الأحزاب المصرية إلى أين
بقلم : فضيلة الشيخ :- عبد الخالق حسن الشريف
الحمد لله على ثورة 25 يناير 2011، الحمد لله على الحرية التي أتمنى أن تصل إلى حقيقتها دون خروج عن الأدب والذوق وتحمل الاحترام للآخرين، وخير ما تقوم عليه الحرية هي بيان الحق من وجهة نظر قائلها دون اتهام للنوايا أو سعي لتضليل الخلق.
لقد نتج عن هذه الثورة الكريمة أن قام مَن كان محروماً بالأمس عن مباشرة حقوقه السياسية في إنشاء حزب. قام هؤلاء بإنشاء مايرغبون وفق الدستور والقانون، فأنشأت جماعة الإخوان المسلمين ـ المحظورة سابقاً والمتهمة حالياً ـ حزب الحرية والعدالة ، وأنشأ مَن لم يكن يفكر في عمل حزب أو الانخراط في العمل السياسي أحزاباً. وهذا أمر متميز حيث يصبح العمل بوضوح.
وأصبحنا مع كل عدة أيام أوأسابيع ترى حزباً جديداً أو ائتلافاً يظهر على الساحة المصرية. وهذا أمر جيد يحمد للمجلس العسكري السابق الذي فتح هذا الباب، كما أن السير نحو توسعة باب العمل السياسي والذي تسير عليه القيادة السياسية المنتخبة في مصر أمر له آثاره الطيبة وهو أمر واضح في المواد المقترحة للدستور والتي يعلن عن بعضها بين الحين والآخر, ولا أستطيع أن أخفى سعادتي بالمشاركة السياسية التي تظهر على الساحة المصرية في فترات زمنية متقاربة، ولكنى في الوقت نفسه أنظر إلى دول العالم المختلفة مثلاً (أمريكا ـ إنجلترا ألمانيا ـ فرنسا ) بل و أكثر ما أعرف ـ علماً بأن بضاعتي في ذلك قليلة ـ فأجد أن الذي يقود العمل السياسي في كل دولة من هذه الدول حزبان فقط لا غير؛ الديمقراطي والجمهوري في أمريكا ، المحافظين والعمل في إنجلترا ، .. وهكذا، نعم هناك أسماء لأحزاب أخرى مثل الخضر في ألمانيا لكن لا أثر له على الساحة السياسية. وهناك ما يسمى بالكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين الطاهرة المحررة بإذن الله تعالى ـ به أحزاب كبيرة وأخرى صغيرة منها ما هو قائم على أساس ديني ومنها غير ذلك .
وأفكر يا ترى هذا الكم الكبير من الأحزاب السياسية في مصر ، وما أظن أن هناك كماهي؟ هل سيحدث تحالفات بينهما ويندمج بعضها مع بعض ؟ كل هذه أسئلة ستجيب عنها الأيام، ولا يمكن لتجارب سابقة في دول أن تطبق بنفس الأسلوب في دولة أخرى، فليست كل الظروف والمؤثرات في الدول لها تأثير واحد وليست طبائع الشعوب متساوية مما يعني أن الأحداث والتجارب والوقائع تختلف من دولة إلى أخرى ومن شعب إلى آخر .
لقد عاشت مصر التجربة البرلمانية في عهد الملكية وكان يتصدر المشهد أحد الأحزاب، أما باقيها فكان أدوراهم لا ترتقي لدور البطولة، ويتكلم المؤرخون لهذه الفترة عن سبب تصدر هذا الحزب للمشهد السياسي، ويتهمونه بأمور كثيرة تحتاج إلى دراسة للوصول إلى شيء من الحقيقة، ولقد كانت التجربة الحزبية في العهد الملكي لها ظروفها من المندوب السامي البريطاني ، وحالات الحرب، والتبعية، علاوة عما يقال من الملك وحاشيته، ومما لا شك فيه أن هذا كله كان له تأثيره على الحياة الحزبية والنيابية في مصر.
واليوم نعيش حالة حزبية في ظل حرية ولكن لا أحب أن أتهم وأيضاً لا أحب أن أكون غافلاً ما يحدث، فعندما يصرخ أحد أصحاب المليارات أنه الذي دفع ويدفع لإنشاء حزب ما، فهذا يمثل سبباً للإزعاج الشديد لكل من يريد لمصر حياة سياسية مستقرة، وعملاً حزبياً طاهراً.
ستجد اتهامات متبادلة أتمنى أن يترفع عنها العمل الحزبي، وأتمنى أن تكون الأحزاب قادرة على التواصل المجتمعي بأسلوب واقعي، يجعل لهم قيمة كبيرة في المجتمع واتصال يقوم على واقعية ومصداقية لا على تخويف أو أكاذيب أو توهمات، سيغني الجميع بحب مصر، وما أجمل هذا الأمر ولكن لا يكون بتصيد أخطاء، أو تهويل أحداث، أو بحث عن نقطة وقعت على ثوب جميل فلا ترى عيون الجاحدين إلا هذه النقطة أو ما يشبهها فأحداث الحياة لا يمكن أن تسير دون بعض الأمور التي هي من كدها وكدرها.
ويبقى السؤال هل ستحدث الأيام أموراً تنتهي بهذه الأحزاب أو الائتلافات إلى اثنين أو عدد قليل أم ستبقى كما هي؟ وما هي حقائق اختصارها في عدد قليل أو عوامل بقائها في أعدادها الكثيرة ، وهل سيرجع ذلك إلى واقع مجتمع أم حب زعامات أم تأثيرات أخرى أياً كان مصدرها؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام ربما قريباً مع الانتخابات القادمة والتي أظن أن التكتلات هي التي ستقود المشهد السياسي.
ويبقى لمشهد الانتخابات القادمة سؤال أخرى ستجيب عنه الأيام. لقد شهدنا في الانتخابات على المقعد الفردي أكثر من 100 مرشحاً على مقعدين بل وصل إلى 150 مرشحاً فيا ترى هل سيكون الأمر كذلك في المرة القادمة؟ أعلم أن القانون لن يمنع أحداً من حقه في الترشح ولكن من حصل على 100 صوتاً أو ألفين أو حتى عشرة آلاف صوت بينما من نجح حصل في الجولة الأولى قبل الإعادة على 60 ألفا أو يزيد، فهل ستقل أعداد المرشحين أم أن أساليب أخرى ستكون سبباً في الدفع بأعداد كبيرة لتقديم استمارات الترشح، أنا شخصياً أعلم أناساً منذ قرابة عشرين عاماً ما ترك انتخابات مجلس شعب أو شورى إلا وقدَّم استمارة الترشح، ولم ينجح ولم يعد في إحداهما والأصوات التي حصل عليها ملفتة للنظر. وأظن أنه سيقدم استمارته المرة القادمة أيضاً .
أسأل الله أن يرشدنا لما فيه خير البلاد .
المصدر
- مقال:الأحزاب المصرية إلى أينموقع:نافذة مصر