الأسباب الكامنة وراء تأجيل الانتخابات المحلية، والخيار المطلوب؟؟

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الأسباب الكامنة وراء تأجيل الانتخابات المحلية، والخيار المطلوب؟؟

2010-06-15

بقلم : طلال أبو ظريفة*

ليس من باب المبالغة أو المزايدة السياسية إذا قلنا أن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين من أولى الفصائل الفلسطينية التي حددت موقفها من الانقسام ومخاطره على القضية الوطنية الفلسطينية وانعكاس نتائجه على الوضع الفلسطيني على شتى الصعد بما فيها مكانة القضية الوطنية عربيا وإقليميا ودولياً. وحتى لا يخضع موضوع تأجيل الانتخابات المحلية للالتباس وتتهم القوي التي رفضت موضوع تأجيل الانتخابات وتدرج في خانة العمل ضد المصلحة الوطنية, فمن الضروري معرفة اتجاه البوصلة الفعلي والوقوف على الحقيقة من أجل المصلحة الوطنية العليا لشعبنا.

طرحت الجبهة الديمقراطية عدة مبادرات فردية وثنائية ومع قوى فلسطينية أخرى من أجل إنهاء هذا الوضع الشاذ وما ترتب على الانقسام من تداعيات ومن أجل استعادة الوحدة على قاعدة الشراكة السياسية انطلاقاً من قناعتها بطبيعة المرحلة التي نعيشها " مرحلة التحرر الوطني " التي تركز على تعبئة طاقات جميع مكونات المجتمع السياسية والاجتماعية والأهلية من أجل انجاز الأهداف الوطنية العليا لشعبنا بالحرية والاستقلال والعودة.

وأكدت الجبهة مرارا خلال جلسات الحوار الوطني أو في إطار اللقاءات الوطنية الثنائية أو الجماعية أن المدخل الرئيس لاستعادة الوحدة الوطنية هو إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس ديمقراطية ومدخلها الرئيسي إجراء الانتخابات الرئاسية، والمجلسين( التشريعي والوطني) والمحلية وكافة النقابات والمؤسسات وفقاً لمبدأ التمثيل النسبي الكامل باعتبار أن الانتخابات هي المدخل الأساسي لإنهاء الانقسام جراء تعذر الوصول لاتفاق سياسي من الجميع. فيما تمسكت الجبهة بهذا الموقف في عدة محطات من أهمها دورة المجلس المركزي بـ 15/12/2009 عندما رفضت سياسة التعيينات للمجالس المحلية المنتهية مدتها القانونية وطالبت بإجراء انتخابات لهذه المجالس ولذلك رحبت بقرار مجلس الوزراء بتحديد موعد الانتخابات المحلية وقدمت كل ما لديها في إطار المحافظات أو اللقاءات الوطنية من أجل تمهيد الطريق وإزالة كل العقبات التي تعترض طريق إجراء الانتخابات من أجل سلامتها ونزاهتها للوصول للأفضل بما يخدم مصلحة شعبنا.

في هذا السياق وفي هذه الأجواء السياسية والشعبية المرحبة بالانتخابات وإبداء الاستعداد للمشاركة والانخراط فيها من ألفها إلى ياءها جرى اللقاء بين الفصائل الفلسطينية لتحديد طبيعة الائتلافات ولم تنتج سوى اتفاق عام علي مبدأ التحالف وترك طبيعته وآلياته ومكوناته ليجري الاتفاق عليها محلياً وفقاً لطبيعة المواقع وتركيبتها السياسية والشعبية مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المواطن باعتبار الكفاءة والخبرة هي المعيار للمرشح بغض النظر عن موقعه وانتماؤه السياسي، مع إعطاء مساحة لتمثيل الشخصيات المستقلة سواء من عائلات أو مكونات المجتمع الأهلي أو المهني، وليس كما أشيع أن هناك اتفاق علي قوائم مركزية من عدة فصائل والترويج من أطراف فلسطينية عدة أن هناك توليفات معينة للقوائم الهدف منها بروز هذا الطرف أو غيره أو تشكيل اصطفاف سياسي يخدم حركة فتح وبالتالي إضعاف للديمقراطية، فتنوع القوائم وتعدد مكوناتها كما جرى في واقع الأمر قد خلق مناخ سيمكن من تنافس ديمقراطي حقيقي ينتج مجالس محلية هي الأفضل نزولاً عند المصلحة العامة للمواطن والنهوض بالواقع الاجتماعي والاقتصادي للقرى والمدن وتطوير بناها التحتية, وبالفعل فقد برز تنوع شديد في عمليات الترشيح وتشكيل القوائم بين قوى وشخصيات ومجتمع أهلي، في مواقع هناك ائتلافات وفي أخرى قوائم منفردة للقوى وفي ثالثة ائتلاف ثنائي أو ثلاثي وهكذا. فوجئ الجميع ظهر الخميس الموافق 10/6/2010 بالبيان الصادر عن لجنة الانتخابات المركزية بناء علي قرار رئيس مجلس الوزراء , ينص القرار علي تأجيل إجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية والتي كانت مقررة في 17 تموز المقبل إلي موعد لاحق وذلك بناء على الصلاحيات المخولة لمجلس الوزراء حسب قانون الانتخابات المحلية وبناء علي مقتضيات المصلحة العامة , كما ورد في قرار التأجيل.

بقراءة موضوعية وواقعية لهذا القرار نسجل الملاحظات التالية :

1. بيان لجنة الانتخابات المركزية لا ملاحظات عليه، باعتبار أن اللجنة لا تملك قرار البت بانعقاد الانتخابات أو تأجيلها، فمهامها تنفيذية تتصل بالإعداد الفني والعملي للانتخابات وليس بما يتجاوز ذلك.

أما قرار التأجيل فهو – من زاوية الصلاحيات – منوط بالحكومة، لكن ضمن محددات واضحة، لم تحترمها الحكومة، بل خالفتها. وهذه واحدة من اعتراضات الجبهة الديمقراطية علي تأجيل الانتخابات المحلية إلى أجل غير مسمى، ونعتبر هذا القرار مخالفة صريحة لقانون الانتخابات المحلية رقم (10) لعام 2005». ويجب احترام نص المادة الخامسة من القانون المذكور الذي يلزم مجلس الوزراء بتحديد مدة التأجيل بما لا يتجاوز أربعة أسابيع إذا اقتضت ذلك ضرورات سلامة الانتخابات».

2. في إطار المخالفة الصريحة للقانون، اتكأ قرار الحكومة إلى اعتبارات غامضة عندما بررت قرار التأجيل بـ «مقتضيات المصلحة العامة»، الأمر الذي شكل غطاءً لتفسيرات مضللة وضعت تأجيل الانتخابات في سياق «الاستجابة لضغوط دولية وعربية وإسلامية، وذلك في إطار الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الفلسطينية..»، كما ورد على لسان محمد المدني عضو اللجنة المركزية لحركة فتح (جريدة السفير، تاريخ 11/6)، إن هذا التفسير، من منطلق الحرص في غير موقعه، على الوحدة الوطنية (!) لم ينطل على أحد، لذلك استغرب «محاولة تبرير التأجيل ارتباطا بجهود المصالحة الفلسطينية الداخلية، فالتنصل من احترام الاستحقاقات الديمقراطية بدعوى الانقسام هو الذي سيؤدي إلى تكريس الانقسام عبر ضرب الأساس الديمقراطي للنظام السياسي وتجاهل إرادة الشعب وطمس الحريات والحقوق الجوهرية التي ينص عليها القانون الأساسي».

أما السبب الفعلي من وجهة نظر الجبهة الديمقراطية لتأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، فهو حجم المشكلات الداخلية التي نشبت – على خلفية تنافسية مصلحيه غير مبدئية - بين مختلف الجهات التنظيمية داخل حركة فتح، التي تعذر معها التوصل إلى توافقات حول الصيغ (القوائم) المعتمدة لخوض الانتخابات، وبات التأجيل هو المخرج من هذا المأزق. علماً أن تأجيل الانتخابات يفتح الباب واسعاً أمام تعيين عضوية المجالس المحلية التي انقضت ولايتها، وبما يؤدي إلى استئثار تنظيم بعينه لعملية التعيين هذه على قاعدة احتكارية، غير ديمقراطية، ومجافية بالنتيجة لمصالح الناس. إن الخروج من هذا كله يتطلب التحديد الفوري لموعد إجراء الانتخابات ضمن المدة القانونية المحددة، وعلى ضرورة تضافر جهود كافة القوى والمؤسسات الوطنية لتذليل العقبات التي اتخذت كذريعة لقرار التأجيل ولتأمين الشروط للوفاء بهذا الاستحقاق الديمقراطي. وفي هذا السياق مطلوب من مجلس الوزراء مراجعة قراره وإلى تحديد تاريخ إجراء الانتخابات في موعد لا يتجاوز مدة الأسابيع الأربعة التي يسمح بها القانون.

  • عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية- قطاع غزة

المصدر

المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات