الأقباط والصعود السياسي للإخوان
كتاب يشير الى ان الجماعة تعاملت طوال تاريخها بطرقة متسامحة ومرنة مع الأقباط ادت الى تبني مفهوم مواطنة الأقباط حتى في ظل الحكم بالشريعة الإسلامية. يؤكد الواقع أهمية بل ضرورة الحوار بين جماعة الإخوان المسلمين كتيار دعوى والأقباط كأحد الفئات المهمة فى المجتمع المصري؛ لأن موقف الحركة الإسلامية عمومًا، وجماعة الإخوان المسلمين على وجه، من غير المسلمين، أصبح مثار جدل، ويستخدم سياسيًا على نطاق واسع، ضمن جولات من الصراع السياسي الدائر بين العديد من الأطراف السياسية وجماعة الإخوان.
ويطرح كتاب "الأقباط والصعود السياسي للإخوان" الصادر حديثا عن مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز - والذي كان في الأصل حلقة نقاشية حضرها نخبة من المفكرين والمثقفين وناشطين فى المجتمع المدني - بعض الإشكاليات فى موقف الجماعة من الأقباط حيث تم التحاور حولها واستكشاف مساحة اجتهاد الجماعة فيها ومناطق الغموض داخلها وذلك من أجل بناء مدركات صحيحة لدى كل طرف عن الطرف الآخر داخل الجماعة الوطنية والدفع نحو تحقيق الاندماج والتكامل بين الجميع في إطار هذه الجماعة على قاعدة المواطنة.
وشملت مداخلات وكلمات المشاركين في الحلقة النقاشية على عدة أفكار تهدف إلى تكريس مفهوم المواطنة ومنها:
- عدم التعامل مع المواطنين الأقباط من منظور أنهم كتلة أو طائفة على اعتبار أن هذا يعني تقسيم الجماعة الوطنية على أساس ديني.
- تفعيل مواطنة الأقباط عن طريق الانتقال من الهواجس والقلق والمخاوف إلى العمل والعيش المشترك بالتفاعل مع الأحداث تفاعلاً إيجابيًا، والترشيح في المواقع المختلفة.
- أن تكون المراجعة من الطرفين المكونين لنسيج الأمة – المسلمين والأقباط - فلا ينبغي أن نطالب طرفًا واحدًا بها فقط.
- أن يقوم ناشطون من الأقباط -وليس كتلة قبطية ـ مع ناشطين إسلاميين وغير إسلاميين في إطار "الجبهة الوطنية للتغيير" بالتوافق على وثيقة جديدة يمكن اعتبارها عقد اجتماعي جديد بين جميع القوى الوطنية تتضمن النقاط الحرجة كلها ليس فقط تجاه الأقباط وإنما النقاط الرئيسية المتعلقة بالديمقراطية والاستبداد والتخلف يمكن اعتباره عقدًا جديدًا للمصريين يتفاعل الناشطون به مع الجماهير ويدعون إليه.
- تحرير الأجهزة الرئيسية من سيطرة الدولة والتي تمثل البنية الأساسية للمجتمع الديمقراطي وإخضاعها للإرادة الشعبية وهو يكفل لجميع المواطنين إتاحة فرص التعبير السياسي والاجتماعي والمدني والإعلامي ويعيد لكل القوى السياسية المحجوبة دورها في المجتمع مع وجود ضوابط وضمانات دستورية لعملية الصراع السياسي والتداول السلمي.
- التأكيد على أن حملة التخويف من صعود الإخوان إما أنها تهدف لإعاقة المواطنين عن نيل حقوقهم أو أنها من أصحاب المخططات الخارجية التي تهدف إلى إضعاف المجتمع المصري بغية السيطرة عليه.
- الدعوة إلى تجاوز القراءات الإسلامية المتشددة تجاه جميع القضايا كالأقباط والمرأة والفن والتمسك بالطروحات المتقدمة عن المواطنة وتعليمها للقواعد الاجتماعية لجماعة الإخوان المسلمين.
- تحري الموضوعية في قراءة التراث الإسلامي، وخصوصا في الفتاوى بعدم فصلها عن سياقها أو اختزالها في سطر أو سطرين والرجوع إلى فتاوى الفقهاء بدلاً من التركيز على فتاوى الوعاظ .
- التوقف عن استخدام المفاهيم المفخخة مثل مفهوم "الآخر"؛ لأن الأقباط ليسوا "آخر" فهم جزء من النسيج الاجتماعي، وشبكة العلاقات الاجتماعية، ومفهوم "الأقلية" لأنه جاء للاستقواء بالخارج ونشأ بالأساس داخل الحضارة الغربية.
وإضافة إلى الحلقة النقاشية يحتوى الكتاب على مقدمة للدكتور رفيق حبيب – عضو الهيئة الاستشارية لمركز سواسية – بعنوان: "الإخوان والأقباط: لماذا الحوار؟" ويشير فيها إلى دور وسائل الإعلام فى التخويف من صعود الإخوان والتأكيد على أن وصول الجماعة للسلطة يؤدي إلى تغيير الأوضاع والمراكز القانونية لعدد من فئات الجماعة المصرية، خاصة الأقباط، مما جعل هذا الأمر مصدرا للتوتر لدرجة يلزم التعامل معها ويصبح الحوار المطلوب هو حوار للفهم وإزالة الالتباس، كما أنه حوار ينتج عنه في نهاية الأمر التوصل إلى تصور عن الحقوق والواجبات داخل الجماعة المصرية، بصورة تحافظ على المساواة بين الجميع، كما تضمن للجميع حق الاحتكام لشريعتهم الدينية.
كما يشمل الكتاب على دراسة من إعداد وحدة البحوث بالمركز بعنوان: "المشروع الإسلامي وقضية مواطنة الأقباط" تشير إلى أن الخبرة الإسلامية لم تعرف مصطلح الأقلية بنفس دلالته التي تطرحها العلوم الاجتماعية المعاصرة، والتي تعنى اختلافًا تفارق به الأقلية الأغلبية في أحد المقومات الطبيعية أو الثقافية، ويؤدى هذا الاختلاف إلى تدنى نصيبها في القوة الاجتماعية والسياسية وتعرضها لممارسات تمييزية تدفع أفرادها إلى التضامن فيما بينهم لمواجهة هذه الممارسات، مما يؤدى إلى توتر في العلاقة بين الأقلية والأغلبية في المجتمع.
وأن مفهوم المواطنة يعنى استبعاد مفهوم أهل الذمة تمامًا حتى وإن كان يتضمن جميع حقوق وواجبات "المواطنة" نظرًا لأن استعماله في الأحاديث النبوية كان من قبيل الوصف وليس التعريف فضلاً عن أنه كان بمثابة استخدام للغة ومفردات وصياغات سارت في جزيرة العرب قبل الإسلام.
وتشرح الدراسة موقف جماعة الإخوان المسلمين من بعض القضايا المتعلقة بقضية مواطنة الأقباط مثل: الموقف من مفهوم الجزية وأهل الذمة، المشاركة فى الحكومة، تشكيل الأحزاب السياسية، بناء الكنائس، تطبيق الشريعة الإسلامية.. إلخ لتصل إلى نتيجة مفادها أن الجماعة تعاملت طوال تاريخها بطرقة متسامحة مع الأقباط واتسمت بمرونة فكرية ادت إلى تبني مفهوم مواطنة الأقباط حتى فى ظل الحكم بالشريعة الإسلامية والإقرار الكامل بهذا المفهوم.
بقلم: حمدي عبد السلام شهاب
ميدل ايست
المصدر
- مقال: الأقباط والإخوان .. الحوار تحت الضغط موقع تشرين