أنابوليس والأحزاب الإسرائيلية وخيار الحرب.

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
أنابوليس والأحزاب الإسرائيلية وخيار الحرب.


بقلم : د. عدنان بكريه / عرب ال48

لا نتمنى لهذه الحالة أن تعم ولا نتمنى للحرب أن تندلع ، لكن كل المؤشرات السياسية والدبلوماسية والميدانية تدل على أن المنطقة تقف على فوهة بركان قابل للانفجار في أي لحظة وحتى لو استمر الحديث والحراك حول مؤتمر أنابوليس وتحريك العملية السلمية إلا أن ما نراه في الأفق يشير إلى أن الحرب القادمة قادمة لا محال

إن الأجواء الدبلوماسية التي تعيشها المنطقة تذكرنا بالأجواء التي سادت عشية حرب الخليج الأولى ومحاولة الولايات المتحدة تجييش بعض الأنظمة العربية وتفعيلها في أية حرب قد تقع في المنطقة ويأتي لقاء انابوليس ليصب بهذا الاتجاه ..

وقبل أنابوليس علينا أن نستذكر المواقف الأمريكية المعادية للحقوق العربية والفلسطينية والتي لم ولن تخرج من دائرة مصالحها الإستراتيجية ومصالح إسرائيل الاحتلالية التوسعية .

ليس من الصعب فهم طبيعة النوايا الإسرائيلية والأمريكية وهدفها من وراء عقد مثل هذا اللقاء الذي لن يضيف إلى الشعب الفلسطيني إلا المزيد من التمزق والانقسام ولن يزيد إلى الأمة العربية إلا المزيد من التورط في الخدع الأمريكية الهادفة إلى تدجين الأنظمة العربية في حظيرة التبعية لها !

من هنا فعلى الدول العربية أن تكون حذرة إلى أقصى الحدود من أوراق عمل المؤتمر ومن نتائجه وقراراته التي أصبحت معروفة للجميع ، وإذا كان البعض ما زال يراهن على مصداقية الطرف الأمريكي – الإسرائيلي يكون مخطئا ولا يرى من الواقع شيئا كون هذا الطرف لا يعتمد في طرحه أية حل للقضية الفلسطينية ولا حتى مشروع جدي يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الفلسطينية .

إن تصريحات القادة الإسرائيليين وعلى رأسهم ( أيهود اولمرت ) تشير إلى أن هناك إجماع يميني يساري على عدم تناول مسألة حل القضية الفلسطينية من جذورها فتهديدات أحزاب اليمين الإسرائيلي وعلى رأسهم الذي يتزعم حزب ( إسرائيل بيتنا ) اليميني الصهيوني بانسحابه من الائتلاف الحكومي فيما لو تناول ولمرت مسألة الحل النهائي وطمأنة اولمرت له يبرهن على أن الطرف الإسرائيلي سيذهب إلى انابولس من باب رفع العتب وليس من باب الجدية في حل القضية الفلسطينية .

اولمرت ليس معني بنسف ائتلافه الحكومي ووضع مصيره السياسي على كف عفريت بعد الفشل الذي مني به في لبنان والفضائح السياسية التي تلاحقه وملفات الفساد الإداري التي تفتح كل يوم ..

فهو بحاجة إلى تعزيز مكانته السياسية في الداخل حتى لو كلفه الأمر إبداء التصلب والتشدد إزاء انابوليس فعلى مدى التاريخ الإسرائيلي كان وما زال مقياس قوة أي حاكم هنا بمدى تشدده إزاء سبل حل القضية الفلسطينية ومدى قمعه للشعب الفلسطيني ...

هكذا حظي سلفه (شارون) بالتأييد الشعبي واعتبروه ملك إسرائيل ! وهكذا كان ( رابين ) الذي استعمل سياسة تكسير العظام في الانتفاضة الفلسطينية الاولى ...

من هنا فان جدية الطرف الامريكي –الإسرائيلي تكاد تكون معدومة فهي استغلت حالة التمزق التي يمر بها شعبنا الفلسطيني لإيهام العالم بأنها جادة في حل القضية الفلسطينية وبالتالي فإنها ستحمل الطرف الفلسطيني المسؤولية عن فشل اللقاء !

لأن المفاوض الفلسطيني لن يفرط بالثوابت الوطنية هذه الثوابت التي لن تقبلها إسرائيل حتى أنها غير مستعدة لسماعها كونها تثير أحزاب اليمين المتطرف كحزب (إسرائيل بيتنا ) و ( المفدال ) و (شاس )...

واذ ما نفذت هذه الأحزاب تهديداتها بفض الائتلاف الحكومي القائم فان مستقبل رئيس الوزراء (ايهود أولمرت ) السياسي سينتهي ناهيك عن الصفعات التي تعرض لها من خلال تقرير (لجنة فينوغراد ) والتي حملته المسؤولية عن فشل الحرب على لبنان .

إن المصالح الحزبية لرئيس الوزراء الإسرائيلي هي التي ستحدد موقفه من المسألة الفلسطينية وهو غير قادر على التفاوض والتوقيع على مسودات واقتراحات حلول كونه الحلقة الضعيفة في سلسلة الائتلاف الحكومي وهو مكبل بقيود اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي لن يتورع عن مطالبته بالاستقالة وتقديم موعد الانتخابات فيما لو تجرأ على الدخول في صلب القضايا المطروحة على لقاء أنابوليس !

إن الخيار الأخر الذي تطرحه الأحزاب اليمينية المتطرفة هو خيار الحرب وترى بأن أي حرب ضد حزب الله وسوريا قد يأتي بالنتائج المرجوة من الطرف الإسرائيلي وهو فرض حلول مؤلمة على الشعب الفلسطيني تعتمد على نسف ثوابته الوطنية كحق العودة والقدس وحتى الدولة المستقلة وتر أيضا انه من الضروري استعادة هيبة الجيش الإسرائيلي التي ضاعت في الحرب على لبنان ومن اجل استعادة هذه الهيبة يتطلب تحقيق نصر عسكري حتى لو كان بسيطا ...

وهذا الخيار يفضله اولمرت أحيانا حتى لو كان يتبجح بالحل السلمي ويدعو لمفاوضة سوريا !

فاولمرت يريد أن يخرج من المآزق الحزبية والسياسية التي حشر فيها وهو يرى بأن إحراز نصر عسكري هو الكفيل بإخراجه من ورطاته وجعله قويا في نظر المجتمع الإسرائيلي ..

فشعبيته في تراجع مستمر وهو لن يتورع عن خوض حرب من شأنها تقوية بنيته الحزبية والسياسية وتثبيت أقدامه في السلطة على رأس الحكومة الإسرائيلية وهذا شأن ( باراك ) زعيم حزب العمل ووزير الدفاع والمنافس الأقوى لاولمرت إذ يرى الآخر بأن خوض الحرب قد تعزز قوته في الشارع الإسرائيلي وتمكنه من الانتصار على منافسه ايهود اولمرت .

تبقى المصالح الحزبية لقادة الدولة العبرية أقوى من اعتبارات السلام والأمن وما شابه ذالك من مصطلحات لا وجود لها في قاموس قادة الأحزاب.

إن الأجواء الداخلية هنا توحي بان إسرائيل متهيئة تماما للحرب وجاهزة لخوض حرب ضد من تسميهم محور الإرهاب وهذا ما جاء على لسان صحيفة (ساندي تايمز ) بان إسرائيل قد رفعت من حالة التأهب حول مفاعل ديمونا إلى ثلاثين مرة ونصبت صواريخ الباتريوت في محيط المفاعل تحسبا لهجوم سوري إضافة إلى حملة الإرشاد التي يقوم بها الدفاع المدني للمواطنين ..

وهذه الأجواء تذكرنا بالأجواء التي سادت عشية حرب الخليج الأولى والثانية إننا لا نتمنى لهذه الحرب أن تندلع، لكن قادة الدولة يسيرون بالمواطنين نحو المجهول غير آبهين لمصير المنطقة والاستقرار العالمي

المصدر