إنجازات ثورة 25 يناير
الشروق
نبدأ بما هو بديهى. ثورة 25 يناير كانت وستبقى ملهمة مثل سابقتها ثورة تونس. تندرج ثورتا مصر وتونس أيضا كونهما انبثقتا من الشعب ولم تكونا بمثابة انقلاب استولد نتائج ثورية كما فى ثورة 23 يوليو 1952.
الأهم فى الحالتين أن الاستجابة كانت محتضنة بشكل تلقائى على المستوى العربى بأكمله، ما يؤكد حقيقة ثابتة أن الوحدة العربية على مستوى الشعوب تتبنى وبالتالى تحتضن بشكل فورى ما تنتجه هذه الانتفاضات والثورات.
بمعنى آخر، أن ما حصل بين 25 يناير و11 فبراير 2011 يعتبره الكثير من شرائح جماهير الوطن العربى تعبيرا صادقا ودافئا عن مسئوليتها بغرض حمايتها وترسيخ ثقافتها كونها تعتبر أن النجاح الذى حصل هو بمثابة استقواء متبادل بين المنجز الثورى فى مصر واستقواء مصر الثورة بصدقية وفعالية وجدية احتمالات ضمائر التغيير الجذرى فى سائر أقطار الأمة العربية وإن بنسب متفاوتة.
ولعل أول دليل على تبادلية الاستقواء ما حصل فى تونس مما سرع ثورة الشباب فى مصر.
وما أشار إليه الشعور العام بأن الكرامة ليست مجرد توصيف أخلاقى ومناقبى فحسب بل فعل قادر على الصيرورة، حيث تتوضح قوميا ووطنيا للعيان مركزية مصر فى حال وأحوال الأمة العربية.
من هذا المنظور عندما يسقط نظام شمولى فى مصر كما حصل يوم السبت الماضى يتم فقدان متدرج لمناعة أنظمة مماثلة عربيا، ولعل الإنجاز الأهم الذى حققته «ثورة الشباب» عربيا بقصد أو بغير قصد مباشر لا يكمن فى توظيف آليات الاتصال الحديثة بهدف التنظيم والتعبئة وتسريع معرفة مضامين الأهداف الفورية وتمرحل البرامج الإصلاحية والتنموية، فقط إنما فى منهجية التعامل مع المراحل الانتقالية بدقة والتزام حاسم بوضوح الأهداف التى أكدت شرعية الثورة وما يجب أن تترافق مع مؤسسات سليمة ومستقيمة فى أدائها، خاصة أن على قيادة الثورة أن تبقى فى حالة استنفار خاصة فى جعل مثاليتها قادرة على إدارة التعقيدات القائمة والموروثة حتى تبقى نجاعة سلوكها بمنأى عن أن تتحول التباينات إلى تناقضات.
لذا لا مفر للثورة من أن تحقق توأمة الالتزام مع الصبر الثورى الذى يجعل البدائل مدخلا للقرارات المصيرية.
ولعل بعض الأولويات المطلوبة معالجتها والتعامل معها فورا هو تكليف مؤقت لأعضاء الحكومة القائمة «تصريف الأعمال» وإن بصفة مؤقتة والنفاذ إلى مدلولات الالتزام بـ«الاتفاقات» القائمة.
هذا لا يعنى أننا لا ندرك أسباب هذه «التطمينات» إلا أن هذا لا يحول دون قلق يساور العديد من ملتزمى أهداف الثورة الملهمة والواعدة.
كانت ظافرة فعلا، لأنها جاءت بعد عقود من الإحباط، وتآكل الحقوق الوطنية والتنموية والاجتماعية وحرمان الشعب المصرى من حقوقه ومن حاجاته الأساسية.
إن استعادة مصر دورها المحورى والرائد إثر ما أفرزته اتفاقيات كامب ديفيد هو المدخل لا لجعل المستحيل السائد ممكنا فقط بل لتمكين الأمة العربية بعد عودة مصر إلى دورها كمرجعية موثوقة وإلى استقامة قومية وعروبة سياساتها توفر البوصلة التى تخرجنا من حالة الإحباط والاستقالة، وبالتالى تدخلنا فى إطار حيوية التمكين الذى رافق ثورة 25 يناير، وبالتالى استعادة القدرة على تقرير مصيرنا وصناعة مستقبلنا، ومستقبل فلسطين التى هى مسئولية عربية عندما تتوافر البوصلة.
المصدر
- مقال: إنجازات ثورة 25 يناير الشروق