إذا كان الحكام العرب ماتوا

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
إذا كان الحكام العرب ماتوا فهل ماتت الشعوب العربية أيضا


بقلم:المستشار/ محمود الخضيري

إذا كان الإحساس العام لدى كل إنسان في العالم الآن عندما يشاهدون ما يحدث للشعب الفلسطيني أن الحكام العرب قد ماتوا منذ زمن طويل فهل يمكن أن ينطبق ذلك على الشعوب العربية؟ هل المثل القائل بأن الناس على دين حكامها ينطبق علينا هنا في العالم العربي، لاشك أن لهذا المثل نصيب كبير من الصحة، فكما نكون يولى علينا فنحن نستحق هؤلاء الحكام وإن كنا لم نخترهم ولا نرضى عن التي تجعلهم يعدلون عنها أو حتى يشعرون أن ما يفعلونه خطأ وعار عليهم وعلينا.

ما نشاهده الآن في فلسطين وغزة بالذات لا أعرف كيف نسكت عليه ونكتفي بالدعاء ومصمصة الشفاه وزرف الدموع لمن رق قلبه، ثم يقوم كل واحد منا إلى حال سبيله وينشغل بأموره الخاصة وينسى ما حدث وكأن شيئا لم يحدث، وكأن من مات بالرصاص الإسرائيلي قبل أن يموت جوعا من الحصار أمر طبيعي لأنه يحدث كل يوم، والأشق من ذلك على النفس أن يخرج علينا من بيننا من يقول إن الفلسطينيين هم سبب ما يحدث بسبب ما يقومون به من مقاومة للمحتل الغاصب لبلدهم وكأن المطلوب منهم أن يرون الوطن المغتصب والأطفال تشرد والشباب يقتل والنساء ترمل ويحمدون الله على ذلك بل ويشكرون من يفعلون ذلك لأنهم لم يفعلوا المزيد وقد كان في استطاعتهم فعله حيث لا رادع من خوف أو عقاب.

ما تعيشه البلاد العربية الآن من ضعف وتخاذل وقعود عن نصرة إخوانهم في فلسطين المحتلة يذكرنا بموقف الشعب الهندي قبل الثورة على الاستعمار الإنجليزي عندما وقف فيهم الشيخ الجليل جمال الدين الأفغاني خطيبا يحثهم على مقاومة الاستعمار والتخلص منه تأثروا بكلامه ودعوته لهم بالجهاد وأخذوا يزرفون الدموع فلم يعجبه ذلك وأخذ يقرعهم ويدعوهم إلى الجهاد والمقاومة قائلا والله يا أهل الهند لو أنكم ضفادع وأحطتم بالجزيرة البريطانية لجررتموها إلى القاع، والله يا أهل الهند لو أنكم ذباب تطنون في آذان إنجلترا لجعلتم في آذانها وقرا، وقد كان رحمه الله على حق لأن المستعمر لا يرحل بالتوسل والرجاء والبكاء ولكن يرحل بالمقاومة الشرسة التي تجعل بقاءه في الأرض التي يحتلها مستحيلا ويكلفه من الأموال والأنفس ما لا يطيق، وهل كان يماري أحد في أن إنجلترا كانت تستطيع احتلال الهند بعددها الكبير لولا تخاذل الشعب الهندي في هذا الوقت والدليل على ذلك أنه عندما أراد الحرية والاستقلال وجاهد في سبيله حصل عليه، هذا هو الشأن بالنسبة لنا وإسرائيل التي تحتل جزءاً عزيزاً من أرض العرب جزءً مقدسا عند المسلمين والمسيحيين رغم قلة عددها بالنسبة للعرب لأن العرب الآن حسب وصف الرسول صلى الله عليه وسلم غثاء كغثاء السيل قد نزع الله مهابتهم من قلوب أعدائهم نظرا لانشغالهم الدائم بأمور الدنيا وبعدهم عن الجهاد في سبيله.

أقول للشعوب العربية بعد اليأس من حكامها ولله لو أن كل عربي ألقى بحجر على إسرائيل لدفنوها في بطن الأرض، والله لو أن كل عربي أطلق صرخة جهاد في أذن إسرائيل لأصابوها بالصمم والدوار فتلقي بنفسها في البحر، قد يقول قائل وهل نحن نحارب إسرائيل وحدها؟ إننا نحارب أمريكا وحلفاءه في الغرب وهؤلاء لا طاقة لنا بجهادهم، وأنا أقول وهل كان الشعب الفيتنامي في طاقته مقاومة أمريكا بجيوشها الجرارة عندما قاومها وهزمها وأجبرها على الرحيل، وهل كان الشعب الصومالي الفقير في قوة أمريكا عندما سحل جنودها الغزاة على الأرض فولت هاربة، ولماذا نذهب بعيدا ولا نرى ما يحدث في العراق وأفغانستان التي تئن فيها أمريكا والغرب كله من وقع الضربات التي تنهال عليها من المقاومين الأبطال وتتمنى الرحيل في أسرع وقت ولا يمنعها من ذلك إلا بقية من كبرياء وغرور سيؤدي بها إن شاء الله إلى الزوال.

ما نتعلل به إذن لتبرير تقاعسنا عن المقاومة ومساعدة الأخوة في فلسطين على الصمود والكفاح ليس صحيحا لو أردنا وصدق منا العزم على الكفاح لأمكن تنفيذ الأمر، وطرق الكفاح كثيرة ومتعددة حسب الطاقة والإمكانيات والسن والصحة والمقدرة المالية، المهم أن نفعل شيئا يمكن أن يساعد على الخلاص مما نحن فيه من قهر وظلم واستعمار ومهانة، المظاهرات يجب أن تعم العالم العربي حتى توقظ حكامها من سباتها العميق ونرسل إليهم برسالة أن في تقاعسهم خطر عليهم شخصيا لأنهم بذلك يصبحون أعوانا للاستعمار يجب الخلاص منهم، وجمع المال واجب على كل قادر حتى يقوى المقاومين على الدفاع عن أنفسهم وهزيمة العدو والخلاص منه، والإضراب وارد لمن لا يستطيع التظاهر أو جمع المال وهذا واجب الآن على كل من يعمل عملا يساعد إسرائيل على البقاء وأظهر أمر في أيامنا هذه تصدير الغاز والبترول إلى إسرائيل فيجب على كل من يعمل في هذا الأمر أن يتوقف في الحال لأنه يساعد على إتمام جريمة مد العدو بأسباب القوة التي تساعده على الحياة وعلى البطش بإخواننا في فلسطين المحتلة، ومبلغ علمي أن عندما من يعمل على تبادل السلع والبضائع مع إسرائيل وهؤلاء بلا شك خونة ولو كانوا يقومون بذلك تحت سمع الحكومة وبصرها ورعايتها وتشجيعها، هؤلاء خونة يجب القضاء عليهم ومقاومتهم واحتقارهم وإشعارهم أنهم جواسيس ولا يقلون حقارة عن بعض المصريين الذين كانوا يتعاملون مع قوات الاحتلال أثناء الاستعمار.

هل يرضيك يا فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الشريف ما نحن فيه من مهانة وما فيه الشعب الفلسطيني من هلاك بيد العدو الصهيوني ونحن واقفون لا نحرك ساكنا، إني أطالبك باسم الدين الذي في قلبك وعقلك أن تلقي خطبة الجمعة القادمة في الجامع الأزهر تعلن فيها الجهاد الذي أصبح فرض عين على كل مسلم ومسلمة وتقودنا جميعا لأن نخترق الحدود المصرية الفلسطينية التي أغلقتها الحكومة المصرية رغم وعد الرئيس بفتحها، ونقوم بتوصيل الغذاء والمؤن لإخواننا في فلسطين ونقف إلى جوارهم في محنتهم وننصرهم على عدوهم وعدونا أو نموت معهم شهداء في سبيل الله والوطن، نموت ونحن وقوف شامخين بعزة وكرامة.

هل يرضيكم يا علماءنا ما ترون الآن على شاشة التلفاز وعلى صفحات الصحف من صور الموت والدمار ودماء الشهداء التي تسيل على الأرض أنهارا، لقد ماتوا وهم جوعى وعطشى ومرضى ماتوا وهم وقوف قبل أن يصرعهم الجوع والعطش والبرد، ماتوا وهم ينظرون إليكم قائلين هل ترضون عما يحدث لنا؟ ماتوا وأعينهم ترنوا إليكم في حسرة وألم قبل أن يذهب الموت بضوئها، ماتوا وهم يطلبون من الله أن يقتص لهم ممن تقاعسوا عن نصرتهم رغم مقدرتهم على ذلك، ماتوا وهم يقولون لنا أننا لم نمت دفاعا عن أنفسنا فقط ولكن دفاعا عنكم أيضا وعن مقدساتنا جميعا، ماتوا وهم يقولون لنا أن الموت شهادة خير من الحياة الذليلة في ظل استعمار لا يرحم أو حكومة لا ترعى حق اله في شعبها.

اخوتي إن جنود الأمن المركزي وضباط أمن الدولة ليسوا أشد قسوة من جنود العدو الصهيوني لأنهم أولا وأخيرا هم منكم وإن بدا منهم غير ذلك وعلى أي حال فإن عصاهم وهرواتهم ليست أقسى من مدافع ودبابات العدو، فتحركوا يرحمكم الله قبل أن تجدوا العدو الحقيقي يدق أبوابكم ويدمر ممتلكاتكم ويقضي على مستقبلكم ومستقبل أبنائكم بعد أن نزع اله الرحمة من قلبه ومهابتكم من صدره.