الإخوان المسلمون والإصلاح في مصر

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الإخوان المسلمون والإصلاح في مصر
08-04-2004

دعا المرشد العام لـ(الإخوان المسلمون) في مبادرة المبادئ العامة للإصلاح في مصر كافة القوى السياسية، وأن يطرحوا آراءهم ومواقفهم من مبادرة (الإخوان)؛ من أجل تحقيق الصالح العام؛ وذلك بهدف أمرين:

الأول: التعاون في الجزء المتفق عليه من تلك المبادئ؛ وهو في نظر (الإخوان) كثير.

الثاني: الحوار حول القدر المختلف عليه؛ وهو في نظر (الإخوان) قليل، وقد يكون مهمًّا رغم قلته.

وقد كان المرشد و(الإخوان) واضحين تمامًا في عدة مسائل:

- رفض أي ضغوط أو تدخلات خارجية.

- ضرورة البدء فورًا دون تأخير في الإصلاح ونقطة البداية هي الإصلاح السياسي، ولا يمكن أن يتم إلا إذا ألغيت حالة الطوارئ، وأجريت انتخابات حرة.

- وجوب تضافر القوى الوطنية وكافة المهتمين بما فيهم الحكومة للتصدي للهجمة (الصهيو- أمريكية) على مصر والمنطقة.

ولذلك كان عجيبًا أن يرى الأستاذ "حسين عبدالرازق" أن المبادرة أوضحت تساؤلاً حول موقف (الإخوان) بين الخارج والداخل، وأنها أعطت مصداقية للذين يرون أن هذه المبادرة عينها على الخارج، وتتوجه إليه وليس لشعب المصري ولا أحزابه وقواه السياسية.

وبدايةً لابد من الإشارة بموقف الأستاذ "حسين"- الأمين العام لحزب التجمع- والذي تعاطف مع المبادرة بصورة جادة، ولم يعلق عليها بانفعال كما فعل آخرون، أو يتخذ موقفًا سلبيًّا بحكم توجهه العقائدي أو موقفه السياسي كما سارع البعض.

وفي مقدمة المبادرة في خلفيتها وضوح تام أن الشعوب هي المعنية أساسًا بأخذ زمام المبادأة لتحقيق الإصلاح المنشود..

إن ما أثاره الأستاذ "حسين" حول مسألة أن (الإخوان) يدعون بدعوة الإسلام ليس جديدًا، ولا يمكن أن يطالب البعض (الإخوان) بالتخلي عن فكرتهم، ولم يدَّعِ (الإخوان) يومًا أنهم جماعة المسلمين؛ بل هم جماعة من المسلمين، يقدمون اجتهادهم واختياراتهم الفقهية، ولا يلزمون أحدًا بها؛ بل يطالبون الجميع أن يقدموا أيضًا اجتهادهم، ومنذ نشأة (الإخوان) وهم يقولون: إن الإجماع في المسائل الفرعية في شئون الدين مستحيل؛ فما بالك بالقضايا الدنيوية المباحة التي تتنوع وتختلف فيها الآراء؟ إن مردها إلى الأمة من خلال برلمان حرٍّ منتخبٍ.

وتكرار قصة الدولة الدينية يعيدنا إلى المربع الأول من جديد، فقد أعلن (الإخوان) مرارًا ما أثبته تاريخ المسلمين من أن الإسلام والمسلمين لم ولن يعرفوا الدولة الدينية التي يدعي فيها حاكم أو حزب أنه ينطق باسم الله أو يحكم بالحق الإلهي، والحديث عن حقوق الإنسان معروف في أدبيات (الإخوان)، وهم أول من اكتوى بانتهاكات الحكومات المتتالية؛ كالمواثيق الدولية والشرعية الإسلامية التي حافظت على حقوق الإنسان وكرامته.

أما "الأممية الإسلامية" فعجيب جدًّا أن يأتي من الأستاذ "حسين"؛ وهو الذي كان ينادي بأممية عالمية عمالية! وإذا كان قد راجع فكره ورأيه، فأحب أن أوضح أننا- كإخوان مسلمين- ندعو إلى إقامة دولة مصرية قوية تستند في كل مبادئها وأحكامها إلى الشريعة الإسلامية السمحاء، التي تحافظ على النسيج الوطني والوحدة الوطنية، وتساوي بين كل المواطنين أيًّا كانت معتقداتهم في الحقوق والواجبات؛ فهم سواء أمام القانون.. دولة تقود وتعمل من أجل الوحدة العربية وتسعى من أجل إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية بما يتناسب مع المعطيات العصرية الحديثة، وبتدرج في الأهداف والوسائل، فإذا كانت أوروبا أقامت بعد حروب مميتة طويلة الاتحاد الأوروبي، وإذا كانت أمريكا اتحدت بعد حرب أهلية وحرب استقلال في الولايات المتحدة الأمريكية؛ فما الذي يمنع الدول الإسلامية في التفكير الجدي في شكل من أشكال التعاون الوثيق الذي يزيل الحواجز الجمركية، ويفعِّل التعاون الاقتصادي، ويؤسس لشكل سياسي يوحد بين هذه الدول ولو بعد قرن من الزمان؟!

أما تفاصيل أطروحات (الإخوان) في مبادرتهم حول الإصلاح الاقتصادي أو مشاكل التعليم والبحث العلمي أو الثقافة، وغيرها من التفصيلات، فهي محل اختلاف الآراء بين المسلمين؛ بل بين كل الأحزاب والقوى السياسية لكلٍّ ما فيها رأيه واجتهاده، وإلا لما آمن (الإخوان) بالتعددية السياسية في المجتمع المسلم.. فعلى أي شيء ستختلف برامج الأحزاب إذن؟!

ومع ذلك فـ(الإخوان) ليسوا جامدين على رأي قاطع؛ بل إن الآراء تتغير مثلها مثل الأحكام بتغير الزمان والمكان وتغير المعطيات الأخرى، ويرحب (الإخوان) بكل نقد رصين، واختلاف في وجهات النظر معهم، وشعارهم كما أعلنوه دائمًا: "فلنتعاون فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه".

وهذا ما دعا إليه فضيلة المرشد؛ أن نلتقي جميعًا على كلمة سواء؛ حيث قال: "إن واجب الوقت يقتضي من كل القوى السياسية والنخب الفكرية والثقافية وكافة المهتمين بالشأن العام أن يلتفوا حول إطار عريض، ينطلق من المقومات الأساسية لهذا المجتمع، وأن يتعاونوا في المتفق عليه- وهو كثير- وأن يتحاوروا حول المختلف فيه- وهو قليل- من أجل الصالح العام لهذه الأمة.. إن الثالوث المدمر لهذه الأمة من جهود سياسين، وفساد وظلم اجتماعي، وتخلف علمي وتقني يهدد مصر الآن في أمنها الوطني، ومكانتها القومية، وريادتها الإسلامية، ودورها العالمي.


  • هذه المقالة رد على ما كتبه الأستاذ "حسين عبدالرازق"- أمين عام حزب التجمع- بجريدة (الأهالي) بتاريخ 17/3/2004م.

المصدر