أعظم منظومة... يتحدث عنها فضيلة المرشد

(29-04-2004)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.
الحديث عن مولد المصطفى- صلى الله عليه وسلم- هذه المناسبة العطرة، التي تبثُّ في الروح معانيَ ضخمة، وتدفع الإنسان إلى مزيدٍ من التمسكِ بهذا الدين وهذه الرسالة، التي جاء بها محمد- صلى الله عليه وسلم.. توحِي إلى الإنسان هذه الذكرياتُ العطرةُ الطيبةُ- منذ مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتاريخه المبارك حتى أنزل الله سبحانه وتعالى عليه هذه الرسالة- تدفع الإنسان إلى أن يقف مذهولاًَ لهذه المنظومة العظيمة التي سجَّلها محمد- صلى الله عليه وسلم- طوال حياته، حتى نزل عليه الوحي يقول له: ﴿اقْرَأْ﴾.. ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ (العلق: 1).
رسالةٌ لو تمعَّن الإنسان فيها لما عاش بغيرها، وظل يبحث عن عظمة هذا الدين، وعن رسالة محمد- صلى الله عليه وسلم.. تستوعب الوقت والحياة كلها.. محمد- صلى الله عليه وسلم- جاءنا بدين، جاءنا برسالة.. لو نظرنا إليها- أيها الأحباب- لوجدناها رسالةً لإنقاذ البشرية كلها، وصدق الله العظيم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء: 107)، (مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ (الفتح: 29).
هذه الرسالة التي تدعو العالم كله إلى أن يكونوا عبادًا لله عز وجل، والذي يعبد الله عز وجل حَقَّ عبادته حُقَّ له أن يقود هذا العالم، ومحمد- صلى الله عليه وسلم- عبَدَ ربه العبادةَ الصادقةَ، التي كان فيها- فعلاً- خيرَ نموذجٍ للبشريةِ كلِّها.. محمد- صلى الله عليه وسلم- وهو يقف لعبادة ربه حتى تتورَّم قدماه يقولون له: يا محمد، لقد بعثك الله وغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيقول لهم: "ألا أكون عبدًا شكورًا؟!".
آن لنا- أيها الأحباب- أن نعبد الله حق عبادته، وهذا هو الطريق والمدخل الصحيح لنصر الله عز وجل.. أن نكون عندما أمر الله، ونحسن عبادته، ونحسن العبادة ونحن صادقون مخلصون لله- عز وجل- في كل ما نقول وكل ما نفعل، وهذه الصفة النبوية الشريفة- الإخلاص والصدق- حتى سماه أهل مكة الصادق الأمين، وهم كفار ومشركون.. فحينما نذكر محمدًا- صلى الله عليه وسلم- نذكر الصدق، ونذكر الأمانة، ونذكر الإخلاص.
ثم بعد ذلك جهاده- صلى الله عليه وسلم- منذ أن كان في مكة وصبر على أذى المشركين، حتى يقول: "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس.. اللهم إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، وعافيتك هي أوسع لي".
أيها الأحباب، نحن في عصر يحتاج منا إلى أن نكون على مستوى هذا الفهم العظيم، ابتداءً من عبادة الله- عز وجلَّ- حتى الجهاد في سبيله، وإقامة شرع الله في أنفسنا أوَّلاً، ثم ندعو الناس إليه ثانيًا.. فاقدُروا قدرَكم كمسلمين، واقدُروا قدرَكم كإخوان مسلمين؛ نحمل رسالة، ونحمل منهجًا، ونحمل اختيارًا معلنًا، ندعو الناس إليه..
فابدأوا بأنفسكم، وابدأوا بأن تخلصوا إلى الله- عز وجل- وأن تكونوا صادقين في كل ما تقولون وكل ما تفعلون، ثم تدعون الأقرب فالأقرب حتى ندعو العالم كله إلى هذه الإنسانية الراقية.. إلى هذه الحضارة المبدعة التي فيها خلاص العالم كله..
وبهذه المناسبة لا ننسى بحال من الأحوال ما يدور في فلسطين، وما يدور في العراق من هجمة شرسة من الأمريكان والصهاينة لإذلال هذا العالم الإسلامي الذي يؤمن بهذا الدين العظيم: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا﴾ (الكهف: 5).
فعلينا- أيها الأحباب- أن نقدِّر الرسالة التي نحملها.. رسالة هذا الدين العظيم، وأنا مطمئن كل الاطمئنان لو اجتمعت الدنيا كلها لكي تذل أصحاب هذه العقيدة لا يستطيعون؛ لأن الله- سبحانه وتعالى- جعل العزَّة لله ولرسوله وللمؤمنين.. فنحنُ أعزاء بهذا الدين.. أعزاء بالانتماء إلى محمد- صلى الله عليه وسلم- ولكن علينا أن نتبعه في كل ما يقول وفي كل ما يفعل؛ يكون الفلاح ويكون النصر- إن شاء الله.. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.