أوضاعنا محزنة والعلماء خير من يرممها
المستشار عبد الله العقيل
قال الشيخ عبد الله العقيل - الأمين العام المساعد لشؤون المساجد برابطة العالم الإسلامي – لجريدة "المسلمون" في التحقيق الذي أجراه معه عمر الأنصاري عن دور العلماء في إصلاح الفرد والمجتمع: إنه لا بد من الالتفاف حول العلماء للتصدي للحملة الشرسة على الإسلام.
وقال: إنه حين التف الناس حول العلماء فيما سبق تحقق الإنجاز المذهل بالفعل، ودور العلماء هو امتداد وتكريس للدعوة التي حملها الأنبياء والرسل من قبل، ومن ثَم فاضطلاعهم بواجب الدعوة يعتبر واجبًا أساسيًا ومهمتهم الأولى، والعلماء في كل عصر هم الذين يلتف الناس حولهم، ويأخذون الرأي منهم، ويركنون إلى مشورتهم، ويتعلمون على أيديهم، ويستنيرون بآرائهم، ومن هنا كان علماء السلف - رحمهم الله - قممًا شامخة في علمهم وتقواهم وصلاحهم واستقامتهم.
وكان هؤلاء العلماء يجدون التقدير والاحترام من علية القوم ومن عامة الناس، وقد كانت حلقات العلم تتميز بكثرة القادمين والمتلقين فيها.
والدعوة إلى الله (عز وجل) واجبة على كل مسلم ومسلمة؛ فهي مهمة واجبة على الجميع، بمعنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: «بلغوا عني ولو آية»؛ وبهذا تكون الدعوة واجبة على الجميع؛ لأن من علم خيرًا لا بد له أن يوصله إلى الناس.
وقد خاطب الله نبيه (صلى الله عليه وسلم) قائلاً: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، فإذا نظرنا إلى الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإسلام كدين، ويتعرض لها المسلمون كأمة، نجد أنها تنتظم العالم الإسلامي كله، ويدير كيرها، ويحوك مخططاتها اليهود في الأساس والصليبيون والعلمانيون وغيرهم، فكلهم ينطلقون من قوس واحدة، فكما قال (صلى الله عليه وسلم): «الكفر ملة واحدة»، وهم يتحركون جميعًا من أجل محاربة الإسلام وتشتيت شمل المسلمين، ونحن - بفضل الله (عز وجل) - أمام الذي نراه وأمام ما يصيب العالم الإسلامي من نكبات، نجد أن هناك صحوة ويقظة إسلامية تنتظم في عدادها شباب العالم الإسلامي، وأصبح حمل الدعوة إلى الله (عز وجل) ليس قاصرًا على فئة من الفئات، وإنما أصبح يعم الصغار والكبار والنساء والرجال، عامة الناس وخاصتهم، ولا شك أن هذه كلها بشارات وعلامات صحوة ويقظة، وإن كان العلماء يحتلون مكان الصدارة؛ لأن هذه وظيفتهم باعتبارهم القادة، وباعتبار أن الناس يتلقون منهم العلم.
وبالنسبة للتقصير فلا ندعي الكمال لأحد، ولكن المسؤولية كبيرة والمهمة شاقة، والكل يدلي بدلوه، ويعمل ما يستطيع من جهد، وأعتقد أن العلماء في عصرنا إن كان قد قصر البعض منهم؛ فإن البعض الآخر قد بذلوا أضعاف أضعاف ما يبذله غيرهم.
وبفضل الله، نحن نعيش نعمة الصحوة الإسلامية، ولا يضيرنا تكالب الأعداء؛ لأننا ننطلق من مبدأ صحيح، ومن دين حق تولى الله (عز وجل) حمايته ورعايته، وهذا لا يمنع من أن تكون لنا وقفات مع أنفسنا ووقفات مع الدعاة فيما بينهم؛ ليراجعوا مواقفهم، ويصلحوا من مسارهم، ويستفيدوا من خبراتهم وتجاربهم، فيعززوا الجانب الذي صاحبهم فيه التوفيق، ويعيدوا النظر في الجوانب السلبية.
وعن العوائق التي يمكن أن تواجه العلماء في أداء دورهم قال: لا شك أن في بعض الأقطار توجهات علمانية لا يحملها أصحاب الفكر والمثقفون والمستغربون فقط، وإنما أيضًا يحملها ولاة الأمر في تلك المناطق، فثمة حَجْرٌ على العلماء في بعض المناطق في البلدان الإسلامية، وتقييد لحريتهم، ومنع لانطلاقهم في دعوة الله (عز وجل)، وهذا الذي يواجههم في تلك الأماكن لا شك أنه نتيجة أن هؤلاء سواء أكانوا متولين أمور المسلمين أو القادة الفكريين الذين بيدهم زمام التوجيه.. لا شك أنهم متأثرون بفلسفة الغرب ومناهج الغرب وآراء الغرب، ويريدون تغيير الواقع الإسلامي إلى صورة ممسوخة ومشوهة من الفكر الغربي، ويريدون من عالمنا الإسلامي أن يكون صورة مكرورة لما عليه الغرب بخيره وشره، وحلوه ومره.
أما نحن فعلينا أن نأخذ الخير من حيثما كان، وأن نأخذ الحكمة من كل مكان، وأن نعالج أوضاعنا ومشكلاتنا ورؤانا وتصوراتنا من خلال التصور الإسلامي الذي نستقيه من كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وما لم يرد فيه نص مما جدَّ في معطيات الحياة وواقع العصر نأخذه مما لا يصطدم مع شريعتنا، وننظر قياسه على ما سبق من أحكام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- المسلمون، العدد 476، 6 من شوال 1414هـ، 18 من مارس 1994م.
المصدر
- مقال: أوضاعنا محزنة والعلماء خير من يرممها موقع عبدالله العقيل