إعلان حزب الإخوان ونهاية "الجماعة"

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
إعلان حزب الإخوان ونهاية "الجماعة"

بقلم:أ/عادل السنهورى

جماعة الإخوان المسلمين الآن تقف عند لحظة فارقة فى تاريخها منذ تأسيسها عام 1928، فإما أن تستفيد من مجريات الأمور بعد ثورة 25 يناير وتستقى من الماضى عبرة التعلم من الأخطاء أو أن يعيد تاريخ صدامات الإخوان مع السلطة نفسه وبعدها تجد الجماعة نفسها خارج الأطر السياسية والاجتماعية الشرعية فى مصر وتبقى فى دائرة " المحظورة.

بعض الشواهد تنطق بمعطيات غير مطمئنة من جانب الإخوان وربما كان آخرها تلك الشعارات الدينية التى ترددت عقب صلاة الجمعة الماضية فى ميدان التحرير، والتى أوحت بمحاولات القفز والسيطرة على المشهد السياسى التى أفرزته ثورة الشباب ولكن سرعان ما تم إخمادها فى المهد ورفع شعارات عامة موحدة لا تميز بين فصيل أو جماعة سياسية أو أخرى.

ومع إعلان جماعة الإخوان مؤخرا عزمها على تأسيس حزب سياسى استغلالا للمتغيرات الجديدة التى تشهدها مصر وتحسن المناخ السياسى و توافر معطيات مشجعة للإقدام على تلك الخطوة التى يرى فيها البعض تناقضا مع موقف الإخوان الرافض منذ التأسيس للأحزاب، فالمكاسب التى حققتها الجماعة من ثورة يناير تغرى بالتفكير الجدى فى الحياة الحزبية والسياسية، فقد وقع التصالح المعلن مع السلطة الجديدة وبالاعتراف الإعلامى بها حيث انتقلت من خانة المحظورة إلى جماعة الإخوان المسلمين، وشارك ممثلو الإخوان فى الحوارات التى تمت سواء مع اللواء عمر سليمان أو مع المجلس العسكرى وتأكد ذلك باختيار عضو أصيل فى الجماعة وهو صبحى صالح فى لجنة التعديلات الدستورية.

كل تلك المعطيات مغرية بالطبع للجماعة فى الاقتراب بل بالدخول الى حظيرة العمل السياسى المباشر وإعلان تشكيل حزب يتسق مع دستور ومقومات المجتمع المدنى ويعترف به.

ورغم ذلك مازالت هناك تخوفات من حدوث صدام رابع بين الإخوان والسلطة-مع استثناء فترة حكم الرئيس السادات التى استغل فيها الأخير الإخوان لضرب الحركات السياسية فى الجامعات والنقابات المهنية- وهناك حالة ترقب لما ستسفر عنه الأيام والشهور القادمة فى تعاطى الإخوان مع الرسائل السياسية للمجلس العسكرى للقوات المسلحة ومحاولة القفز على الثأر التاريخى بين الطرفين منذ عام 1954 وهو الصدام التاريخى بين ثورة يوليو والإخوان والتى أعلن بعدها حل الجماعة والذى سبقه أيضا سحب ترخيص الجماعة عام 48 عقب حادثة مقتل النقراشى باشا رئيس الوزراء فى فترة الحكم الملكى قبل ثورة يوليو.

لم تخل صدامات الإخوان مع السلطة من محاولات استغلال الأخيرة دائما سواء قبل ثورة يوليو فى تنفيذ أغراض أو أجندة سياسية معينة سواء داخلية أو خارجية ولذلك تميزت علاقة الإخوان مع السلطة فى مراحل كثيرة بالشد والجذب أو الرضا والسخط وفقا للأغراض السياسية المرجوة من العلاقة والتى لم يدركها الإخوان فى كل مرة حتى مع النظام السابق للرئيس حسنى مبارك الذى نجح فى تخويف الولايات المتحدة الأمريكية والغرب من المد السياسى للحركات الإسلامية فى ظل التخوف من المد الإيرانى المعادى لسياسات الغرب واتخذ من انتخابات 2005 الذريعة لفزاعة الإخوان الذين تمكنوا بالفعل فى تلك الفترة من كسب أرضية واسعة وسط الشرائح الاجتماعية البسيطة والفقيرة فى المجتمع المصرى وساعدهم فى ذلك الفساد الاجتماعى والاقتصادى والسياسى للنظام السابق حيث نجحت جماعة الإخوان فى استثمار تلك الطبقة سياسيا وأثمر ذلك عن فوز الجماعة بنحو 88 مقعدا فى البرلمان السابق.

إذن فإعلان جماعة الإخوان المسلمين عزمها على تأسيس حزب سياسى بمجرد رفع القيود التى حالت دون تحقيق ذلك يفرض طرح عدة فرضيات وتساؤلات ضرورية.

فالدول الغربية تترقب ما سوف تسفر عنه نتائج الثورة المصرية فى المشهد السياسى وموقع جماعة الإخوان فى خارطة الحراك السياسى المنتظر عقب الانتقال السلمى للسلطة وضمان الجيش وتعهده بذلك والآلية الغربية المستقبلية فى التعامل مع الإخوان وسط توقعات بفشل الجماعة فى كسب رضا الدول الغربية وعلى رأس تلك الدول الإدارة الأمريكية والواضح أن هناك شبه اتفاق غربى فى التعامل مع الجماعة بحذر كما رأى تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى السابق، إضافة إلى التخوف الإسرائيلى من وصول الإخوان إلى الحكم أو سيطرتهم على المشهد السياسى.

داخليا يطل سؤال ملح حول المستقبل التنظيمى للجماعة وهو السؤال عن إمكانية أن تتحول الجماعة كليا إلى حزب سياسى وبالتالى إعلان حل الجماعة.

وهذا الطرح يرى فيه القيادى الإخوانىعصام العريان خطوة غير مطروحة للنقاش حاليا واستباقا للأحداث، أما البديل الثانى هو وجود حزب سياسى وجماعة دعوية مستقلان عن بعضهما ويربطهما الاستراتيجية العامة مثل النموذج الأردنى والمغربى ومع الأخذ فى الاعتبار كل الفرضيات والتوقعات فإن حزب الإخوان سيكون المحطة الأهم فى تاريخ الجماعة وفى أفكارها ومعتقداتها التى تتحول الآن باتجاه الاعتراف بالحياة الحزبية فى دولة مدنية وهى مرحلة جديدة فى الخطاب الإخوانى الذى عليه أن يحدد برنامجا واضحا بعيدا عن العموميات فى التفسير، والأهم من ذلك أن تعى دروس الماضى فى الصدام مع السلطة لأن النتيجة دائما تأتى فى غير صالح الجماعة.

فقرار الإخوان بدخول المرحلة السياسية المنتظرة سوف تكون له تأثيرات وتداعيات فى أوضاع كثيرة فى المنطقة العربية والإسلامية والحذر والخوف الآن من أن تكون لافتة الحزب، سببا فى حدوث ازدواجية تنظيمية داخل الجماعة، تؤدى إلى وجود جماعة وحزب، وبينهما مساحة فاصلة، مما يؤدى إلى ضرب وحدة الجماعة وتماسكها. فهل يضحى الإخوان بـ" الجماعة" التاريخية من أجل الحزب؟.