اجرِ يا "فالكون" أفندي

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
اجرِ يا "فالكون" أفندي


(10/16/2014)

بقلم: صادق أمين

صادق أمين

(اجرِ يا فالكون أفندي) هي خلاصة ما أسفرت عنه أول مواجهة مع شركة المرعبين الفالكونية والتي كان مستهدف الانقلاب منها إرهاب الشباب الثائر كي لا تطأ أقدامهم ساحة النضال.

ومَنْ ذا الذي يهزم الشباب أو لديه القدرة لمواجهة عماد الحق ووقوده؛ إذ بهم تُنصر الدعوات والذين يتمتعون بالنقاء والتوثب ومعرفة الطريق؟!

بل إن الثورة ال مصرية العظيمة 25 ينايركان الشباب طليعتها وجسمها الصلب، خرج بما أوتي من قوة وشدة إيمان بالمبدأ والفكرة وإصرار أسطوري؛ لإسقاط الظلم وتحرير البلاد.

وصدق الأستاذ البنا ـ رحمه الله ـ حين قال: (إنما تنجح الفكرة إذا قوي الإيمان بها، وتوفر الإخلاص في سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها. وتكاد تكون هذه الأركان الأربعة: الإيمان، والإخلاص، والحماسة، والعمل من خصائص الشباب؛ لأن أساس الإيمان القلب الذكي، وأساس الإخلاص الفؤاد النقي، وأساس الحماسة الشعور القوي، وأساس العمل العزم الفتي، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب، ومن هنا كان الشباب قديما وحديثا في كل أمة عماد نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها، وفي كل فكرة حامل رايتها "إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى").

فقد كانت هذه قراءة حسن البنا للمنهج القرآني الذي حدثنا عن فتية الكهف وعن الفتى إبراهيم - عليه السلام - حينما أشارت أصابع الاتهام إليه بتحطيم الأصنام (قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) الأنبياء/60 والفتية الذين آمنوا بموسى - عليه السلام - (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم) يونس/83؛ فهم ليسوا صغارا عند الله الذي كلفهم عند سن البلوغ لعلمه سبحانه بقدرتهم على حمل المسؤولية وحاشا لله أن يكلف من لا يطيق هذا (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) الملك/14.

ولماذا الشباب؟

1. لأنه يملك مرونة فكرية تمكنه من استقبال الأفكار الجديدة بسهولة، مع الإيمان بجدوى الحوار مع الآخرين.
2. لديه قدر كبير من الحرية والاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرار.
3. لديه طاقة حماس جبارة تمكنه من البذل والعطاء والتضحية، وهي عوامل مطلوبة لتحقيق الصعب وتجاوز المستحيل.

ولهذا كان من الطبيعي أن نرى ذلك جليا في سيرة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؛ فقد كان الشباب هم صلب دعوة الرسول طيلة ثلاثة وعشرين عامًا، آمن فيها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقدرات الشباب، وأعطاهم الثقة، وحملهم مسئوليات كبرى وخطيرة؛ فالأرقم بن أبي الأرقم تحدى الكفر باستضافة الدعوة في داره في المرحلة السرية من عمرها وعلى بن أبي طالب كان أول فدائي في الإسلام وأسامة بن زيد ابن السادسة عشر عاما يقود جيشا يضم كبار الصحابة.

ومصعب بن عمير سفير الإسلام مندوبًا عنه في المدينة بعد بيعة العقبة الأولى؛ كي ينشر تعاليم الإسلام ويعرف الناس بالدين الجديد بمفرده في بلد لا يعرف فيه أحدًا ولا يعرفه فيه أحد، وإذا بمصعب الشاب الصغير يحقق نجاحًا باهرًا في بلد غريب، يعاني من عدم استقرار، بعد حرب دامت طويلاً بين الأوس والخزرج.

وعندما أراد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يعين أميرًا على وفد المسلمين المهاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى، فإذا به يختار الشاب "جعفر بن أبي طالب" ذا الخمسة والعشرين ربيعًا، ليقف أمام النجاشي رئيس الدولة، يقنعه بدعوة الإسلام أمام مؤامرات داهية العرب "عمرو بن العاص".

وعندما أراد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يختار من يكتب له الوحي، كان من بين من اختارهم الشاب "زيد بن ثابت" ابن ستة عشر عامًا.

وأسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ ذات النطاقين، تتحدي رأس الكفر أبا جهل وتُصفع ويسقط قرطها من قوة الصفعة؛ فما لانت قناتها وتقوم بتأمين الطعام والشراب وتصعد به الجبل ـ وحدها ـ حيث غار ثور وهي في شهور حملها الأخيرة.

وردَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جماعة من الفتيان لصغر أعمارهم إذ كانوا في سن الرابعة عشرة أو دون ذلك، منهم عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وزيد بن ثابت وأسامة بن زيد وزيد بن أرقم والبراء بن عازب وأبو سعيد الخدري، بلغ عددهم أربعة عشر صبيا وقد ثبت أن ابن عمر كان منهم وأجاز رافع بن خديج لما قيل له: إنه رامٍ؛ فبلغ ذلك سمرة بن جندب؛ فذهب إلى زوج أمه مري بن سنان بن ثعلبة عم أبي سعيد الخدري وهو الذي ربي سمرة في حجره يبكي وقال له: يا أبت جاز رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رافعا وردَّني وأنا أصرع رافعا؛ فرجع زوج أمه هذا إلى النبي فالتفت النبي إلى رافع وسمرة فقال لهما: تصارعا، فصرع سمرة رافعا؛ فأجازه كما أجاز رافعا وجعلهما من جنده وعسكر كتائبه ولكل منهما مجاله واختصاصه.

فهم يقبلون على الموت بسالةً ورغبةً في الشهادة دون أن يجبرهم قانون التجنيد أو تدفع بهم قيادة إلى ميدان الجهاد.

ومعاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح قال عنهما ابن عوف: بينما أنا واقف في الصف يوم بدر فنظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم، هل تعرف أبا جهل؟

قال: قلت: نعم وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟، قال أُخبرت أنه يسب رسول الله والذي نفسي بيده، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، قال: فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي مثلها، ودلاهما على أبي جهل فابتدراه بسيفيهما.

ولا يسعني في الختام إلا أن أتقدم بتحية إجلال وتعظيم لأحرار مصر فتياتٍ وفتياناً وأن أوجه لشباب مصر أجمعين نصيحة الأستاذ البنا ـ رحمه الله ـ في رسالته إلى الشباب إذ قال: (ومن هنا كثرت واجباتكم، ومن هنا عظمت تبعاتكم، ومن هنا تضاعفت حقوق أمتكم عليكم، ومن هنا ثقلت الأمانة في أعناقكم.

ومن هنا وجب عليكم أن تفكروا طويلا، وأن تعملوا كثيرا، وأن تحددوا موقفكم، وأن تتقدموا للإنقاذ، وأن تعطوا الأمة حقها كاملا من هذا الشباب.

فقد ينشأ الشاب في أمة وادعة هادئة، قوي سلطانها واستبحر عمرانها، فينصرف إلى نفسه أكثر مما ينصرف إلى أمته، ويلهو ويعبث وهو هادئ النفس مرتاح الضمير.

وقد ينشأ في أمة جاهدة عاملة قد استولى عليها غيرها، واستبد بشؤونها خصمها فهي تجاهد ما استطاعت في سبيل استرداد الحق المسلوب، والتراث المغصوب، والحرية الضائعة والأمجاد الرفيعة، والمثل العالية.

وحينئذ يكون من أوجب الواجبات على هذا الشباب إن ينصرف إلى أمته أكثر مما ينصرف إلى نفسه.

وهو إذ يفعل ذلك يفوز بالخير العاجل في ميدان النصر، والخير الآجل من مثوبة الله. ولعل من حسن حظنا أن كنت من الفريق الثاني فتفتحت أعيننا على أمة دائبة الجهاد مستمرة الكفاح في سبيل الحق والحرية.

واستعدوا يا رجال فما أقرب النصر للمؤمنين وما أعظم النجاح للعاملين الدائبين).

المصدر