الأهلى هزم الترجى.. هذا من فضل ربى

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الأهلى هزم الترجى.. هذا من فضل ربى


5 اكتوبر 2010


بقلم: حسن المستكاوي


كانت الأجواء هادئة قبل المباراة.. والروح الرياضية تظلل سماء القاهرة.. فماذا حدث؟! رجلا الإطفاء دخلا إلى قفص أسود جائعة.. وتعرضا للالتهام.. هل نطبق القانون؟ الاتحاد الأوروبى حرم الأندية الإنجليزية من بطولاته خمس سنوات بسبب شغب وضحايا استاد هيسيل.. متى يستيقظ الكاف؟!

● إلى متى تستمر أحداث العنف والشغب فى ملاعبنا من الجماهير الشقيقة أو من بعضها؟.. سؤال يطرحه ملايين المصريين؟!

كانت أجواء ما قبل المباراة لطيفة وهادئة على الرغم من حرارة المواجهة بين الفريقين الكبيرين الأهلى والترجى.. وكانت الروح الرياضية تبدو أنها ظاهرة وواضحة، تظلل سماء القاهرة وتنساب فى رحاب سحاب سماء الجمهورية.. المصريون يرحبون بأنصار الترجى. والابتسامة تعلو وجوه الأشقاء القادمين من تونس برا وبحرا وجوا.. لم نكن نعرف أن بعضهم حضر غاضبا، وثائرا، ورافضا لخسارة فريقه. لم نكن نعرف أن بعض أنصار الترجى هم من جعلوا كرة القدم كما وصفها شاعرى المفضل آلان رديارد كبلنج بأنها «متعة غليظة وعنيفة ورخيصة»..

تقدم الأهلى بهدف سجله محمد فضل بيده وكان قادرا على الفوز بأربعة.. خاصة فيما بعد الدقيقة (50) فقد انفرد فرانسيس وذهب بعيدا ولم يسجل. وردت الكرة إلى فضل منفردا، وظننته سيغرد، فإذا به يركل الكرة فوق العارضة.. ومرة أخرى سدد شريف عبدالفضيل.

ثم سجل فتحى هدفا ثانيا ذكرنى بانطلاقات الظهير البرازيلى مايكون وبأهدافه.. وفى تلك اللحظة كتبت فى أوراقى كلمة واحدة كأنى أحذر الأهلى: «التركيز».. لعل الفريق يقرأ أو يسمع ويحافظ على تقدمه بهدفين.. إلا أن مشهد كرة القدم لم يعد مهما أمام صورة مدرجات جماهير الترجى التى شهدت اعتداءات سافرة على رجال الأمن والإطفاء.. فقد غضبوا بسبب تقدم الأهلى بهدفين، وتذكروا هدف فضل بيده.. بينما سكت جمهور الأهلى الكبير والرائع على أخطاء ظلمت الفريق، فلم يحتسب الحكم ضربتى جزاء.. وصمت جمهور الأهلى الصابر على الفرص التى ضاعت من فرانسيس، وفضل، وبركات.. وأحزنه أن يصاب لاعبه الليبيرى بتلك الصورة وبهذا العنف، دون أن يطرد الحكم اللاعب المعتدى.

هذا عنف متكرر، وكان لابد من الدعوة لمحاسبة كل من حاول إصابة رجال الإطفاء، وكل من قام بالشروع فى قتل الرجلين اللذين تركا وحدهما، كأنهما دخلا إلى قفص أسود جائعة بإرادتهما أو بحسن نية.. وهما فعلا ذلك لإطفاء حريق أشعله المتعصبون.. ونحن نكرر ما طالبنا به تليفزيونيا، أن يحاسب هؤلاء، وأن يحاكموا وفقا للقانون المصرى.. وكلنا نعلم جيدا أنه لو أن مصريا «كسر» إشارة حمراء فى دولة عربية فإنه يحاسب بقانون البلد.. فلماذا يظن البعض أننا نطالب بما ليس من حقنا؟!

من أسف أنه فى لحظات الفوضى والصخب، والخطر، تظهر غالبا الأشباح التى تظن أنها عاقلة أو تدعى العقل وسط الجنون، مع أنه فى هذه المرة كان مشهد الجنون والتعصب واضحا ولا يحتاج إلى تعليق، وكان الإعلام قبل المباراة وخلال المباراة عاقلا ومسئولا.. لكن جزءا مهما من المسئولية أن تعبر عن الناس ولو غضبوا، وأن تنقل لهم ما شاهدوه بلا رتوش وبلا مبالغات.. لم يكن الأمر يحتاج إلى ذلك.

ملايين المصريين عبروا عن غضبهم.. وقد سبق وقلنا إن هناك لوائح تحكم الاتحادات الرياضية، ومنها الاتحاد الأفريقى.. نعلم ذلك، وهو معلوم لأى طفل أو بائع بطاطا.. وليست هناك حاجة إلى دروس فى ذلك. لكن عندما يتجلى شبح العنف بصورة مبالغة، وعندما تتكرر مظاهر الغل والغضب والاعتداء ولو من قلة منحرفة، وعندما تنذر وقائع باحتمالات وقوع كوارث، فلابد من قرارات رادعة تتخطى النظم واللوائح والأوراق.. إلا إذا كان الاتحاد الأفريقى ينتظر مثل البعض كارثة يسقط فيها ضحايا وقتلى حتى يصدر ما يجب أن يصدره من قرارات.. وأذكركم بأن الاتحاد الأوروبى حرم الأندية الإنجليزية من اللعب فى بطولاته خمس سنوات بسبب شغب استاد هيسيل فى المدرجات وسقوط 39 قتيلا إيطاليا.. لم يحدث شىء فى المباراة لكنه كان فى المدرجات.. هل كانت فى لوائح الاتحاد مواد تتعلق بوقوع قتلى وضحايا؟!

الأشباح قدمت فاصلا باردا وألقت الماء الصاقع فوق الرءوس.. حصة من حصص الإنشاء والتعبير.. تحريف، وتلوين، وإضافة صبغات ملونة، وتأويل كلام، وادعاء كلمات لم ينطق بها إنسان.. فلم يقل أحد إن الشعب التونسى هو الذى اعتدى وضرب وركل، ولم يشكك أحد فى حضارة وثقافة وطيبة ملايين الأشقاء فى تونس، وحين نطالب بالاعتذار، فإنه من المنطقى أن يحدث ذلك إزاء مشاهد جعلت الدماء تغلى فى عروق المصريين.. ومنذ 22 عاما كنت مصاحبا لبعثة منتخب مصر فى الجزائر وبسبب خبر صغير تافه، أصدرت البعثة بيان اعتذار.. ورجال تلك الواقعة حضور وأحياء متعهم الله بالصحة.. فلماذا يستكثر البعض أن يعتذر لنا السفير أو رئيس البعثة أو رئيس الترجى؟.. أمر غريب.. لكن للأسف المهم عند هؤلاء أن يسيروا فى الاتجاه المعاكس ولو بإلقاء الماء البارد فوق الرءوس.

أعرف جماهير كرة القدم جيدا، وأعرف جماهير اللعبة اليوم وهذه الأيام.. إنهم يتحركون فى جماعات، وفى مواكب صاخبة، ويتزاحمون لحماية بعضهم البعض، ويتضاحكون للتخفيف عن خوف بعضهم من المواجهة، وهم يتظاهرون قبل اللعب وبعد اللعب وأثناء اللعب، ويتندرون ويتوعدون بعضهم.. ويوم المباراة عندهم هو يوم الحمى.. هو يوم الكرة ولا شىء غير الكرة.. وهو يوم مملوء بالحياة والحركة والانفعال والضوضاء، مملوء بالغضب والحب والعرق والخوف.. وكان بعض هؤلاء من جماهير وأنصار الترجى..

العنف والضرب والاعتداء أفقد المباراة الكثير من أهميتها ومن متعتها، لكن من الإنصاف أن نشير إلى قوة الترجى وتكامل صفوفه فى بداية المباراة، وتميز بنجومه الذين أشرنا إليهم مع الجميع: الغانى هاريسون أفول والنيجيرى مايكل إينرامو، وخالد القربى، ثم المساكنى، وشمام، والهيشرى، وصيام.. وقد مضت المباراة، ومضى الأهلى محاولا الطيران بجناح واحد، وهو أحمد فتحى، على الرغم من انتقال بركات إلى الجهة اليسرى.. وتحمل دفاع الأهلى ولاعبو الارتكاز، عاشور وشهاب العبء فى مواجهة وسط الترجى ومقابلة القادمين من الخلف.. كانت المباراة عصيبة وصعبة، ومتوترة، وعشوائية، وقوية.. كانت خليطا من هذا كله.. حتى جاءت الدقيقة رقم (50).. نشط الأهلى وهاجم وسيطر، وصنع الفرص، مستغلا حالة من عدم التركيز أصابت لاعبى الترجى.. كانت تلك هى الدقائق الحاسمة.. إلا أن الأهلى لم يحسم الموقف، وأصيب مرماه بهدف قد يكلفه غاليا.

المصدر