الإخوان والنظام .. مقومات القوة والسيطرة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الإخوان والنظام .. مقومات القوة والسيطرة


(23/03/2010)

هيئة تحرير الشرقية أون لاين

مقدمة

عادة ما تقوم العلاقة بين النظام الحاكم والشعب المحكوم في أي دولة وفي أي زمن علي نوع من العقد الاجتماعي الذي يجعل الشعب يتنازل لفرد أو لعدد من الأفراد يمثلون نظاماً حاكماً عن جزء من حريتهم له مقابل أن يقوم هذا الحاكم بتنظيم المجتمع وضبطه ووضع القوانين والتشريعات التي تضمن مجتمعاً قوياً بشرط ان يكون الحاكم عادلاً يراعي الحقوق والواجبات والمصلحة العامة.

النظام المصري والشعب المصري

منذ عهد محمد علي "عهد بناء الدولة الحديثة" في مصر وهناك احتكار للسلطة في فئة محدودة لم يثبت التاريخ مرة واحدة أن الشعب المصري قد اختارها إلا محمد علي الذي لم يلبث أن احتكر السلطة لنفسه وأولاده من بعده ليبدأ عهد ملكي مظلم علي طول تاريخه حتي تسلمها بعض ضباط الجيش اعتبروا أنفسهم أوصياء علي الشعب المصري ولم تكن لهم سابق خبرة بالسياسة أو بالحكم فوضعوا مصر في مأزق حرج لم تخرج منه حتي الآن.

الحكم العسكري الذي بدأ في مصر من أيام محمد علي وحتي يومنا هذا جعل النظام الحاكم مهما كانت اتجاهاته وأيدولوجياته يسعي للسيطرة علي الشعب بشتي الطرق والوسائل بالترغيب والترهيب، بالعصا والجزرة، ونجح محمد علي في عهده في ذلك حتي قام اسماعيل بالانفتاح علي الغرب الاوروبي وعمل علي التغيير فانشأ البرلمان " مجلس شوري النواب "

وسن بعض القوانين واستمر الوضع فترة من الزمن ونشأ عدد من الأحزاب وأخذت نصيباً من العمل والحرية حتي في فترة الاحتلال الانجليزي لمصر إلي نهاية عصر فاروق وقيام الثورة، التي قامت بحل الأحزاب السياسية وتفكيك الجمعيات واحتكر الضباط السلطة لأنفسهم ودخلت مصر إلي سجن كبير كان عنوانه " ارفع راسك يا أخي فقد مضي عهد الاستبداد " .

والحكم والسيطرة المطلقة التي يسعي إليها الحاكم لن يحصل عليها إلا من خلال الشعب ، لذا تجد أن كل نظام يأتي يسعي للتقرب من الشعب وكسب وده وولاءه ، ففاروق في بداية عهده اطلق لحيته وتزوج من مصرية ونزل الشوارع ، وجمال عبد الناصر أحبك قضية المنشية التي أظهرته بالبطل المغوار ليتخلص ممن يعتبرهم أعداؤه من الإخوان المسلمين

فضلا ًعن محمد نجيب وعبد الحكيم عامر الذين تخلص منهما أيضا علي مراحل ، أما السادات فكان التخطيط لحرب أكتوبر هو الضربة التي كان يبحث عنها ليزيل شعبية عبد الناصر ويجلس هو علي قلوب الشعب، وسعي النظام الحالي في فرض بعض الامور مثل الضربة الجوية وبطل الحرب والسلام ومشروعات توشكي والسلام وغيرها لكسب رضا الشعب.

إلا أن كل من تلك النظم لم يستطع ان يقاوم حب السلطة واحتكارها لنفسه فسقطوا شر سقطة، فاروق انتهي وذهبت دولته وطرد من مصر، وجمال لاقي هزيمة سجلت في تاريخه، فضلا عن وصم فترته بالنقطة السوداء في تاريخ مصر التي فتحت فيها المعتقلات علي مصراعيها لتلقي خيرة أبناء مصر في السجون وعلي أعواد المشانق، والسادات قتل وسط جيشه بعد معاهدة خاسرة مع اليهود ما زلنا نجتر مصائبها حتي اليوم

اما النظام الحالي فلم يجد ما يستعطف به الشعب فترك حبله علي غاربه وانعزل عن الشعب تماما حتي في التنقلات اليومية لاعضاءه التي يصاحبها جنود الامن المركزي الذي يكفي ربعهم لتحرير فلسطين. امتلك النظام القوة والسيطرة، امتلك قوة الحاكم وسيطرة المسئول وفقد انتماء الشعب وحبه ، احتكر الامر لنفسه ويسعي لتوريثه، وفقد تعاطف الناس واحترامهم ، استولي علي الاموال وفقد الرجال .

لم يستطع نظام مبارك أن يجد لنفسه مكاناً في نفوس الناس حاول مرارا وتكراراً أن يثبت وجوده إلا أنه في كل مرة كان يفقد ما هو أغلي عندما يجد نفسه مطالباً بأن يقارن بين بقاءه وأمنه وبين مطالب شعبه إلا أنه دائما ما كان يفضل راحته علي راحة شعبه وبقاءه وأمنه علي حساب شعبه

واصبحت الدولة دولة "رجال أعمال" يقومون صباح مساء بتهريب الاموال للخارج حسب آخر إحصائية للبنك المركزي ، وكانت المفاجأة في تآكل الطبقة المتوسطة وهي الطبقة التي يقوم عليها أي مجتمع ، وهنا نستطيع أن نقول النظام الحاكم لم تعد لديه القوة والسيطرة التي كانت لسابقيه ، فكل منهما كانت لديه حسنة استطاع أن يجد لنفسه بها قدراً من الحب والمكانة لدي الشعب.

الإخوان المسلمون القوة المجتمعية

استطاع الإخوان منذ تم تأسيس الجماعة أن يوجدوا رصيدا كبيراً لدي الشعب بمختلف طوائفه المسلمة والمسيحية ومراحله العمرية من الأشبال إلي الشباب فالشيوخ ، حمل الإخوان هَمّ المجتمع والناس ، حملوا هَمّ الأطفال وتنشئتهم فأسسوا قسم الأشبال ثم الثانوي ثم الطلبة ، حملوا هَمّ المرضي والأرامل والعجائز فأسسوا لجان البر ، حملوا هم الغزو الثقافي والفكري والتبشير فأسسوا قسم النشر والدعوة ...

استطاع الإخوان ان يجعلوا أنفسهم بديلا لأي نظام حاكم في أي فترة من خلال كوادرهم المتخصصة والمدربة جيداً في مختلف أقسام الجماعة، وكل ذلك نابع من منهجهم الفكري الوسطي المعتدل.

استطاع الإخوان بفضل تنظيمهم ووحدة صفهم ووضوح الرؤية لدي أفرادهم أن يضعوا أنفسهم موضع ثقة الجماهير التي عبرت عن تقديرها لجهود الإخوان في انتخابات النقابات المهنية المختلفة والانتخابات التشريعية 2005 م التي شابها شئ من النزاهة ، ووضع الناس ثقتهم في مرشحي الإخوان حتي وصل الامر بالناس لدخول لجان الانتخاب باستخدام " السلالم الخشبية " من نوافذ إحدي المدارس للتصويت لمرشح الإخوان كما نقلت قناة الجزيرة في وقتها.

لم يعد هناك انسان لا يعرف الإخوان أو منهجهم أو طريقتهم في التغيير والإصلاح ولا ينكر فضلهم ودورهم في حفظ شباب الامة من الانحراف إلا ذوو الأهواء و المصالح الشخصية، الإعلام يتحدث يومياً عن اعتقال العشرات من الإخوان وإطلاق سراح العشرات، بحيث أصبح وجود الإخوان معلوماً من الواقع بالضرورة لكل الفئات ، أصبح أمراً واقعاً ومفروضاً.

الإخوان والنظام .. الاقوي والمسيطر

لم يجد أي نظام حاكم لمصر غضاضة في أن يضرب بيد من حديد علي يد كل من يمكن أن يمثل لوجوده تهديداً ، فبدءاً من اعتقالات الطور مرورا بحادث المنشية ومحنة 65 واعتقالات سبتمبر ثم الاعتقالات المتكررة منذ الثمانينات وحتي الآن ، كان الإخوان المسلمين هم العقبة الكئود أمام ظلم النظم وافتراءها واحتكارها للسلطة واستعبادها للشعب ، لذا فإن وجودهم علي الساحة لن يمرر ما يريده النظام بسهولة والأفضل إقصائهم ولما فشل في ذلك لجأ إلي تحجيمهم وفشل أيضاً في ذلك .. فلم يعد امامه إلا أن يؤخر تقدمهم.

أصبح الإخوان فعلياً هم القوة المسيطرة علي الشارع المصري فالحديث عن الإخوان يجد لنفسه مكاناً في كل بيت وكل مقهي وكل نادي فكري، اصبحت الصحف ووكالات الانباء تبحث عن أخبار الإخوان لأنها الأكثر مبيعاً وانتشاراً بين الناس وجذباً لجمهور عريض.

حاول النظام إقصاء الإخوان فزاد انتشارهم ، وحاول تحجيمهم فزاد اتساع فكرتهم وانتشار أفرادهم ، ولم يعد هناك بد من النظام في أن يعترف بفشله في السيطرة علي الشعب ، وعليه ان يعترف بأنه لم تعد له قوة يمكن ان يحتكم إليها ، فوزارة الداخلية والجيش والمخابرات ما هم إلا أفراد من الشعب، ولن ينقلبوا عليه من أجل نظام أفني نفسه بنفسه، وستجد فيهم من لديه بصيرة عند الأزمات ووطنية حقيقية ليقول للنظام " ارحل عنا ".

المصدر