أمة لا تموت

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
أمة لا تموت


بقلم : محمد فتحى النادى

تمر الأمم خلال تاريخها الطويل بمراحل متباينة، فتارة تكون في عنفوانها، وتارة أخرى يصيبها الفتور والضعف.

وهذا كله خاضع لنواميس كونية لا تتغير ولا تتبدل، وليس فيها محاباة أو مجاملة.

والأمة الإسلامية على مدى تاريخها الطويل مرت بمراحل عصيبة كادت أن تعصف بها وتقتلعها من جذورها، ولكنها بمدد من الله وعون تجاوزت كل تلك الصعوبات وتغلبت عليها، وأثبتت أنها بركونها إلى باريها تكون قد آوت إلى ركن شديد.

والمستعرض للتاريخ يرى كم مرة كبا جواد هذه الأمة، ثم بعد هذا قام وتابع مسيره، فهذه الأمة قد تضعف...قد تمرض، لكنها أبدًا لا تموت.

فأين أيام التتار الذين طارت بسماع أخبارهم القلوب، حتى ليظن الظان أن هذه الأمة قاربت على الفناء وأنها لن تقوم لها قائمة.

ولكنها تنهض من كبوتها وتقف في وجه الطوفان الهادر لتري العالم أجمع أنه ما زال تحت التراب بركان ثائر لا تخمد ناره.

وهل تسامعنا بهجمات الغرب البربرية تحت شعار الصليب؛ ليعلنوها حربًا دينية مقدسة لرفع أيدي المسلمين عن قبر المسيح(عقيدة المسلمين أن المسيح لم يمت وأنه سيعود في آخر الزمان ليقتل الدجال )، وجاءوا بقضهم وقضيضهم، وخيلهم ورجلهم، ونسوا أنهم يحاربون أمة لا يزيدها كثرة ضربها إلا اصطلاءً.

وكم تعالى أعداء هذه الأمة وظنوا أنهم سيجتثونها من على وجه الأرض، وأنهم قادرون عليها... هيهات هيهات، إنهم لن يستطيعوا أن يتغلبوا عليها؛ لأنها أمة شاهدة على الأمم، والشاهد في قضية معينة إذا مات فقد ضاعت هذه القضية، والذي أقامها للشهادة هو مالك الملك والملكوت، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس}(البقرة:143 ).

إن الأمة الإسلامية هي مارد مكبل وليست رجلاً مريضًا كما زعم الغرب، هذا المارد يستجمع قواه ليهب من رقاده معلنًا عودته الحميدة.

إن عجلة قيادة العالم تتجه نحو المسلمين الآن، فالأيام دول..يوم لك ويوم عليك، واليوم القادم لنا، وكما قال أبو البقاء الرندي:

لكل شيء إذا ما تم نقصان

هي الأمور كما شاهدتها دول

وهذه الدار لا تبقي على أحد

أين الملوك ذوو التيجان من يمن

فلا يغر بطيب العيش إنسان

من سره زمن ساءته أزمان

ولا يدوم على حال لها شان

وأين منهم أكاليل وتيجان

وهذا التغير -كما قلنا- سنة كونية؛ فالكمال لله وحده، والتغير والتبدل هو سمة المخلوق، وهذا قضاء الله على خلقه، وهذا ما أكدته الآثار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أنس بن مالك قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة تسمى العضباء لا تُسبق، فجاء أعرابي على قعود لـه فسبقها فشق ذلك على المسلمين، فلما رأى ما في وجوههم قالوا: يا رسول الله سبقت العضباء. قال: \"إن حقًا على الله أن لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه\"(أخرجه البخاري في كتاب: \"الجهاد\"، باب: ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، ح(2872) ).

ومن يظن أن الأرض أصبحت في قبضته، وأن الناس لا يحيدون عن أمره، بل وأصبح الناس يرفعونه ويعظمونه خوفًا من سطوته وبطشه وجبروته، فحقٌ على الله أن يزيله عما كان عليه، فعن سعيد ابن المسيب كان يقول: إن القصواء كانت كلما دفعت في سباق سبَقت، فدفعت بها في إبل فسبِقت، وكانت على المسلمين كآبة إذ سبقت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \"إن الناس لا يرفعون شيئًا إلا وضعه الله\"( البيهقي: شعب الإيمان، (7/341)).

وإذا كان يوم سقوط أمريكا آتٍ، وأن هذا اليوم سيكون لحسابنا، فهذا اليوم لن يأتي إلا إذا اعتصمنا بحبل الله، ونزعنا ما بيننا من ضغائن وأحقاد، وأعلنا التوبة والأوبة إلى الله رب العالمين.

وإذا كان هذا الوقت هو وقت اشتداد الأزمة، فإن الأزمات مصنع الرجال، والرخاوة والرفاهية لا توجِد إلا أشباه الرجال وطغام الأحلام.

ولكن من يظن أن الوَثاق يشتد على هذا المارد ليقعد به، نقول لـه: لن يصنع قيدك شيئًا، فلحظة الفرج قريبة، قال القرشي في قصيدته المسماة \"الفرج بعد الشدة\":

اشتدي أزمة تنفرجي

وظلام الليل له سرج

وسحاب الخير لها مطر

قد آذن ليلك بالبلج

حتى يغشاه أبو السرج

فإذا جاء الإبان تجي

{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}(يوسف:21 ).

المصدر