إنتفاضة فلسطينيي الـ48
بقلم : ماجد محمد دياب
اعتراف المجتمع الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني ودخولها الأمم المتحدة عام 1974، لعب دوراً رئيسياً باستنهاض الحالة الجماهيرية وتبلور الهوية الوطنية للجماهير الفلسطينية التي ظلت متمسكة بأرضها ووطنها بعد نكبة عام 1948.
ولقد علق الإرهابي مناحيم بيغن على تلك المرحلة قائلاً: «بعد الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ودخولها الأمم المتحدة أخذنا نسمع من سكان عكا وحيفا وطبريا والناصرة قولهم ونحن أيضاً فلسطينيون» وفي نفس الفترة بدأت تتشكل مؤسسات وطنية محلية كاتحاد المجالس المحلية العربية ولجان الدفاع عن الأراضي وعقدت المؤتمرات الشعبية التي تعلن تمسك المواطنين بأرضهم.
وجاءت مواجهات يوم الأرض في 30/3/1976 الذي يعتبر بحق اليوم الوطني للجماهير الفلسطينية في الداخل لتوحد غالبية فلسطينيي الداخل في فعالية قومية تعلن عن مرحلة جديدة في مسيرة النهوض الوطني، من أبرز عناوينها:
1ـ تبلور الهوية الوطنية الفلسطينية
2ـ التمسك بالأرض ووضع حد للهجرة
3ـ تراجع الأصوات الانتخابية للقوائم العربية الملحقة بالأحزاب الصهيونية
تواصل النهوض الوطني بعد مواجهات يوم الأرض، فصدرت عام 1980 وثيقة شفا عمرو التي أكدت «أن العرب الفلسطينيين في إسرائيل هم جزء من الشعب الفلسطيني وأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد لهذا الشعب».
وفي نفس العام صدرت وثيقة الإجماع الوطني التي أكدت «أن الجماهير الفلسطينية في إسرائيل تعيش في وطنها كحق شرعي لها وليس منة من أحد».
وفي عام 1987 أعلن عن تشكيل اللجنة القطرية للنضال ضد العنصرية والتمييز العنصري، كما صدرت «وثيقة الناصرة» التي شكلت البرنامج السياسي الفلسطيني الداخل.
وبذلك انتقل الفلسطينيون من المطالبة بالأمن والحق بالحياة إلى المطالبة بالمساواة والاعتراف بهويتهم القومية، وظهرت في أوساطهم أحزاب عربية فلسطينية تعبر عن أبرز قضاياهم وأهدافهم.
وحول البرنامج النضالي لفلسطينيي الداخل يرى د.عزمي بشارة، رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، في مقابلة أجرتها معه مجلة الدراسات الفلسطينية (العدد 65 شتاء 2006) «إن المرحلة تحتاج إلى قيادة سياسية ودرجة عالية من الوعي وتنظيم العرب في مؤسسات للحفاظ على الهوية العربية الفلسطينية في الداخل.
وضرورة السعي لمشروع وطني شامل يتوجه إلى العالم كله.
نحن مع الظهور في الأمم المتحدة كعرب في الداخل.
نحن نسعى لتحويل لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل إلى «برلمان عربي في الداخل» وهذا معناه أن تتنافس الأحزاب العربية في انتخابات داخلية لانتخاب هيئة تقود الأقلية العربية وتعترف إسرائيل بها، ثم نطالب بمقعد مراقب في جامعة الدول العربية.
ثم في الأمم المتحدة.
إنها ليست قضية اندماج في إسرائيل.
فنحن غير متنازلين عن المواطنة.
نحن سكان البلاد الأصليين. هذا كله كي نستطيع أن نحمي ظهرنا ونساهم في تشكلنا الذاتي الوطني.
إنه مشروع دولة المواطنة. أي دولة لجميع مواطنيها وليست دولة لليهود من مواطنيها».
وفي كانون الأول (ديسمبر) 2006 أصدرت اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية التي تعتبر الهيئة التمثيلية العليا لجميع القوى والهيئات السياسية والشعبية العربية الفاعلة في إسرائيل مشروع «التصور المستقبلي للعرب الفلسطينيين في إسرائيل» ومن أبرز ما جاء في الوثيقة:
1ـ فلسطين التاريخية هي الوطن، ووحدة المكان، حتى وإن كان مجزءاً سياسياً ومحتلاً وممزقاً، تبقى هي الأرض التي يلتقي عليها المبدعون الفلسطينيون، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المنافي، أو في الوطن.
نحن جزء من هذا المكان وهو يصوغ وعينا ولغتنا ويبلور هويتنا.
2ـ نطالب بنظام ديمقراطي توافقي يمكننا من المشاركة الحقيقية في اتخاذ القرار لضمان حقوقنا القومية والتاريخية والمدنية الفردية والجماعية
نظام يجسد وجود قوميتين في الدولة:
اليهود والفلسطينيين ويضمن المشاركة الحقيقية في السلطة والموارد واتخاذ القرار.
واقترحت الوثيقة رؤية استراتيجية لتطوير وتنسيق العمل المؤسساتي عبر مواصلة وتعزيز عمليات التنظيم الداخلية والجماعية الهادفة إلى ضمان الحقوق الجماعية والفردية لفلسطينيي الداخل.
«وثيقة التصور المستقبلي» كانت حاضرة بقوة على جدول أعمال مؤتمر هرتسليا السابع (21/24/1/2007) تحت عنوان «ميزان المناعة والأمن القومي» البروفيسور (عوزي أراد) رئيس المؤتمر شن هجوماً حاداً على المواطنين العرب في إسرائيل قائلاً: «إن اعتراضهم على يهودية إسرائيل كما ورد في الوثيقة يضعهم في قارب واحد مع القوى المحيطة بإسرائيل الرافضة لحقها في الوجود بصفتها دولة يهودية».
أما النائب العمالي السابق حجاي ميروم، فقد هاجم الوثيقة معتبراً أنها تشتمل على كافة الأسس المطلوبة لإقامة كيان سياسي عربي مستقل داخل الدولة اليهودية.
واعتبر ميروم أن قضية المواطنين العرب في إسرائيل أشد خطراً من التهديدات الإيرانية، فالقضية الإيرانية يمكن تسويتها بعدة طرق لكن العلاقات العربية اليهودية داخلنا تشكل خطراً وجودياً.
وأضاف إن دعوة الوثيقة لتغيير الطابع اليهودي للدولة ولديمقراطية توافقية لا إجرائية تعني رفض الاندماج بالدولة، أما الدعوة لانتخاب لجنة المتابعة العليا فتعني إقامة برلمان عربي مستقل.
أسقطت الجماهير الفلسطينية في أراضي 48، بفضل وحدتها وتمسكها بهويتها الوطنية، مخططات الدمج والاسرلة الصهيونية وأكدت أنها جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني الذي يواصل نضاله على طريق الحرية والاستقلال والعودة.
ولم يقتصر دور القوى والأحزاب والقيادات الوطنية للجماهير الفلسطينية على مقاومة مشاريع التهجير ومصادرة الأرض، بل برز دورها النضالي الداعم للانتفاضة والمتمسك بحق العودة والمقاوم للاستيطان وجدار الفصل العنصري وتهويد القدس.
- المصدر :إنتفاضة فلسطينيي الـ48موقع:المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات
