اتباع هديه.. وصية من د. عصام العريان

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
اتباع هديه.. وصية من د. عصام العريان
29-04-2004

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ومولانا محمد- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين- أيها الإخوة والأخوات زوار موقع (إخوان أون لاين) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في هذه الأيام التي تحلّ بنا فيها ذكرى عطرة لميلاد رسولنا العظيم- صلى الله عليه وسلم- يجب علينا أن نتذكر واجبنا تجاه هذا النبي العظيم، الذي ختم الله به الأنبياء والمرسلين، وأول هذ الواجبات أن نؤمن به وأن نصدقه فيما جاء به من ربه- سبحانه وتعالى- إيمان يتعمق في قلوبنا ويتنامى مع مرور الأيام هذا الإيمان نترجمه حبًّا له، وتعظيمًا له ومعرفة لفضله علينا، صلى الله عليه وسلم، فنعطِّر ألسنتنا بذكره، والصلاة والسلام عليه لنعرف أن الله- سبحانه وتعالى- صلَّى عليه، وأمرنا بالصلاة عليه، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (الأحزاب : 56) هذا الإيمان يجب أن يُترجم أيضًا واقعًا في حياتنا؛ بحيث نلتزم بما جاء به، فإن الله- سبحانه وتعالى- أمرنا فقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ (الحشر: 7)

ويقتضي هذا أن نعلم أن طاعته- صلى الله عليه وسلم- من طاعة الله: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ﴾ (النساء : 80)، وأيضًا لنعلم أن مقتضى هذا الواجب أن نتعلم سيرته، وأن نتفهم منهجه، وأن نطيعه فيما جاء به عن ربه، وفيما أمر به صلى الله عليه وسلم، وهذا يعني فهمًا للإسلام فهمًا شاملاً فهمًا حقيقيًّا للتطبيق والعمل، وليس للدراسة والنظر.

الواجب الثالث- وهو ما أريد أن اختم به وأن نتأمل فيه- أن نحمل نفس الهمِّ الذي حمله- صلى الله عليه وسلم- وأن نعيش لنفس الرسالة التي عاش من أجلها، إن محمدًا- صلى الله عليه وسلم- عرض عليه قومه أن يجعلوا له الأرض ذهبًا، وأن يملكوه عليهم وأن يجعلوه متوجًا بينهم؛ ولكنه رفض ذلك كله، وارتضى لنفسه أن يبلِّغ عن ربه، وأن يحمل رسالة الهداية للعالمين، وقد ختم الله به الأنبياء والمرسلين- صلوات الله وسلامه عليه- فلم يبقَ مجالٌ لنبوة بعد نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم- فمن الذي يحمل رسالته؟

ومن الذي يسير على نهجه؟ ومن الذي يلبغ دعوته؟ إن ذلك نعلمه جميعًا في قول الله- عز وجل- آمرًا نبيه- صلى الله عليه وسلم- بقوله: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (يوسف : 108) أريد منكم أن تتأملوا في قوله: ﴿أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ فكل من اتبع محمدًا- صلى الله عليه وسلم- مكلف بأن يحمل هذه الرسالة، وأن يوضح هذا السبيل، وأن يدعو إليه على بصيرة عن فهمٍ وبيِّنة وبرهان وإحاطة بما جاء به- صلى الله عليه وسلم- وهذا تصديق لقوله سبحانه وتعالى: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون﴾ انظر كيف حصر الفلاح في هذه الطائفة الذي وصفها رسولنا- صلى الله عليه وسلم- الذي نحتفل بذكراه بقوله– "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق مستمسكين به لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك".

أوصيكم إخواني وأخواتي أن توفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الذكرى.. بأن تحملوا منهجه، وأن تسيروا على هديه، وأن تبلغوا دعوته للعالمين.

هذه هي الواجبات التي أرى أننا في أمسِّ الحاجة إلى أن نتدارسها في هذه الذكرى العطرة، لا أن نأكل الحلوى أو نمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفى، نعم هو يستحق المدح وهو يستحق أن نتلو سيرته، وهو يستحق أن نقول فيه الشعر، يستحق ذلك وأكثر منه، كيف لا وقد رفع الله ذكره في العالمين، ولكن الاكتفاء بهذا المدح فقط والشعر وأكل الحلوى وغيره هذا لا يجوز لمؤمن يعلم مدى الخطر الذي يواجه أمة الإسلام اليوم، ومدى التشويه الذي يلحق برسالة الإسلام اليوم.

في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها يجب أن نتذكر هذا الواجب الثالث بأن نحمل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن نبلغها كاملة لكل الدنيا؛ لأن المؤمنين به في هذه الدنيا لا يشكلون أكثر من سدس العالم، هناك مقابل كل واحد يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ونبوته ورسالته ودينه الإسلام خمسة يكفرون به، ولعل أكثرهم لا يعلمون عنه شيئًا، ولا يعلمون عن رسالته شيئًا، هذا ما يجب أن نتذكره اليوم، وأود أن أقول إن إيماننا وتصديقنا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم يأتي في الإطار الذي جاء به الإسلام وهو التوحيد الخالص، حيث إننا نعلم أنه نبي مرسل ولكنه عبد من عباد الله يوحى إليه، بشر مثلنا يأكل ويشرب وليس نرفعه إلى مكانةٍ كما رفعت أمم من قبلنا وخلطت ما للنبي بما لله عز وجل فضلَّت وزلَّت بها الأقدام والأفهام، إننا نصلي ونسلم على نبينا صلى الله عليه وسلم في هذه الذكرى العطرة، ونعاهده أن نبقى أوفياء لرسالته وأن نبقى أمناء على دعوته، وأن نحمل هذا الهدي والهدى الذي جاء به، نبلغه للعالمين حتى ولو افتدينا ذلك بأرواحنا وبذلنا من ذلك من الجهد والوقت والمال حتى نبذل الدم في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله هذه الكلمة العظيمة كلمة الإخلاص كلمة التقوى نحن أحق بها وأهلها إن شاء الله.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم وأسأل الله أن نكون أوفياء لدينه أوفياء لنبيه أمناء على دعوته والله يقول الحق وهو نعم النصير.

المصدر