استغلال قانون النكبة لنزع شرعيّة إسرائيل

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
استغلال قانون النكبة لنزع شرعيّة إسرائيل
علم فلسطين.jpg

بقلم : زهير أندراوس

الاندفاعية أو الانفعاليّة، حسب الاختصاصيين في علم النفس، هي صفة سيئة للغاية، لا بل تعود بالضرر الشديد على من يتبناها، يعيشها ويُطبقها في الحياة، من هنا فإنّه يتحتم على الفلسطينيين في إسرائيل الترّوي كثيرا عند الخوض في قانون النكبة، الذي سنته الكنيست بالقراءة الثالثة، وعليه نرى من الأهميّة بمكان أن نُوجه رسالة شكر خاصة إلى أعضاء الكنيست العنصريين، الذين أيّدوا القانون، ومن المفارقات العجيبة والغريبة على حدٍ سواء، أنّ الكنيست أقّر القانون في نفس اليوم، الذي أرسلت فيه ديمقراطيّة الدولة العبريّة المزيّفة الرئيس الإسرائيلي السابق، موشيه كتساف، إلى السجن لمدة سبع سنوات، بعد إدانته بجريمتي اغتصاب ومخالفات جنسيّة أخرى.

قانون النكبة، الذي ينضم إلى سلسلة القوانين العنصريّة من إنتاج وإخراج الدورة الحاليّة للكنيست، هو قانون عنصريّ بامتياز، فهو يسمح بحرمان المؤسسات التي تشكك في هوية إسرائيل كدولة يهودية من تمويل الدولة، ويتيح القانون منع التمويل عن مؤسسات عامة يُعتقد أنها تتحدى بشكل علني تأسيس الدولة كدولة يهودية، أو أي نشاط ينكر وجود إسرائيل كدول يهودية وديمقراطية.

وتمّ إقراره بموافقة 37 من أعضاء البرلمان الصهيوني واعتراض 25، بعد مناقشة غاضبة بين مشرعين يمينيين والنواب العرب الفلسطينيين، وأصر المشرعون اليمينيون الذين تقدموا بمشروع القانون على أنّ الهدف منه هو الدفاع عن إسرائيل في مواجهة ما يرونه من هجومٍ متزايدٍ على شرعيتها، بسبب الصراع المستمر مع الفلسطينيين ودول عربية أخرى.

من نافلة القول التأكيد على أنّ ردّ الفلسطينيين في دولة الاحتلال على هذا القانون يجب أن يكون موضوعيا وعلميا وعمليا، أولاً وقبل كل شيء، يتحتم علينا تصدير القانون إلى خارج حدود إسرائيل، بمعنى الالتقاء مع ممثلي الدول المتقدّمة والمتنورّة، بهدف الترويج للقانون المذكور وسلسلة القوانين العنصريّة التي سنها الكنيست مؤخرا، علينا توثيق القوانين العنصرية، أسود على أبيض، وتقديم الشرح المسهب لممثلي الدول الغربيّة، شريطة التشديد على أنّ كتاب القوانين الإسرائيليّ بات أكثر من أسود،

وأنّه يُعيد إلى الأذهان مراحل مشابهة في التاريخ المعاصر، والقصد هنا القوانين النازيّة ضدّ اليهود والأجانب التي أقرّها المجرم هتلر إبان الحرب العالميّة الثانيّة، والتي استهدفت اليهود، لا لسبب إنّما لكونهم يهودا.

تدويل قضية قانون النكبة وأخواتها، سيجد أذانا متفهمة لدى الدول التي تعبت كثيرا من تصرفات دولة العربدة والقرصنة في كل ما يتعلق بالتعامل مع الفلسطينيين، من طرفي ما يُسمى بالخط الأخضر، خصوصا أنّ أقطاب الدولة العبريّة باتوا يُحذّرون صباحا ومساءً من تعرض دولتهم، التي هي موطننا، إلى عملية نزع الشرعيّة عنه، ولا غضاضة بالتذكير هنا بأنّ وزير الحرب، إيهود باراك، قال الأسبوع الماضي إنّ إسرائيل ستتعرض لتسونامي سياسيّ، في ما إذا واصلت تعنتها في كل ما يتعلق بما يُطلق عليها العملية السلميّة مع الفلسطينيين، مشيرا إلى أنّ عزل إسرائيل ونبذها من قبل المجتمع الدوليّ سيزداد كثيرا في الأشهر القادمة، لافتا إلى أنّ الأمر سيقود الدولة العبرية إلى الزاوية ويُحوّلها إلى دولة محكومة من نظام على شاكلة نظام العزل العنصريّ، الذي كان سائدا في جنوب افريقيا، خلال حكم الأقلية البيضاء هناك.

فإذا كان وضع إسرائيل يسير من السيئ إلى الأسوأ، فإننّا ملزمون باستغلال هذه الفرصة الذهبيّة والمشاركة الفعّالة في المحاولات لفضح إسرائيل، التي باتت دولة جميع فاشييها، أي علينا أن نرتقي إلى مستوى الحدث، والمساهمة المهمة في نزع الشرعيّة عن إسرائيل،

لأننّا نحن، الذين نرابط على أرض الآباء والأجداد، بتنا الضحايا لنزوات النواب اليهود العنصريين، أصبحنا بحقٍ وحقيقة ضحايا هذه القوانين، وأمسينا رهائن لدى عصابة يُحركها الكره الشديد لكل ناطقٍ بالضاد، علينا إفهام العالم المتقدّم أنّ دولة جميع مستوطنيها، سلبت أرضنا وما زالت، وها هي اليوم تنتقل إلى مرحلةٍ لا تقل خطورة عن نهب الأراضي، مرحلة تحاول فيها دولة الأكثريّة اليهوديّة مصادرة نكبتنا من ذاكرتنا الجماعيّة، وهي التي انصهرت في عقولنا الباطنيّة، وتُمعن في تزوير التاريخ، إننّا نتهم، إننّا أبرياء من دم هؤلاء العنصريين، نحن لا نجلس في قفص الاتهام، بل بالعكس نحن، عرب الـ48، نُوجه الاتهامات.

مضافا إلى ما ذُكر أعلاه علينا أن نُذّكر الدول التي صوتت في الأمم المتحدة إلى جانب إقامة دولة يهوديّة في فلسطين، بأنّها اشترطت ذلك بأن تتعامل إسرائيل مع الأقليّات بشكل متساوٍ، من دون التفريق بينهم وبين اليهود على خلفيّة قوميّة، وبموازاة ذلك، استعادة الذاكرة والقول إنّ الرئيس الأول للدولة العبريّة، حاييم فايتسمان، كان قد صرح في الستينيات من القرن الماضي بأنّ المجتمع الدوليّ سيُقرر كيف تُعامل دولة الاحتلال، بناءً على تعاملها مع الأقليّات التي تعيش داخلها.

أمّا الشق الثاني في ردّنا على قانون النكبة العنصريّ فيجب أنّ يتركز في الداخل، داخل ما يُسمى بالخط الأخضر، وبالتالي فإنّ لجنة المتابعة العليا للجماهير الفلسطينيّة في مناطق الـ48 اتخاذ سلسلة من القرارات في هذا المجال، خصوصا وأنّها المرجعية لعرب الداخل،

وينضوي تحت لوائها جميع الأحزاب العربيّة ومؤسسات المجتمع المدني، والفعّاليات السياسية التي لا تُشارك في اللعبة البرلمانيّة المسماة بالانتخابات، المتابعة ملزمة باتخاذ قرارٍ ملزمٍ بموجبه، في ذكرى نكبة شعبنا العربيّ الفلسطينيّ نرفع الأعلام السوداء وأعلام فلسطين على سياراتنا ومؤسساتنا، ذلك أنّ خطوة من هذا القبيل لا يُمكن اعتبارها خرقًا لقانون النكبة، وهو الذي بادر إلى سنه حزب (يسرائيل بيتينو) بزعامة المأفون الفاشيّ، أفيغدور ليبرمان، وهو الشخص الذي درسته معه في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، بعد استجلابه من الاتحاد السوفييتي سابقًا.

أمّا الاقتراح الثاني لتحدي إسرائيل وقوانينها العنصريّة فيجب أن يتعلق بالكهرباء، علينا قطع الكهرباء عن مدننا وقرانا ومجمعاتنا من الجليل إلى النقب، مرورا بالمثلث الصامد والمدن المختلطة، ذلك أنّ هذه الخطوة ستُسبب أضرارا ماليّة لا يستهان بها لهذه الشركة العنصريّة، التي لا تُشغّل العرب، لا بل أكثر من ذلك، فإنّها غير مكترثه بفلسطينيي الداخل، وترفض توظيف العرب، ولا تعمل على تعيين العرب حتى في مركز الخدمات،

الأمر الذي يحرم فلسطينيي الداخل الذين لا يجيدون اللغة العبريّة من اللجوء إلى الشركة للحصول على الخدمات على جميع أشكالها، من ناحية أخرى فإنّ إطفاء الأنوار في ذكرى النكبة يُوفّر علينا الكثير من المال، الذي يمكن استغلاله في مشاريع وطنيّة لتدريس النكبة وتكريسها في عقول الأجيال الصاعدة، وهذا الأمر يقودنا إلى الاقتراح الثالث والقاضي بعقد ندوات في مجمعاتنا، وتجميع الأولاد والأطفال، لكي يسمعوا من هذا المسن أو تلك المسنة، ما حصل فعلاً في النكبة من قتل وتشريد وتهجير، هذه الندوات مع معاصري النكبة ستنسف متن الأساس نظرية رئيسة الوزراء الإسرائيليّة السابقة، غولدا مائير، التي قالت إنّ المسنين سيموتون، أمّا الصغار فسينسون.

وفي الختام، علينا توجيه رسالة حادة كحد الموس إلى الإسرائيليين، قيادةً وشعبا: عليكم أن تفهموا، الحقيقة الناصعة بأنّ الفلسطينيين في دولتكم ليسوا ضيوفا، وبالتأكيد ليسوا عابري سبيل، ومن لا يعجبه ذلك منكم، ما عليه إلا التوجه إلى أول طائرة والعودة من حيث جاء أو استجلب إلى فلسطين. كما نرى لزاما على أنفسنا أنّ شاعر فلسطين الأول، الراحل عنّا جسديا فقط، المرحوم محمود درويش، كان قد قال لكم في قصيدته الشهيرة: أيُّها المارّون بين الكلمات العابرة: لنا ما ليس يرضيكم، لنا المستقبل ولنا في أرضنا ما نعمل، ولنا الماضي هنا، ولنا صوت الحياة الأول، ولنا الحاضر، والحاضر، والمستقبل، ولنا الدنيا هنا..

والآخرة، فاخرجوا من أرضنا.


المصدر