الإخوان المسلمون والرياضة البدنية

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الإخوان المسلمون والرياضة البدنية

11-03-2012

بقلم: السيد شعيب

مقدمة

الإخوان المسلمون والرياضة البدنية

حرص الإخوان المسلمون على الاهتمام بأبدانهم والعناية بأجسامهم من منطلق الشمولية الإسلامية التي تحتم على المرء أن يُعنى بجسمه كما يُعنى بروحه وعقله، ويحرص على سلامة بدنه من الأوبئة مثلما يحرص على طهارة قلبه من الأمراض، ولقد حثَّ الرسول الكريم المؤمنين على المحافظة على قوة أبدانهم، كما حثهم على قوة أرواحهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف"، وقال أيضًا: "إن لبدنك عليك حقًّا".

ولقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم للأمة كثيرًا من قواعد الصحة العامة وبخاصة في علم الوقاية، وهو أفضل شطري الطب، فقوله صلى الله عليه وسلم: "نحن قوم لا نأكل إلا إذا جعنا وإذا أكلنا لا نشبع"، وتحريه صلى الله عليه وسلم فيما يشرب من ماء، .

فقد جاء في الحديث: "كان صلى الله عليه وسلم يستعذب الماء"، ونهيه عن البول والتبرز في المياه الراكدة، وإعلانه الحجر الصحي على البلد المطعون وأهله، فلا يتركونه ولا ينزله غيرهم، وتحذيره من العدوى وطلب الفرار من المجذوم، .

وأخيرًا عنايته صلى الله عليه وسلم بكثير من فروع رياضة البدن كالرمي والسباحة والفروسية والعدو، وحثه أمته عليها وعلى العناية بها حتى جاء في الحديث: "من علم الرمي ثم نسيه فليس مني"، ونهيه صلى الله عليه وسلم نهيًا مشددًا عن التبتل والترهب وتعذيب الجسوم وإضوائها تقربًا إلى الله تبارك وتعالى، وإرشاده الأمة إلى جانب الاعتدال في ذلك كله، كل هذا ينطق بعناية الإسلام البالغة بصحة الأمة العامة، وتشديده في المحافظة عليها، وإفساح صدره لكل ما فيه خيرها وسعادتها من هذا الجانب المهم.

لذلك أوصى الإمام الشهيد حسن البنا الإخوان أن يهتموا بممارسة الأنشطة الرياضية، وتأليف الفرق الرياضية بأنواعها المختلفة في شعب الإخوان، فالقوة شعارهم ولا قوة في جسم ضعيف ضئيل.بل جعل من أخص خصائص الإخوان أنهم جماعة رياضية؛ لأنهم يعنون بجسومهم، ويعلمون أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لبدنك عليك حقًّا"، وأن تكاليف الإسلام كلها لا يمكن أن تؤدى كاملة صحيحة إلا بالجسم القوي؛ فالصلاة والصوم والحج والزكاة لا بد لها من جسم يحتمل أعباء الكسب والعمل والكفاح في طلب الرزق، ولأنهم تبعًا لذلك يعنون بتشكيلاتهم وفرقهم الرياضية عناية تضارع وربما فاقت كثيرًا من الأندية المتخصصة بالرياضة البدنية وحدها.

كما احتوت مجلة الإخوان الأسبوعية على صفحة بعنوان (الصحة والرياضة) لزيادة التثقيف الرياضي لدى الإخوان، كان يحررها عادة الأستاذ زيد شريف؛ حيث كانت تحتوي هذه الصفحة على شروحات لمختلف التمرينات الرياضية، وقوائم بالأغذية النباتية والحيوانية المفيدة للجسم، ونصائح رياضية مفيدة.

ولقد حفل تاريخ الإخوان بالعديد من الأنشطة الرياضية التي كانت مثار إعجاب كثير من الرياضيين محليًّا وعربيًّا لا سيما في فترة الأربعينيات من القرن العشرين، وتبوأ العديد من أعضاء الإخوان مكانًا رياضيًّا مرموقًا في مختلف الألعاب الرياضية، وحصدوا العديد من الجوائز والأوسمة والنياشين.

بداية تكوين الفرق الرياضية

كانت الرياضة البدنية تابعة لقسم الجوالة في فترة الثلاثينيات بقيادة الأستاذ محمود أبو السعود، ثم أصبحت قسمًا منفصلاً في الأربعينيات.

لقد كان عام 1940م وما بعده بداية الانطلاقة الكبرى للرياضة الإخوانية؛ حيث تنبهت قيادة الدعوة إلى أهمية تكوين الفرق والأندية الرياضية، وهدفت بذلك إلى غرضين: أن تكون من الإخوان أنفسهم تشكيلات رياضية بمزاولة لعباتها المختلفة التي تضيف إلى حركاتهم وسكناتهم الخفة والسرعة والمرونة، وتدفعهم إلى الأخذ بأسباب القوة، وتقوي عندهم الرغبة في الانتصار المشرف، وبذلك تعد الجيل الرياضي الفاضل الذي يكون بمثابة إكسير الحياة والعصب الحي في الأمة، فلا تدب فيها شيخوخة ولا يتطرق إلى قوتها وهن.

أما الثاني فنشر لدعوة الله بين الرياضيين أنفسهم في مختلف الأندية، وهم جيش جرار تحجرت عواطفه، وتوجه شطر المضمار لا المحراب، وأنسته هوايته عبادته، وذلك بمقابلة فرقهم ومنازلة أبطالهم لا حبًّا في الغلبة ولكن لنفرض عليهم نماذج من خلق فرقنا المثالي، فتشيع بينهم روح التنافس البريء، وتلقى عليهم دروسًا في احترام قوانين اللعبات والنزول عن طيب خاطر عند قرار الحكام، وتقبل الهزيمة بنفس الروح التي يتقبل بها الانتصار.

وتذكرهم بربهم ودينهم حينما نذكر الله ونحمده عند كل مباراة ونقطعها إذا أذن المؤذن للصلاة.

ومن هذا التاريخ سرت الروح الرياضية في الإخوان فتكونت الفرق وتأسست الأندية، وتعهد هذه الروح الوثابة في بادئ الأمر لجنة من أعضائها [[حسين كمال الدين] ولبيب برعي وعمر شندي ومحمود عزت وعبد العزيز أحمد ومحمد رشاد بدوي.

وضم لتلك الإدارة مجموعة من السكرتارية العامة للإشراف على الناحية الرياضية، ومعاونة المناطق على إنشاء الفرق الرياضية المختلفة، فاختير:

الأستاذ/ حسين صبري للألعاب السويدية.

الأستاذ/ محمود المويلحي للمصارعة وحمل الأثقال.

الأستاذ/ حسن عبد الرحيم للسباحة.

الأستاذ/ عبده درويش لكرة القدم.

الأستاذ/ صلاح عثمان للملاكمة.

الأستاذ/ عطية خطاب للسلة.

كما انضم للإدارة بعد ذلك الأخوان عبد المنعم الديب وإبراهيم برعى للقيام بأعمال المراقبة الفنية للفرق الرياضية للإخوان المسلمين.

كما وضعت الجماعة بين لوائحها السياسية والاجتماعية والثقافية والدعوية لائحة عامة للأندية والفرق الرياضية تخضع لنظام داخلي موحد تضعه إدارة الأندية بالمركز العام ويكون من أغراضها:

أ- بث الروح الرياضية في محيط الإخوان المسلمين.
ب- نشر الألعاب الرياضية المناسبة لتقوية أبدانهم وتحسين صحتهم.
ج- توجيه الشباب توجيهًا دينيًّا واجتماعيًّا.
د- رفع المستوى الثقافي للأعضاء.
هـ- تقوية الرابطة الاجتماعية وإيجاد صلات التعارف بين الأعضاء.

آداب رياضية رفيعة

كان الأخ عبد الغنى عابدين دائم التوجيه لفرق وشباب الإخوان، يذكرهم بالهدف من ممارسة الرياضة وآداب الممارسة، ونتيجة ذلك كتب يقول: "يا شباب الإخوان المسلمين، الرياضة نوعان: رياضة النفس والروح ورياضة الجسم؛ فأما الأولى فترويض النفس على الإيمان بالنظام، والإخلاص لله في العمل، والاعتماد على النفس، والصبر عند الهزيمة، والتحلي بالأخلاق الكريمة، وأما الثانية فتدريب للعضلات وتقويتها، وإصلاح الجسم وإعادة بنائه، وإن شبيبة تشب على ترويض النفس والروح والجسم لجديرة بأن تعيد للإسلام مجده وعزه.

أما إذا أراد الأخ أن يكون رياضيًّا ناضجًا فعليه أن يتبع تلك النصائح:

اعمل للعبة التي تحبها وتعشقها؛ فارفع من مستواها دائمًا، واعمل على نشرها.

1- العب دائمًا لفريقك لا لنفسك.
2- كن معتدلا في انتصاراتك وخذلانك؛ متواضعًا عند الانتصار، رحب الصدر وقت الخذلان.
3- تقبل أحكام الحكام بروح رياضية، ولا تبدِ معارضة أو تدخلاً في شئونهم مطلقًا مهما كانت أحكامهم.
4- كن شهمًا نحو خصمك المهزوم.
5- لا تكن أنانيًا، وكن أبدًا مستعدًا للمعونة.
6- رحب بكل ما يحدث من الطرفين إن كنت من النظارة (المشاهدين)، وشجع الطرفين في حدود القانون.

كما أوضح غاية الإخوان من الرياضة، فقال: "غايتنا جسم سليم، وبنيان قوى، وعقل سليم، وخلق كريم، وإيمان صادق".

المجلس الرياضي الأعلى للإخوان

وعلى إثر النشاط الرياضي للفرق الإخوانية تكون المجلس الرياضي الأعلى للإخوان في عام 1945م من حسين كمال الدين ومحمود لبيب وسعد الدين الوليلي وعبد المنعم الديب وعبد الغني عابدين ولبيب برعي ومحمد شميس ومحمود بدر الدين ومحمد أحمد علي وعبده درويش.

وأقام المجلس بمناسبة تكوينه حفلاً ضخمًا دُعي إليها كبار ورجالات الأندية والحكام والمحررين والرياضيين، ورتبت مباريات كبرى بين فرقه وفرق الأندية الأخرى، ولمع اسم المجلس في الأوساط الرياضية، ودعي محمود لبيب بك ليمثله في تكريم أبطال المصارعة.

أندية الإخوان أرقام وبطولات

كان للإخوان ثروة رياضية تعتبر أكبر ثروة تملكها هيئة في الشرق الأوسط في فترة الأربعينيات؛ حيث كانت لهم أندية رياضية كبرى مجهزة بمختلف اللعبات، واشترك أعضاؤها في كثير من البطولات مسجلة بالاتحادات المصرية واللجنة الأهلية في كل من الإسماعيلية وطنطا وبورسعيد والمنصورة والسويس ورأس غارب ومنوف وبني سويف والمنيا ودمنهور وحلوان وشبين الكوم.

أما أهم الفرق الرياضية للإخوان في الأربعينيات ما يلي

99 فرقة كرة قدم في مناطق القطر المختلفة منها 26 فرقة في القاهرة وحدها، و32 فرقة لكرة السلة و28 فرقة لتنس الطاولة و19 فرقة لرفع الأثقال و16 فرقة للملاكمة نازلت فرق النادي الأوليمبي الفلسطيني برئاسة البطل أديب دسوقي في أحفال كبرى أقيمت في القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والمنصورة في عام 1944م فكانت بحقٍّ فخر للأحفال.

و9 فرق للمصارعة و8 فرق للسباحة، وأشرف على فريق القاهرة الأخ حسن عبد الرحيم السباح المعروف.

أما في الدراجات فقد اشترك الإخوان في مسابقات عدة داخل القطر وخارجه، وفاز الأخ محمد مصطفى اللوري ببطولة فلسطين والشرق الأوسط، وكاد أن يحرز البطولة في سباق الدراجات بباريس لولا إصابته، ثم حصل على بطولة وادي النيل.

مشاهير الإخوان في الرياضة

ضرب بعض لاعبي الإخوان أرقامًا قياسية في مجال اللعب الرياضية المختلفة، حتى أصبح عدد لا بأس به من الإخوان يمثلون مصر في مختلف الألعاب، أمثال الأخ محمد مصطفى اللوري في لعبة الدراجات، والأخ عرفة السيد في لعبة الملاكمة، والأخ سيد نصير في حمل الأثقال، وفي لعبة كرة القدم برز الإخوة سيد شحاتة في منتخب أسود الإسماعيلية، وعمر شندي في منتخب فاروق (الزمالك حاليًّا)، وعلي عثمان لاعب الترسانة، وعبد الرحيم شندي وغيرهم، وفي لعبة السباق برز الأخ حسن عبد الرحيم (السباح المعروف)"، كما تم تسجيل فريق منتخب القاهرة للإخوان المسلمين في الاتحاد المصري لكرة القدم.

كأس المرشد العام

ابتكر الإخوان فكرة "كأس المرشد العام"؛ حيث أجريت المسابقات على هذا الكأس كل عام، وكان يحضر الأستاذ حسن البنا في المباراة النهائية ليسلم للفريق الفائز هذا الكأس؛ حيث كانت تتنافس فيه كل فرق الإخوان على مستوى القطر المصري.

هذه صفحات قليلة من تاريخ النشاط الرياضي للإخوان المسلمين تؤكد ريادة هذه الجماعة وأحقيتها للاضطلاع بقيادة المجتمع وإدارة شئون البلاد إدارة واعية وحكيمة، تحقق النهضة الإسلامية المنشودة في جميع المجالات.

أهم المراجع

- مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا.
- جمعة أمين عبد العزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين (مرحلة التكوين استكمال البناء الداخلي 1943 - 1945م.
- حسن البنا: مقالات في الدعوة والتربية مركز البصائر للبحوث والدراسات.
- د. حسان حتحوت: العقد الفريد (1942-1952) عشر سنوات مع الإمام حسن البنا.
- عباس السيسي في قافلة الإخوان المسلمين.
- موقع أمل الأمة 31 يناير 2010م.

المصدر