إعلان الحرب على الإسلام
بقلم الشيخ / السيد عسكر....الأمين العام المساعد الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف و عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين

منذ اللحظة الأولى لوقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001م قامت الإدارة الأمريكية بنسبتها إلى من وصفتهم بالإرهابيين وحددت أسماءهم بدون إجراء أي تحقيق . كما لم يجر أي تحقيق حتى الآن
وعلى الأثر قام " جورج بوش" الابن بإعلان الحرب الصليبية , وبدأها على الفور . ثم حاول إخفاء حقيقة نواياه المعلنة فقام بزيارة أحد المساجد في أمريكا وتم تعديل شعار الحرب دون تغيير الهدف وأصبح الشعار الجديد " الحرب على الإرهاب" بدلا من إعلان الحرب على الإسلام"
ومع أن الرئيس المصري محمد حسني مبارك طالب بعقد مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب والاتفاق على المقصود منه فإن أحداً لم يستجب لهذا الطلب حتى لا تنكشف الأهداف الحقيقية
وتحت هذا الشعار الذي لم تحدد ملامحه اشتعلت نيران الحرب في أفغانستان وفى العراق, ولا زالت نيران الحرب تمتد لتشمل باكستان وكشمير والشيشان والصين وغيرها , وصار معلوما للجميع أن الحرب هي في الواقع ضد الإسلام
وفى فلسطين انتهز اليهود والأمريكان الفرصة وأعلنوا حرب إبادة على الشعب الفلسطيني تحت مسمى الحرب على الإرهاب .
وانقلبت الموازين واختلت المعايير وصار المدافعون عن أرضهم ومقدساتهم إرهابيين تجب إبادتهم وصار المحتل الغاصب صاحب حق مطلق في الدفاع عن نفسه
وظهر على الساحة جماعات من النصارى المصريين يحاربون الإسلام تحت حماية الموساد الإسرائيلي والمخابرات الأمريكية ويهاجمون بلدهم وحكامها ونظامها المتهم في نظرهم بالرضوخ للجماعات الإرهابية التي تضطهد المسحيين وتخطف الفتيات المسيحيات ويجبروهن على الدخول في الإسلام وغير ذلك من الأكاذيب والمفتريات
وقد قيل لنا إن هذه المجموعات النصرانية المعروفة بأقباط المهجر تتصرف من تلقاء نفسها وكدنا نصدق ذلك لولا ظهور رجل من رجال الدين النصراني اسمه القس "زكريا بطرس" راح يكيل التهم جزافا للإسلام عقيدة وشريعة وينعت الرسول صلى الله عليه وسلم بكل نقيصة ويلصق بأمهات المؤمنين الطاهرات أشنع الصفات
ثم تطور الأمر فقلده رجال دين آخرون يتبوءون أعلى المناصب في الكنيسة الأرثوذكسية.
وتنوعت مطالب هؤلاء وارتفع سقف المطالب حتى وصل إلى التهديد بنشر صور كاركوترية تشوه الرسول صلى الله عليه وسلم ويتم ترويجها بين المسلمين وإدخالها إلى كل بيت . كما وصل سقف المطالب إلى ضرورة إلغاء المادة الثانية من الدستور لمحو الصبغة الإسلامية عن الدولة المصرية صاحبة الفضل عليهم مع أن الكل يعلم أن نصارى مصر أسعد أقلية في أي بلد من بلاد الدنيا
وليت الأقليات المسلمة تعامل في البلاد غير الإسلامية بمثل ما يعامل به المواطنون النصارى في مصر .
ومن العجائب أن أحد هؤلاء القساوسة يزعم أن نصارى مصر تم إكراههم على الدخول في الإسلام كبرت كلمة تخرج من فمه إن يقول إلا كذبا.
وآخر من هؤلاء يعيب على الرئيس أنور السادات موقفه من دينه الذي يدين به وهو الإسلام ويعد مقتله عقوبة له على هذا السلوك كما يطالب بأن ينص الدستور المصري على أن الإنجيل أحد مصادر التشريع . مع أنه يعلم علم اليقين أن النصارى في مصر لهم نظمهم التي يحتكمون إليها في مسائل الأحوال الشخصية وهو ما لم يحظ المسلمون بمثله في البلاد غير الإسلامية التي تدعى أنها ديمقراطية
ونحن نسأل هؤلاء وأولئك: ما الذي يزعجهم من تطبيق الشريعة الإسلامية عليهم كما تطبق على المسلمين؟ أليست هي شريعة العدل والمساواة بلا تفرقة .
ونسألهم أيضا : ألستم تؤمنون بما جاء في الإنجيل منسوبا إلى المسيح عليه السلام من قوله: " دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله "؟ أم أنه من المقبول تقديم فروض الولاء والطاعة لقيصر بشرط أن لا يكون مسلما , أما إذا كان مسلما فلابد من التمرد عليه واتهامه بالرضوخ للجماعات الإرهابية – أي الإسلامية - ؟
" ومنه لله من اخترع شعار محاربة الإرهاب "
ويقول أحد هؤلاء الذين يثيرون الفتنة : إن المادة الثانية من الدستور المصري تتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومع المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر . ويجب إلغاء هذه المادة . وكأن هذا الإعلان وتلك المواثيق تحترمها أمريكا أو تعترف بها فى حروبها العدوانية التي تسببت فى قتل الآلاف وتشريد الملايين من المسلمين فى أنحاء العالم . وكأن هذا الإعلان وتلك المواثيق يحترمها الكيان الصهيوني أو يعترف بها وهو يقوم بقتل الشعب الفلسطيني وإبادته بالفوسفور الأبيض والأسلحة الأخرى المحرمة دوليا . وكأن هذا الإعلان وتلك المواثيق احترمها الصرب أو اعترفوا بها وهم يبيدون الشعب المسلم وينتهكون أعراض النساء المسلمات فى البوسنة والهرسك
من الواضح أن هذا الإعلان وتلك المواثيق والمنظمات التي أنشئت لتطبيقها تكيل بمكيالين . وحين يتعلق الأمر بالمسلمين فإن الإبادة الجماعية هي التي تناسبهم ولا مجال لحديث عن حقوق الإنسان ولا يحزنون.
وحقائق التاريخ تثبت أن الإنسان لم تعرف له حقوق – مطبقة فعلا – إلا فى ظل الإسلام الذي يعلنون الحرب عليه , مع أنه وحده هو القادر على إنقاذ البشرية من بؤسها وشقائها.
وفى هذا الجو الموبوء تحركت فئات من المنافقين الذين يعلنون الإسلام ويبطنون الكفر ونظموا صفوفهم وحشدوا جموعهم فى بعض المواقع الإعلامية والتنفيذية وبدأوا يشاركون فى الحرب ضد الإسلام ومطاردة المتدينين , ومحاربتهم في أرزاقهم بمحاولة الحرمان أحيانا وبالمصادرة فى أحيان أخرى . ونسوا أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين .
وأن لله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون .
ولم يعتبروا بما جرى لأسلافهم الذين جاء ذكرهم فى قول الله تعالى : " يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل" ورد الله عليهم بقوله : " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون " ولقد حقق الله وعده
وإذا كان المنافقون ومن فى قلوبهم مرض يسيرون فى ركاب أعداء الإسلام ظنا منهم أن دولة الإسلام إلى زوال وأن أمريكا ستحميهم من بطش الله فهم واهمون . ولينظروا فى أحداث التاريخ لعلهم يعتبرون أو يتعظون أو يعقلون
وفى الختام أجد لزاما على أن أسوق البشرى التي تسر المؤمنين وتحزن الكافرين والمنافقين . يقول الله تعالى : " يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون"
"ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم" .
- المصدر : نافذة مصر