الإخوان وتربية الريف المصري

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الإخوان وتربية الريف المصري


55شعار-الاخوان.jpg

ترتكز الجماعة على عدة أهداف ومنها:

إصلاح الفرد لنفسه حتى يكون: قوى الجسم، متين الخلق، مثقف الفكر، قادرًا على الكسب، سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهدًا لنفسه، حريصًا على وقته، منظمًا فى شئونه، نافعًا لغيره، ثم تكوين البيت المسلم، ثم إرشاد المجتمع، بنشر دعوة الخير فيه والعمل على تربيته، وتحرير الوطن بتخليصه من كل سلطان أجنبي، وإصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق.

وتهدف الجماعة عموما لتطبيق الشـريعة الإسلامية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وتبليغ الإسلام إلى الناس بالصورة الطيبة والعمل على رفع مستوى المعيشة وتنمية الأمة، وإحياء روح الجهاد، والعمل على تحرير أراضـي المسلمين المغتصبة، ومساعدة الأقليات المسلمة، والسعي إلى تحقيق وحدة الأمة الإسلامية (1).

حسن البنا الريفي

ولد حسن البنا في مدينة ريفية وهى مدينة المحمودية وعاش فيها حتى انتهى من فترة التعليم في المعلمين ثم انتقل للقاهرة للالتحاق بدار العلوم، وإن كان لم يعمل في الحقل أو يكن لوالده حقل إلا أنه عاش وسط الفلاحين وشعر بآهاتهم وأوجاعهم ومن هذا المنطلق انطلقت الجماعة في كل مكان تنشر الفهم الصحيح للإسلام فلم يكن تعامل الإمام الشهيد فى هذا الميدان مجرد تصور نظرى، وإنما حوله إلى واقع عملى فيما قدمته الجماعة وقامت به فى إصلاح المجتمع ومواجهة مشاكله، وكذلك فى منهجية تربية أفرادها وتدريبهم للعمل مع المجتمع وأداء الخدمة العامة للناس. يقول الدكتور محمد عبد الرحمن: ومع تمايز مستويات ونوعيات الأفراد المنضمة أو المنتسبة للجماعة، إلا أن منهج التربية والتكوين كان حريصا على تعميق هذا الجانب المجتمعى، ويصبح توظيف الأفراد فيه كل حسب ظروفه واستعداده الشخصى مع اشتراك الجميع العمل فى هذا الميدان واعتباره جزءاً أساسياُ من دعوته وأهدافه العامة، وإصلاح الفرد هو نقطة البداية والانطلاق.

اهتم الإمام الشهيد بالمجتمع المصرى ومواجهة كل صور الظلم والجهل والفساد المتفشى فيه، وكانت سياحته فى قرى ونجوع مصر كلها عاملاً أساسياً فى تعرفه على هذا الواقع واختلاطه بكل هذه الطبقات وماذا تعانى.

دور الإخوان في الريف

  • 1- الاهتمام بالريف ذاته والانتشار فيه.

لم ينظر حسن البنا وأتباعه للريف على أنها لا قيمة له بل كان اهتمامه بالريف كاهتمامه بالحضر ومن ثم كون فيه الشعب وفرق الجوالة وجميع الأقسام بل خصص في المركز العام قسم يتابع ويشرف على شئون الفلاحين، حتى رأينا من المزارعين من وصل لمنصب المرشد العام دون حرج متمثلا في الأستاذ محمد حامد أبو النصر.

  • 2- نشر الوعي الديني والتصدي للخزعبلات

انتشر الإخوان في الريف يمحون أميته الدينية والتي كانت تملؤها الخرفات وقصص الأساطير والدجل، حتى أنهم تعجبوا من شباب يلبسون البدل والطرابيش وينطلقون وسطهم يذكرونهم بالله وحقيقة الدنيا والآخرة فكانوا مثار دهشة وإعجاب الجميع، فقد كان الدعاة ينتشرون ويربون والأمثلة كثيرة يرويها الدكتور يوسف القرضاوي وغيره من خطباء ووعاظ الإخوان المسلمين.

  • 3- الاهتمام الرياضة البدنية والروحية والجوالة

اعتمد مجلس الشورى الثالث للإخوان لائحة الجوالة وألزم المناطق والشعب بتكوين فرق الجوالة وبالفعل انتشرت فرق الجوالة في كل مكان وسارع كثير من أبناء الريف للانضمام إليها لما رأوا فيها من نظام وانضباط وعملوا على مساعدة أهل الريف في أزامنهم مثلما حدث أثناء اجتياح وباء الملاريا لمحافظة أسوان وأثناء اجتياح وباء الكوليرا لمصر كلها خاصة منطقة القرين بالشرقية عام 1947م انتفضت الجوالة بمساعدتهم حتى أن الإخوان تلقوا خطاب شكر على ذلك من وزير الصحة اسكندر باشا آنذاك، كما أنشأوا (الأجزاخانات) الأهلية لتوفير الأدوية الجاهزة والمركبة للمرضى (2).

  • 4- الاهتمام بصحة الريفيين

قامت المناطق والشعب المختلفة بافتتاح المستوصفات الطبية لتقديم خدماتها لأبناء الريف، كما حدث فى نجع حمادى (3)، وأيضا ما ما قامت به فرق الجوالة في الريف المصري عام 1943م، حيث قامت بأعمال كنس الطرقات والشوارع وحث القرويين على التردد على المستشفيات والعيادات الطبية، وتقديم الإسعافات الأولية (4).

ومن أمثلة ذلك ما قامت به العيادة المجانية للإخوان بالمنصورة، حيث بلغ عدد المرضى المترددين عليها خلال شهري يونيو ويوليو عام 1938م نحو 2060مريضًا منهم 1000طفل، و600امرأة، و357رجلاً، و54مريضًا بالأسنان، و35مصابًا، وأجرت 14عملية جراحية (5).

وهكذا انتشر مستوصفات الإخوان لمعالجة مرضى الشعب المصري في كافة أنحاء القطر من الإسكندرية إلى أسوان.

  • 5- العدالة الاجتماعية في الريف

لقد حارب الإخوان مظاهر انحلال المجتمع وعلى رأسها انتشار البغاء ومظاهره والسفور والعري وامتهان المرأة على صفحات الصحف، حتى أن تقرير الأمم المتحدة في صيف 1927م جاء فيه: لقد ثبت أن الديار المصرية عبارة عن سوق بغاء عظيمة للنساء والفتيات من جميع الأجناس، ولا سيما موسم السياحة "في وقت الشتاء" (6).فاهتم الإخوان بذلك وكونوا اللجان التي انتشرت في كل مكان تحذر الناس من مخاطر البغاء وأثر الأليم على الأسرة والمجتمع ولم يتوان الإخوان عن ذلك.

ومن الجهود العملية في هذا المجال إنشاء دار التائبات بمدينة الإسماعيلية، ومساندة كل جمعية تحارب البغاء.

ولم يقتصر الأمر على البغاء بل عمد الإخوان لمحاربة الظلم الواقع على الفلاحين فمثلا كان حادث كفر البرامون دقهلية نموذجا لتسلط الإقطاع وعمد ومشايخ القرى على الفلاحين وحيث وقعت حادثة بين الأهالي ورجال الشرطة أسفرت عن قتيلين من الأهالي, وقد نقلت جريدة الإخوان المسلمون اليومية بتاريخ 25 من فبراير 1948 رأى المركز العام للإخوان المسلمين في الحادث، وأيضا حادث سخا حتى بلغ الأمر بمقتل احد الإخوان المناصرين للفلاحين ضد الإقطاعيين وهو عناني أحمد عواد رئيس شعبة الإخوان بكفر نجم بالشرقية والذي ناصر الفلاحين فما كان من الإقطاعيين سبيل سوى قتله (7).

كما عمد الإخوان لتشجيع الإرشاد الزراعي والصناعي والاهتمام بترقية الفلاح والصانع من الناحية الإنتاجية

  • 6- محاربة التنصير

منذ ظهر الإسلام وانتشر وقد حقد عليه الأعداء من كل الملل والنحل، ولذا اخذوا على عاتقهم فتنة المسلمين في دينهم، وما تقع الأمة الإسلامية فريسة التشرذم حتى ينقض عليه هؤلاء الأعداء لتمزيق جسدها ومحاولة طمس هويتها التي تتمسك بها، فكانت الحملات الصليبية والهجمات التترية والغزو الغربي الذي صحب المنصرين الذين استغلوا فقر وبؤس الناس فحاولوا صرفهم عن دينهم أو على الأقل تركهم دون وعي أو دراية بدينهم، فكانت المرأة في الريف من أعظم حقولهم، وكان هذا مصدر انطلاق للإخوان في التصدي وحماية بنات بلادهم، فكانت قرارات مؤتمر مجلس الشورى العام الثاني المنعقد في مايو 1933م كلها حول التبشير وطرق التصدي له،فقد قامت فرقة الوعظ والإرشاد بالرحلة إلى الأسواق الريفية ونهى الناس عن الاستماع لهم أو تناول كتبهم.

كما أنهم أنقذوا العديد من فتيات المحمودية وبورسعيد والمنزلة دقهلية من أيدي المبشرين، بل فتحوا المدارس في القرى من اجل الفتيات حتى لا يلتحقوا بمدارس الإرساليات التبشيرية، وعمد الإخوان لفضح أهدافهم الاستعمارية، والرد على افتراءاتهم، والتحذير من تقليدهم وانتشار مدارسهم.

  • 7- المرأة الريفية

انطلاقا من الدور الواقع على عاتقهم ورؤيتهم للإسلام اهتم الإخوان بالمرأة والشباب في الأرياف، ونجد هذا الملخص في المقال الذي كتبه الأستاذ البنا بعنوان: "أيتها الشبيبة المصرية اسمعي" حذر فيه من فقدان الطبقة المتعلمة من الشباب للأخلاق الإسلامية الأساسية، وذكر أن سائحًا إنجليزيًا وصف ذلك بقوله: "إن مصر لا تستحق الاستقلال إلا إذا أصبح المتعلمون بها في الأخلاق والفضائل والشفقة والرحمة وحب الوالدين والأقارب كطبقة الفلاحين.. إني رأيت الفلاحين موصوفين بصفات الكرم والسماحة والإخلاص.. والعبادة والصلاة والصوم والإحسان، أما الطبقة المتعلمة في مصر فإن هذه الأخلاق قد سلخت منها..". ودعاهم في نهاية المقال بالتحلي بأخلاقنا والتمسك بها والدعوة إليها حتى نكون خير أمة أخرجت للناس (8).

وكان لاهتمام الإخوان بالمرأة إنشاء قسم يهتم بأمورهم ويدافع عنهم والواقع يؤكد نتاج هذه التربية في كل مكان في ريف مصر وغيرها.

ولم يتوقف الأمر على الجوانب النظرية أو الإعلامية بل تعداه للجوانب العملية فقد أنشأ الإخوان منذ فجر دعوته مدرسة خاصة بتعليم البنات في الإسماعيلية وأطلقوا عليها مدرسة أمهات المؤمنين، لأن المرأة ما هي إلا مشيرة الزوج وطبيب العائلة ومواسية المريض، وقد نشطت نساء الإخوان في محو أميتها وتعريفها بحقوق زوجها وسلامة بيتها وتطبيب أمراضها وتثقيفها بحقوق زوجها وحقوقها (9).

  • 8- الرؤية الإعلامية للريف

اهتم الإخوان المسلمون بالفلاح وقضاياه , وكان من مظاهر اهتمامهم تكوين قسم خاص بالفلاحين يقوم بنشر الفكرة الإسلامية في أوساطهم , ووضع برنامج عملي لحل مشكلة الفقر بين الفلاحين وما يتصل بها من مشكلات الملكية الزراعية والعلاقة بين المالك والمستأجر , كما أن من مهام القسم دراسة نواحي الإصلاح الريفي صحيا وزراعيا واقتصاديا , وتوجيه الفلاحين إلى إتباع الأصول الفنية.

وكان من مظاهر اهتمام الإخوان بالفلاحين : تخصيص ركن خاص باسم " ركن الفلاحين " و" في سبيل المستضعفين " بمجلة الدعوة كما ناقشت صحف ومجلات الإخوان مشكلات الفلاحين المعيشية وساندت قضاياهم ضد الإقطاعيين وقد استطاع الشيخ عبد البديع صقر – رحمه الله – وهو المسئول عن تجرير ركن الفلاحين أن يعبر بصدق عن مشكلات الفلاحين وقضاياهم ومن أهمها الغلاء.

ولقد كتب الإمام البنا يدافع عن الفلاحين تحت عنوان (صوت من الريف) فقال: أين أعين الوزراء والزعماء وكبار الموظفين وسادتنا المترفين لترى هذا البؤس المخيم وهذا الشقاء الجاثم على صدر الفلاح (10)

وقدمت أيضًا الأخت عائشة مصطفى صورة أخرى من صور هذا الظلم في مقال بعنوان: "رفقًا بالفلاح المسكين.. يا قومنا رحمة به.. ضريبة فادحة – والقانون قاس لا يرحم (11).

أثار جهود الإخوان

  • 1- انتشار الوعي لدي الريفيين

كان من نتيجة التربية التي عمد الإخوان إلى غرسها في نفوس الفلاحين أن اعتز كل واحد منهم بكرامته فلا بعرضها للمهانة ومع ذلك غرسوا فيهم الجد والاجتهاد والاخلاص في العمل فكان الفلاح يجبر صاحب العمل أن يحفظ كرامتة , فلا يضعه موضع الذليل المسخر, أو العبد المهان, وفي الإسلام وحياة عظمائه كثير مما يؤيد ذلك الأصل الديمقراطي الكريم . فقد كان رسول الله صلي الله عليه يأكل مع الأجير ويساعده في احتمال أعباء ما يقوم به من عمل , كما لا يصح أن يضرب صاحب العمل العامل أو يتعدي عليه.

  • 2- انتشار الفضيلة والمعرفة

كان من نتاج جهود الإخوان التربوية في الريف انتشار الفضيلة وحسن الأخلاق وحفاظ الفلاح على كرامته والجد في العمل، كما انتشر الشباب المتعلم وسط محافظات الأقاليم.

  • 3- دحر البغاء والتعرف على مخاطرة

كان لجهودهم في ذلك الثر الكبير حتى أن الإمام البنا تنازل عن الترشح لمجلس النواب عام 1942م نظير إلغاء البغاء والخمر وبالفعل استجاب النحاس باشا فألغى البغاء في الريف وتواصلت الجهود حتى صدر تشريع يحرم التصريح للبغاء عام 1956م.

  • 4- انتشار الحجاب والزى الإسلامي

كان لاهتمام الإخوان بالمرأة وشئونها أن حافظت المرأة الريفية على عفتها وحجابها فلم تنكسر أمام موجات التغريب بل نشط قسم الأخوات في ذلك وبذل جهود عظيمة أمام ما كانت تقوم به حركات التحرر النسائي، وفي الوقت الذي غيب فيه الإخوان في السجون تحررت المرأة حتى أنك لا تكاد ترى الحجاب على رؤوس النساء إلا شاذا حتى كانت عودة الإخوان في السبعينيات وانتشارهم وسط الطالبات فعاد الحجاب والذي انتقل للأرياف.

  • 5- الفهم الصحيح لمعاني الإسلام وترجمتها عمليا

كان التدافع عظيم على تسجيل الأسماء التي تريد السفر لفلسطين للدفاع عنها وكان معظم المتقدمين من الفلاحين حتى رأينا من يبع جاموسته من اجل أن يوفر نفقة أولاده ووالديه ثم اشترى بالباقي بندقية يستطيع أن يحارب بها، وإذا نظرنا في شهداء حرب فلسطين والقنال لوجدنا اغلبهم من الريف لتعمق تأثير التربية فيهم

  • 6- محو أميتهم

اهتم الإخوان بالفلاح فأنشئوا دور محو الأمية لتعليم من فاتته الفرصة للتعليم , وقد نجح فيها الإخوان نجاحا عظيما فقد أقام الإخوان في كل شعبة مدرسة ليلية هدفها الأساسي محو الأمية الدينية والأمية التعليمية حيث تتجمع الفئات المختلفة من العمال والفلاحين في تلك المدارس الليلية. وكانت أول مدرسة في ذلك السبيل هي مدرسة التهذيب التي أقامها الإمام الشهيد في الإسماعيلية وقد أقيمت مدارس ليلية لتعليم الكبار في أغلب شعب الإخوان في فترة الثلاثينيات كان منها شعب أو صوير والسويس وميت مرجا سلسيل والمنزلة بالدقهلية شعب كوم النور ودمنهور وطنطا ومليج وفرشوط وششتا ورأس غارب وغيرها وتتابعت حتى شملت كل شعب الإخوان في أنحار البلاد

كما أنشأ قسم البر والخدمة الاجتماعية معهدا للدراسات الشعبية في شعبة عابدين , احتوى هذا المعهد على فرع لمكافحة الأمية وفصول لتحفيظ القرآن الكريم وبلغ عدد المتقدمين إليه ما يزيد عن 300 دارس

  • 7- التعرف على الحقوق والواجبات وعدم الرضوخ للظلم

.لقد أثرت تربية الإخوان في المجتمع حتى أن الجميع يشعر بذلك فقد هبت الأرياف في وجه المعتدين والباغين ورأينا إثر هذه التربية جيلا بعد جيل حتى الآن ولو تركت الساحة للاختيار الصحيح لحمل أبناء الريف الإخوان إلى الأماكن التي يستطيعون الإصلاح فيها لأنهم رأوا النماذج التربوية العملية فقد وجدوا الدكتور والمهندس والمربي والفلاح والعامل الأمين الذي يؤدي العمل بهمة ونشاط، ويتقن العمل المكلف به، والذي يتجنب الغش في معاملاته، بالإضافة أنه حسن الأخلاق لطيف المعشر

اجتهدت الجماعة من خلال أكثر من 500 فرع لها تابعين لقسم البر والخدمة الاجتماعية في مساعدة الفلاحين.

وقد قدم الإخوان نموذجية عملية للإصلاح الريفي في تحقيق الاستقلال الاقتصادي والقضاء المبرم على الجهل والمرض والفقر وبدأ تنفيذ مقترحاتهم في عزبة بنواحي أسيوط بأرض أحد الإخوان، وقد اجتهدوا أن يجعلوها نموذجا لمقترحاتهم وأفكارهم من فصل مبيت الإنسان عن حظائر الحيوان، ووضع نظام لجمع فضلات الحيوان والإنسان لاستخدامها كأسمدة، وتشييد منازل الفلاحين بمساحات تسمح بمزاولة الأعمال اليدوية المختلفة، وعمل نظام للأفران يجنب المساكن ويلات الحريق، ونظام للمياه لإمداد المغاسل والحمامات بها، وعمل خزانات بجوار الأفران لتسخين المياه إذا لزم الأمر، مع توفير الخدمات الصحية ومخازن المحاصيل بشكل يستوعب أكبر كمية منه، واستخدام المواد البيئية مثل جريد النخل في تأثيث المنازل (12).

وقد أعلنت الجماعة في بيانها الذي أعلنته في 2 أغسطس 1952 (أي بعد ثورة 23 [[يوليو]]) ضرورة تحديد حد أعلى للملكية الزراعية، وبيع الزائد للفلاحين المعدمين بأسعار معقولة على أجل طويل (13).

فلاحون وقادة

نسوق بعض نماذج الفلاحين الذين أثرت فيهم تربية الإخوان وأصبح شامة وسط مجتمعهم بل وسط العالم أسره بما خلفوه من بصمات تربوية عليهم وعلى من تعامل معهم.

1- محمد حامد أبو النصر ذلك الفلاح الذي أصبح يقود أكبر جماعة دعوية وهي جماعة الإخوان المسلمين، ومن المعروف أنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة، ثم تفرغ لرعاية أملاك الأسرة، فاهتم بالزراعة حتى أن انتشار دعوة الإخوان بأسيوط جاءت مصادفة لعبارة فلاح اهتم بالغرس حينما سأله الإمام البنا– رحمه الله –: هل الأرض صالحة؟ فكان جوابه: نعم، وتنتظر البذر، ولقد انضم للإخوان عام 1933م وانضم للنظام الخاص واختير مسئول مكتب إداري أسيوط والهيئة التأسيسية ثم عضوا بمكتب الإرشاد، وكل ذلك لم يصرفه عن عمله والانتشار وسط الفلاحين وظل يعتز بهذا المر حتى وقت أن كان مرشدا عاما حتى وفاته يوم السبت 20 يناير عام 1996م.

2- في قرية الرقة القبلية مركز أطفيح بالجيزة ولد حسني أحمد عبد الباقي المليحي، حصل على الكفاءة، ثم خرج منها وعمل مزارعا حيث كان أخوه عمدة البلدة، تعرف على الإمام البنا مبكرا واختير عضوا في الهيئة التأسيسية، واختير عام 48م ليكون عضوا بمكتب الإرشاد، التحق بالنظام الخاص، اعتقل عام 48م و54، و65م وخرج بعد وفاة عبد الناصر وعمل على عودة الجماعة وانتخب في برلمان 84م وظل عضوا بمكتب الإرشاد حتى توفى في 24 مايو 1990م، وكان محبا لخدمة أهل بلده وترك اثرا وسط الناس بل وسط محافظته كلها لما قام به (14).

3- رزق حسن إسماعيل كفر المرزاقة مركز قلين – كفر الشيخ ربما لا يعرفه الكثير لكن من يسأل عنه حتى الآن يتذكره الجميع بكل خير للأثر الطيب الذي تركه في نفوس كل المزارعين رغم أنه قبض عليه فى 4/ 8/ 1955م واستشهد في المذبحة التي قام بها عبد الناصر ضد المعتقلين العزل في ليمان طره في 1 يونيو 1956م إلا أنه كان مثال تربوي حي يمشي وسط الناس (15).

الهامش

(1) رسائل الإمام الشهيد حسن البنا

(2) -أحمد البس: الإخوان المسلمون في ريف مصر, دار التوزيع والنشر الإسلامية, ص18.

(3) مجلة الإخوان المسلمين – السنة الثالثة – العدد 63 – صـ18 – 3شعبان 1364هـ / 12يوليو 1945م. (4) ريتشارد ميتشل: الإخوان المسلمون، مكتبة مدبولي، ص(452).

(5) مجلة النذير، العدد (12)، السنة الأولى، 19جمادى الآخرة 1357ه/ 15أغسطس 1938م، ص(24).

(6) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثانية – العدد 33 – صـ15 – 6رمضان 1353هـ / 20ديسمبر 1934م.

(7) جريدة منبر الشرق، 29/ 6/ 1951م

(8) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثالثة – العدد 31 - صـ3، 4 – 15شعبان 1354هـ / 12نوفمبر 1935م.

(9) أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، جمعة أمين عبد العزيز، دار النشر والتوزيع الإسلامية، جـ3

(10) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثالثة – العدد 19 – 21جماد الأول 1354هـ / 20أغسطس 1935م.

(11) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الخامسة – العدد 3 – 25ربيع الأول 1356هـ / 4يونيو 1937م.

(12) جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (33)، 194616/6/.

(13)إبراهيم زهمول، الإخوان المسلمونالإخوان المسلمون – أوراق تاريخية، دار نبل – سويسرا بدون تاريخ.صـ211-212.

(14) عمالقة في زمن النسيان، عبده مصطفى دسوقي، منارات للنشر والتوزيع.

(15) أحمد البس، الإخوان في ريف مصر، دار التوزيع والنشر الإسلامية.