبين بتطبيق الشريهة والافراج عن فضيلة الأستاذ الهضيبى ـ رحمه الله ـ ومن معه وفشلت كل المحاولات فى صرف تلك الجموع .
واستدعى السيد " محمد نجيب " رئيس الجمهورية أنذاك الشهيد " عبد القادر عودة " وطلب منه أن يصرف تلك الجموع وخرج الشهيد عبد القادر عودة مع السيد محمد نجيب رئيس الجمهورية الى الشرفة المطلة على ا لميدان وطلب من المتظاهرين أن ينصرفوا ما داموا قد عبروا عن مشاعرهم وأعلنوا مطالبهم وما هى إلا دقائق حتى بدأ ميدان عابدين وكأن لم يكن فيه من كان فيه . وهنا أحس عبد الناصر بخطورة الشهيد عبد القادر عودة على حكمة وما هى إلا ليلة أو بعض ليلة حتى قبض عليه وقدم للمحاكمة بعد حادث المنشية فى أكتوبر 1954 بتهمة العمل على قلب النظام القائم . وحوكم كل أعضاء مكتب الارشاد وصدر الحكم بإعدام فضيلة المرشد وعبد القادر عودة والأستاذ محمد فرغلى والسجن المؤبد على الإخوة المرحوم الدكتور خميس والأستاذ صالح أبو رقيق والأستاذ عبد العزيز عطية والأستاذ محمد حامد أبو النصر والسجن مع الشغل خمسة عشر عاما على المرحوم الشيخ أحمد شريت وعمر التلمسانى راوى هذه الذكريات والدكتور محمد كمال خليفة والدكتور حسين كمال الدين والمرحوم المستشار منير الدلة وبراءة الاستاذ الشيخ عبد العزيز عبد الستار الأستاذ البهى الخولى والأستاذ عبد الرحمن البنا . وسيق كل منا الى سجنه وأكثروا من نقلنا من سجن الى سجن فأدخلت سجن مصر ثم نقلت الى سجن بنى سويف ثم الى الواحات ثم الى المحاريق ثم الى سجن أسيوط ثم سجن قنا ثم الى مستشفى ليمان طرة وفيه انتهت الخمسة عشر عاما وخرجت منه الى معتقل مزرعة سجن طرة وقضيت فيها عامين آخرين رهن الاعتقال . وبهذه المناسبة لما انتهت مدة العقوبة حضر بعض أقا ربى الى باب السجن ليصحبونى معهم الىالمنزل فطلبت منهم الانصراف ولك أن تتصور الصدمة التى أصابت الأهل الذين كانوا فى انتظارى ليفطروا معى ـ إذ كنا فى رمضان ـ تصور حالهم وهم يتفرقون فى حسرة وحزن بعد أن صدمتهم حقيقة حكم عبد الناصر وعدالته ووفائه ورقة قلبه التى تحدث عنها أحد مشايخ الأزهر فى إحدى مقالاته الأخيرة وغفر الله لنا وله لأنه يقدم ما لا يليق بأمثاله وبدون مقابل . وكل ميسر لما خلق له .