أعجز عن التعبير
بقلم: أسماء عصام العريان
عندما ذهبتُ إلى المحكمة كانت هذه المرة الثانية التي أحضرها مع أبي منذ أن كنت طفلةً.
وحضرت محكمةً له مع المحالين إلى العسكرية كانت المحكمة الأولى عندما أُفرج عنه ولكن بإقامة جبرية، وعندها تمَّ فك الرقابة الجبرية، وكان أبي في ذات الوقت جالسًا بجانبي وليس داخل القفص لأنه كان حاصلاً على الإفراج، وعندما حضرت المحكمة مع المحالين عسكرية ووجدتهم داخل الأقفاص ولا تستطيع الأيدي لمس الأيدي.. لا أنكر أني لم أحتمل ذاك المنظر.
ورغم أن أبي كثير الاعتقال إلا أنني لم أوضع في هذا الموقف أبدًا، ولكن عندما ذهبتُ إلى المحكمة الأخيرة.. ووجدت أبي داخل القفص ووضعت يدي على القفص وأبي وضع يده على يدي ولم تستطع الأيدي أن تتلاحم.. كنت أتمالك نفسي حتى لا أبكي أمام أبي أو يظهر ضعفي أمامه واصطنعت البسمة.
ولكن أبي شعر ما بداخلي.. وطلب من الضابط أن ينقله خارج القفص حتى لا تتأثر نفسيتي، ولكن الضابط لم يبالِ بذلك لأنه لم يشعر بذاك الشعور من قبل.
وما لم يفارق ذهني هو مَن كان يقف بجانب أبي في القفص... فعندما أتى أولاده ليسلموا عليه وضعوا وجوههم على أسوار القفص والأب يقبلهم من داخل القفص، توقَّف لساني عن الكلام... وأنقذني من البكاء الأستاذ عبد المنعم عبد المقصود بمنادته لي.
حقًّا أعجز عن التعبير.. أعجز عن الكلام.. لا أدري ما أقول... لا أدري كيف أعبر.. لم أشعر بهذا الشعور من قبل.
شعرتُ بالذل
الظلم
القمع
القهر
لا تقدر يدي أن تلمس يد أبي
لا أقدر أن ارتمي في أحضانه أو أقبله.
لا يقدر هذا الأب أن يحتضن أولاده
لما كل هذا؟؟
لأنهم شرفاء
لأنهم عظماء
لأنهم إصلاحيون
لأنهم أصحاب علم
لأنهم يحبون وطنهم
يدافعون عنها بكل ما يستطيعون
حقًّا أيها النظام أنت نظام فاشل.. تتعامل بكل غباء.
أظن أن تعاملكم مع الإخوان لن يزيدهم إلا قوةً... سيظلون يدافعون عن بلدهم حتى آخر قطرة في دمهم.. لن يبخلون أبدًا في تقديم أرواحهم فداءً لهذا الوطن... فما بالكم بعددٍ من السنين.
أيها النظام أرجو تغيير هذا الأسلوب القذر.
المصدر
- مقال:أعجز عن التعبيرإخوان أون لاين