أربكان وحزب «العائلة»

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
أربكان وحزب «العائلة»

محمد نور الدين

نجم الدين أربكان

لم يكفِ الحركة الإسلامية في تركيا انقسامها، بعد حظر حزب الفضيلة في العام 2001، إلى حزبين، رئيسي هو حزب العدالة والتنمية، وآخر محدود التأثير هو حزب السعادة، حتى ظهرت بوادر مزيد من الانقسامات داخل حزب السعادة نفسه.

وحزب السعادة الذي كان الوريث «الشرعي» لذهنية الزعيم التاريخي للحركة الإسلامية في تركيا نجم الدين أربكان بالكاد كان ينجح في تعزيز وضعه الشعبي من 3 إلى أربعة أو خمسة في المئة في الانتخابات النيابية أو البلدية.

غير أن مشكلة الحزب الأساسية أن اربكان أراد أن يبقي الحزب تحت وصايته المباشرة، رغم تقدمه في السن ومحاصرته بقرارات قضائية. ولم يترك حتى لرفاق السلاح مثل رجائي قوطان وشوكت قازان وغيرهما أن يخرجا من عباءته.

في المؤتمر العام الأخير لحزب السعادة الذي انعقد قبل حوالى 10 أيام كانت الأمور تنحو إلى وجهة أخرى. يخلد الزعماء في تركيا على رأس أحزابهم لا يفرقهم عنها، كما في العالم الثالث، إلا الموت أو هزيمة سياسية كبرى لا يلبثون أن يتخطوها ويعودوا لقيادة ما يعتبرونه ملكهم الشخصي. وإذا تيسرت الظروف كانت الوراثة سيدة الموقف.

في المؤتمر الأخير للحزب حاول اربكان إطاحة رئيس الحزب الحالي الأكثر شبابا نعمان قورتولمش بإخراج اسمه من لائحة قيادة الحزب. في المقابل كانت اللائحة تتضمن اسم ابن اربكان، فاتح، الشاب الذي كان يمني النفس بخلافة والده وهو في ذروة قوته، لكنه وجد رغبة في الوراثة في ذروة تراجع ثقل اربكان، وكذلك كان لـ«ألف» ابنة اربكان مكان في الطموح لخلافة والدها!

لم تنجح خطة اربكان، ونجح قورتولمش في إعادة الأمور إلى نصابها وتشكيل لائحة جديدة مضادة للائحة اربكان والفوز من جديد برئاسة الحزب. هذا لم يرق لأربكان، وكان أن أعلن ابنه فاتح توقيع عريضة من أجل مؤتمر جديد للحزب ربما يتمكن خلاله من أن يفتح الأبواب التي لا تزال مغلقة أمامه.

نجم الدين أربكان الذي كان نموذجا لالتزام الحركة الإسلامية في تركيا بالديموقراطية والابتعاد عن العنف للوصول إلى أهدافها، يجد نفسه في خريف العمر «مجاهدا» من أجل أهداف عائلية لا تليق بتاريخه، ولا بدوره الرائد في الحياة السياسية في تركيا.

أحد أهم الأسباب التي حدت بجيل الشباب، حينها، للانفصال عن أربكان، وفي مقدمهم عبد الله غول ورجب طيب اردوغان ومعهم المخضرم بولنت ارينتش وتشكيل حزب العدالة والتنمية صيف العام 2001 هو اقتناعهم بأن أساليب «النضال» يجب أن تتلاءم مع الظروف الجديدة لتركيا، وانه لم يعد ممكنا مواجهة الخصوم في الداخل على طريقة المواجهة المباشرة. فكانت حركة حزب العدالة والتنمية التي أثبتت نجاحها من دون أن تغادر احترامها وتقديرها لدور»الآباء المؤسسين»، ولا سيما نجم الدين أربكان.

غير أن بعض الشائعات بدأت تظهر من دون أن تملك دليلا حسيا أو أن تكون مقنعة، وهي أن حزب العدالة والتنمية قد يكون أمام الاندماج مع حزب السعادة بقيادة نعمان قورتولمش في حزب واحد، هو العدالة والتنمية على أن يذهب الحزب الجديد إلى انتخابات رئاسة الجمهورية بمرشح هو اردوغان فيما يتولى قورتولمش رئاسة حزب العدالة والتنمية بدلا من أحد الاسمين المطروحين بقوة منذ فترة، وهما إما علي باباجان أو احمد داود اوغلو، وليواصل «العدالة والتنمية» مع قورتولمش المسيرة من حيث انتهى اردوغان.

هذه «الشائعة» لم تخرج من «لا مصدر»، بل جاءت من الكاتب الإسلامي المعروف علي بولاتش المعروف برصانته وأكاديميته. ولكن ربما كان الأمر مجرد بالون اختبار أو لعبة في إطار الصراع داخل الحركة الإسلامية. لكن المؤكد اليوم أن قورتولمش نفسه نفى بشدة هذه المعلومات، واصفا إياها بأنها مجرد «أقاويل»، موضحا انه سيعقد قريبا مؤتمرا صحافيا يتناول فيه ما يكتب في الصحف حول هذا الموضوع.

يرفض قورتولمش دعوة فاتح اربكان إلى عقد مؤتمر جديد لحزب السعادة، إذ بالكاد مر أسبوعان على المؤتمر الأخير.

وردا على قول «ألف» ابنة اربكان إنهم جمعوا التواقيع اللازمة، وهي أكثر من 500، والحزب ذاهب إلى مؤتمر جديد خلال أسبوعين، قال قورتولمش إن رفاقه حمّلوه هذه المسؤولية وهو سيستمر بها. فهل ينجح نجم الدين اربكان في فتح الأبواب المغلقة أمام «فاتحه» أم يتلقى هزيمة أخرى في خريف العمر الصعب؟

المصدر

موقع السفير