أهمية تجربة محاكاة الانفجار العظيم
محتويات
مقدمة

- أهداف التجربة وأهميتها
- الأضرار والفوائد المتوقعة على المدى البعيد
- محمد كريشان: السلام عليكم. نتوقف في هذه الحلقة عند أكبر وأغلى تجربة في تاريخ العلوم تجريها المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية قرب الحدود السويسرية الفرنسية لمحاكاة الانفجار العظيم الذي يعتقد علميا أنه أسفر عن الكون في صورته الحالية. وفي حلقتنا محوران، ما هي الاكتشافات التي يمكن أن تسفر عنها التجربة لفك لغز نشأة الكون وتطوره؟ وما هي الفوائد العملية أو الأضرار التي قد تترتب على مثل هذه التجارب على المدى البعيد؟. أطلق علماء فيزيائيون مهندسون تجربة علمية وصفت بالفريدة والرائدة قالوا إن الهدف منها هو محاكاة الانفجار العظيم الذي يعتقد أنه أوجد الكون الذين نعيش فيه، الأداة الرئيسية للتجربة جهاز ضخم وظيفته تأمين تصادم بين جزئيات البروتون يتابع العلماء أطواره لعلها تكشف شيئا من أسرار المادة والكون.
تقرير مسجل لنبيل الريحاني:
هؤلاء يقفون وراء انفجار مدبر لكنه ليس من ذلك النوع الذي اعتادت تدبيره الجيوش والجماعات المسلحة، إنه تجربة علمية فريدة يحاول فيها الفيزيائيون محاكاة الانفجار العظيم الذي تقول النظريات العلمية إنه أفرز الكون الذي نعيش فيه، لم يكن الإنسان موجودا عندما حدث ذلك الانفجار المفترض المعروف big bang، قبل مليارات السنين إلا أن هذه التجربة تعد بالكشف عن كثير من أسراره.
إلى مكان ما تحت الأرض على الحدود الفرنسية السويسرية تتطلع أنظار آلاف العلماء الفيزيائيين إلى جهاز يعرف بصادم الهيدرون الكبير عله يفلح في حل شيء من ألغاز بداية الكون، راود هذا الحلم العلماء منذ عقود وتطلب أموالا طائلة كي يتحول إلى جهاز عملاق مهمته توفير أكبر نظام لتسريع تصادم الجزيئات في العالم.
يقوم هذا النظام على إطلاق حزمتين من البروتونات في الاتجاه المعاكس على نحو يقود إلى تفتيت هذه الجسيمات بقوة جبارة تولد طاقة حرارية هائلة ثم مراقبة تكون تلك الجسيمات من جديد، لم تخل التجربة التي أطلقتها المنظمة الأوروبية للبحوث النووية من مخاوف أهمها الخشية من إحداث ثقب أسود يبتلع الأرض ومن عليها، إلا أن هذه الهواجس لم تجد لها أنصارا فقد استسلمت الغالبية الساحقة من العلماء إلى فضول علمي جارف يبتغي الوقوف على خبايا المادة الكونية الأولى الموصوفة بالسوداء.
من المبكر حاليا الحديث عن نتائج التجربة التي ما تزال في بدايتها في انتظار أن تحمل الأسابيع القادمة خبر التصادم المرتقب ترافقه معطيات جديدة يقول علماء متفائلون إنها قد تصل إلى حد إعادة التفكير في بعض النظريات العلمية، في أقل التقديرات يتوقع أن يصل الفيزيائيون إلى فهم أفضل لمرحلة سحيقة من قصة بدء الكون تحاول نظرية الانفجار العظيم أن تقدم تفسيرا علميا قيما لها، وهو الهدف الذي لا يعني علماء الفيزياء وحدهم فبقية العلوم ومعها الفلسفات يهمها هي الأخرى أن تعرف أكثر عن واحد من أهم أسئلة الوجود، كيف كانت بداية الكون؟ ... انتهى .
أهداف التجربة وأهميتها
- محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة من دبي الدكتور زغلول النجار الباحث في علوم الأرض، ومن الشارقة عبر الهاتف الدكتور نضال قسوم أستاذ الفيزياء والفلك في الجامعة الأميركية في الشارقة، أهلا بضيفينا. لو بدأنا بالشارقة والدكتور نضال قسوم، هذه التجربة وصفت بأنها غير مسبوقة بحجمها ونوعها، لو تشرحها لنا ببعض التبسيط؟
- "التجربة قد لا تكون فريدة من نوعها ولكن هي الأضخم، حوالي ثمانية آلاف عالم يعملون على هذه التجربة العملاقة حيث كلف المشروع كله حوالي ثمانية مليارات دولار"
- 'نضال قسوم:' السلام عليكم ورحمة الله، شكرا جزيلا، أود أولا أن التقدم بالشكر الجزيل لقناة الجزيرة على تطرقها لهذه المواضيع العلمية، فمن المهم جدا طبعا أن نوضح للمشاهد وللمستمع العربي هذا النوع من التطورات العلمية الفريدة من نوعها فأنا أشكركم على تخصيص هذه الحلقة من هذا البرنامج لهذا الموضوع. حقيقة كما ورد في التقرير السابق هذه التجربة قد لا تكون أولا نوع يعني أو تجربة فريدة من نوعها ولكن هي الأضخم بدون شك، يعني حوالي ثمانية آلاف عالم أو علمي يعملون على هذه التجربة العملاقة، من ستين إلى ثمانين دولة، كلف المشروع كله حوالي ثمانية مليارات دولار، الجهاز لوحده الذي محيطه 27 كيلومتر تحت خمسين إلى مائة متر تحت سطح الأرض كلف لوحده حوالي 4 أو 4.5 مليارات دولار، فهي تجربة فريدة من نوعها استغرقت حوالي عشرة إلى عشرين سنة للتحقيق، الآن إذا شئتم ممكن نخوض في ماذا ستقوم هذه التجربة.
- محمد كريشان: يعني بالضبط ما هو الهدف منها؟
- نضال قسوم: هو لديها أهداف عديدة هذه التجربة، الهدف منها كما ورد أيضا باختصار في التقرير هو الغوص في مكونات المادة، يعني فهم المادة على حقيقتها، على مستواها المجهري الدقيق، يعني إذا بسطنا للمشاهد الفكرة يعني المادة مكونة من ذرات وجزيئات يعني كل الناس تعرف هذه، الذرات مكونة من نواة وحولها إلكترونات، يعني شحن سالبة، النواة وهي دقيقة جدا يعني قطرها جزء من مائة مليون بليون مرة، المتر الواحد، يعني المتر الواحد بحوالي مليون بليون نواة من المادة، النواة بحد ذاتها مكونة من كواركات ومن غلوبونات وما بين هذه الكواركات والغلوبونات يفترض أن يكون هناك بعض الجسيمات التي لم يكتشفها العلم لحد الآن والتي يتوقعها وتتنبأ بها النظريات العلمية وهذ التجربة تحاول الكشف عن هذا حتى تتأكد أن فهمنا الدقيق للمادة هو فهم صحيح، هذا أولا، من جانب آخر كما أشارت طبعا التقارير الصحفية وهذا الذي أدى إلى الضجة اليوم، هذه التجربة بقوة الطاقة التي توفرها في هذه التصادمات، تماثل، هي لا تضاهي لا تحاول إعادة ما حدث في الانفجار العظيم في اللحظات الأولى من الخلق وإنما تشابه في طاقتها، في كثافتها، في تصادم المادة فيما بينها ما حدث في بداية الكون في الجزء الأول من الثانية.
- محمد كريشان: يعني لو ننتقل للدكتور زغلول النجار، يعني بالنسبة لهذه التجربة وهي أكبر وأغلى تجربة في تاريخ العلوم، ما هو الاكتشاف الرئيسي الذي يراد أن يتم الوصول إليه من قبل هذا العدد الكبير من العلماء؟
- زغلول النجار: أبدأ بحمد الله وبالصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله وبتحيتكم أخي الكريم وتحية كافة مشاهديكم الكرام وضيفكم في الشارقة بتحية الإسلام وتحية الإسلام السلام، فالسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته وبعد. أؤكد في بدء حديثي أن التجربة ليست محاكاة لعملية الانفجار العظيم، التجربة هدفها كما قال الدكتور قسوم هو الغوص في فهم التراكيب الدقيقة للمادة، ثابت علميا أننا نعيش في كون دائم الاتساع بمعنى أن المجرات تتباعد عن بعضها البعض وبسرعات تكاد تقترب من سرعة الضوء وهذا الاتساع إذا عدنا به إلى الوراء مع الزمن لا بد أن تلتقي كل شيء في الكون، المكان والزمان والمادة والطاقة يلتقي في جرم واحد يسمى الجرم الابتدائي، هذا الجرم يقول عنه علماء الفلك بأنه كان في حالة غير مستقرة، انفجر تحول إلى سحابة من الدخان خلق الله من هذا الدخان الأرض وباقي أجرام السماء، هم لا يفهمون ما الذي نتج عن عملية الانفجار، اللبنات الأولية للمادة التي حدثت فيها دوامات فدمجت هذه اللبنات الأولية للمادة على هيئة غازي الهيدروجين والهيليوم ونحن نرى أن هذين الغازين يكونان أغلب نجوم السماء وبعملية الإندماج النووي في داخل النجوم تتكون العناصر المختلفة التي نعرفها، فالهدف من التجربة هو فهم اللبنات الأولية للمادة وفهم طبيعة المادة الداكنة التي تكون أكثر من 96% من مادة الكون المنظور، يريدون أن يفهموا ما طبيعة هذه المادة. التجربة تجربة عملاقة بلا شك استغرقت أموالا طائلة وجهودا كبيرة من عدد عظيم من العلماء، نفق تحت الأرض ما بين بحيرة جنيف وجبال جورة في شمال فرنسا..
- محمد كريشان (مقاطعا): نعم ولكن يعني عفوا لو سمحت لي فقط، يعني حيرة العلماء الكبرى كما ورد في أغلب التقارير هو كيفية تحول المادة إلى كتلة وكيفية تطور الكون، يعني إذا توصل العلماء إلى استنتاج معين ونتيجة معينة من هذه التجربة وهذا سيتضح ربما بعد أشهر وربما بعد سنوات، ما الاستفادة الأساسية للبشرية والعلم من وراء التوصل إلى جواب شافٍ؟
- زغلول النجار: هي النتيجة نظرية بحتة، يعني ليس لها مردود تطبيقي، النتيجة، يعني الهدف من ذلك فهم مزيد أو مزيد من المعرفة عن اللبنات الأولية المكونة للمادة..
- محمد كريشان (مقاطعا): ولكن هل سيؤدي هذا إلى مراجعة بعض النظريات العلمية أو بعض الحقائق العلمية السابقة؟
- زغلول النجار: لا، العلم إذا وصل إلى مقام الحقيقة أو القانون لا يتغير لكن قد يؤدي إلى فهم أكثر لمزيد من اللبنات الأولية المكونة للمادة.
- محمد كريشان: وفي هذه الحالة يعني الأبحاث العلمية في المستقبل ستتطور بشكل كبير بناء على هذه الحقيقة التي سيتم التوصل إليها؟
- زغلول النجار: ممكن جدا، ممكن جدا، يعني كلما فهمنا طبيعة اللبنات الأولية للمادة كلما فهمنا يعني نشاط هذه المادة، كيف تتحرك هذه المادة، كيف تتفاعل مع بعضها البعض.
- محمد كريشان: دكتور نضال قسوم، هل هناك فرضيات معينة للنتيجة التي سيتم التوصل إليها، بمعنى إما يتم التوصل إلى واحد أو اثنين أو ثلاثة، هل هناك سرد بهذا المعنى؟
- نضال قسوم: نعم، أنا أردت فقط التوضيح أن الهدف من هذه التجربة هو ليس فقط يعني فهم لبنات المادة، هو فهم لبنات المادة إلى حد ما يعني إلى مستويات عميقة جدا كما أشرت، يعني إلى جزء من المليون من البليون من المتر إلى آخره مفهوم لا شك في ذلك، ومن جانب آخر أيضا فهمنا لتطور الكون بعد خلقه سواء من بضع ثواني إلى بضع ساعات إلى سنوات إلى ملايين من السنوات هذا أيضا مفهوم إلى درجة عالية وفائقة جدا، إنما نريد من أن نتأكد من أن نظرياتنا التي تقوم عليها هذه النتائج وهذه الحقائق هذه النظريات صحيحة إلى أبعد الحدود، بمعنى آخر أنه لن تأتي لنا نتيجة تعيد لنا فهم مثلا الجاذبية في الكون أو فهم الكهرباء والمغناطيس أو فهم التفاعل النووي أو غير ذلك وإنما النماذج الوصف الدقيق الرياضي الفيزيائي لما يحدث في اللبنات لما يحدث في المادة لما يحدث في الكون لما حدث في.. وأؤكد مرة أخرى أننا نتكلم عن الجزء من الثانية، الجزء من المائة من الثانية الأول من الكون، هذا النوع من التدقيق هو الذي نريد الوصول إليه. الآن قد يعيد النظر في بعض النظريات في بعض الصيغ النظرية لفهمنا للمادة ولفهمنا لقوانين الطبيعة، هذا قد يعاد النظر فيه، مثلا حضرتك تسأل هل هناك نتائج متوقعة؟ نعم هناك جسيمات محددة، الهيكف هذا الذي صار شهيرا الآن اسمه الهيكف، بوزون الهيكف، هذا يتوقع أن يكشف عنه أو تكتشفه هذه التجربة عند مستوى معين من الطاقة، إذا وجد فهذا تأكيد، إذا لم يوجد فمعناه أن هناك خللا في شيء ما في جزء ما من النظرية يجب العودة والنظر إليه، ثم هناك نتائج أخرى أشار الدكتور النجار..
- محمد كريشان (مقاطعا): يعني هو بالنسبة للنتائج تحديدا يعني ما إذا كانت بعضها إيجابي وبعضها سلبي سنحاول أن نتطرق لهذا الموضوع بعد فاصل قصير نرجو أن تبقوا معنا.
الأضرار والفوائد المتوقعة على المدى البعيد
- محمد كريشان: أهلا بكم من جديد وحلقتنا هذه تناقش التجربة التي يجريها علماء أوروبيون لفك لغز نشأة الكون. دكتور زغلول النجار، بالنسبة للأضرار إذا أردنا أن نتطرق إلى هذه المسألة البعض يشير إلى أن هذه التجربة ربما تؤدي إلى مفاجآت غير سارة قد تجعل الكون كله يغيب، ولو أن هذا الاحتمال ضعيف، لو تفسر لنا أكثر هذه المسألة.
- زغلول النجار: طبعا الكلام الذي قيل عن أن التجربة قد تؤدي إلى تكوين ثقب أسود كلام غير صحيح لأن الثقب الأسود له كثافة فائقة للغاية تتجاوز 250 ألف مليون طن للسنتيمتر المكعب ولو تكون ثقب أسود واحد على الأرض لدمر الأرض بالكامل، لكن هو الخطر الآخر هو الحرارة الشديدة التي يمكن أن تنطلق عن طريق تفتيت هذه البروتونات وتفكيك مكوناتها من اللبنات الأولية للمادة، هذه الحرارة الشديدة قد تؤثر بدون شك لكن هناك احتياطات شديدة في هذا النفق الذي يمتد لـ 27 كم على عمق أكثر من مائة متر في منطقة قريبة من بحيرة جنيف يعني لكن قد تؤثر الحرارة الشديدة الناتجة عن تفكيك المكونات الأولية للبروتونات نتيجة لاصطدامها، قد يؤدي ذلك..
- محمد كريشان (مقاطعا): يعني لا توجد أية مجازفة أو مقامرة في هذا الموضوع؟
- زغلول النجار: لا أرى أكثر من حرارة زائدة ومن إمكانية انتشار بعض هذه اللبنات الأولية للمادة التي قد تؤثر في يعني الأحياء والجمادات من حولها.
- محمد كريشان: نعم، بالنسبة لهذه التجربة هل يمكن أن يؤرخ انطلاقا منها؟ بمعنى أنه إذا توصلت إلى جواب شاف في هذا الموضوع يمكن أن نتحدث عن تاريخ اليوم وكأنه بداية علمية جديدة لاكتشافات مقبلة؟
- زغلول النجار: لا، لا أتخيل ذلك أخي الكريم، أنا ما أرى أنه فقط كما قال الدكتور قسوم، إنه محاولة اكتشاف اللبنة المسماة بالـ (الهيغزبوسون) وطبعا إذا ثبت وجودها يعني.. هو هذا قضية نظرية بحتة في علم الفيزياء يعني ليس لها تطبيقات عملية يعني ليس لها هذه الخطورة التي أشيعت عن الموضوع لأن لا علاقة للموضوع بنشأة الكون يعني كل ما يمكن استنتاجه ما هي درجات الحرارة التي كان عليها الكون في لحظاته الأولى من 13.7 بليون سنة مضت.
- محمد كريشان: دكتور قسوم في الشارقة، بالنسبة للدكتور زغلول يلح على أن ما سيتم التوصل إليه هو نظري بالأساس ولكن لأي علم إذا ما تم التوصل إلى معادلات نظرية ستبنى عليها في المستقبل إنجازات وحقائق أخرى واكتشافات، ما أبرز ما يمكن أن يبنى عليها؟
- نضال قسوم: لو تسمح لي أنا أردت فقط قبل أن أعود إلى هذه النقطة أردت يعني تأكيد للمشاهد أنه فعلا ليست هناك أي أخطار أبدا بالنسبة لهذه التجربة سواء قصة الثقب الأسود التي ذكرتها الصحف ويعني روجت لها، طبعا المغزى من هذه الفكرة أنه ربما الطاقة العليا هذه تنتج ثقبا أسود مجهريا يعني ذي قطر يساوي قطر النواة، ولكن الفكرة قالت الصحف إنه يمكن مع مرور الزمن أن الثقب الأسود المجهري هذا أن يتضخم ويبتلع الأرض يعني شيئا فشيئا على مدى سنوات، هذه طبعا أفكار معروفة لدى الفيزيائيين من زمان حسابها معروف احتمالاتها معروفة وفي هذه الحالة ليس هناك أدنى نسبة من الخطر، كذلك مسألة الحرارة هذه أو الطاقة التي قد تنتج من تفكيك اللبنات إلى آخره هذه مسألة محسوبة يعني بشكل دقيق جدا ومعروفة وليس هذا أول يعني مفاعل أو تصادم جهاز تصادمي يبنى في العالم إنما هذا أكبر واحد فقط ولكن هناك أجهزة كثيرة بنيت على هذا الأساس في منطقة جنيفا وفي أميركا في بوركهيفن منذ بضع سنوات فقط إلى آخره، ليس هناك أي خطر لا من حيث الحرارة ولا من حيث الثقوب السوداء.
- الآن من حيث سؤالكم هل هذه ستأتي بنظريات جديدة؟ لو تعدلت النظريات؟ إلى آخره. سيدي الفاضل يجب أن نفهم أن النظريات العلمية لديها مستويات عدة يعني عندما جاء آينشتاين مثلا منذ مائة سنة وثلاثة الآن يعني سنة 1905 ووضع لنا نظريته الكبيرة أو بالأحرى نظرية النسبية العامة التي هي نظرية للجاذبية وللكون كانت إعادة نظر، بين أقواس، لنظرية نيوتن ولكن نظرية نيوتن ما زلنا ندرسها إلى الآن ونبني عليها إستنتاجات ونحسب بها كل فيزياء الحياة اليومية إلى آخره إنما نظرية آينشتاين نظرية أعمق وأوسع وتنطبق على الكون الشاسع حيث لا تنطبق نظرية نيوتن، هذا لا يعني أن نظرية نيوتن غير صحيحة.
- كذلك ستأتي نظريات أعمق وأدق ستأتي بأشياء أدق وأبعد مما أتى به آينشتاين، هذا لا يعني أن ما كنا نعرفه إلى سنة 2008 سيلغى أو يعاد النظر فيه وكذلك لا يمكن أن نعرف من اليوم ما هي الاكتشافات أو الاستنتاجات الممكنة من هذه التجربة أو غيرها وما هي التطبيقات التي قد يتصورها الإنسان عندما تظهر له نظرية أدق مما كان يعرف قبل ذلك.
- محمد كريشان: دكتور زغلول النجار، هل في هذه التجربة أي تحد للقناعات الدينية لدى أغلب البشرية في الديانات السماوية كلها فيما يتعلق بنشأة الكون وبداياته؟
"التجربة لا يمكن أن تؤدي إلى تكوين ثقب أسود لأنه حالة لتكديس المادة بصورة لا يكاد العقل البشري يتخيلها وهذه التجربة تؤدي إلى تفتيت المادة إلى لبناتها الأساسية"
- زغلول النجار: طبعا قبل أن أجيب على هذا السؤال بودي أن أؤكد أن هذه التجربة لا يمكن أن تؤدي إلى تكوين ثقب أسود لأن الثقب الأسود حالة لتكديس المادة بصورة لا يكاد العقل البشري يتخيلها وهذه التجربة تؤدي إلى تفتيت المادة إلى لبناتها الأساسية، فلن يتكون ثقب أسود لا مجهري ولا غير مجهري نتيجة لهذه التجربة.
- وللإجابة على سؤالك الكريم أنا لا أرى أي تحد على الإطلاق لأن القرآن الكريم يقول {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون}[الذاريات: 47] والكون يتسع، يقول {ثم استوى إلى السماء وهي دخان..}[فصلت:11] وثبت أن نتيجة هذا الانفجار كان حالة من الدخان، يقول رب العالمين {أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون}[الأنبياء:30].
- فالقرآن يؤكد على كل هذه النظريات التي توصل لها العلماء بعد مجاهدة كبيرة فلا أرى تحديا للإسلام ولا للقرآن ولا لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المضمار بل أرى تأكيدا على ما جاء في الإسلام من إشارات إلى كيفية خلق الكون.
- محمد كريشان: هو نحن نتحدث عن الفكر الديني السائد بشكل عام يعني سواء في اليهودية أو المسيحية أو الإسلام..
- زغلول النجار (مقاطعا): فكرة الخلق عموما يعني.
- محمد كريشان: فكرة الخلق عموما نعم.
- زغلول النجار: لا تتنافى مع فكرة الخلق إطلاقا.
- محمد كريشان: أن تجري هذه التجربة، دكتور زغلول النجار، أن تجري هذه التجربة في أوروبا وبعدد كبير من العلماء بالطبع بعضهم من أوروبا وبعضهم من خارج أوروبا هل يمثل مكسبا كبيرا من الناحية العلمية لأوروبا يجوز لها أن تفتخر به بشكل كبير في تاريخ العلوم البشرية؟
- زغلول النجار: دون شك لأن فكرة سيرن نفسها فكرة عظيمة يعني أن تتعاون أوروبا كلها في إقامة هذا النفق بإجراء تجربة نووية واحدة كبيرة كهذه يعني عمل عظيم مما يؤكد على أن العلم يحتاج إلى تعاون العلماء مهما اختلفت جنسياتهم وثقافاتهم وانتماءاتهم وهذا يعني معنى إنساني تحتاج إليه البشرية في هذه الأيام أكثر مما مضى بكثير.
- محمد كريشان: نعم، دكتور نضال قسوم، يعني ربما البعض كان يتوقع أن تجري هذه التجربة ربما في الولايات المتحدة، في اليابان، أن تجري في أوروبا هل له دلالة معينة في البيئة العلمية التي نتحدث عنها؟
- نضال قسوم: وهذه إشارة مهمة جدا منكم، أنه فعلا يجب أن نعود قليلا منذ حوالي 10 إلى 15 سنة كانت تقريبا نفس الفكرة طرحت وبل المقترح كاملا قدم للكونغرس الأميركي وكانت تكلفته حينئذ ستة بليون دولار ورفضه الكونغرس الأميركي ولذلك تأخر هذا السبق العلمي وهذا التطور العلمي العظيم حوالي 15 سنة، الآن أوروبا يعني كما ترون يعني بقوة بريطانيا وقوة فرنسا وقوة ألمانيا وإيطاليا إلى آخره وجدت أن لا مجال إلا في التعاون وفي الاتحاد في هذا العمل يعني خليني أشير فقط أن 1200 عالم أو علمي أميركي يشاركون في هذه التجربة العظيمة في أوروبا يعني كأن مركز الثقل العلمي صار ينتقل شيئا فشيئا إلى أوروبا، لماذا؟
- لأن أوروبا توحدت حتى من الناحية العلمية وهذا طبعا فيه عبرة لنا نحن العرب والمسلمين فيه عبرة لكثير من دول العالم أنه لم يعد العلم الآن يقوم على بعض العلماء في جامعة أو في جامعات أو في مركز علمي إنما صار بالتعاون الكبير جدا.
- كذلك لو تسمحون لي بإشارة سريعة، الوكالة الفضائية الأوروبية أيضا صارت تضاهي بل تفوقت في السنوات الأخيرة، أنا تخصصي طبعا فيزياء الفلك، تفوقت على الوكالة الفضائية الأميركية في كثير من الرحلات وكثير من المركبات وكثير من الأقمار الصناعية والأجهزة التي الآن تسبر الكون وتسبر أيضا الأرض وهذا أيضا دليل على أن التعاون ووضع العلماء والميزانيات مع بعضها البعض هو السبيل الوحيد للنهضة العلمية الحالية.
- محمد كريشان: شكرا جزيلا لك دكتور نضال قسوم أستاذ الفيزياء والفلك في الجامعة الأميركية في الشارقة، شكرا أيضا لضيفنا كان معنا من دبي الدكتور زغلول النجار الباحث في علوم الأرض.
بهذا مشاهدينا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، كالعادة نذكركم بإمكانية إرسال بعض المقترحات كمواضيع لحلقات مقبلة على هذا العنوان الإلكتروني الظاهر الآن على الشاشة indepth@aljazeera.net غدا بإذن الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، أستودعكم الله.
المصدر
- مقال:أهمية تجربة محاكاة الانفجار العظيم موقع : الجزيرة نت