الإعدامات السياسية تسابق التصفية الجسدية.. جرائم تقود السيسي للمشنقة
كتب:مجدي عزت
سيل من الأحكام بالإعدامات والتصفية الجسدية لآلاف من معارضي الانقلاب العسكري دون وازع من قانون أو عقل، تستهدف ارهاب المعارضة السياسية بالدم الذي بات يتغذى عليه نظام السيسي. وكان آخرها، ما أصدرته المحكمة العسكرية بالهايكستب الأحد، بإحالة أوراق 8 متهمين إلى مفتي الجمهورية، لأخذ رأيه الشرعي في إعدامهم، بدعوى تخطيطهم وآخرين لاغتيال العقيد وائل طاحون، رئيس مباحث قسم شرطة المطرية، عام 2015.
وحدّدت المحكمة جلسة 17 يناير المقبل، للنطق بالحكم، عقب ورود رأي المفتي، وذلك للحكم عليهم وبقية المتهمين في القضية التي تضم الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي، وعضو مكتب الإرشاد لـ"جماعة الإخوان المسلمين" محمود غزلان، ومفتي الجماعة عبد الرحمن البر، و49 آخرين.
وسبق ذلك تنفيذ الحكم بالإعدام على 15 من أبناء سيناء، بحكم من عسكري لا يفقه سوى "تمام يا فندم" وهو أبعد ما يكون عن العدل والحق. وحسب التقارير الحقوقية المتوالية، باتت المحاكم المصرية تصدر أحكامًا مطلقة بالإعدام دون محاكمة عادلة ونزيهة للمتهمين في القضايا بسبب انتمائهم السياسي، حيث صدر في نحو 20 قضية إحالة لمفتي الجمهورية تهميدًا للإعدام، حيث وصلت أوراق 1450 شخصا للمفتي، ثبت منها نحو 520 حكمًا.. إضافة إلى تنفيذ الحكم على 23 خلال الفترة الماضية.
يشار إلى أن أغلب تلك الأحكام ليس لها سند قانوني في صدورها، كما أنه لم تُراعِ شروط العدالة والنزاهة في تلك المحاكمات، والتي أثبتت فشل مصر في احترام تعهداتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، خصوصا فيما يتعلق بالإجراءات القانونية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة، خاصة بعد رفض مصر أهم توصيات الاستعراض الدوري الشامل فيما يتعلق بإلغاء أحكام الإعدام.
ومنذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي أصدرت المحاكم أحكاما بالإعدام يفوق أحكام الإعدام التي تصدرها عدة دول ما زالت تتبنى الإعدام طوال عام كامل، حيث إن العدد الكلي للإعدامات التي تنفَّذ سنويًا على مستوى العالم يبلغ قرابة 700 حالة، ما يجعل من الأحكام المذكورة أكبر عقوبة إعدام جماعي في التاريخ الحديث.
يبدو أن المحاكم المصرية ستسمر في إصدار الأحكام المثيرة للغضب مستخفةً بكافة القوانين والأعراف الدولية، دون احترام الحق في الحياة الذي كرسته المواثيق الدولية في وثائق أممية، منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية و البرتوكول الاختياري الثاني الملحق به.
ومن المثير للدهشة في أحكام الإعدام، أن تنفيذ حكم الإعدام جاء كرد فعل على وقوع بعض الحوادث التي لا علاقة لهم بها، بل إن بعض الذين نفذت السلطات الإعدام فعلا بحقهم كانوا معتقلين لدى الأجهزة الأمنية لحظة وقوع الجرائم التي اتهموا بتنفيذها وعوقبوا عليها، ومثال ذلك قضية عرب شركس التي حكم فيا بالإعدام على 6 من الشباب، وإلى جانب شباب عرب شركس الستة تم تنفيذ الإعدام بحق المواطنين محمود رمضان، وعادل حبارة، ومؤحرا 15 من أبناء سيناء.
وهو ما يرجح أن سلطة السيسي تضع جميع المعتقلين كرهائن يمكن استخدامهم عند اللزوم، سواء بتسريع محاكمتهم بقضايا تقودهم للإعدام، أو تصفيهم جسديا كما يجري بصورة مستمرة، بدعاوة مواجهة السلطات أو تبادل إطلاق نار، وهو ما يطبق غالبا مع الآلاف من المختفين قسريا.
وأصدرت محاكم مصرية مدنية أو عسكرية 1964 حكما بإحالة أوراق متهمين للمفتي لأخذ رأيه الشرعي في إعدامهم خلال السنوات الأربع الماضية، لم يهتز ضمير العالم حين صدرت أحكام فعلية بإعدام 931 معارضا مصريا في 58 قضية سياسية، ربما غلب على ظن الدوائر العالمية أن أحكام الإعدام التي صدرت هي أحكام هزلية سياسية للتخويف وليست للتنفيذ، لكن ما ينفي هذا الظن هو تنفيذ الأحكام فعلا بحق 23 حتى الآن، واحتمال تحقيقها بحق 16 جددا، ناهيك عن 124 ينتظرون حكم النقض البات والنهائي حاليا.
ولمواجهة الإجرام السيساوي يرى كثير من المراقبين ضرورة وحتمية توحد القوى السياسية المختلفة وراء هدف استراتيجي تدافع عنه، وهو حرمة الدم المصري جميعا، وأنها لا تفرق بين دم وآخر، وهي التفرقة التي كانت قائمة من قبل وحرص النظام على صنعها وتغذيتها حتى يتمكن من الخلاص من معارضيه الإسلاميين
مستغلا دعم أو صمت غير الإسلاميين، والمؤكد أن هذا النظام العسكري حين ينتهي تماما من معركته مع هؤلاء الإسلاميين فإنه سيتجه إلى المعارضة الليبرالية واليسارية ليقضي عليها أيضا مستخدما كل الأساليب التي استخدمها مع الإسلاميين ومنها أحكام الإعدام الظالمة.
لقد وجه النظام بعض الرسائل الأولية بذلك حين حبس إلى جوار الإسلاميين رموزا ليبرالية ويسارية مثل علاء عبد الفتاح وأحمد ماهر ومحمد عادل وعمرو علي وأحمد دومة، وقتل برصاص شرطته المعارضة اليسارية شيماء الصباغ.. كما فعل مع عشرات المنتميات للقوى الإسلامية قبلها وبعدها.
المصدر
- تقرير: الإعدامات السياسية تسابق التصفية الجسدية.. جرائم تقود السيسي للمشنقة بوابة الحرية والعدالة