الإخوان والدورة الثالثة.. هجوم القوانين

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الإخوان والدورة الثالثة.. هجوم القوانين

تقرير- عبد المعز محمد

16-07-2009

مقدمة

شهدت الدورة الثالثة للفصل التشريعي التاسع سيلاً من القوانين المهمة التي كان لنواب الإخوان دورٌ كبيرٌ في تعديل بعضها وفضح البعض الآخر، ونُقدِّم فيما يلي عرضًا لأهم هذه القوانين وما قدَّمته الكتلة البرلمانية فيها:

خامسًا: قانون المحاماة

نواب كتلة الاخوان

نجحت ضغوط وتحذيرات نواب الإخوان والمعارضة من عدم دستورية المادة الأولى من قانون المحاماة في إجبار الحزب الوطني على سحبها، وفي محاولةٍ لتبرير التراجع قال عبد الأحد جمال الدين زعيم الأغلبية خلال جلسة مناقشة القانون: "إنه قد تمَّ عرض هذه المادة على عددٍ من الفقهاء والقانونيين، وانتهينا إلى عدم إقحام مجلس الشعب في مادةٍ يمكن أن توصف بعدم الدستورية".

من جانبهم طالب نواب الإخوان بإلغاء المادة، وأعربوا عن سعادتهم بحدوث توافق بين الأغلبية والمعارضة لمصلحة المحامين، مؤكدين أنه ليس المهم مَن الذي اكتشف عدم الدستورية، سواءٌ الأغلبية أو المعارضة، إلا أن الأهم أن المجلس قد استجاب للمصلحة العامة، وهذه هي الديمقراطية التي نريدها ونسعى إليها؛ حتى تكون هناك مصلحة عامة متناغمة فيها المعارضة مع الأغلبية.

وكانت مناقشات القانون قد شهدت مناقشات ساخنة؛ حيث أشار نواب الإخوان إلى أن ما يحدث تعديل "ملاكي" يخدم أشخاصًا بعينهم، وقد انضمَّ رئيس المجلس د. فتحي سرور إلى نواب الإخوان والمعارضة في تأكيدهم عدم دستورية المادة الأولى التي تنصُّ على تشكيلِ مجلس مؤقت برئاسة النقيب العام لمجلس النقابة العامة في آخر انتخاباتٍ تمت صحيحة، بالإضافةِ إلى نقباء النقابات الفرعية، ويستمر تشكيله مدةً لا تزيد عن عامٍ لحين الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة، وقرر المجلس إرجاء مناقشتها إلى وقتٍ آخر.

وأكد نواب الإخوان أن الدستور يقر ديمقراطية النقابات، ولا أحد يشكِّلها إلا جمعيتها العمومية، مشيرين إلى أن تشكيل مجلس مؤقت للنقابة يعارض الدستور؛ لأنه يخل بمبدأ المساواة بين المواطنين، وقال: "هذا تشويه لإرادة المحامين، والتفاف حول أحكام المحكمة الدستورية العليا"، مطالبًا بتنقية مشروع القانون من كافة المخالفات الدستورية.

سادسًا: قانون الضريبة العقارية

رفضت الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين قانون الضريبة العقارية؛ الذي وافق عليه مجلس الشعب يوم 15/6/2008م، مؤكدين أن القانون يضيف أعباءً جديدةً على المواطن المصري، وأنه استمرار لسياسة الحكومة الرامية إلى تكبيل المواطن المصري على حساب طبقة الأغنياء، كما أكدت الكتلة عدم دستورية العديد من مواد القانون؛ مما يهدِّد بعدم الدستورية.

وحذَّرت من استغلال الحكومة مجلسَ الشعب لفرض ضرائب جديدة على المواطنين؛ مما يزيد اشتعال الشارع المصري، مؤكدين أن الحكومة تدَّعي أنها ستأخذ من الغني لتعطيَ الفقير، لكن هذا القانون لم يقل ذلك؛ حيث إن الواقع يؤكد أن هذا القانون سيفرض أعباءً جديدةً على المواطنين، خاصةً في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار العقارات.

وأكد نواب الكتلة رفضهم القانون لعدم دستوريته، وقالوا إنَّه في ظل الوضع الراهن وفي ظل عدم استقرار أسعار مواد البناء التي أصبحت كالزئبق لا يستطيع الشعب تحمُّل مزيدٍ من الضرائب.

كما أشاروا في مناقشات المجلس إلى أن الملكية الخاصة مصونة، والمساس بها مخالف للدستور والشريعة الإسلامية، وفي التشريع الحالي الربط الضريبي يقوم على صافي الدخل وليس على أصل رأس المال، وفرض ضريبة على الوحدات السكنية فيه مساسٌ بالملكية، وأضاف أن الزكاة هي الأصل في الشريعة، وكل ضريبة تُفرَض على مالٍ غير مستحق للزكاة مخالف للشريعة، مؤكدين أن المادة 38 من الدستور تنص على فرض الضريبة على أساس العدالة الضريبية، وهو ما لم يراعِ النص الدستوري حينما فرض الضريبة.

وأضاف النواب أن مَن يملك وحدة قيمتها نصف مليون جنيه ستنطبق عليها الضريبة، في حين أن الشخص الذي يملك أكثر من عقار وقيمة الوحدة تقلُّ قيمتها عن نصف المليون جنيه لن تنطبق عليه الضريبة، كما هاجم النواب قيام القانون بفرض ضريبة على العِزَب والنجوع والقرى، مشيرين إلى أن ذلك يتنافى مع العدالة الاجتماعية.

كما هاجم نواب الكتلة لجنة الخطة والموازنة بسبب قيامها بإعفاء المؤسسات الاستثمارية غير الخيرية من الضريبة، مشيرين إلى أن هذا دليلٌ على أن القانون في صالح الأغنياء وليس الفقراء، وتساءل نواب الإخوان: "كيف يمكن الحديث عن العدالة الاجتماعية في الوقت الذي يساوي فيه القانون في نسبة الضريبة بين الوحدة التي قيمتها نصف المليون جنيه، و15 مليون جنيه بنسبة 10%؟!"، مؤكدين أن وزير المالية دائمًا يتجه إلى جمع الجباية من جموع فقراء مصر على حساب الأغنياء.

كما أشار نواب الإخوان إلى أنَّ العوار ظاهر في هذا القانون بوجود مخالفة دستورية؛ لأنَّ هذه المباني لا تخضع للزكاة، وبالتالي ووفقًا للشريعة الإسلامية لا تُستحَق عليها ضرائب.

ورغم تحذيرات الإخوان إلا أن أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الوطني ورئيس لجنة الخطة والموازنة قاد الأغلبية لرفض كافة الاقتراحات التي تقدم بها النواب، سواء كانوا من الإخوان أو حتى من نواب الأغلبية.

كما رفضت الأغلبية تعديلاً قدمه نواب الإخوان حول المادة 18، والتي تنص على تحديدِ العقارات المعفاة من الضريبة؛ حيث طالب نواب الإخوان بإعفاء العقار الذي يُقيم فيه المُكلَّف بأداء الضريبة هو وأسرته مهما بلغت قيمته السوقية أو الإيجارية.

سابعًا: قانون الطفل.. معركة الدفاع عن الثوابت

حقَّقت الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين إنجازًا مهمًّا في قانون الطفل؛ الذي وافق عليه مجلس الشعب بشكل نهائي يوم السبت 7/6/2008م، وتمثلت الإنجازات التي حققتها الكتلة في الآتي:

- حركت الكتلة مجلس الشعب بأغلبيته ومعارضته لمناقشة متوسعة حول القانون، بخلاف ما حدث في مجلس الشورى الذي مرَّر القانون دون تعديلات تُذكر، وهو ما يؤكد أن المعارضة الجادَّة لها تأثيرٌ لا يستهان به في مثل هذه القوانين والقضايا.

- وضعت الكتلة من خلال المناقشات التي دارت حول القانون حدًّا فاصلاً لقضية الشريعة الإسلامية، وتصدَّت للمزايدات التي مارسها بعض نواب الأغلبية حول الشريعة الإسلامية ومدى حاجتنا لها؛ مما أدَّى في النهاية إلى إحداث توافق بين كافة فصائل البرلمان بأن الشريعة الإسلامية خطٌّ أحمر لا يمكن الاقتراب منه.

- دفعت الكتلة الحكومة وأغلبيتها البرلمانية إلى التنصُّل من وثيقة الطفل المشبوهة التي كانت محور ارتكاز الحكومة في السابق، وأقرت الحكومة في مضابط جلسات هذا القانون تبرُّؤها من هذه الوثيقة المشبوهة.

- استطاعت الكتلة من خلال المناقشات الجادَّة والحجج الفقهية المتنوعة تعديل المادة الخاصة بتجريم ختان الإناث وتحويلها لعملية تنظيمية يحدِّدها الأطباء؛ باعتباره الرأي الفقهي الراجح.

- الحضور المميز لأعضاء الكتلة أدَّى إلى وجود ثراء واضح في المناقشات حول القانون؛ مما أدَّى في النهاية إلى تعديل العديد من المواد التي وضعتها الحكومة في مشروعها، كما أدَّت هذه المشاركة لأعضاء الكتلة إلى إعادة المداولة في أكثر من مادة وإعادتها للجنة التشريعية مرةً أخرى لمناقشتها بشكلٍ مفصل.

- دفع الحضور المميز لنواب الكتلة في كلِّ الجلسات وعدم تغيُّبهم إلى فضح نواب الحزب الوطني وتزويغهم المستمر من جلسات البرلمان أثناء مناقشة مثل هذه القضايا المهمة.

- كان للمناقشات المتميزة لنواب الكتلة تأثير مباشر في دفع الحكومة إلى البحث في كتب الفقه، ومحاولتها عدم الوقوع في مخالفة الشريعة، وهو ما يعدُّ تراجعًا واضحًا للحكومة التي حاولت التملُّص في البداية من الالتزام بأحكام الشريعة في مثل هذه القوانين.

وكان مجلس الشعب قد وافق على القانون في جلسة 7/6/2008م بعد أن حسم عددًا من المواد المثيرة للخلاف والجدل في مشروع القانون، بعد مناقشاتٍ ومواجهاتٍ ساخنةٍ بين الأغلبية والمعارضة من جهة، والمعارضة والحكومة من جهةٍ أخرى؛ حيث قام المجلس بإدخال تعديل مهم على المادة 6 (مكررة)، والتي تجرِّم الختان بحيث تجعله جائزًا أو مباحًا في حالة الضرورة، وهو الاقتراح الذي وافقت عليه كتلة الإخوان ونواب المعارضة، وأشار سرور إلى أن التعديل سوف ينصُّ على إجراء هذه العملية في حالة الحاجة الضرورية لإزالة ضرر بالغ بالفتاة.

فيما شهدت مادة توثيق عقد الزواج حالةً من الجدل الشديد خلال المناقشات؛ حيث أصرَّت الأغلبية بقيادة أحمد عز على إعادة هذه المادة، رغم أن اللجنة التشريعية كانت قد قرَّرت حذفها بإجماع الآراء خلال بحث مشروع القانون، وتقضي المادة برفع سن توثيق الزواج بالنسبة للفتاة إلى 18 سنة، كما تشترط إجراء فحصٍ طبي قبل الزواج لتوثيق العقد، ورفضت كتلة الإخوان هذه المادة بشدة، وأشارت إلى أنها ستساعد على انتشار الزواج العرفي والعلاقات غير المشروعة، وأكد نواب الكتلة أن هذا النص مثير للجدل، ويفتح باب المفاسد، ولا يحقق أي إيجابية، ويفتح باب الزواج العرفي، وتساءلوا: ما سبب التشدُّد في قاعدة إجرائية الهدف منها الإثبات، وكان من الأولى إثبات الحق بدلاً من أن ندفن رؤوسنا في الرمال تجاهلاً لهذا الحق؟!

وعلَّق د. فتحي سرور مشيرًا إلى أن دعوى الزوجية ممكن رغم عدم التوثيق لعدم بلوغ سن 18 سنة، والقاضي من يحكم بالزوجية وتوثيق العقد عن الإقرار من الطرفين بالزواج.

بينما أكد نواب الإخوان أن رفع سن التوثيق سيفتح الباب واسعًا أمام الزنا، ويرفع من معدل الزواج العرفي، مشيرين إلى أن ما يحدث افتراء واضح، كما أكدوا أنه في الوقت الذي كنا نطالب بأن يشرف القضاة بشكلٍ كامل على العملية الانتخابية كانت تتحجَّج الحكومة بأن هذا عبءٌ ثقيلٌ على القضاء، وسيؤدي إلى تعطيل المحاكم، مشيرين إلى أن هذه المادة ستحوِّل القاضي إلى مأذون شرعي؛ حيث إن كل الذين سيختلفون في توثيق العقد قبل سن الـ18 سنة سيلجؤون إلى المحاكم، وعلَّق د. سرور قائلاً: الخلاف بين الأغلبية والمعارضة حول هذه المادة ليس في محلّه؛ حيث إنه وفقًا لهذه المادة إذا حدث زواج بغير توثيق يكون من حق الزوجين رفع دعوى للتوثيق، ويتم من خلال إقرار الطرفين بالزواج، وقال إن المقصود من هذه المادة هو وضع عقبات أمام من يزوِّجون بناتهم قبل سن النضوج لمزيدٍ من التوعية ولمصلحة المجتمع.

وقدَّم الشيخ السيد عسكر وثيقةً بها عدد من الأحكام الفقهية؛ تؤكد أنه لا يوجد سن محددة لزواج الفتاة في الدين الإسلامي، مشيرًا إلى أن هذه المادة مخالفة للشريعة، وستؤدي إلى العديد من المفاسد بعد رفع سن الزواج إلى 18 سنة.

وعقَّب سرور: نحن لا نرفع سن الزواج إلى 18 سنة، ولكن نضع شرطًا للتوثيق والإقرار بالزواج يجعل العلاقة قائمةً وسليمةً.

وفي النهاية قد قرَّر المجلس حذف هذه المادة من قانون الطفل وإقرارها في قانون الأحوال المدنية؛ وسط اعتراضات موسَّعة من نواب الإخوان والمعارضة، والذين طالبوا بحذفها كليًّا، وأشاروا إلى عدم وجود أي دافع لإقرارها في قانون الأحوال المدنية بشكلٍ متسرع.

كما حَظِيَت المادة التي تقضي بإعطاء الحق للأم في نسب طفلها بمناقشات موسعة، حيث أكد نواب الإخوان رفضهم لهذه المادة، مشيرين إلى أن أية امرأة تأتي بولدٍ من الزنا وتذهب لتسجيله معترفةً بجريمتها ولا تتم معاقبتها بل يتم تكريمها وإعطاؤها الرعاية الكاملة! وهو ما يُشجِّع على انتشار الرذيلة.

فردَّ الدكتور سرور بأن المادة واضحة، وتُعطي الحق فقط في إثبات شهادة ميلاد بأن فلانًا قد وُلد عن أم اسمها كذا أو لأب مجهول، وبدلاً من ذلك يوضع اسم أب اعتباري، وأن شهادة الميلاد لا قيمةَ لها إلا في إثبات ميلاد هذا الطفل فقط!، إلا أن نواب الإخوان رفضوا ذلك مؤكدين أن هذا المشروع يريد أن يفرض نموذجًا غريبًا على مجتمعنا، وأشاروا إلى أنه من الممكن أن نوثِّق الأب باسم وهمي، ولكن نكتب الأم كأم، فهذا إقرار بمشروعية الزنا، مؤكدين أنهم مع حق الطفل في الرعاية والكفالة، ولكن لا يمكن الاعتراف بأي علاقةٍ خارج نطاق الأسرة.

ووافق المجلس على المادة؛ بعد تعديل ينص على أن للأم الحق في الإبلاغ عن وليدها وقيده بسجلات المواليد واستخراج شهادة ميلاد له يدوَّن بها اسمه ولا يعتدُّ بهذه الشهادة في غير إثبات واقعة الميلاد.

كما رفض نواب الإخوان المادة 116؛ والتي تنص على مضاعفة الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأية جريمة إذا وقعت من بالغ على طفل، أو إذا ارتكبها أحد والديه؛ حيث طالبوا بحذف كلمة والديه.

كما انتقد نواب الإخوان المادة التي تجرم محاسبة الأطفال، وقالوا إنه من غير المقبول محاسبة الوالدين على تربيتهما لأولادهما، وقالوا إن الوالدين هما نبع الحنان والعطف على أولادهما، ولا يُعقل النص على معاقبتهما.

ثامنًا: لا لتمديد الطوارئ

أعلن (103) نواب يمثلون نواب الإخوان المسلمين وكتلة المستقلين ونواب المعارضة بمجلس الشعب؛ رفضَهم مدَّ حالة الطوارئ لفترةٍ جديدةٍ، مؤكدين أن استمرار العمل بقانون الطوارئ يمثِّل خطورةً على ركائز الدولة المدنية.

وأكدوا في بيانٍ أصدروه صباح جلسة التمديد وقَّع عليه النواب أنه لا توجد حالة حرب ولا حالة تهديد بالحرب ولا حالات كوارث طبيعية حتى يتمَّ تمديد العمل بالقانون، مشدِّدين على أنه في ظل حالة الطوارئ ضاعت كلّ مصالح الشعب لصالح فئةٍ فاسدةٍ تحمي الفساد والمفسدين، كما أن الطوارئ تسبَّبت في الإطاحة بالعديد من الحقوق والحريات التي كفَلَها الدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان؛ حيث زادت انتهاكات حقوق الإنسان الممثَّلة في الاعتقالات العشوائية والأخرى الانتقامية، إضافةً إلى التعذيب المُمَنْهَج في الأقسام ومراكز الاحتجاز المختلفة، كما تسبَّبت الطوارئ في توفير مناخ طارد للاستثمار، فضلاً عن أن استمرار الطوارئ زاد من نِسَب جرائم المخدرات بكافة أنواعها وأشكالها.

وقد جلسة الإثنين 26/5/2008م الخاصة بمناقشة هذه القضية مواجهاتٍ ساخنةً وحادَّةً بين نواب الأغلبية ونواب الكتلة والمعارضة، وبدأت المناقشات بطلب عرض مخالفة لائحية للدكتور محمد البلتاجي الأمين العام للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، الذي أشار إلى أن المادة 148 من الدستور أعطت الحكومة الحقَّ في طلب إعلان حالة الطوارئ في عدة حالاتٍ؛ منها عند وقوع كوارث طبيعية أو النكبات أو وقت الحرب.

وقال إن الحكومة والأغلبية يتلاعبان بالدستور والقانون، وأضاف أنه من غير المعقول أن تعيش مصر 29 سنة تحت حكم الطوارئ بلا مبرر موضوعي، وأشار إلى أنه يضع في رقبة المجلس ما لا يقل عن 50 ألف أسرة اعتُقل أربابها ولا يعلم أحدٌ مصيرهم حتى الآن.

وانضم النائب طاهر حزين إلى البلتاجي، مشيرًا إلى أنه لا توجد أية حاجة لعرض قرار رئيس الجمهورية بشكلٍ عاجلٍ، حيث إن رئيس الوزراء لم يطرح سبب الاستعجال في مد حالة الطوارئ، مشيرًا إلى أن المجلس يخالف الدستور.

وعلَّق د. فتحي سرور على أن مكتب المجلس هو السلطة المختصة بتحديد الموضوعات التي تعرف- وفقًا للقواعد العامة- باللائحة الداخلية للمجلس.

وفي كلمته تساءل الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان عن فلسفة الحكومة في مدِّ حالة الطوارئ رغم أن الإرهاب قد ترعرع في ظلها، ولم تمنع الطوارئ جريمةً إرهابيةً واحدةً، مستشهدًا بما حدث في الأقصر وشرم الشيخ وسيناء والتحرير، مشيرًا إلى أن الحكومة لا تريد مدَّ حالة الطوارئ سوى لحماية الفساد والمحتكرين، وقال إن الحكومة تحاول أن تغطيَ على فشلها في توفير رغيف الخبز وكوب المياه النظيف للمواطن، مطالبًا بحوارٍ مجتمعي بين الأغلبية والمعارضة والحكومة لإيجاد حلول فعلية وواقعية لمشكلات مصر، بدلاً من التوسع في تطبيق القوانين الاستثنائية.

واستشهد حسين محمد إبراهيم نائب رئيس الكتلة في بداية حديثه بمقولةٍ لرئيس المجلس د. فتحي سرور حول رفضه أن يكون هناك ضحايا للإرهاب أو لمكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أن حكم مصر تحت 27 سنة طوارئ أدى إلى انتشار ثقافة الطوارئ، وجعلت غالبية ضباط الشرطة لا يستطيعون العمل إلا بقانون الطوارئ، وقال إن الملازم الذي تخرَّج عام 1981م وأصبح الآن لواءً أو عميدًا لم يعمل إلا في ظل قانون الطوارئ.

كما استشهد بتقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان التي أكَّدت أن مراكز الشرطة في ظل قانون الطوارئ أصبحت سلخانات بشرية؛ يتم بها ممارسة التعذيب بصورة منهجية، كما أشار إلى استغلال الحكومة الطوارئ في إحالة المدنيين إلى المحاكمات العسكرية، مطالبًا بالتصويت على الطوارئ نداءً بالاسم؛ حتى لا يخدعَ بعض النواب أبناء دوائرهم ويقولوا إنهم رفضوا رغم أنهم في الجلسة كانوا في مقدِّمة الموافقين.

تاسعا: قانون منع التظاهر

أعلن أكثر من 100 نائب يمثِّلون كتلة الإخوان والمستقلين والمعارضة رفضَهم مشروعَ قانون قدَّمه وزير الأوقاف وناقشه المجلس يوم 2/4/2008م تحت اسم "الحفاظ على حرمة أماكن العبادة"، وقد شهد المجلس العديد من الأزمات بين نواب الإخوان وبين نواب الأغلبية في تلك الجلسة؛ حيث أكَّد نواب الكتلة أن هذا القانون جاء لصالح الصهاينة والولايات المتحدة الأمريكية، فيما انفعل الدكتور سرور قائلاً: "عيب هذا الكلام بقى.. إحنا بنشرع للصهاينة؟!"، وطلب الدكتور سرور حذف هذه الكلمة من المضبطة، وأكد النواب أن هذا القانون حلقة من حلقاتِ مسلسل التراجع عن هامش الحرية، متسائلين: لماذا الإصرار على الجامع الأزهر؟! ولماذا لا يتم إطلاق اسم جامع الأزهر على اسم مشروع القانون؟!.

وقد نظَّمت الكتلة في هذا الشأن ندوةً من ندوات صالونها السياسي عُقدت مساء السبت 20085/1/م تحت عنوان "التظاهر السلمي بين المشروعية والمصادرة"؛ حيث أكَّد المشاركون فيه رفضهم لهذا القانون بصيغته المطروحة على المجلس، شارك فيها كلٌّ من د. مجدي قرقر( الأمين العام المساعد لحزب العمل المجمَّد) والأستاذ جورج إسحاق (المتحدث الرسمي باسم حركة كفاية) والشيخ السيد عسكر (الأمين العام السابق لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف وعضو اللجنة الدينية بمجلس الشعب).

عاشرًا: قانون المحاكم الاقتصادية

سجَّل نواب الإخوان موقفًا مشهودًا خلال مناقشات قانون المحاكم الاقتصادية؛ حيث أعلن الدكتور حمدي حسن سحبه لمشروع قانون المحاكم الاقتصادية الذي تقدَّم به عام 2003م، وتم مناقشته عام 2005م بعد ما تبيَّن له من مناقشاته مع فقهاء قانونيين أن له أضرارًا بالغة على الهيكل القضائي.

وقال: "سحبت المشروع بعد أن وجدناه ضارًا بالهيكل القضائي، ولا يحقق الهدف الذي طرحناه من أجله وهو تشجيع الاستثمار، بالإضافة إلى أن مشروع القانون بهذا الشكل يشكل نوعًا من المحاكم الاستثنائية مثل القضاء العسكري، وقال نحن نرفض هذا.

وأضاف سحبنا القانون بعد أن اعترض نادي القضاة بشدة على مشروع القانون، كما أن مجلس الدولة قال أيضًا إن هذا القانون يتعارض مع قانون السلطة القضائية، ويخالفه شكلاً وموضوعًا، وأضاف حسن أن تشجيع الاستثمار لا يتحقق بالقوانين، ولكن هناك أساليب أخرى مثل تهيئة المناخ العام.

وأوضح حسن أن الحكومة استعانت بأكثر من 90% من مشروع قانونه في إعدادها لمشروع القانون الذي يناقش الآن في مجلس الشعب، لافتًا إلى أن مشروع القانون المقدم الآن من الحكومة به العديد من الأضرار؛ من بينها جعل محاكم خاصة للأغنياء.. إذ خصص محاكم لمن تزيد ثروته على 5 ملايين جنيه.

كما أكد نواب الإخوان أنهم غير مطمئنين لهذا القانون شكلاً ولا موضوعًا؛ لأنَّه لا يوجد مقرات للمحاكم الحالية، فأين ستنعقد المحاكم الاقتصادية؟!، كما أن هذا القانون به شذوذ قانوني؛ لأنه يفرق بين الدعاوى بقيمتها، فهناك دعوى تنظر أمام المحاكم الابتدائية مع استئنافٍ مباشرةً، وطالب صالح بأن يعاد الموضوع إلى اللجنة لإعادة دراسته بشكلٍ متأنٍ.

حادي عشر: قانون المرور.. ذبح 500 ألف أسرة

انسحب نواب الإخوان المسلمين من الجلسة المسائية الثالثة لمجلس الشعب يوم السبت 200831/5/م بعد قيام رئيس مجلس الدكتور فتحي سرور بغلق باب المناقشة حول المادة الرابعة من مشروع قانون المرور، وهي المادة التي تقضي بإلغاء تراخيص سيارات الأجرة ونقل الركاب التي مضى على صنعها 20 عامًا؛ وهي المادة التي طالب نواب الإخوان بإعادة المداولة بشأنها؛ لما تمثله من خطورة على عددٍ كبير من أصحاب السيارات والورش ومحلات وشركات قطع الغيار.

إلا أن رئيس المجلس رفض طلبات نواب الإخوان، وأصرَّ على غلق باب المناقشة في هذه المادة، وأصرَّ على تمريرها كما طالبت الحكومة.

من جانبهم قال كلُّ من الدكتور محمد البلتاجي مقدم طلب إعادة المداولة وحسين محمد إبراهيم أثناء طلب الكلمة إن الإصرار على تمرير هذه المادة يمثل خطورةً على عدد كبير من الأُسر التي تعيش على دخل هذه السيارات، وسيترتب عليها آثار اجتماعية واقتصادية خطيرة لشريحة عريضة من السائقين والعاملين في مجالات صيانة السيارات والصناعات التكميلية، واستيراد وبيع قطع غيار هذه السيارات؛ مما سيضرُّ آلاف الأُسَر من الطبقة الفقيرة والمتوسطة.

وقال النائبان إنه بدلاً من وقف الترخيص لهذه السيارات يتم تشديد إجراءات المتانة والجودة، خاصةً أن هياكل هذه السيارات ومكوناتها ومتانتها أفضل بكثيرٍ من السيارات الحديثة وبشيء من المتابعة والرقابة يتم السيطرة عليها وضبط حركتها.

إلا أن الحزب الوطني ردَّ من خلال أمين تنظيمه أحمد عز، مؤكدًا أن الأمر يحتاج إلى خطوة جريئة وعدم الالتفات إلى الآثار الاجتماعية، وضرب مثالاً بقرار منع سيارات الكارو من السير وسط القاهرة، وقال وقتها كانت هناك احتجاجات كثيرة وتخوف على أصحاب هذه السيارات إلا أن الأمر مرَّ بسلام.

وأمام هذا التعنُّت من رئيس المجلس وتبنِّيه رأي الحكومة وعدم اهتمام نواب الأغلبية بالآثار الخطيرة لهذه المادة؛ أعلن نواب الإخوان والمستقلين انسحابهم من الجلسة، رافضين إقرار هذه المادة.

وقد انتقد نواب الإخوان الطريقة التي أدار بها مجلسُ الشعب هذه الجلسة والتي أقرَّ فيها المجلس قانون المرور بشكلٍ نهائي، رغم انسحاب نواب الإخوان والمستقلين في الوقت الذي كانت تشهد فيه الجلسة غيابًا ملحوظًا لنواب الأغلبية؛ مما يشكك في صحة قرار المجلس بأخذ الموافقة النهائية على مشروع القانون.

وأكد نواب الإخوان أن انسحابهم جاء تضامنًا مع أكثر من 500 ألف أسرة سوف يذبحهم القانون بعدما قرر إلغاء تراخيص سيارات الأجرة التي مضى على تصنيعها 20 عامًا، وهو ما يعني إعدام 170 ألف سيارة، عدد كبير منها بحالة جيدة؛ مما سيكون له آثار اجتماعية خطيرة على نصف مليون أسرة مصدر رزقهم الأساسي هو هذه السيارات.

وتساءل النواب لمصلحة مَن تكهين هذه السيارات وتحويلها إلى خردة؟، ومَن هم أصحاب المصلحة في استيراد سيارات جديدة، لتحل محل هذه السيارات؟!

ورغم تعنت الأغلبية إلا أن مجلس الشعب وافق أثناء مناقشات مواد القانون على العديد من التعديلات التي قدمها نواب الإخوان والخاصة بخفض العقوبات الواردة في المادة 72 الخاصة بمخالفات السير لقائد المركبة وصلاحية السيارة؛ حيث أكد نواب الإخوان أن الحكومة لجأت إلى تشديد العقوبة على السائقين حيال ارتكابهم مخالفاتٍ بسيطةً، بينما حرمت أصحاب المركبات من تشغيلها بما يهدد الاقتصاد، وطالبوا بتخفيف العبء على أصحاب السيارات، مؤكدين أن قانون المرور القديم كان أفضل من التشريع الجديد.

وتتضمن المادة 72 من مشروع القانون التعديلات التي تفرض غرامةً لا تقل عن 100 جنيه ولا تزيد عن 1000 جنيه، على قائد المركبة الذي يتسبَّب في تلويث الطريق العام بإلقاء فضلات أو مخلَّفات، ومن قاد مركبة تصدر أصواتًا مزعجةً أو ينبعث منها دخان كثيف أو عادم ضار بالبيئة أو تسيل مواد قابلة للاشتعال أو يتساقط من حمولتها ما ينال من سلامة الطريق، كما تعاقب المادة قائد المركبة إذا ارتكب الفعل خاصةً خلال 3 أشهر، بمضاعفة الغرامة وسحب الرخصة لمدة عام إذا تكرر الفعل للمرة الثالثة خلال 6 أشهر.

كما نجح نواب الإخوان في إدخال تعديلٍ جوهري؛ حيث وافق المجلس على إلغاء عقوبة الحبس من نص المادة 70، والتي كانت تعاقب كلَّ قائد سيارة أجرة يمتنع بشكلٍ متعمدٍ عن نقل الركاب أو نَقَل ركابًا أكثر من العدد المحدَّد له، أو نَقَل الركاب من غير المكان المخصَّص لذلك؛ بالحبس مدةً لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن ثلاثمائة جنيه ولا تزيد عن ألف وخمسمائة جنيه.

ثاني عشر: قانون غسيل الأموال

اعترض نواب الإخوان بشدة على إقحام الإرهاب ضمن جرائم غسيل الأموال، رغم أن الحكومة لم تضع تعريفًا محدّدًا له، فيما رفض المجلس في جلسة 200815/06/م اقتراحًا من الإخوان والمستقلين بإضافة جرائم الاحتكار إلى مشروع قانون مكافحة غسيل الأموال، وأكد نواب الإخوان أن إقحام هذه الجريمة في مشروع القانون يؤكد أنها مفروضة علينا من الخارج، مطالبين بإضافة جرائم تجارة الرقيق والهجرة غير الشرعية والاتِّجار في الأعضاء البشرية إلى مشروع القانون.

المصدر