الأسباب المؤدية لعدم الثبات على الدين أو في مواجهة الفتن

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الأسباب المؤدية لعدم الثبات على الدين أو في مواجهة الفتن

1- النشأة الأسرية:

قد ينشأ المرء بين أبوين سمتهما عدم الثبات أو اليقين، وحينئذ يسري ذلك إلى نفسه، فإذا به صورة منهما، وهنا يتجلّى دور التزام الآباء بأخلاق وآداب الإسلام، وثباتهم على القيام بتكاليفه،ولو روعي ذلك لجنّب الآباء أبناءهم الانحراف والزيغ، دون الحاجة إلى خطب، أو مواعظ.

2- صحبة أقران السوء:

وهي الصحبة العارية من هذا الخلق الإسلامي، وقد يعيش المرء فـي وسط غير ملتزم بهذا الخلق الإسلامي، فإذا به يحاكي ويتأسى لاسيما إذا كان ضعيف الشخصية، غير واثق من نفسه،ومن تصرفاته وسلوكه، وهنا يأتي دور الارتماء بين أحضان الصحبة الطيبة الملتزمة بالمنهاج الإسلامي، إنّ هذا لو وقع، لتنبّهت المشاعر والأحاسيس، والجوارح، ولثبت المرء وما زلت قدمه عن الحق.

عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:' إنّما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إمّا أن يحذيك، وإمّا أن تبتاع منه، وإمّا أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إمّا أن يحرق ثيابك،وإما أن تجد ريحا خبيثة'.

وعن علي رضي الله عنه فـي قوله تعالى:(الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)الزخرف:67 قال:'خليلان مؤمنان، وخليلان كافران، فتوفـي أحد المؤمنين وبشر بالجنة فذكر خليله،فقال: الّلهم إن فلانا خليلي كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ،ويأمرني بالخير، وينهاني عن الشر، وينبئني أني ملاقيك، اللهم فلا تضله بعدي حتى تريه مثل ما أريتني، وترضى عنه كما رضيت عني، فـيقال له اذهب فلو تعلم ماله عندي لضحكت كثيرا وبكيت قليلا، قال، ثم يموت الآخر، فتجتمع أرواحهما، فـيقال ليثن أحدكما على صاحبه، فـيقول كل واحد منهما لصاحبه نعم الأخ ونعم الصاحب ونعم الخليل، وإذا مات أحد الكافرين وبشر بالنار، ذكر خليله، فـيقول: اللهمّ إنّ خليلي فلانا كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير، ويخبرني ملاقيك اللهمّ فلا تهده بعدي حتّى تريه مثل ما أريتني، وتسخط عليه كما سخطت علي قال: فـيموت الكافر الآخر فـيجمع بين أرواحهما، فـيقال ليثن أحدكما على صاحبه...'.

3- الغفلة أو النسيان:

وقد تؤدي الغفلة، أو النسيان بالإنسان إلى عدم الثبات، وحينئذ يجب أن يتعلم من ذلك درسًا لا ينساه على مدار الزمان فلا يتكرر منه هذا الخطأ، يقول ابن القيم:' فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكباً على قلبه، وصداه بحسب غفلته، وإذا صدئ القلب لم تنطبع فـيه صور المعلومات على ما هي عليه، فـيرى الباطل فـي صورة الحق والحق فـي صورة الباطل، لأنّه لمّا تراكم عليه الصدأ اظلم فلم تظهر فـيه صورة الحقائق كما هي عليه فإذا تراكم عليه الصدأ وأسود وركبه الران فسد تصوره وإدراكه، فلا يقبل حقاً ولا ينكر باطلا'.

قال تعالى فـي الغفلة:(وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فـي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) الأنبياء:97، وقال: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فـي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) مريم:39،وقال فـي النسيان:(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) الكهف:57، )قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) طـه:126(وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا) الجاثـية:34،يقول ابن تيمية:' بنسيانه لربه تعالى ولما أنزله،قال تعالى:(ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون)، وقال تعالى فـي حق المنافقين:( نسوا الله فنسيهم)..وقوله:(ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم) يقتضي أن نسيان الله كان سبباً لنسيانهم أنفسهم، وأنهم لمّا نسوا الله عاقبهم بأن أنساهم أنفسهم'. وصدق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:' كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخطاءين التَّوَّابُونَ'.

وعلاج الغفلة والنسيان دوام التذكير، وذكر الله عز وجل، قال تعالى: (إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً) الكهف:24، (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)سورة الذاريات:55،(فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى) سورة الأعلى:9.وتقدير العواقب المترتبة على عدم التثبت فـي الدنيا والآخرة: فإنّ هذا التقدير من شأنه أن يبعث الإنسان من داخله، ويحمله على الثبات والصمود وعدم التراجع .

4- الإعجاب بالنفس:

ومن أسباب اضطراب القلب وعدم ثباته:هو الإعجاب بالنفس والاتكال على العمل، والعجب بالنفس أمره خطير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:' لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم ما هو أكبر منه العجب'.

وكم من معجب بنفسه لم يجتهد فـي تزكيتها،وأهمل تربيتها ومحاسبتها، ولم يتزود لوعورة الطريق وآلامها، فأنهار وضعف مع أول محنة أو شدة لاقته، والذي يطرد خاطر العجب:مجاهدة النفس،وإلزامها التواضع، وإلجامها عن الغرور والعجب، واستخراج حظ الشيطان منها( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فـينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)العنكبوت:69 (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) التوبة:16، وأن يعلم أنّ الأعمال بالخواتيم، وليس بواقع الحال ذلك ؛ فإذا كان كذلك لم يغتر بظاهر صلاح حاله،وظل مستيقظا حذراً، (يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) الحديد:14

وعن عبد الله بن مسعود قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق:' إنّ أحدكم يجمع خلقه فـي بطن أمه فـي أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله إليه الملك فـينفخ فـيه ويؤمر بأربع يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد فوالذي لا إله غيره إنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثمّ يسبق عليه الكتاب فـيختم له بعمل أهل النار فـيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النّار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثمّ يسبق عليه الكتاب فـيختم له بعمل أهل الجنة فـيدخلها'.

وعن أنس رضي الله عنه أنّ رسول الله عليه السلام قال 'لا عليكم أن لا تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم له، فإنّ العامل يعمل زمانا من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول فـيعمل عملا سيئا، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فـيعمل عملا صالحا، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته ' قالوا يا رسول الله وكيف يستعمله؟قال:'يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه'.يقول ابن القيم:' لما كان العمل بآخره وخاتمته لم يصبر هذا العامل على عمله حتى يتمّ له، بل كان فـيه آفّة كامنة ونكتة خذل بها فـي آخر عمره، فخانته تلك الآفة، والداهية الباطنة فـي وقت الحاجة،فرجع إلى موجبها، وعملت عملها، ولو لم يكن هناك غش وآفة لم يقلب الله إيمانه'.

5- الحماس، أو العاطفة الإسلامية الجياشة المتأججة:

ذلك أنّ الحماس أو العاطفة ما لم تكن موزونة بميزان الشرع، ومحكومة بلجام العقل، فإنّها تسلب صاحبها الإدراك التام والوعي والبصيرة، وقد يستعجل بلوغ الغاية أو الهدف، فإذ به يخطئ كثيراً، ثمّ ما يلبث أن يتراجع ولا يثبت، فـيسقط قبل الوصول. فالحماس يجب أن يكون منضبطا بالوعي المبصر،والبصيرة الواعية،(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) يوسف:108 6- اليأس:

اليأس من معوقات الثبات فـي النفس.فقد ييأس بعض الناس من هداية قلبه فـيكون هذا سبباً للزيغ والانحراف.وقد ييأس من هداية الناس فـيفضي ذلك إلى ترك العمل الصالح، والجهاد والدعوة إلى الله تعالى ،وهذه هاوية أخرى ولا ثمرة من اليأس إلا الهم والغم وقلة العمل. قال الله تعالى:(ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)يوسف:87، (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) الرعد:31. قال البراء بن عازب:إنّ الرجل يصيب الذنب فـيلقي بيديه،ويقول قد بالغت فـي المعاصي ولا فائدة فـي التوبة فـييأس من الله فـينهمك بعد ذلك فـي المعاصي فالهلاك اليأس من الله'.

وقال جعفر بن محمد: ولا تيأس فإنّ اليأس كفر، لعل الله يغني عن قليل، ولا تظنن بربك ظنّ سوء، فإنّ الله أولى بالجميل.

والبديل لليأس هو: الأمل فـي الله تعالى، والصبر، فهما خلقان حميدان يحملان المرء على مواصلة السير نحو تحقيق المقاصد، ومن قلّ صبره لم يصل إلى مراده،وما من طريق إلا وسالكه يحتاج إلى الصبر.والإمامة فـي الدين ثمرة من ثمرات استقرار القلب وثباته،ولا ينال ذلك إلا بالصبر،(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) السجدة:24. (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) سورة البقرة:214.

7- الجهل بأساليب أو طرق الثبات، أو الابتعاد عنها:

وقد يجهل بوسائل أو طرق الثبات، أو يبتعد عنها، فـيؤدي ذلك إلى عدم الثبات،وسرعة والانحراف عن الحق، والسقوط فـي طريق الغواية.

8- ضعف الرّؤية الإيمانية لمفهوم الصراع بين الحقّ والباطل:

حينما يستعلي الباطل وتكون له الغلبة الظاهرية، ثمّ بسبب غياب الرؤية المستقبلية، وضعف الإيمان بالوعد الإلهي بالنصر والغلبة لأصحاب الحق، وبأنّ الحرب سجال:( )وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ) الأنفال:59، (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) آل عمران:140.

إنّ غلبة الباطل فـي جولة معينة لا يعني أنّ هذه الغلبة مطلقة ودائمة، أو بأنّ الحق لن يستطيع مقاومته، وعليه بالتالي أن يخضع ويستسلم، كلاّ بل على أصحاب الحق أن يستعيدوا ثقتهم أولاً فـي ربهم عز وجل، ثم فـي أنفسهم ثم يستعدوا للجولة القادمة، وهذا ما يُلمّح إليه قوله تعالى بعد ذلك: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فـي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) الأنفال:60.

9- الهروب من القروح:

ومن ذلك الهروب من القروح ومن الطرق الشائكة وآلامها، والنجاة من الابتلاءات من أجل تحقيق النصر، (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) آل عمران:14، (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) البقرة:214.

وهذا الأمر يدعو أو يدفع البعض إلى البحث عن الوسائل السهلة والناعمة، حتى وإن أدّى بها إلى الوقوع فـي أحضان قوى الطاغوت ومسايرتها وفق الشروط التي تفرضها وتقترحها. وهؤلاء يريدون منه عدم الثبات على الحق، بل يريدون منهم الميل والسقوط (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) النساء:27.

10- التشوق إلى تحقيق النصر والتمكين بأي وسيلة ممكنة:

ومنه التشوق إلى تحقيق النصر والتمكين بأي وسيلة ممكنة، وفـي أسرع الآجال، ولا شك أن نشوة النصر تفقد الإنسان الكثير من الاتزان، وتغيّب عنه المقاييس الإيمانية التي يزن بها الأمور، فتختلط عليه الأمور لتصبح الأهداف وسائل والوسائل أهدافاً، أو بعبارة العصر يصبح الاستراتيجي والمرحلي شيئاً واحداً.

11- إيجاد بعض الخصوم:

ومنه إيجاد بعض الخصوم المصطنعين المعوّقين، وذلك من أجل عرقلة المسيرة الصحيحة،وتحريفها عن اتجاهها الأصيل، فتصبح المعركة الكبرى مع هذه الفئات المصطنعة، وتُنسى المعركة المصيرية والجوهرية مع قوى الطاغوت، التي تتحول فـي هذه الحالة إلى حكم يُحتكم إليه، ويعترف له الجميع بالشرعية.

فـي الوقت الذي كان من المفروض على الجميع أن يكون واعياً ومتسلحاً بمجموعة الرؤى والتصورات الإيمانية الصحيحة، التي هي ضروريّة من أجل الثبات والحفاظ على المبادئ.

12- الجهل بالسنن الربانية:-

ومن بين الأسباب التي تجعل البعض يضعف فـيخضع ويتنازل،أو ينقاد للواقع الجاهلي القائم ولا يثبت: الجهل بالسنن الربانية، فإنّ الله سبحانه وتعالى خلق الكون وما فـيه لحكمة وغاية لأنه الحكيم الخبير, وأجراه على سنن وقوانين، منها الثابت ومنها المتغير وهو كله خاضع لحكمه ومشيئته النافذة,والذي يهم ملاحظته من السنن: السنن الشرعية المتعلقة بالأمر والنهي الرباني، سنن اجتماعية متعلقة بنشوء الدول وقيام الحضارات وسقوطها, واتجاهات المجتمعات السلوكية والاقتصادية والفكرية.

المصدر