أ. د. محمد السيد سعيد.. تماس مع الإخوان

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث

بقلم / د. سعد عماره....من قيادات الإخوان فى دمياط


بعد دقائق من اعتقالي عام 2005م على خلفية مظاهرات الإصلاح التي قام بها الإخوان، وحين صرتُ سجينًا في سيارة الترحيلات، وجدتني أتصل بالصديق العزيز د. محمد السيد سعيد الذي تألَّم على الحال الذي وصلت إليه مصر؛ حتى يتم اعتقال المتظاهرين سلميًّا، وحاول التخفيف من سخونةِ الموقف؛ فقال: لعلهم سيطلقون سراحك بعد قليل- لكن الحكومة خيَّبت الظن، وأبقتني سجينًا مع مئاتٍ من زملائي أكثر من 6 أسابيع- وحينما تأملتُ الموقفَ وجدتني أتصل به لا ليتوسط لنا عند النظام، فأنا أعلم أن عداء النظام له وللإخوان سواء، ولكنني وجدتُه من أقربِ الناس لنفسي في تلك اللحظة لمعرفتي به؛ حيث يشاطر المعتقلين السياسيين ألمهم كأنه في زنزانةٍ معهم، كما أنه يدافع عن جميع المظلومين في غياهب السجون بصرف النظر عن انتماءاتهم مهما كلَّفه ذلك من ثمن بشهامة عزَّ وجودها، وقد أخبرني ذات مرة أن قضيته الأولى في حياته هي الدفاع عن حقوق الإنسان.


كان التواصل بيننا مستمرًّا في معظم المناسبات حتى تكرر مشهد اعتقال مئات الإخوان، وكنت واحدًا منهم على خلفية انتخابات المحليات العام الماضي، وبعد أن أمضينا في السجون أربعة أشهر التقيتُ به في رأس البر هو وأسرة جريدة (البديل) جاء- رغم مرضه- مرتين ليحتفل مع أهالي دمياط وقواها السياسية بالفعاليات غير المسبوقة ضد تلوث مصنع أجريوم الذى اعتبرها أفضل تحركٍ شعبي مصري في السنوات الأخيرة؛ حيث شاركت كل القوى السياسية بما فيها الإخوان والناصريون والتجمع والوفد والأحرار والمسيحيون وحزب الجبهة، وحتى الحزب الوطني.


وقد علمتُ في ذلك الحين أن الرجل ظلَّ يدافع عنا وعن المعتقلين في أحداث المحلة وعن الإخوان المحالين للمحكمة العسكرية، خاصةً المهندس خيرت الشاطر الذي تربطه صداقة قوية به- كما أخبرني- منذ مظاهرات الطلبة عام 1968م، وهنا نقف لنتأمل موقفه النبيل؛ حيث يدافع عن فصيلٍ يختلف معه فكريًّا، وهذا في رأيي سمو لرجل أخلص لفكرته.


كانت بداية معرفتي به دعوة بالتليفون لعمل ندوة حول الانتفاضة الفلسطينية بنقابة الأطباء بدمياط، ولم يتردد في استجابةٍ فوريةٍ رغم عدم سابق معرفة، والتقيت به قبل الندوة مع مجموعةٍ من قادة الإخوان بالمحافظة؛ فتحاورنا واتفقنا واختلفنا وخرج الجميع بالتقدير لرجلٍ مفكرٍ تحترمه مهما اختلفت معه؛ حيث اكتشفنا أنه يرحب ترحيبًا نادرًا بنقاش المختلفين معه، حتى تظن أو تتيقن أنه سيعدل عن فكرته إذا أقنعته بخطئها.


لقد ظلَّ الرجل محافظًا على حياده، فلم يستطع النظام الحاكم أن يحتويه بسلطةٍ أو مال؛ فرسالته كانت واضحةً كحدِّ السيف، لم يساوم أبدًا عليها، وقال رأيه للرئيس بجرأة وموضوعية- في سابقةٍ هي الأولى في عهد مبارك- ورغم معاناة المرض ظلَّ الرجل شامخًا، لم يحن رأسه ومات واقفًا، وكأنه يعطي للجميع مثلاً في الحب والإنسانية والشهامة والوطنية والشموخ.


اتصلت به في باريس أواخر رمضان قبل أيام قليلة من وفاته، وكان ودودًا كعادته، وسألني أن أدعو له فسألته زوجته الفاضلة- كما أخبرتني لاحقًا- مَن هذا الذي تطلب منه الدعاء فقال لها صديق من الإخوان، فاللهم ارحمه جزاءَ ما قدَّم لأمته.. اللهم آمين .


المصدر : نافذة مصر