اصلحوا قبل ان ترحلوا
2011-01-30
بقلم : مصطفى ابراهيم
ما جرى في تونس ادخل الفرح الى قلوبنا، وأعاد الكرامة للعرب، وما يجري في مصر ليس حدثا عادياً، سيدفئ قلوبنا، وسيعزز من رياح التغيير في أكثر من مكان في الوطن العربي.
كنا نفتخر ان لدينا نظام ديمقراطي، وانقلبنا عليه، نحن شعب محتل، ومع ذلك نقيم مؤسسات الدولة تحت الاحتلال، ونقيم سلطة في قطاع غزة ما تزال محاصرة، نفتخر أننا شعب مختلف عن الشعوب العربية، إلا أننا أسسنا نظام قمعي، الان نراقب الزلزال الكبير في الوطن العربي، وننتظر بفرح مشوب بالخوف والحذر والأمل بالتغيير.
المسؤولون الفلسطينيون صدقوا أنفسهم بتأسيس نظام، ونسوا قضيتنا الفلسطينية، مستمرون في الالتزام بالتزامات خارطة الطريق والتنسيق الأمني، ومنح هدنة مجانية من دون أي التزامات مع الاحتلال.
يعتقد المسؤولون الفلسطينيون في رام الله وغزة ان ما يجري من رياح التغيير في عدد من الدول العربية لا يؤثر عليهم، إلا ان أحداً لا يستطيع التنبؤ متى وكيف ستدفع الفاتورة، وتقديم كشف حساب للناس في فلسطين، عليهم ان يصلحوا قبل ان يرحلوا عن ما يتحملونه من استمرار للانقسام والظلم الواقع على الناس.
الثورة في تونس انطلقت احتجاجاً على انتشار الفقر والجوع وتزايد معدلات البطالة، وارتفاع الأسعار، والمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية، والقضاء على الفساد، ورفع الأجور، وإجراء إصلاحات سياسية، وهذا ما عجل في اندلاع الثورة في تونس، وما يقوم به المصريين الان من ثورة.
نحن مختلفون، فنحن شعب محتل، ومحاصر والاحتلال مستمر في ممارسته من القتل والاعتقالات والاستيطان والتهويد للقدس والضفة، ويتنكر لحقوقنا، ويحاصر قطاع غزة وعدوانه مستمر، ومع ذلك نوهم أنفسنا بتأسيس نظام، لكنه في الحقيقة نظام يشبه الأنظمة العربية القمعية والتسلطية والديكتاتورية.
أسسوا نظام في رام الله وغزة تحت الاحتلال، نظام قمعي لا يحترم حقوق الإنسان، والحريات العامة، منعوا الناس من التجمع السلمي والتعبير عن قضاياهم ومشاكلهم، منعوا الناس من التضامن مع أنفسهم ضد الاحتلال وعدوانه علينا، قسموا المجلس التشريعي وأهملوه، ونوهم أنفسنا ان لدينا مجلس تشريعي شرعي في غزة، وغير مقتنعين انه منقسم على ذاته وليس من حقه ان يشرع القوانين.
فرضوا الرقابة على وسائل الاعلام المختلفة بما فيها الفيس بوك، ومنعوا الناس من الكلام، منعوا الصحافيين من الخوض في تفاصيل حياتنا والحديث عن مشاكل الناس وهمومهم، ومنعوهم من توجيه النقد من اجل الإصلاح، وتم حبسهم من دون سبب، خوفوهم وزرعوا في رؤوسهم الرقيب الذاتي، كل طرف يوهم نفسه بأنه صاحب سيادة على المنطقة التي يحكمها من خلال فرض رؤيته السياسية والإيديولوجية، والسيطرة على المجتمع، والسيطرة على منظمات المجتمع المدني.
أسسوا نظام لا يحترم قرارات القضاء، عززوا من الأجهزة الأمنية والشرطية لقمع الناس ومراقبتهم وتخويفهم، مدوها بالميزانيات الكافية من دون ان نعرف شيئ عنها، لم يؤسسوا أجهزة أمنية وطنية تعمل على حفظ أمن الناس وحياتهم والنظام العام، بل أسسوا أجهزة أمنية حزبية، شرعوا الاعتقال السياسي بحجة الحفاظ على الأمن العام.
أعداد البطالة لدينا في ازدياد، وصلت في الضفة الغربية الى 106 ألاف عاطل عن العمل، بينما في غزة وصل العدد الى 112 ألف، لم يتخذوا أي قرارات للحد من البطالة، فرضوا الضرائب على المواطنين، أوهموا أنفسهم بأنهم يستطيعوا الحد من التمويل الخارجي، لم نعرف حجم الميزانيات.
الناس احتجاجاتهم صامتة يتحدثون مع أنفسهم وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومع ذلك تراقب الأجهزة الأمنية تلك المواقع وتخوف الناس من النقد، يتحدث الناس عن الفساد وسرقة المال العام، وعن الثروات التي جناها البعض بطريقة غير مشروعة بالنصب والاحتيال على الناس، وما تجنبيه الحكومتين من رسوم وأموال على البضائع، وعن فرض الجمارك والضرائب على الوقود المهرب. اصلحوا قبل ان ترحلوا، عليكم اتخاذ قرارات جريئة بإنهاء الانقسام، والعودة للناس واحترام خياراتهم والإصغاء إليهم، وعليكم ان لا تعتمدوا على الحلول الأمنية، والحكم بعقلية القبيلة والتنظيم، اعملوا بشكل سريع لتعزيز الوحدة الوطنية وإعادة الاعتبار لقضايا الناس وهمومهم، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير وإعادة بنائها على أسس وطنية يشارك فيها الكل الفلسطيني.