الاخوان المسلمون والملف الاقتصادى فى عهد مبارك
مركز الدراسات التاريخية
محتويات
تمهيد
منذ أن نشأت جماعة الإخوان المسلمين، وانطلاقًا من منهجهم الشامل جميعَ نواحي الحياة؛ فحقيقة الإخوان المسلمين تقوم على أنها دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية؛
وذلك لمن يريد أن يتعرَّف على الإخوان المسلمين؛ ولذا حملوا فوق عاتقهم إصلاح المجتمع من كل نواحيه، حتى إن أول لائحة للجماعة حملت بين طياتها جوانب الإصلاح التي ينوي الإخوان القيام بها، وكان للاصلاح الاقتصادى اهتمام خاص
ومما جاء في اللائحة الأولى للجماعة في مادتها الأولى: تنمية روح التعاون الاقتصادي والتعاملي بين أعضاء الجماعة بتشجيع المشروعات الاقتصادية وتكوينها والنهوض بها ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (المائدة: الآية 3)،
ومنها:
- تأسيس المنشآت النافعة للأمة روحيًّا واقتصاديًّا ما أمكن ذلك، كالمشاغل والمستوصفات الطبية والعيادات الخيرية، والمساجد وإصلاحها وترميمها والإنفاق عليها، والإشراف على إدارتها وإحياء الشعائر فيها: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ (النور: الآية 36).
- تنمية روح التعاون الاقتصادي والتعاملي بين أعضاء الجماعة بتشجيع المشروعات الاقتصادية وتكوينها والنهوض بها: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (المائدة: الآية 2).
وجاء في المادة (28) من أن اللجان الأساسية بمكتب الإرشاد العام: اللجنة المالية،اللجنة الشرعية، اللجنة السياسية، اللجنة الفنية "العلمية والاقتصادية والطبية"، لجنة التحقيق والمصالحات، لجنة الدعاية والتحرير والوعظ، لجنة الاتصال بالهيئات الإسلامية في مصر والخارج، لجنة الكتائب والفرق.
وذكرنا في السابق جهودهم في محاربة الفساد وإصلاح المجتمع، وهنا نتحدَّث حول منهجهم في إصلاح الاقتصاد وجهودهم العملية في هذا المجال؛ فقد نادَوا بعدة أمورٍ؛ منها:
الدعوة إلى الإستقلال الإقتصادي عن السيطرة الأجنبية عن طريق:
- (أ) استقلال النقد المصري عن الإنجليزي، والاعتماد على الرصيد من الذهب.
- (ب) تمصير الشركات وإحلال رءوس الأموال الوطنية محل الأجنبية ما أمكن.
- (ج) تأميم البنك الأهلي والشركات الأجنبية، وتوزيعها بالعدل على أبناء المجتمع المصري، وتحريم تملُّك الأرض المصرية للأجانب.
- (د) تحريم الربا في كل المعاملات.
النهوض بالإقتصاد الوطني عن طريق:
- (أ) استغلال منابع الثروات الطبيعية بصورة منتجة.
- (ب) تشجيع الصناعات اليدوية لبثِّ الروح الصناعية في الأمة.
- (ج) التحوُّل إلى الصناعة بجانب الزراعة.
- (د) إرشاد الشعب إلى التقليل من الكماليات، والاكتفاء بالضروريات.
- (هـ) العناية بالمشروعات الوطنية المهملة آنذاك، مثل مشروع خزان أسوان.
- (و) إعادة النظر في نظام الملكيات في مصر.
ولم يكتفِ الإخوان بمثل هذه الأمور، بل طالب الإمام البنا أعضاء جماعته إلى أن يكونوا قدوةً عمليةً أمام الشعب، فيتحرَّروا من السيطرة الأجنبية والاعتماد على المنتجات الوطنية، بل وتشجيع كثيرًا من الإخوان على فتح الشركات، والاعتماد على العمل الحر؛
وفي ذلك ينصح الإمام البنا في رسالة التعاليم أبناء حركته:
- بأن يزاول العضو عملاً اقتصاديًّا مهما كان غنيًّا، وأن يقدم على العمل الحر مهما كان ضئيلاً.
- بأن يخدم العضو الثروة الإسلامية بتشجيع المصنوعات الوطنية، فلا يقع قرشه في يدٍ غير إسلامية، وألا يلبس ولا يأكل إلا من صنع وطنه.
- بأن يدخر جزءًا من دخله ولا يتورَّط في الكماليات أبدًا. (1)
ما من شك أن ممارسة جماعة الإخوان للاقتصاد مرتبطة ببداياتها، حيث أنشأ حسن البنا، بعد تأسيس الجماعة في الإسماعيلية، مدرسة خاصة أدارها كشركة اقتصادية.
فقد كان التعليم هو المحطة الأولى للمشاركة فى الاقتصاد بالنسبة للإخوان وان كان الهدف الرئيسى بالنسبة لخوض الإخوان هذا المجال هو نشر فكرة الإخوان داخل المجتمع.
لم تمح هذه التجربة الاقتصادية الربحية من ذاكرة حسن البنا حين انتقل إلى القاهرة، حيث ظلت مدرسة الإسماعيلية الخاصة، تداعب مشاعره وعقله، ومن أجل ذلك ما إن جاء عام 1946، حتى كوّن حسن البنا لجنة برئاسته لتأسيس عدة مدارس (إخوانية) ابتدائية وثانوية، وفى جريدة الإخوان المسلمين أعلن الشيخ البنا عن مشروعه الاستثماري الوليد؛
وأبدى في كلمة كتبها في المجلة في عدد 10/7/1946، حماسة شديدة لهذا المشروع الاقتصادي التعليمي الذي رأى أنه "سيجلب الخير للأمة كلها" وسيوطد أركان الجماعة ويجعلها تقترب من حلمها، ولذلك سارع المرشد البنا بفتح باب التبرع لبناء هذه المدارس، وقام عقب ذلك بتطوير الأمر ووضعه في إطاره الاقتصادي الاحترافي من خلال تأسيس شركة إخوانية، تكون مهمتها إدارة المدارس الإخوانية.
كما دعا الشهيد حسن البنا أعضاء الجماعة إلى فتح الشركات والاعتماد على العمل الحر، وضع حسن البنا خلاصة فكرته الاقتصادية في رسالة التعاليم ؛
والتي نشرها في مجلة الإخوان قائلا:
- "لابد أن يزاول العضو عملًا اقتصاديًّا مهما كان غنيًّا، وأن يقدم على العمل الحر مهما كان ضئيلًا ، وأن يخدم العضو الثروة الإسلامية بتشجيع المصنوعات الوطنية، فلا يقع قرشه في يدٍ غير إسلامية، وألا يلبس ولا يأكل إلا من صنع وطنه"
وكان من الطبيعي أن يستجيب له كل الإخوان، ونجح الإخوان في إنشاء عدد من الشركات مثل:
- شركة الإخوان المسلمين للغزل والنسيج بشبرا الخيمة.
- شركة الإعلانات العربية.
- الشركة العربية للمناجم والمحاجر وهي شركة متخصصة في إنتاج الأسمنت والبلاط.
- شركة التجارة وأشغال الهندسة لإنتاج مواد البناء وتدريب العمَّال على الحِرَف اليدوية كالسباكة والكهرباء والنجارة وباقي الحرف الأخرى.
- شركة المعاملات الإسلامية، وقد قامت هذه الشركة بإنشاء مصنع للنحاس وآخر للبلاط والإسمنت،وغير هذه الشركات العديد من المشروعات الأخرى وعشرات المحلات التجارية.
وحين تمددت رقعة التنظيم للإخوان في نهايات السبعينيات، استطاعت الجماعة حل معضلة كبيرة في نمو أي تنظيم سياسي، وهى مشكلة التمويل، إذ إن كل تنظيم سياسي يحتاج بلا ريب إلى مصادر تموّل له أقسامه ولجانه وأنشطته التي يقوم عليها نشر أفكاره.
ويضيف أحد الباحثين:
- مع وفاة الرئيس جمال عبد الناصر وتولي الرئيس أنور السادات الحكم شهدت مصر نهاية عهد كامل كان أبرز ملامحه (فضلا عن ضرب الإخوان) الدور المركزي للدولة في الاقتصاد ليبدأ السادات ما عرف بسياسة الانفتاح ..
- وما ترتب عليها من انسحاب الدولة من عدد من القطاعات الاقتصادية المهمة ليملأ فراغها طبقة تشكلت من رجال المال والأعمال الذين كانوا أهم نجوم حقبة السبعينيات: حقبة الانفتاح، وكان لطيور الإخوان المهاجرة ورجال أعمالهم من ذلك نصيب وافر.
- سريعا ستجذب سياسات الانفتاح رأس المال الإخواني في المهجر ليستثمر في عدد من المجالات كان يميزها أنها (أولا) تملأ فراغ انسحاب الدولة و(ثانيا) تلبي احتياجات الطلب الاستهلاكي الكبير الذي عرفته مصر في عهد السادات.
- تركزت الاستثمارات الإخوانية والإسلامية عموما في مجالات عدة كانت الدولة تعاني عجزا فيها وبحاجة لتدخل القطاع الخاص كما هو الحال في قطاع الإسكان الذي كان يعاني أزمة كبيرة قصر فيها العرض عن تلبية الطلب المتزايد بفعل الكثافة السكانية التي قاربت القفزة؛
- وقطاع الصحة حيث لم يكن للدولة وقتها بنية تحتية قوية من المستشفيات والمؤسسات الطبية، وقطاع التعليم الذي بدأت تنهار منظومته الرسمية حتى كادت تعجز عن توفير القدر المعقول من الجودة؛
- وقطاع النقل والمواصلات وكان على وشك الانهيار، وكذلك السلع الغذائية التي شهدت نقصا كبيرا..وتقريبا كل القطاعات الخدمية والاستهلاكية التي تأثرت بالانفجار السكاني وبالانسحاب السريع للدولة.
- ومنذ نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات بدأت عودة رأس المال الإخواني المهاجر أو المولود في المهجر، وظهرت بدايات تشكل طبقة من رجال الأعمال والمستثمرين الإخوان؛
- وكما ظهرت أيضا شبكة من المؤسسات والشركات الاقتصادية وثيقة الصلة بالإخوان، فتأسست شركات الإسكان والاستثمار العقاري وشهدت نموا مذهلا، ومؤسسات الرعاية والخدمات الصحية (خاصة في مجال الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية)، والمؤسسات التعليمية الخاصة (المدارس والمستلزمات التعليمية)، وشركات استيراد وتجارة السيارات، وشركات تجارة السلع الغذائية..
- وكان واضحا أنها كلها تتفق مع مطالب السوق الاستهلاكية المتعاظمة في هذه الفترة وأنها تغطي انسحاب الدولة وتملأ فراغها بما حال وقتها دون ظهور كل الآثار السلبية لهذا الانسحاب الذي كان جديدا ومؤلما على المواطن المصري.
- فيما بعد ستدخل الاستثمارات الإخوانية مجال السياحة (خاصة الدينية مع تزايد التدين وتزايد الطلب على الحج والعمرة)، والإدارة والتطوير والتدريب، والإلكترونيات وتقنية المعلومات وغيرها من المجالات التي تلتقي واحتياجات المجتمع المصري الآخذ في الانفتاح على العالم في هذا الوقت؛
- وكان المهندس خيرت الشاطر صاحب المبادرة دائما في الدخول لهذه المجالات الجديدة، فقد كان أول رجال الأعمال الإخوان دخولا مجال الإدارة (أسس مركز الأمة نهاية الثمانينات) ثم الحاسب الآلي (شركة أنظمة الحاسب الآلي: سلسبيل)..
- ورغم أن العقدين الأخيرين شهدا تكون طبقة من رجال المال والأعمال الإخوان والإسلاميين (ممن هم من خارج الإخوان)، ورغم أن هذه الطبقة كان لها تأثير لا بأس به في الوضع الاقتصادي لمصر كما في تجربة شركات توظيف الأموال مثلا؛
- إلا أنها لم تستطع أن تعلن عن وجودها مؤسسيا أو عبر كيانات اقتصادية صريحة، على غرار نظيرتها في دولة مثل تركيا التي أسس فيها نجم الدين أربكان تجمع لرجال الأعمال الإسلاميين الذين ينحدر معظمهم من هضبة الأناضول (اتحاد رجال الأعمال والصناعيين المستقلين: الموصياد) والذي صار الآن بمثابة الذراع الاقتصادي لحزب العدالة والتنمية الحاكم ويتحكم فيما يقارب 12% من الاقتصاد التركي.
- ولأسباب كثيرة يخلط الكثيرون في تقدير حجم القوة الاقتصادية للإخوان المسلمين، فالحظر القانوني للجماعة يحول دون معرفة دقيقة بحجم عضويتها ودقة انتساب البعض لها أو خروجهم منها خاصة في ظل الشائعات التي تكثر في أوساط رجال الأعمال ..
- وما يعرف به رجال الأعمال أنفسهم من خوف طبيعي فيما يتعلق بتحالفاتهم وشبكات علاقاتهم فضلا عن ارتباطاتهم السياسية، وإذا كان " رأس المال جبان " كما يقول المثل الأكثر شيوعا فأصحابه لهم من هذه الصفة نصيب زاد منه أو نقص!.
- كما يبدو أن غياب الدقة في تقدير القوة الاقتصادية للإخوان سببه الخلط بين الجماعة وأفرادها ومن ثم الخلط بين ما يمكن أن يعد أموال الجماعة واستثمارات خاصة بها وبين أموال أفرادها واستثماراتهم. وهو ما كان مسئولا عن الخطأ الشائع في حجم ما يعود للجماعة من استثمارات وأنشطة اقتصادية.
- والواقع أنه، وتحديدا منذ حظر الجماعة قانونيا في بداية الثورة، لم يعد لجماعة الإخوان استثمارات خاصة بها كتنظيم إلا ما يتصل بنوعية معينة من الاستثمارات التي تتسم (أولا) بأنها محدودة في رأسمالها وأنها (ثانيا) لصيقة بطبيعة الجماعة الرسالية كجماعة دعوية؛
- وهو ما يجعل القيمة الرمزية لمؤسسات الجماعة الاقتصادية أكبر بكثير من وزنها الاقتصادي مثلما هو الحال في شبكة المدارس الإسلامية الخاصة ودور النشر الإسلامية التي تعود ملكيتها الحقيقية للجماعة رغم أنها ولأسباب قانونية مسجلة باسم بعض رموزها وقادتها؛
(كما في دار الدعوة ومدارس المدينة المنورة بالإسكندرية أو دار التوزيع والنشر الإسلامية ومدارس الرضوان بالقاهرة)، رغم أن الأمر تطور لاحقا وظهرت استثمارات إخوانية خاصة في مجال النشر والتعليم يتملكها أصحابها وليس الجماعة.
ويمكن القول أن ما تمتلكه الجماعة واقعيا من مؤسسات اقتصادية هو يدور بالأساس في إطار نمط محدد من الاستثمارات المحدودة يتناسب مع وضعية الحظر القانوني وإمكانية الملاحقة والمصادرة في أي وقت، إضافة إلي طبيعة عائده الفكري والثقافي البالغ التأثير.
كما يمكن القول بل والجزم بأنه ليس لجماعة الإخوان استثمارات اقتصادية كبيرة، وأن غالبية المؤسسات الاقتصادية التي تعرضت للملاحقة الأمنية والقانونية هي في غالبيتها الساحقة استثمارات لأفراد من الإخوان أو لقيادات في قمة الهرم التنظيمي للجماعة كما هو الحال في استثمارات الثنائي خيرت الشاطر وحسن مالك أو استثمارات الثنائي الأقدم والأكبر سنا يوسف ندا وغالب همت.
والمفارقة أن الخلط بين أموال الجماعة كتنظيم وأموال أفرادها ممن يعملون في مجالات المال والأعمال ليس ناتجا فقط عن الحملات الدعائية المضادة للجماعة من قبل خصوم سياسيين وأيديولوجيين من مصلحتهم التخويف من الجماعة وقدراتها الاقتصادية؛
بل كثيرا ما يأتي من قبل بعض رجال المال والأعمال داخل الجماعة نفسها رغبة في تسويق بعض مشروعاتهم وإعطائها قدرا من الشرعية أو قدرة على الرواج خاصة مع ما تمثله الجماعة من حضور وانتشار في شرائح وطبقات اجتماعية تصلح لأن تكون سوقا مستهدفا لأي مستثمر أو رجل أعمال.
ويحدث في بعض الأحيان أن ذلك الربط بين أموال أعضاء الإخوان وجماعتهم يأتي في سياق التحلل من الالتزامات المالية في حال فشل هذه الاستثمارات أو ضياعها باعتبارها "خاصة بالدعوة"! وربما للتخفيف من وطأة ذلك خاصة إذا ما راحت ضحية لضربة سياسية أو أمنية. (2)
وكما ذكرنا سابقاً فقد استغل الإخوان الأجواء المفتوحة إلى حد ما فى إعادة تطبيق الأفكار الاقتصادية الإصلاحية التى تتبناها الجماعة من خلال السعى لإنشاء مشروعات إقتصادية، فتمكن الإخوان المسلمون من تطوير مشاريعهم المالية الخاصة؛
ويعود ذلك جزئيا إلى روح التسامح التي سيطرت على النظام المصري في البداية وانتشرت فى فترة السبعينات والثماننيات شركات توظيف الأموال واثير الكثير من اللغط حول علاقة الإخوان بشركات التوظيف تلك.
وكذلك كان للإخوان دور فى نشر فكرة البنوك الإسلامية وتفعيل دورها لمواجهة البنوك الربوية، فقد تمثل دور الإخوان الاقتصادى فى عهد مبارك فى أربعة محطات رئيسية وهى
- شركات توظيف الأموال
- البنوك الإسلامية
- المشاريع الخاصة
- قصة بنك التقوى.
المبحث الأول: الإخوان وشركات توظيف الأموال
بدأت نشأة ظاهرة توظيف الأموال في نهاية السبعينيات و تحديداً في عام 1978 مع إعلان شركة الشريف للبلاستيك في الأخبار عن نيتها توظيف اموال المتعاملين معها في مشاريع اسلامية ربحية؛
و كذلك ستجمع المدخرات و تقوم بتوظيفها في مشاريع تتفق مع احكام الشريعة على حد وصفهم كذلك بدأت الايداعات مع محمود طاحون عام 1979 قبل تأسيس شركة (بدر) بعام كامل و بدأت الايداعات لدى الاخوة الريان من عام 1978 قبل تأسيس الشركة ب 4 سنوات كاملة ؛
و كذلك كان فتحي الريان في السعودية يقوم بعمل مشابه في نفس العام حيث يؤدي خدمات مثل شراء سلع كالاجهزة الكهربائية لهم و دفع أقساط التامين ثم يعود لجمع المدفوع بالعملة الصعبة و يقوم بتحويلها في السوق السوداء الممنوعة قانوناً (تجارة العملة) ؛
ليتطور الأمر ويجمع أموال من المغتربين لتوظيفها في مشاريع يصفها بالاسلامية دون المرور بالبنوك حتى يتفادى الربا على حد تعبيره قبل ان يعود لمصر عام 1980 و ينشئ مصنع للبلاط على أرض تملكها شقيقة زوجته و من المصنع بدا توظيف الاموال في مصر كعمل ثابت؛
ولذا يُعد عام 1978 هو العام الحقيقي لبدء توظيف الأموال بعيداً عن التواريخ الرسمية من هيئة سوق المال و مصلحة الشركات التي تؤرخ لتأسيس شركات توظيف الأموال مثل شركة الريان عام 1982 و شركة بدر (محمود طاحون) عام 1980 و الهدى و السعد في عام 1985 و نستطيع الاستدلال على هذا بحديث محمد الريان لجريدة الشعب في عدد 16 فبراير 1988 حين أكد على أن الريان و جميع شركات توظيف الأموال كانت تمارس عملها لسنوات قبل الاعلان الرسمي.
والمؤكد أن الإخوان كجماعة وتنظيم لم يكن لهم علاقة بشركات "توظيف الأموال" ولكن كان هناك بعض أفراد الإخوان لهم دور فى دعم تلك الشركات أو ان بعضهم كان له شركات خاصة بتلك النوع من الشركات.
كما أن المناخ العام للدولة الذى اتسم بمرحلة الصحوة الإسلامية ساهمت فى انتشار الأفكار الاقتصادية الإسلامية مما عمل على انتشار تلك الشركات بصورة كبيرة حتى تم الانقلاب عليها وانهائها بنهاية الثمانينات
ويروى د. هشام العوضي جانب من تلك التفاصيل فيقول:
- في مستهل السبعينيات خرج أحمد عبيد (رمز اخوانى) من سجون عبد الناصر وبدأ في عهد السادات بالعمل لصالح رجل الأعمال الإسلامي المستقل عبد اللطيف الشريف الذي كان يملك مؤسسة صغيرة لتصنيع المنتجات البلاستيكية وقد استفاد الشريف من سياسة الانفتاح التي تبناها السادات وتوسعت أعماله بسرعة طوال فترة السبعينيات ؛
- ولكن على رغم زيادة في الأرباح،كان ما يزال الشريف بحاجة إلى مزيد من الأموال لتوسيع تجارته وتحويلها إلى مؤسسة ضخمة مجهزة بماكينات حديثة ،واستخدم عبيد شبكة معارفه التنظيمية في إقناع أعضاء من الإخوان كانوا يعملون في دول الخليج ويبحثون عن فرص آمنة لتوظيف أموالهم في مصر ،بإيداع مدخراتهم لدي الشريف .
- وبالمقابل وظف الشريف العديد من أعضاء الإخوان الذين أطلق سراحهم حديثا من سجون عبد الناصر وممن كانوا لا يستطيعون السفر إلى الخليج ،أو ممن آثروا البقاء في مصر والعمل في القطاع الخاص .
- وبلغت أرصدة الشريف الإجمالية في أواخر السبعينيات ما لا يقل عن 300 مليون جنيه مصري وشاركت مجموعة شركاته في أعمال تراوحت ما بين بناء العمارات السكنية وتصنيع المنتجات البلاستيكية ومعدات الإضاءة ومواد التنظيف ،والمعدات الإلكترونية وكوفيء عبيد على جهوده بترقيته ليصبح عضوا في مجلس مدراء الشركات المختلفة وبراتب شهري مقداره 5000 جنيه مصري؛
- وكانت تلك زيادة مالية ملحوظة في فترة زمنية قصيرة جدا وبخاصة عند مقارنتها بمبلغ 180 جنيها مصريا كان يتقاضاه عندما بدأ العمل في العام 1974 وفي العام 1979 قرر عبيد الاستقالة من منصبه على إثر نزاع نسب بينه وبين الشريف حول طريقة إدارة الأخير لمؤسساته التجارية .
- بالاشتراك مع محمد عليوه وهو عضو في الإخوان ومقاول كبير أسس عبيد شركة الحجاز الاستثمارية ومن بين العديد من التطورات الأخرى أدي ذلك إلى تحول مدخرات الإخوان من مؤسسات الشريف إلى شركة الحجاز ،وابتداء من مطلع الثمانينيات شاركت شركة الحجاز في مشاريع استثمارية محدودة لكن أحد الأعمال المهمة التي قامت بها الشركة كان تقديم القروض لشركات المقاولات الصغيرة التي رغبت في الاستثمار في العقارات
- وشهد منتصف عقد الثمانينيات تعاظم أهمية دور أحمد عبيد وهو عضو مخضرم في الإخوان وصاحب شركة الحجاز الاستثمارية في بروز التكتلات المالية إلى جانب مؤسسات الشريف إلى حد فاق دور أشرف السعد وأحمد الريان اللذين لم يكونا عضوين في الإخوان ؛
- وكان السعد والإخوة الريان الثلاثة (أحمد وفتحي ومحمد) من بين المستفيدين من سياسة الانفتاح التي تبناها السادات حيث توصلوا إلى طرق سهلة لجني المال عبر التعامل بالعملات الأجنبية غير المنضبط بقوانين وعلى رغم أن هذه التعاملات حظيت بمباركة البنوك والحكومات الغربية والعمال المصريين؛
- فإنها كانت تتم بطريقة محظورة في السوق السوداء وفي ظل غياب المراقبة الصارمة من جانب الدولة أو غياب مراقبة الهيئات المالية الدولية وبحلول منتصف الثمانينيات بذلت الدولة جهودا لتنظيم عملية المتاجرة بالعملات الأجنبية ولتعزيز دور البنوك الحكومية وبناء على ذلك شن مصطفي سعيد وزير الاقتصاد بين عامي 1983-1985 حملة جدية ضد اشرف السعد وأحمد الريان ..
- بالإضافة إلى أكثر من 50 تاجرا غير قانوني في مسعي إلى إلغاء السوق السوداء وفرض معدلات صرف رسمية جديدة وسرعان ما تم اعتقال السعد والريان ولكن أطلق سراحهما بكفالة في وقت لاحق وكان أحمد عبيد هو الذي دفع الكفالة بعد أن صادرت الحكومة الأموال التي جمعها السعد والريان بل عوضهما عن بعض الثروة التي فقداها ووافق على إبرام عقود شراكة معهما في مشاريع تجارية صغيرة في مرحلة لاحقة .
- واستأنف السعد نشاطه المهني المالي في منتصف الثمانينات عبر تأسيس شركة جديدة اسمها شركة اشرف سعد وبشراكة مع شركة بارتنر كار (التي امتلكها عبيد نفسه) والتي وفرت 80 بالمئة من رأس المال وعملت شركة السعد في تجارة السيارات الحديثة وكان زبائنها أساسا من العمال المصرين الذين يعملون في الخليج وفي العراق ؛
وقد شهد محمد شلبي وكان يملك شركة اسمها " العقارية" لتوظيف الأموال أيضا قصة ولادة تحالف السعد-عبيد وتطور هذه العلاقة:
- " كنت هناك عندما ذهب اشرف السعد إلى عبيد وأقنعه بأن يكون شريكه في شركة السيارات وافق عبيد وبعد ذلك بوقت قصير أسس السعد شركة لبيع السيارات في السمبلاوين (في محافظة الدقهلية) حيث أسهم عبيد بثمانين بالمئة من رأس المال ونمت الشركة وأراد السعد أن يستأثر بالشركة لنفسه وفي نهاية المطاف قرر السعد فسخ شراكته مع عبيد ". (3)
التضييق على شركات توظيف الأموال
قام نظام مبارك في السنة التي تلت التوقيع على اتفاقية العام 1987 مع صندوق النقد الدولي بالتضييق على شركات التوظيف الإسلامية (القانون الرقم 146 للعام 1988) كجزء من حملة أوسع نطاقا لإصلاح الاقتصاد وتولي السيطرة على الموارد وعلى حركة الأموال في البلد؛
فقد أدي انتشار شركات التوظيف في الثمانينيات والعائدات الكبيرة التي وفرتها للمقرضين إلى إقدام العديد من الأشخاص على سحب مدخراتهم من البنوك الحكومية ووضعوها في شركات لتوظيف وتحت تصرف الإسلاميين ونتيجة لانتشار شركات التوظيف أقفلت البنوك الحكومية بين عامي 1983-1986 حسابات بنكية تزيد قيمتها على 8 مليارات جنيه مصري؛
واستنادا إلى تقارير خاصة فقد جري تحويل أغلب هذه الحسابات إلى شركات التوظيف بسبب الأرباح الكبيرة التي كانت توزعها على المستثمرين (مقارنة بعوائد بنوك الدولة) وزاد ذلك لا شك من ضعف الدولة ودفعها إلى القيام بعمل جدي ضد توسع شركات التوظيف كخطوة أولية نحو إعادة جذب حركة الأموال وسحبها من الإسلاميين إلى البنوك الحكومية؛
وفي تلك الفترة كان التضييق على شركات التوظيف جزءا من مخطط أوسع لكبح نمو قوة الإسلاميين بدءا بخطة تجفيف مصادرهم المالية ولعبت صحيفة الأهالي لسان حال حزب التجمع الشيوعي , إلى جانب الصحف الأخرى التي تملكها الدولة دورا بارزا في زيادة حدة مخاوف النظام من أن شركات التوظيف تشكل مصدرا لتمويل أعمال الجماعات المسلحة وللحملات الانتخابية للإخوان
وفي أواخر الثمانينات كان الريان يفكر في الاستثمار في مشروع للنقل العام في محاولة منه لحل مشكلة الطرقات المزدحمة في مدينة القاهرة وتقدم فعلا باقتراح إلى وزارة النقل لتوفير الرأسمال اللازم لشراء حافلات؛
وقد تم القبول بالاقتراح وحصل الريان على الرخص اللازمة لتأسيس الشركة ولكن النظام تدخل في آخر لحظة وألغي المشروع لما بدا الاتفاق بين وزارة النقل والريان في الأعلام وكأنه علامة على خضوع الدولة للتأثير الإسلامي المتنامي .
واعتبرت الشركات المالية التي يملكها إسلاميون تهديدا لخطط الدولة في المشروع في إصلاحات هيكيلة ولرغبتها في حماية المستثمرين في القطاع الخاص فقد كان معظم هؤلاء المستثمرون من طبقات رأسمالية أو لها صلات أجنبية أقرب إلى توجهات النظام وصندوق النقد الدولي من المستثمرين الإسلاميين ؛
كما أن هذه الطبقات لم تكن تشكل تهديد (بل عاملا مساندا) لهيمنة الدولة على حركة الأموال أو الموارد المالية عموما على عكس شركات التوظيف الإسلامية وفي النهاية فقد شهدت السنوات الأخيرة من عقد الثمانينيات نهاية فعليه لشركات التوظيف وبروز طبقة جديدة من رجال الأعمال .
ويرى د. عبد الحميد الغزالي (القيادى الإخوانى رحمه الله) أن شركات توظيف الأموال بصفة عامة هى أداة لحشد المدخرات وتوجيهها إلى مجالات الاستثمار، وبهذا التحديد تُعد صيغة أساسية تدعم النظام المصرفى القائم فى تحويل الجهود الإنمائية، ومعظم هذه الشركات تبنت الصيغة الإسلامية للعمل المصرفى والتمويل.
ويضيف د. الغزالى
- " إن اهتمام شركات توظيف الأموال الجادة يبدأ بتوجيه الموارد لإنتاج الضروريات من المنتجات الاقتصادية،استهلاكية كانت أو انتاجية،ثم بعد استيفاء هذه الضروريات والتى يحددها المجتمع وفقاً لاحتياجاته الفعلية.
- ويرفض د. الغزالى أن تُجمع أموال المسلمين ثم توظف توظيفات ثانوية لاتخدم قضية تنمية الاقتصاد المصرى سواء باستخدامها فى الداخل أو فى الخارج كالمضاربة فى العملات الأجنبية أو المعادن النفيسة أو حتى الأوراق المالية فى السوق الدولية.
ويقول الغزالى:
- أن شركات توظيف الأموال ليست كلها شراً يجب محاربته كما انها ليست كلها خيراً يجب تشجيعه وإنما تحتاج إلى وقفة من قبل المسؤلين لتقويم التجربة ومعالجة أوجه القصور فيها سواء كان ذلك بالنسبة للشكل القانونى أو بالنسبة لأوجه أنشطتها لأنه بكل تأكيد هناك ضرورة إنمائية لوجود مثل هذا النوع من الشركات شريطة توافر الضوابط القانونية والشرعية والتوظيفية المناسبة للمشاركة الجادة والفاعلة فى عملية تنمية الاقتصاد المصرى.
ويوضح د. حسين شحاته (القيادى الإخوانى وخبير الاقتصاد الاسلامى) دور التيار الاسلامى تجاه شركات توظيف الأموال فيقول:
- أن نوضح لها المسار الصحيح وان ننصحها بأن بعض الصيغ الاستثمارية التى تسير فيها ولايقرها الشرع خطيرة على الإسلام والمسلمين.
- أن نقدم لها دراسات جدوى إقتصادية من منظور إسلامى كبديل لبعض التوظيفات التى لنا عليها تحفظ. (4)
المبحث الثانى:الإخوان والبنوك الإسلامية
كما ذكرنا سابقاً فقد شهدت فترة السبعينيات والثمانينات إقبال واضح على المؤسسات الإسلامية وساهم فى ذلك بعض رجال الأعمال الخليجين الذين برز دورهم بعد اكتشاف النفط بغزارة فى دول الخليج فانتشرت المؤسسات التى تتبنى الرؤية الإسلامية للاقتصاد وبرزت البنوك الإسلامية مثل فيصل وغيرها؛
وكان للإخوان وعلمائهم دور كبير فى انتشار تلك البنوك فبرزت اسماء إقتصادية إسلامية مثل د. عبد الحميد الغزالي "رحمه الله" ود توفيق الشاوي ود. حسين شحاته وغيرهم
فكانت البنوك الإسلامية من أنواع المؤسسات المالية التي تسامح معها النظام في مستهل الثمانينيات ولعب الإخوان دورا بارزا أيضا في تأسيسها وتطويرها وكان يوجد في مصر في أواخر السبعينيات ومستهل الثمانينات بنكان إسلاميان رئيسيان..
هما البنك الدول الإسلامي للاستثمار والتنمية وبنك فيصل الإسلامي وكلاهما تأسس في لعام 1979 وكان المدير التنفيذي لبنك فيصل في احدي المراحل أحمد عادل كمال "قيادى فى التنظيم الخاص" ولديه اهتمام خاص بالاقتصاد الإسلامي ؛
والأعضاء المعروفون الآخرون فى الإخوان تضمنوا حلمي عبد المجيد وتوفيق الشاوي وكلاهما كان عضوا في مجلس إدارة البنك وبالمثل ضم مجلس إدارة البنك الدولي الإسلامي للاستثمار والتنمية بعض القيادات الإخوانية مثل عبد الحميد الغزالي وسعد عمارة وخيرت الشاطر.
ويرجع احد الباحثين اسباب تدهور البنوك الإسلامية خلال فترة التسعينيات إلى عدة عوامل أهمها:
- قد تعرضت البنوك الإسلامية التي لعب الإخوان دورا في تطويرها أيضا لمضايقات حكومية وقد جردها الشيخ محمد طنطاوي من مؤهلاتها الدينية بفتاوي مثيرة للجدل أنكر فيها وجود شئ اسمه بنوك "إسلامية"
- وجادل بأن الفوائد التي تعطيها البنوك الحكومية هي أرباح حلال كما شوهت سمعة البنوك الإسلامية بسبب أدائها والصراعات والنزاعات الداخلية فيها وهي ظروف استغلها النظام كعذر لكي يتدخل في شؤونها .
- فقد توقف النمو المطرد الذي حققه البنك الإسلامي الدولي في مستهل الثمانينات عندما نشب خلاف سنة 1988 بين أحمد أمين فؤاد رئيس مجلس إدارة البنك وبين أعضاء المجلس الذين كان أكثرهم من الإخوان ويرجع سبب الخلاف إلى المصاريف والمخصصات الزائدة التي كان فؤاد يحصل عليها؛
- واستنادا إلى عبد الحميد الغزالي وهو قيادي من الإخوان وعضو في مجلس إدارة البنك فقد بلغ الراتب الشهري الصافي لفؤاد 1760 دولارا أمريكيا في حين بلغت مخصصاته السنوية التي تغطي تكاليف السفر ومصاريف أخري غير محدودة حوالي 20244 دولارا أمريكيا؛
- وما ألمح إليه الغزالي وزملاءه الإسلاميون في مجلس الإدارة هو أن فؤاد كان يستغل منصبه الرفيع في البنك في تخصيص أرباح غير قانونية لنفسه في حين أدعي فؤاد بأن هناك نوايا خبيثة لدي الإسلاميين الذين نشروا هذه الاتهامات الكاذبة بهدف إحكام سيطرتهم على البنك.
- وساءت العلاقات بين أعضاء الإدارة ورئيسهم وكان على البنك المركزي أن يتدخل لحل المجلس وتعيين أحد ممثليه رئيسا للبنك الإسلامي الدولي وعلى رغم أن هذه الخطوة أضعفت من نفوذ الإسلاميين فهي لم تكن تعني زوال نفوذهم بالكامل في مساحات أخري؛
- وبعد وقت قصير من تعيين حسن استغل الشريف الصعوبات المالية التي يعانيها البنك وتقدم بعرض لشراء حصة كبيرة من أرصدته وقد منحه حجم ملكيته للأرصدة الحق في اختيار تعيين ثلاثة أشخاص في مجلس إدارة البنك فاختار الشريف في حينه تعيين خيرت الشاطر (من قيادات الإخوان وصاحب نفوذ) وصالح الحديدي وإسماعيل الهضيبي (شقيق المرشد الراحل مأمون الهضيبي) وجميعهم أعضاء في الإخوان المسلمين؛
- ولكن ذلك لم يعن الكثير من الناحية العملية باعتبار أن الوضع المالي للشريف كان ضعيفا أصلا بسبب تدهور أوضاع كافة شركات التوظيف التابعة له وبسبب الخسائر التي كان يمني بها البنك بعد التضييق عليه وفي نهاية لمطاف تدخل البنك المركزي من جديد وقرر هذه المرة بيع أغلب أرصدة البنك لبنوك القطاع العام متهيأ بذلك قصة البنك الإسلامي الدولي. (5)
قصة بنك التقوى
بنك التقوى الباهاما (The Al Taqwa Bank) بنك تأسس من قبل مجموعة من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في 1988 م أبرزهم رجل الأعمال المصري الإيطالي يوسف ندا ،قد كان البنك "أول بنك إسلامي" يعمل خارج الدول الإسلامية، وقد قام يوسف ندا بدمج أمواله مع أموال صديقه غالب همت، حتى يزداد رأسمال البنك؛
وبالفعل استطاع البنك تحقيق مكاسب كبيرة في سنواته الأولي، وأصبح يوسف ندا شخصية مرموقة في عالم الاقتصاد والمال في أوروبا، ودول العالم الإسلامي.
يقع مركز البنك الرئيسي في جزيرة ناسو بجزر البهاما المجاورة للولايات المتحدة وهي جزر متاح بها العمل على نظام "الأوفشور" في العمليات المصرفية والاستثمارية من دون مراقبة من حكومات،وأعلنت ميزانية البنك المجمعة في 31 ديسمبر 1994 م. 258.667.162 دولار أمريكي،أفلس البنك في العام 1998 م.
بنك التقوي واحداث 11 سبتمبر
أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش، عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 تجميد أموال مجموعة التقوى بتهمة الإرهاب.
ونفي يوسف ندا عدة مرات أن يكون بنك التقوي "حصالة الإخوان المسلمين" أو أن يكون للجماعة أموال مودعة به ففي مقابلة مع قناة الجزيرة قال: الجماعة لا توجد لها أموال في البنك، ولكن كأفراد بالتأكيد يوجد لأن بنك التقوى فيه أموال أفراد من جميع دول المسلمين.
وقد وجهت إتهامات للبنك بوجود صلات بعدة منظمات وشخصيات ارهابية دولية مثل أسامة بن لادن وتنظيمه "القاعدة"، حيث كان اثنين من أقرباء أسامة بن لادن من بين حملة الأسهم في البنك.
وخلال التحقيقات بشأن تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في شرقي أفريقيا في 1998 اكتشف أن أحد مؤسسي البنك وهو "أحمد إدريس نصر الدين" وهو ثري من أصول إثيوبية والذي عمل ذات مرة قنصلا فخريا للكويت في ميلانو، وأحد الموظفين السابقين في مجموعة بن لادن..
فانه وحسب كلام يوسف ندا فان نصر الدين كان "الممول الرئيسي" للمركز الإسلامي في ميلانو، والذي تعتقد الحكومة الأمريكية أنه أي المركز اعتبر محطة لإرسال المتدربين إلى معسكر تدريب تنظيم القاعدة في "أفغانستان" رأس مجلس ادارته يوسف ندا الذي صنف من قبل الاستخبارات الأمريكية كأحد داعمي جماعات مثل جبهة الإنقاذ الإسلامية الجزائرية، وأغلق البنك العام 2001 بقرار دولي من مجلس الأمن الدولي بعد اتهامات له بدعم وتمويل الارهاب.
وقد ثبت عدم صحة الإتهامات الموجهة لبنك التقوى ومجموعة ندا للإدارة بتمويل جماعات ارهابية وبالتالى حفظ التحقيق في القضية في عام 2005 ثم التخلى عن التحقيق بعد ثبوت بطلان الإتهامات الموجهة للمجموعة في عام 2007 كما نشرته وكالة سويس انفو السويسرية
وكان من كبار المودعين في بنك التقوي الشيخ يوسف القرضاوي وزغلول النجار... وعدد من كبار قادة جماعة الإخوان المسلمين مثل خيرت الشاطر.
علاقة الإخوان المسلمين ببنك التقوى الإسلامي
أوضح يوسف ندا القيادى الاحوانى ورئيس مجلس إدارة بنك التقوى أنه لاتوجد أى علاقة تنظيمية بين البنك وجماعة الإخوان، مشيراً إلى حوار له فى قناة الجزيرة أن هناك مساهمين كأفراد ينتمون إلى جماعة الإخوان لكنها ليست أموال جماعة الإخوان
وسنقتطف جزء من هذا الحوار:
- أحمد منصور: لكن بنك التقوى بيوصف إنه حصَّالة الإخوان المسلمين، وأنك حينما أعلنت عن تأسيس البنك في سنة 88 زيَّلت الإعلان بأسماء قيادات الإخوان في أنحاء العالم.
- يوسف ندا: يعني هتخلط
- أحمد منصور: أما يعني هذا إن دا بنك
- يوسف ندا: أنت هتخلط بين حاجتين بين أساليب الدعاية والإعلان وده تكتيك معين، يعني مضطر الإنسان إن هو ياخده إذا دخل في أي موضوع، أنتم مثلاً عندكم في.. في (الجزيرة) عندكم برضو قسم الإعلان والدعاية و.. و.. وإلى آخره، أي بنك أو أي شركة أو أي عمل..
- أحمد منصور "مقاطعاً": لكن الاقتصار على فئة معينة هذا يضع علامات استفهام كثيرة.
- يوسف ندا: لا.. لأ، إحنا كان عندنا.. إحنا كثير من اللي إحنا متصلين بيهم ولهم معروفين في العالم الإسلامي أو معروفين في أماكن متعددة أستأذنا منهم إن إحنا ممكن إن إحنا ندي لكل واحد فيهم سهم، ونحطهم كمؤسسين، بعد كده.
- أحمد منصور: السهم بكم يعني؟
- يوسف ندا: السهم بـ100 دولار.
- أحمد منصور: يعني مقابل استغلال أسمائهم لجلب الأموال؟
- يوسف ندا: لأ، هو يدفع الـ 100 دولار، إحنا ندي له سهم وهو يدفع.. يدفع قيمته.
- أحمد منصور: ما هو 100 دولار وتضع اسمه مقابل إن.. إنه يساعدك في جمع الأموال من الناس..
- يوسف ندا: لأ، هو يساعدني في إن.. في إن أنا الأسماء المعروفة، يعني الناس ما تكونش بتتعامل في مكان مجهول، إن أي واحد ممكن يروح يستعلم عننا.. يستعلم عننا عند الأسماء اللي إحنا حطناها.
- أحمد منصور: بعد تجميد أموال البنك شعر كثير من المودعين في البنك إن أنتوا استغليتم أموال البنوك في الحصول على بيوت وأملاك وكذا، وفي نفس الوقت أصبح هؤلاء الناس مفلسين بعدما وضعوا أموالهم بثقة إن هذا بنك إسلامي ويديرها بشكل إسلامي.
- يوسف ندا: إحنا الحمد لله أولاً: فيه حاجتين، إحنا كل ما عندنا.. كله يعني استطعنا نفعله قبل 15 أو 20 سنة من إنشاء البنك، يعني إذا تكلمت عن البيوت اللي عندنا أو الممتلكات اللي عندنا لم تزد عندنا الممتلكات، وكل ما كان عندنا غير البيوت اللي إحنا بنعيش فيها وغير بعض الممتلكات الصغيرة، كل الباقي حطيناه في البنك، وضاع في البنك كما ضاعت حقوق الناس.
- أحمد منصور: أموالكم أيه في البنوك مقارنة بأموال المودعين؟
- يوسف ندا: إحنا عندنا في البنك يمكن 25% منه، مش من فقط رأس ماله.
- أحمد منصور: وأموال الإخوان في البنك كانت قد أيه؟
- أحمد منصور: كجماعة.
- يوسف ندا: كجماعة ليس لها حتى دولار واحد
- أحمد منصور: أمال أفراد أموال الإخوان؟
- يوسف ندا: أما الأفراد لو جمعت مجموع الأفراد اللي هم أصل.. لهم علاقة بالإخوان أو إخوان لا يمثلوا حتى 3 أو 4% من الموجود في البنك
- أحمد منصور: والباقي من الشخصيات العادية من المسلمين.
- يوسف ندا: من العالم كله.
- أحمد منصور: منين المودعين؟ في أي.. من أي الدول؟
- يوسف ندا: من العالم كله.
- أحمد منصور: ألم يكن للإخوان أي أموال مودعة في البنك عندك؟
- يوسف ندا: لم يكن، وليس عندهم أموال.
- أحمد منصور: كيف كنتوا توظفوا أموال الإخوان؟
وقد أكد عدد من قيادات جماعة "الإخوان المسلمون" أن بنك التقوى ليس بنكا للجماعة وان كان عدد من مؤسسيه من الإخوان، وأعرب المستشار مأمون الهضيبي عن اعتقاده بأن البنك سيقوم بمقاضاة السلطات التي قررت التجميد؛
وقال ان معلوماته القليلة، تشير الى أن مكتب المحاسبة الذي قام بأعمال التصفية هو مكتب اميركي، "وربما شارك سويسريون أيضا" مشيرا الى أن السلطات المصرية كانت قد رفضت اقامة البنك منذ التفكير في تأسيسه قبل عشر سنوات، وانه لا يعلم ان للبنك أية مشروعات في مصر؛
من جانبه اعتبر الأستاذ محمد فريد عبد الخالق ان قرارات التجميد الاميركية التي طالت بنكي التقوى والبركة، وغيرهما:
- "قرارات تحتاج الى ترشيد ومراجعة، فهذه المؤسسات كانت تعمل في أطر قانونية دولية وتخضع لرقابة عدة جهات معتمدة، وتتمتع بأوضاع قانونية مستقرة؛
- ومن ثم يجب ان لا يتم تجميد أي حساب فرعي فيها فضلا عن تجميد أموال البنك كله الا بعد تقديم أدلة ثبوتية حاسمة، واضاف أن العالم يمر بمحنة اقتصادية زادتها أحداث 11سبتمبر وما بعدها قوة ..
- وأنا بالمناسبة ضد الارهاب وضد ضرب المدنيين ومن ثم فإن الاندفاع الى اعلان قوائم تجميد كل فترة سيصيب الجهاز المصرفي والمالي العالمي بانهيارات لا تحتمل".
وقال فريد عبد الخالق، وأيضا المستشار الهضيبي، انهما ليس لهما أموال في بنك التقوى، وانهما لا يعرفان ان كان بنك التقوى السوداني، واحدا من فروع تقوى البهاما ايطاليا أم لا؟. (7)
وإجمالاً فقد حققت تجربة البنوك الإسلامية قدر كبير من النجاح وانتشار ما أطلق عليه "الاقتصاد الإسلامى" حتى تغيرت نظرة المؤسسات الدولية تجاه تلك التجربة فقد قال تقرير لصندوق النقد الدولى أن "العالم يغير نظرته إلى البنوك الإسلامية"
فقد اتسم رد الفعل الغربى فى البداية بالسخرية والإستهزاء من هذا النظام البديل للبنوك الربوية المنتشرة فى بقاع العالم واعتبر الغرب البنوك الإسلامية "ظاهرة من ظواهر التطرف الدينى"
وبعد فترة من ممارسة البنوك الإسلامية لنشاطها ونجاحها فى مجالات كثيرة تغيرت النظرة قليلاً فتلاشت نبرة السخرية والوصم بالتطرف ليحل محلها قدر من "التحمل" أو "عدم الممانعة"؛
أما الآن، وبعد أن انتهت حقبة طويلة من العكوف على دراسة هذا النظام من جانب الغرب وفحصه عن قرب، بدأت بعض المؤسسات المالية الغربية وكثير من البنوك التجارية الربوية فى العالم الإسلامى نفسه لا فى الاقتناع به فحسب بل فى الإقتداء به وتطبيقه لديها. (8)
المبحث الثالث:المشاريع الخاصة
كما ذكرنا سابقاً أن المشروعات الإخوانية التى انطلقت مع الإمام البنا قد توقفت مع قرار حل الجماعة فى 1948 ولم تعود بعد ذلك، سوى من خلال مشروعات شخصية لبعض أفراد الجماعة سواء من خلال شركات فردية أو شركات مساهمة،
ويروى د. هشام العوضي قصة أحد الرموزالإخوانية ودوره فى العمل الاقتصادى وهو د. خالد عبد القادر عودة فيقول:
- بدأ خالد عودة ممارسة التجارة في العام 1980 في مصنع صغير يدعي " الرباط" لصنع الألبسة وكان يوجد في المصنع اثنتا عشر ماكينة خياط وحسب ولم يكن يزيد عدد العاملين فيه على عشرين عاملا وخلال الثمانينيات توسع المصنع ولم يتأثر كثيرا بالاعتقالات التي استمرت لفترة وجيزة لأعضاء الإخوان في العام 1981؛
ويشرح عودة المسألة بالقول:
- " إن اعتقالات السادات لم تكن تستهدف الإخوان بل كانت حملة ضد المعارضة بأكملها بما في ذلك الأقباط ولهذا السبب لم يعان كافة أعضاء الإخوان منها وعندما وصل مبارك إلى السلطة ازدهرت أعمال المصنع بوتيرة أعلي بل اختارته وزارة التموين أيضا بعد وقت وجيز لتزويدها بملابس قليلة الكلفة لصالح القطاع العام
- وقع الاختيار علينا لأن اليد العاملة قليلة الكلفة في أسيوط بعثت وزارة التموين إلينا بالأقمشة وصنعنا كافة أنواع الملبوسات للرجال والنساء والأطفال وكانت الوزارة تسلم هذه الألبسة للقطاع العام لبيعها بأسعار زهيدة وكان الناس سعداء بمنتجات المشروع .
- وكان ذلك يعني أنه في أواخر الثمانينيات بات مصنع عودة يضم خمسا وأربعين ماكينة خياطة ونحوا من مئة عامل وفي العام 1982 أسس عودة مصنعا آخر هو " البنيان المرصوص " لصنع أحجار البناء ومرة أخري ازدهرت منتجات المصنع ولم يتأذ بمشكلات الجماعة الإسلامية بأسيوط ؛
- ويؤكد عودة على أن النظام ان يميز بين الإسلاميين المتطرفين والإسلاميين المعتدلين وقتئذ كان واضحا أن الإخوان استفادوا من الأجواء الاقتصادية التي واكبت مجئ مبارك إلى السلطة وبدا واضحا سعي كلا الطرفين الإخوان ومبارك إلى توظيف الميدان الاقتصادي لتعزيز شرعيتهما كل على حدة. (9)
كما بني عودة مصنعا آخر لتصنيع الأخشاب "مصنع الفتح" سنة 1984 قدرت قيمة معداته الحديثة بمئات الآلاف من الجنيهات المصرية واستنادا إلى عودة كان هذا المصنع هو ثاني أكبر مصنع لصنع لتجهيزات الخشبية والأثاث في مصر وقد عمل في هذا المصنع نحو من 120 عاملا ووصلت طاقته الإنتاجية إلى إنتاج مئة باب ونافذة في اليوم وتخصص المصنع الرابع لعودة مصنع " الرشاد " في تصنيع المواد البلاستكية.
وأقر عودة أن مبارك لم يتدخل أبدا لعرقلة مشاريعه في الثمانينات بل إنه تسامح في الواقع مع توسيع هذه المؤسسات كما كان الحال مع شركات الاستثمار الإسلامية كما أوضح أن النظام كان على دراية بأن كافة هذه المشاريع يملكها عضو في الإخوان المسلمين ؛
وهو مما يعكس تمييزا واضحا بين الإخوان والجماعة الإسلامية المتطرفة في أسيوط وكان مصنع الرباط بمثابة حالة ساطعة على التعاون بين الدولة والإخوان في حين استفاد الإخوان من القطاع العام فضلا عن القطاع الخاص في استثمار مواردهم وزيادة حجم تأثيرهم؛
ولكن بصرف النظر عن مدي صغر حجم المشاريع التجارية التي يملكها عودة ساهمت هذه المشاريع بالتأكيد في " الدعاية بالأفعال " حتى وإن زعم الإخوان أنها كانت محدودة من الناحية الفعلية عبر إظهار ما يمكن للحركة تحقيقه في الميدان المالي. (10)
المبحث الرابع:الحرب المالية على الإخوان
من المؤكد أنه بالرغم من حجم التضييق على الإخوان سواء التضييق الأمنى أو الإقتصادى إلا أن الجماعة استطاعت تحقيق بعض النجاحات على المستوى الاقتصادى، فقد استغل الإخوان إخفاقات النظام واستفادوا من انسحاب الدولة الجزئي الذي فرضته الإصلاحات الاقتصادية لتوسيع دورهم الخدمي وتعزيز عقدهم الاجتماعي مع الناس فبالإضافة إلى الإنجازات التي حققوها في النقابات .
فقد حقق الإخوان انجازات على مستوي الرعاية الاجتماعية داخل الأحياء السكنية وفي مناطق الحضر والريف على السواء وارتفعت مثلا نسبة المنظمات والهيئات الخيرية التي يسيطرون عليها من 35 بالمئة في منصف الثمانينيات إلى 43 بالمئة في عام 1991 ؛
ولم يمانع النظام مبدئيا في تزايد أعداد هذه الجمعيات لخيرية طالما أنها تعوض الناس عن تراجع خدمات الحكومة وانسحاب دور الدولة والأهم من ذلك طالما أنها ظلت تعمل بصمت ومن دون تسييس خدماتها؛
كما حصل مع النقابات ولكن الإخوان لم يكن لديهم الاستعداد للقيام بما ارتضته الدولة ونما وظفوا الفضاءات التي سيطروا عليها بصرف النظر عما إذا كان طبيعتها تسمح بذلك في توجيه انتقادات سياسية لاذعة إلى إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تقوم بها الدولة .
وواصل الإخوان الجهر بانتقاداتهم للإصلاحات الاقتصادية والتحذير بشدة من خطط الحكومة لبيع القطاع العام المستثمرين أجانب (غربيين) وأصرّ المرشد السابق مأمون الهضيبي على انه إذا سمحت الحكومة للأجانب بشراء الشركات المصرية فإنها ملزمة على الأقل باطلاع الشعب على أسماء هذه الشركات الأجنبية ..
(وعلى هويات أصحابها) لطمأنة المصريين على استقلالهم الوطني وشكك عصام العريان في نزاهة واستقلالية صندوق الدولي والبنك العالمي اللذين يري أنهما يخضعان لهيمنة الولايات المتحدة ورغبتها في ضم مصر إلى السوق العالمية دونما اعتبار لخصوصيات الثقافة والاقتصاد المحلي وحذر شهاب الدين وهو صحافي من الإخوان في كتابه الذي ناقش فيه خصخصة القطاع العام من النتائج التي ستعود على الدولة وعلى المجتمع من جزاء خصخصة قطاعات الصحة والإسكان والتعليم.
وقد انزعج النظام من الصوت الزاعق للإخوان إزاء الميدان الاقتصادي وشن حملة أمنية استهدفت الكيانات الاقتصادية للجماعة أو لبعض أعضائها المستنفذين وفي شباط فبراير 1992 أغارت أجهزة المخابرات على شركة "سلسبيل" للكومبيوتر؛
واعتقلت صاحبيها حسن مالك وخيرت الشاطر (وهو عضو رفيع في التنظيم وعضو سابق في مجلس إدارة البنك الدولي الإسلامي للاستثمار) ووجهت الاتهامات إلى الاثنين بأنهما ينتميان غلى جماعة سرية ويعقدان اجتماعات خاصة داخل الشركة للتخطيط لقلب نظام الحكم .
وادعت الأجهزة الأمنية بأنها عثرت على أقراص تحتوي على خطة مفصلة للاستيلاء على البلاد وإقامة دولة إسلامية أطلق على الخطة التي احتوت عليها الأقراص اسم " خطة التمكين " وهي تشرح الطرق لتي تمكن الحركة من إحكام سيطرتها على الدولة وعلى المجتمع وكيفية مواصلة اختراق مؤسسات الدولة والنقابات؛
ووجدت أيضا وثائق تتعلق بموقف الإخوان من "الآخرين " بما في ذلك النظام والأقباط والأحزاب السياسية وجماعات الضغط والحركات الإسلامية واليهود والولايات المتحدة ولو وضعنا هذه الخطة جانبا نجد أن مخاوف النظام تفاقمت عندما اكتشف في وقت لاحق ان شركة "سلسبيل" باعت عددا من أجهزة الكومبيوتر للجيش ولأجهزة المخابرات؛
وتحولت قضية شركة "سلسبيل" إلى مبرر كي يشن النظام حملة أكثر تنظيما على المشاريع الاقتصادية التي يديرها إسلاميون والتي وفقا للدعاية التي بثها النظام لم تكن أكثر من واجهات لأنشطة عسكرية تستهدف إسقاط النظام.
وأوقفت الحكومة تعاملها مع خالد عودة رجل الأعمال الإخواني من أسيوط من خلال وقف مشروع " كساء العاملين بالدولة " الذي كان مصنع عودة ينتج منه ملابس الموظفين العاملين في القطاع الحكومي (راجع الفصل الثالث)
ولم يؤد انتهاء المشروع الذي كانت تدعمه وزارة التموين إلى إفلاس المصنع وإقفاله وحسب بل أدي أيضا إلى خسارة العمال لوظائفهم في المصنع وعندما اشتكي عودة شخصيا إلى الرئيس مما حصل قيل لم تعد مسئولة كما كانت في الماضي عن توفير ملابس بأسعار مدعومة لموظفي القطاع العام .
واتهم عودة مبارك بأنه "كذب" (والتعبير له) على المصريين عندما وعد في الثمانينيات بأنه لن يبيع القطاع العام ولا سيما تلك الشركات التي تحقق أرباحا مثل مشروع " مساء العاملين بالدولة" الذي كان يأتي بعائدات جيدة للقطاع العام؛
ويعتقد عودة أن مشاريعه التجارية تضررت هي الأخرى نتيجة سوء إدارة الاقتصاد المصري فخلال الثمانينيات وبمباركة من الدولة ازدهرت مصانعه لكن أوضاعها تدهورت في التسعينيات لنقص القوة العاملة في مصانعه إما بسبب الخوف من مضايقه الأجهزة الأمنية أو بسبب الركود الذي خلفته الإصلاحات الاقتصادية ؛
ففي مصنع " البنيان المرصوص" للطوب انخفض عدد العاملين من 100 عامل في العام 1988 إلى 25 عاملا فقط في العام 1991 وانخفض عدد العاملين في مصنع " الفتح" للأخشاب من 120 عاملا إلى 50 عاملا في الفترة نفسها أيضا وأقفل مصنع " البلاط " للمنسوجات أبوابه في العام 1991 وكان يعمل فيه في العام 1988 حوالي 100 وذلك بسبب وقف الحكومة لمشروع " كساء العاملين بالدولة" الذي أشرت إليه .
وإلى جانب تقلص عدد العاملين في مصانع عودة فقد تعرض بعضهم أيضا لمزيد من المضايقات من الشرطة عندما قرر عودة خوض انتخابات مجلس الشعب في العام 2000 مرشحا عن محافظة أسيوط؛
وعندما التقيت بعودة في منزله بالقاهرة تحدث باستياء عن تجاربه المريرة مع قوي الأمن في أسيوط خلال حملته الانتخابية قائلا:
- "اعتقلت الأجهزة الأمنية 26 عاملا في أحد مصانعي ووضعتهم في السجن حتى يوم بعد إجراء الانتخابات لأنهم كانوا يساعدونني في الحملة وجري اعتقال آخرين مما كانوا يعلقون الملصقات على الجدران يوزعون المناشير وقد شعر أغلب العاملين بالخوف بالطبع بحيث إنهم لم يتخلوا عن مساعدتي في حملتي وحسب بل ترك بعضهم العمل في المصنع أيضا ".
واستهدفت الأجهزة الأمنية عودة وعملت على مضايقته وعرقلة جهوده الاقتصادية في توسيع مشاريعه وتمثلت احدي الإجراءات التي اتبعت معه ومع رجال أعمال آخرين من الإخوان بعرقلتهم وأحيانا بحرمانهم من الحصول على الرخص المطلوبة من السجل لتجاري لتأسيس مشروع جديد لقد كان عقد التسعينيات بالتأكيد هو عقد التضييق على الإخوان على الصعيد كافة وقد تجلي ذلك أكثر بحلول منتصف التسعينيات. (11)
استهداف رجال الأعمال من الإخوان
في حين عمل النظام على تسهيل أعمال حلفائه من رجال الأعمال الليبراليين استمر في تصعيد مواجهته مع الإخوان المسلمين ومع مواردهم المالية وأشير إلى أنه من بيم الأربع قضيا المرفوعة ضد الإخوان في المحاكمات العسكرية رفعت واحدة كان لها بعد اقتصادي فقد اتهم النظام عبد الوهاب شرف الدين بأن لديه اتصالات مع جماعات إسلامية متطرفة داخل مصر وخارجها وصدر عليه حكم بالسجن ثلاث سنوات؛
كان شرف الدين رجل أعمال من الإخوان وصاحب شركة ضخمة للاستيراد والتصدير تعمل في السويس فضلا عن عدة مؤسسات أخري في القاهرة وكان العضو الوحيد من الإخوان الذي يحاكم إلى جانب عضوين من الجهاد الإسلامي كطريقة لإثبات علاقته بالإرهاب وفي الواقع كانت المحاكمة جزءا من مخطط لردع رجال الأعمال الإسلاميين ولإضعاف مواردهم المالية التي اعتقد النظام أنها تستخدم في تمويل الحملات الانتخابية التي ينظمها مرشحو الحركة.
لم يكن رجال الأعمال الإسلاميون محل استهداف أثناء الانتخابات البرلمانية في 1995 لكن الاستهداف بدا واضحا في انتخابات العام 2000 عندما تمكنت الحركة من إيصال 17 من مرشحيها إلى مجلس الشعب؛
واستنادا إلى خيرت الشاطر صاحب شركة " سلسبيل" للكومبيوتر حددت الأجهزة الأمنية نحوا من 900 شركة رأت أنها تعود للإخوان واشتبهت في أنها وفرت الأموال لمرشحيها في أثناء الحملات الانتخابية في العام 2000 ؛
وغالبا ما كان يتعرض أصحاب هذه الشركات للمضايقة والتهديد بمصادرة ثرواتهم في حال قدموا الدعم المالي للحملات السياسية التي أصبحت تكلفتها عالية في التسعينيات. (12)
وتصاعدت حدة الحرب الاقتصادية من الحكومة على جماعة الإخوان المسلمون، طوال الفترة من 13 ديسمبر من عام 2006،أغلقت خلالها أجهزة الدولة، أكثر من 30 شركة ومشروعا استثماريا، يملكها رجال أعمال، من قيادات وأعضاء الجماعة. وجهت لهم جهات الضبط، تهم ارتكاب جريمة غسيل أموال، عبر إدارة أنشطة اقتصادية غير مشروعة.
وعلي خلفية هذه الاتهامات، جرت حملة اعتقالات ومداهمات وتفتيش لمقار الشركات، أسفرت عن مصادرة أجهزة كمبيوتر ومستندات وأموال سائلة، ذات صلة في الاتهام بغسيل الأموال، وتم إغلاقها بالشمع الأحمر، لحين الانتهاء من التحقيقات.
وقد نفت أسر المعتقلين، أصحاب الشركات، والمساهمين منهم بالمسئولية والإدارة، أن تكون الشركات متورطة في غسيل أموال، وقالوا أنها شركات وطنية، تعمل في مجال الاستثمار المتنوع، ولبعضها علاقات عمل مع جهات حكومية.
ومن جانبه أكد الدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام للإخوان المسلمين أن الحكومة بهذه الهجمة تحاول أن تثني الجماعة عن موقفها من التعديلات الدستورية الأخيرة.
وقال أن قرار مطاردة واعتقال رجال الأعمال الإخوان وغلق أنشطتهم الاقتصادية هو قرار سياسي ولا علاقة له بهذه الشركات لأنها لا تتبع الجماعة وأن وقفها عن العمل لن يضر الجماعة في شيء لأن التمويل يأتي من الأعضاء وليس رجال الأعمال،وأكد أن القيادي الإخواني يوسف ندا المقيم في سويسرا لا يقدم تمويلا للجماعة ويعيش حياة الكفاف في سويسرا.
وشدد الدكتور حبيب على أن هذه ليست شركات الجماعة ولكنها جميعا وبلا استثناء شركات مملوكة لأصحابها، وليس للجماعة أي علاقة بها، فجماعة الإخوان لا تعتمد علي تمويلها علي مثل هذه الشركات أو المؤسسات، لأننا نعلم مدي الحساسية التي يمكن أن يثيرها مثل هذا الأمر، ولهذا فإن الجماعة تنأي بنفسها تماما عن تلك الشركات رغم أنها شركات صدرت بموافقة جميع الجهات الرسمية، وتمارس عملها وفقا للقانون. (13)
المبحث الخامس: موقف الإخوان من بعض القضايا الاقتصادية الإخوان والخصخصة
كانت قضية الخصخصة التى مارسها نظام مبارك من أهم القضايا الإقتصادية الأكثر جدلاً فى تاريخ مبارك، فكانت بداية طرح فكرة الخصخصة عام 1991 صعبة بالنسبة لنظام مبارك، لأن الرأى العام المصرى لم يكن يقبل فكرة بيع شركات القطاع العام بعد أن عاش الشعب عدة عقود فى ظل الملكية العامة وظل على مدى هذه العقود يغنى لها ويرقص على أنغامها.
كما كانت المهمة صعبة جداً لأن الإطار القانونى الذى تتم فى إطاره الخصخصة كان غائباً.ونعنى بالإطار القانونى وجود قانون يسمح بالخصخصة وكذلك وجود مؤسسات ونظام كامل فى سوق المال يجعل عمليات بيع الأسهم والشركات قابلاً للتنفيذ ويمكن الرقابة عليه أثناء التنفيذ. لقد تم تذليل هاتين العقبتين فى الأعوام الأولى من التفكير فى تنفيذ البرنامج.
فقد تم تحويل الرأى العام من المعارضة شبه المطلقة إلى قبول المبدأ ومساندة الحكومة فى تنفيذ برنامج الخصخصة، وتم تحضير الإطار القانون حيث صدر القانون 203 لسنة 1991 الذى يسمح بالخصخصة؛
كما صدر القانون 95 لسنة 1992 الذى أنشأ المؤسسات غير المصرفية التى تعمل فى السمسرة والترويج وضمان الاكتتاب وإدارة المحافظ وصناديق الاستثمار وشركات إدارتها وغيرها من المؤسسات التى ستقوم بتنفيذ برنامج الخصخصة من الناحية العملية كما نظم القانون أساليب الرقابة على هذه المؤسسات. (14)
وحتى نهاية التسعينيات كانت الحكومة تعلن أن الخصخصة سوف تتوقف عند حدود المشروعات الإستراتيجية دون تحديد لمسميات أو قطاعات هذه المشروعات الإستراتيجية، ففي الفترة "1996– 1998"، تم إصدار مجموعة من التشريعات التي تنظم خصخصة مرافق عامة، لم يكن المصريون يتصورون خصخصتها، نظراً لاعتبارات الأمن القومي، مثل الموانئ والمطارات والطرق.
ولكن هذا ما حدث بالفعل، ثم كان القانون الخاص بالبنوك العامة الذي سمح للقطاع الخاص بالمساهمة في رؤوس أموال البنوك العامة، وكذلك القانون المنظم لخصخصة الهيئة العامة للاتصالات وتحويلها إلى شركة مساهمة، وتم بالفعل طرح نسبة 20% من رأس مالها للخصخصة.
كما تمت خصخصة شركة التليفون المحمول، ثم توالت عمليات الخصخصة لبنك الإسكندرية، ثم الإعلان عن خصخصة بنك القاهرة نهاية عام 2007، كما تمت خصخصة بعض الخدمات في قطاع المواصلات مثل التصريح بعمل شركات النقل الجماعي. (15)
رؤية الإخوان المسلمون للخصخصة
كان للإخوان المسلمين موقف واضح من عملية الخصخصة أو كما أطلقوا عليها "النهب المنظم لمصر" فقد وقفوا ضد هذا البرنامج نظراً للتجاوزات العديدة التى شابته، كما قام مركز ابحاث الاقتصاد التابع للجماعة بنشر دراسة عن هذا البرنامج وأوضح فيه تفصيلياً موقف الجماعة منه وسبب معارضتها له؛
فتقول فى هذه الدراسة:
- إن بناء رؤية أو تصور إسلامى حول قضية "الخصخصة" أمر يحتاج إلى تضافر جهود الفقهاء والمفكرين الاقتصاديين والساسة والعمال وأصحاب الأعمال على السواء، ذلك أن الوصول إلى هذا التصور أو الرأى الشرعى ينطلب أمرين معاً "فقه النص" أى فهم النصوص الشرعية "قرآن وسنة" و"فقه الواقع" أى إحاطة تامة بما يحدث فى الواقع بكل ملابساته وخلفياته وشخوصه ومنطلقاته..إلخ،
وتستعرض الجماعة تصورها بخصوص طبيعة الملكية ودور الدولة وعلاقات العمل والإنتاج وغيرها من النقاط المتصلة ببرنامج الخصخصة.
وتختتم الجماعة رأيها بقولها:
- إن مايحدث اليوم على أرض مصر لايمكن الحديث عنه باعتباره مشروعاً ذا مصداقية على أى صعيد، بل يمكن وصفه أنه أكبر عملية نهب منظم لثروة مصر، ولذلك لم يكن غيرباً أن تجمع الأمة ممثلة فى أحزابها المختلفة ونقاباتها العمالية على رفض هذا البرنامج.
- إن برنامج الخصخصة الصندوقى بما يحمله معه من قيم وتقاليد جديدة ينفى بشكل غير مباشر الإسلام كمهج حياة ويشيع قيماً ثقافية وإقتصادية وإجتماعية مخالفة لروح ونصوص الإسلام، ومخالفة أيضاً لتقاليد المجتمع المصرى
الخلاصة
إننا لكل الأسباب السابقة نرفض برنامج صندوق النقد للخصخصة ونطالب بوقفه فوراً إلى حين وضع برنامج إصلاح وطنى بديل يأخذ بعين الاعتبار المبادئ الشرعية والظروف الواقعية لمصر، ويراعى التدرج وحقوق العمال وحماية ثروة مصر وإبقائها فى أيدى وطنية بعيداً عن سيطرة الأجانب، ولايبيع المشروعات بأثمان بخسة وطرق مشبوهة؛
برنامج ينطلق بالانتاج المصرى والصناعة المصرية إلى الأمام لتصبح قادرة على المنافسة وغزو الأسواق العالمية وتحقيق فوائض تسمح لنا بسداد الديون الخارجية وحتى الداخلية، دون طلب العون من أحد او قبول شروط مجحفة يأباها الشرع والعقل. (16)
كما توضح الجماعة موقفها من الخصخصة فى موضع آخر وهى مبادرة الإصلاح التى أطلقتها الجماعة عام 2004 وجاء فيها:
- "فنحن نعمل على تشجيع القطاع الخاص، وذلك من خلال برنامج مدروس للخصخصة، يتسم بتقييم عادل للمشروعات العامة موضع الخصخصة، وشفافية كاملة عنه، مع الحفاظ على الحقوق الكاملة للعمال". (17)
وهكذا يبدو جلياً موقف الإخوان من تلك القضية وهو الانحياز إلى جانب أغلبية الشعب التى رفضت الخصخصة نظراً لانحيازها لطبقة رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب على حساب المواطن المصرى، وكان موقف الإخوان هذا من أحد الأسباب التى زادت من تأزيم العلاقة بين الإخوان والنظام.
المراجع
- الإصلاح الاقتصادي عند الإخوان المسلمين، عبده مصطفى دسوقي، موقع إخوان ويكي
- قراءة في رأس مال الإخوان المسلمين والاقتصاد المصري حسام تمام ،موقع اسلام سكوب
- صراع على الشرعية الإخوان المسلمون ومبارك 1982 – 2007،الدكتور هشام العوضي، ص110
- مجلة لواء الإسلام، العدد الثامن، السنة الثانية والأربعون، 23 نوفمبر 1987
- صراع على الشرعية الإخوان المسلمون ومبارك 1982 – 2007،الدكتور هشام العوضي، ص196
- برنامج شاهد على العصر، الحلقة الأولى، منشورة على موقع الجزيرة
- جريدة «الشرق الأوسط»،الاربعـاء 27 شعبـان 1422 هـ 14 نوفمبر 2001 العدد 8387
- مجلة لواء الإسلام، العدد السادس، السنة الثانية والأربعون ،سبتمبر 1987
- صراع على الشرعية الإخوان المسلمون ومبارك 1982 – 2007،الدكتور هشام العوضي، ص115
- صراع على الشرعية الإخوان المسلمون ومبارك 1982 – 2007،الدكتور هشام العوضي، ص195
- صراع على الشرعية الإخوان المسلمون ومبارك 1982 – 2007،الدكتور هشام العوضي، ص233
- صراع على الشرعية الإخوان المسلمون ومبارك 1982 – 2007،الدكتور هشام العوضي، ص260
- النـــافـذة مادة دورية تتناول شئون جماعة الإخوان. العدد التاسع الإثنين 10 من المحرم 1427هـ الموافق 29 يناير 2007م، منشورة على موقع إخوان ويكي
- الاصلاح الاقتصادى والخصخصة (التجربة المصرية) وزير قطاع الأعمال العام (دكتور:مختار خطاب)، أكتوبر 2003
- الخصخصة وآثارها على التنمية، نادية عبد النعيم
- بيع القطاع العام "النهب المنظم لمصر"،مركز أبحاث الإقتصاد وهو مركز دراسات اخوانية متخصص فى الاقتصاد، عام 1996
- مبادرة المرشد العام لـ(الإخوان) حول المبادئ العامة للإصلاح في مصر موقع إخوان أون لاين