اتهام مثقفينا بـ«العداء للسامية» .... ماذا وراءه؟
بقلم : عبد العال الباقوري
هل هي مصادفة خالصة أنه بعد أيام معدودة من اتهام الأستاذ الدكتور رؤوف عباس المؤرخ العربي الكبير بـ«معاداة السامية» أن يصدر اتهام مماثل ضد الفنان الكبير أحمد طوغان و30 من كبار المثقفين؟
وصدر الاتهام الأول من يوم الجمعة 26 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وقد نشر في اليوم نفسه في مجلة أسبوعية هي «الأهرام العربي» وفي صحيفة يومية هي «البديل» ووجه الاتهام مؤرخ أميركي هو «جوئيل بيني» رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في الجامعة الأميركية ب القاهرة حالياً والذي أصدر عدة كتب مثيرة للجدل والخلاف.
ولم يقصر اتهامه ـ الذي لن أقوم بتوصيفه الآن ـ على الدكتور رؤوف عباس وحده، بل مده إلى «المدرسة القومية المصرية في قراءة التاريخ»، كما جاء في حديث «بينين» إلى «البديل» وإلى «عدد كبير من المؤرخين» المصرين الذين وصفهم بكونهم معادين للسامية أيضاً، حسبما ورد على لسانه في «الأهرام العربي».
بعد أيام من هذا، وعلى وجه التحديد في يوم الثلاثاء 30 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، نشرت صحف مصرية أن «منظمة مكافحة التشهير» الصهيونية الأميركية اتهمت أيضاً رسام الكاريكاتير المعروف أحمد طوغان بـ«معاداة السامية» وشملت قائمة أصدرتها هذه المنظمة الصهيونية الأميركية 30 صحفياً وكاتباً مصرياً، وصمتهم جميعاً بمعادة السامية.
اتهامات من غير أدلة
لقد أطلق «بينين» مدفعية اتهامه من القاهرة، وضد مؤرخ عربي كبير وضد مدرسة تاريخية كاملة زعم أنها «لا ترى إلا الأبيض والأسود» ولم يسند اتهامه هذا بأي دليل أو برهان، ومن المؤكد أنه لا يملك دليلاً واحداً يبني عليه هذا الإدعاء، الذي أظن أنه أمر مقصود، وأنه بداية لحملة جديدة ضد المثقفين المصريين، وليست مصادفة بأية حال أن جاءت قائمة «منظمة مكافحة التشهير» بعد أيام من الحكم الذي أعطى «بينين» نفسه حق إصداره.
وقد جاء اتهامه هذا مرتبطاً بما أثير بشأن كتابه «شتات اليهود المصريين» الذي أصدرته مترجماً دار نشر عربية كبيرة، هي دار الشروق. والمثير هنا أن الدار نفسها، أصدرت في العام الحالي أيضاً ترجمة كتاب «تاريخ الاستشراق وسياساته: الصراع على تفسير الشرق الأوسط» الذي كتبه «زخاري نعمان» شريك «بينين» في كتب أخرى، منها كتاب من جزأين عن «العمال والحركة السياسية في مصر».
وأصدرت دار الشروق في العام الماضي كتاباً حوارياً مع الأستاذ الدكتور بطرس غالي وشيمون بيريز الوزير ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، ورئيس الدولة الحالي.
وقد صدرت الترجمة دون أية كلمة تعقيباً، على كثير من الافتراءات التي وردت على لسان بيريز...
فلماذا هذه الدار ولماذا هذه الكتب وفي هذا الوقت بالذات؟!،
خاصة وأن «بينين» نفسه رفض عرضاً من المشروع القومي للترجمة بترجمة كتاب «شتات اليهود المصريين» ووضع شروطاً محددة للموافقة على الترجمة منها عدم كتابة أي تعليق حول بعض ما ورد فيه، وهو ما تحقق بالفعل في الترجمة التي نشرتها «دار الشروق».
وعلى الرغم من تهافت الاتهام الذي وجهه «بينين» وعلى صفحات صحف مصرية، ضد الدكتور رؤوف عباس ومؤرخين آخرين لم يذكرهم بالاسم، إلا أن القضية في ظني أكبر وأخطر من هذا، خاصة إذا ربطناها بما صدر عن «منظمة مكافحة التشهير» الصهيونية الأميركية أننا أمام حملة جديدة تعيد إلى الذاكرة خطابات التهديد التي وجهتها حركة «كاخ» الإسرائيلية وزعيمها «مائير كاهانا» إلى عدد من المثقفين وقادة الرأي العام في مصر، في ثمانينات القرن الماضي...
وحملة الاتهامات الجديدة لا تختلف إلا من حيث الشكل مع حملة الإرهاب والتخويف السابقة، بل إن الحملة الجديدة أخطر، لأنها تهاجم المثقفين المصريين ـ وفي القلب منهم المؤرخون ـ في بلدهم وعلى أرضهم، وفي عقر دارهم، كي يكونوا في موضع الدفاع.
وهذه سياسة إسرائيلية ـ صهيونية بدأت منذ سنوات، ويشارك فيها شخصيات إسرائيلية وصهيونية مختلفة، يحرصون ـ كما هو واضح ـ على إدارة معركتهم ضد مثقفين مصريين من داخل مصر ذاتها، ويتم ذلك بأساليب ووسائل مختلفة، وبعض المشاركين معروفون بل ومكشوفون، وهناك آخرون لا نعلمهم، ويحاول بعضهم تغطية وجوههم وارتداء أقنعة مختلفة، مستعارة في غالبيتها من خزائن «اليسار الصهيوني » الذي يحاول جاهداً وفي الوقت الحالي إعادة كسب ولاء قوى من اليسار المصري، وهي قوى يستميلها هؤلاء بالحديث عن «السلام» والدفاع عن «حقوق الشعب الفلسطيني» وهذه قصة لها خلفيات كثيرة تناولها «بينين» نفسه في كتابه عن «السياسات الماركسية والنزاع العربي ـ الإسرائيلي» الذي صدرت ترجمته العربية في 1996.
وهو كتاب له نظير آخر كتبه «يوسي امتياي» الأستاذ في جامعة بن جوريون في النقب، عن موقف اليسار المصري من قضية فلسطين....
و«امتياي» وقصته مع اليسار المصري ليست بعيدة ولا مقطوعة الصلة بقضية «بينين».
كان الأول يتردد على القاهرة، ويتقرب من بعض اليساريين الذين يبدو أنه استمالهم برطانته اليسارية وحديثه عن «السلام» ونقده لسياسات الحكومات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، ولا مانع من الحديث عن حقوق شعب فلسطين، ومنها حق تقرير المصير...
ولكن الأقنعة ما لبثت أن تساقطت، فإذا بـ«امتياي» اليساري الناقد والرافض لسياسات حكومته يأتي مديراً للمركز الأكاديمي الإسرائيلي، بالقاهرة.
وكان هذا في ظل حكومة « بنيامين نتنياهو » وهي من أكثر حكومات الكيان الصهيوني يمينية.
وبعد أن انتهت مهمة «امتياي» الرسمية والعلنية في القاهرة، لا يزال يتردد عليها، ولا يزال ـ بكل أسف ـ يجد من «قدامى اليساريين» من يجتمع معه ويصغي إليه.
ولا يتستر «امتياي» على مهمته، بل إنه يشير رمزاً في مقالات يكتبها في صحيفة «الحياة» السعودية، إلى بعض من يجتمع معهم...
وحين كنت رئيساً لتحرير صحيفة «الأهالي» لسان حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي تلقيت من «امتياي» هذا، عن طريق أحد المحررين، مقالاً قرأته بدقة وإمعان وترددت كثيراً في نشره.
وكان هو يلح على الزميل الذي أرسل المقال عن طريقه في نشر المقال.
وأعدت قراءته مرة واثنتين، وأرسلته إلى قسم الصف في الصحيفة، بعد أن كتبت تعليقاً مطولاً عليه.
وعرضت الأمر على مجلس التحرير الذي عارضني فيما ذهبت إليه، ورفض النشر.
ولم أملك إلا النزول عند إرادة مجلس التحرير.
خاصة وأني أقف بقوة وحسم ضد أي مظهر يمكن أن يؤخذ على أنه «تطبيع» مع أي إسرائيلي أو صهيوني.
وهنا، فإن «اليسار الصهيوني » لا يقل خطراً عن اليمين، بل إنه يفوقه ويتفوق عليه... «المؤرخون الجدد»
وتقلب الإسرائيليين والصهاينة ما بين اليسار واليمين ظاهرة معروفة في الكيان الصهيوني وفي خارجه.
ولعل خير نموذج على ذلك هو المؤرخ «بني موريس» صاحب أول دراسة إسرائيلية في بابها عن «طرد الفلسطينيين وولادة مشكلة اللاجئين» وقد صدرت الترجمة الإنجليزية لهذه الدراسة في 1988، وتمت ترجمتها إلى العربية في 1993، بعد أن ذاع صيت «موريس» وزملائه من «المؤرخين الجدد» الذين أشار إليهم «بينين» في كتابه «السياسات الماركسية...»
وسماهم «المؤرخين التنقيحيين الإسرائيليين» ولكن «موريس» هذا ما لبث أن تراجع عما كتب عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وأدلى بحديث صحفي خطير يفضح عنصرية وعدوانية ضد العرب والفلسطينيين، وانتقد فيه موقف «ديفيد بن جوريون» أول رئيس وزراء في الكيان الصهيوني لأنه لم يطهر «أرض إسرائيل» من جميع العرب..
«بينين» قد يكون نموذجاً آخر من هؤلاء، فهو يعترف بماضيه الصهيوني، ويعلن اليوم أنه قرر منذ صيف عام 1970 «أن يتخلى عن الصهيونية كمرجع فكري يهتدي به» حسبما جاء في تقديم الدكتور خالد فهمي لكتاب «شتات اليهود المصريين»، وقد أشيد به لأنه لا يتوارى خلف أسوار الجامعة، ولا يسكن أبراجها العاجية، بل هو «كثير الحديث من الإذاعات ومحطات التلفزيون الأميركية المستقلة كما في الفضائيات العربية» وهو في تلك الأحاديث لا يتردد في توجيه أشد الانتقادات لإسرائيل، متهماً إياها بأنها دولة استعمارية، ومدافعاً عن حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، بما في ذلك حقهم في دولة مستقلة.
كما لا يتردد جوئيل بنين في توجيه اتهاماته للقادة الإسرائيليين عن السياسة العنصرية التي ينتهجونها تجاه الفلسطينيين والعرب عموماً، وقد طالب بمحاكمة «أرييل شارون» عن دوره في مجزرة صبرا وشاتيلا في بيروت عام 1982».
ودون التشكيك في صحة ذلك، فإن الصهاينة والإسرائيليين في داخل الكيان الصهيوني يقولون هذا وأكثر منه، ومن يتابع ما تنشره الصحف الإسرائيلية يومياً يعرف أنه لا جديد فيما يقوله ويكتبه «بنين» خاصة وأنه ـ كما يقول ـ غادر الكيان الصهيوني... فهل لن يعود إليه؟!
ولعلنا نذكر أن قيادات «حزب العمل» الإسرائيلي التي قادت أكبر مظاهرة في تاريخ الكيان الصهيوني ضد غزو «شارون» للبنان تحالفت مع «شارون» قبل أن يسقط صريع المرض، وأصبحت من أركان حكمه، مثل «شمعون بيريز» رئيس الدولة الحالي، الذي كان يوصف عادة بأنه من الحمائم، ولم يعد نقد أو حتى «شتم» حكومات الكيان الصهيوني بضاعة تنطلي على أحد...
ومع ذلك فإن اعتراف «بينين» اليوم بأنه لم يعد «صهيونياً» وقوله في عبارة مرتبة إنه تخلى عن «الصهيونية كمرجع فكري يهتدي به» يثير السؤال الأساس هنا حول تعريفه للصهيونية الممارسة والسياسة وليس الفكرة فقط.
وفي ظني أن تحديد ذلك يمكن أن نكتشفه من خلال معايير محددة، تكمن في إجابته عن الأسئلة التالية:
@@ هل يؤمن السيد «بينين» ويعتقد أن اليهود شعب واحد عبر التاريخ؟
@@ هل يؤمن أو لا يؤمن بأن لهذا الشعب الحق في العودة إلى أرضه الموعودة «أرض إسرائيل»؟
@@ هل يرى أن العرب مطالبون بالاعتراف بـ«حق إسرائيل في الوجود»؟
@@ ما موقفه من حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم وأرضهم؟..
وقد أشار الدكتور خالد فهمي في تقديمه لكتاب «شتات اليهود المصريين» إلى جوهر الصهيونية التي تقوم على «أن اليهود يشكلون شعباً موحداً» وفي تقديري أن من يعتقد هذا فهو صهيوني حتى لو صلى وصام وحج إلى بيت الله الحرام...
فمن المعروف أن الصهاينة ليسوا جميعاً يهوداً، فهناك صهاينة غير يهود، وهناك أيضاً ـ وبالتأكيد ـ يهود غير صهاينة.
وقد أصبح من الواضح اليوم أن السياسة العربية والفكر العربي بعامة أيضاً يفرقان بين الإسرائيلي والصهيوني واليهودي.
ومن المتفق عليه أن العداء العربي لن ولم يكن ضد اليهود، ولكنه ضد الإسرائيليين والصهاينة، وضد كل من يؤيدهم في مواقفهم وسياساتهم وأعمالهم تجاه العرب والفلسطينيين.
وفي ضوء هذا، يثبت بطلان الاتهام الذي ادعاه «جوئيل بينين» ضد الدكتور رؤوف عباس وزملائه في المدرسة التاريخية المصرية وأستطيع أن أسند هذا البطلان بما كتابه «بينين» نفسه...
ولكن يكفي هنا تذكيره بأن مهمة «معاداة السامية» لا تجديه وأمثاله نفعاً فيما يدبرونه ويريدونه.
ولكن هذا الاتهام ينبهنا وبقوة إلى أن هناك قوى تريد أن تنقل المثقفين العرب، والمصريين خاصة، إلى موقف الدفاع تجاه الإسرائيليين والصهاينة...
وهؤلاء يريدون أن يضربوا آخر حصون مقاومة التطبيع، وهو الحصن الثقافي الذي يقف المؤرخون بالعامة في مركز القلب منه. ولعل مجيء «بينين» إلى مركزه الحالي في الجامعة الأميركية بالقاهرة ليس بعيداً عن «هوجة» التطبيع التي يهدف الصهاينة وحماتهم الأميركان إلى أن تبلغ ذروتها في مؤتمر «أنا بوليس» الذي يجري الإعداد له حالياً...
مخطط مدروس
إن الصهاينة، وفي القلب منهم الإسرائيليون، يريدون أن يعودوا بنا إلى فترة كانت مصر فيها ـ للأسف ـ مفتوحة أمام الصهاينة وزعمائهم من هيرتزل إلى حاييم وايزمان وغيرهما، وإلى فترة كانت فيها صحف تصدر في مصر لتدافع عن الصهيونية وأهدافها، وعما سمته «حق اليهود» في العودة إلى بلادهم التي طردوا منها...
وفي تقديري أن سهام الاتهام بمعاداة السامية التي انطلقت من هذا الوكر أو ذاك هي مجرد طلقة أولى في عملية يجري تخطيطها منذ سنوات.
ولا يخفي إسرائيليون رؤيتهم بأن مصر هي ألد أعدائهم، ويرون أن هناك فرصة سنحت في ظل الوهن الحالي في الجسد المصري لاختراقه ولإدارة المعركة ضده فوق أرضه، ومن ثم، يجب عدم الاستهانة بهذه الهجمة الجديدة، بل يجب التنبه لها، ونزع الأقنعة عن الوجوه التي تتخفى وراءها، أي فضح حقيقتها، وعلى رأسها قناع «اللاصهيونية» الذي يعني معاداة الصهيونية لفظاً وقولاً، ومساندتها فعلاً وممارسة.
وإذا كان السيد «بينين» لا يرى نفسه منخرطاً في هذه الدائرة، فعليه أولاً أن يجيب عن الأسئلة الكاشفة التي نطرحها عليه، وعليه ـ ثانياً ـ أن يعتذر ويتراجع علانية عن الإساءة التي صدرت منه والاتهام ويتراجع علانية عن الإساءة التي صدرت منه والاتهام الباطل الذي وجهه إلى الدكتور رؤوف عباس وإلى المدرسة التاريخية القومية المصرية.
فإن لم يفعل السيد «بينين» هذا ـ وأغلب الظن أنه لن يفعل ـ فعلينا أن نبدأ في دراسة أعماله وكشف «خباياها» الصهيونية، خاصة كتابه الأخير عن «شتات اليهود المصريين» من قبل، وحين صدر كتاب «نتنياهو» بعنوان «مكان تحت الشمس» صدر عشرات الكتب العربية ضده: تصويباً ونقداً ومعارضة ودحضاً لإدعاءاته الكاذبة، على أن يتكامل هذا مع السعي بكل وسيلة علنية ومشروعة لإزاحته عن موقعه في جامعة مقامة فوق أرضنا، بل ونطرده من بلدنا، مع كشف علاقاته المختلفة والتي لا تزال مختبئة والتي بناها عبر أربعة عقود من السنين تقريباً، والتي جيء به من جامعة «ستانفورد» الأميركية الشهيرة والتي عمل بها منذ عام 1983، جيء به إلى القاهرة، لإنجاز مهام محددة فيما وراء وأمام أسوار الجامعة.
وهو في هذا المجال يقوم بدور وحدة الاستطلاع التي تكتشف المواقع قبل قصفها.
وفي مواجهة هذه الهجمة يجب أن تستعد وتتلاقى قوى الدفاع عن الثقافة القومية وعن التاريخ المصري، وعن المؤرخين المصريين.
إن مصر التي حرمت «هيرتزل» مؤسس الحركة الصهيونية من حلم بناء مقبرة له في سيناء ـ كما ذكر في مذكراته ـ قادرة وإن طال المدى على ضرب جميع المخططات الصهيونية التي تحاك ضدها.
وهذا التفاؤل لا يعني بأية حال التقليل من خطورة المعركة ولا الاستهانة بالأعداء والخصوم الذين يشنون معركة عنيفة وفاصلة على الجبهة الثقافية.
المصدر
- مقال:اتهام مثقفينا بـ«العداء للسامية» .... ماذا وراءه؟المركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات